كشف استطلاع خاص للرأي العام، أجرته إحدى الشركات التجارية في الإمارات العربية المتحدة بتكليف من “معهد واشنطن”، في الفترة من 20 يوليو/تموز إلى 11 أغسطس/آب 2022، أن مواطني تلك الدولة العربية -كما هو الحال في المملكة العربية السعودية المجاورة- يصنفون حاليا كلا من الصين وروسيا في مرتبة متقدمة على الولايات المتحدة من حيث الأهمية التي يرونها بالنسبة إلى بلدهم.
وأجري الاستطلاع مباشرة بعد حضور الرئيس بايدن قمة الخليج العربي في جدة في المملكة العربية السعودية. ويتوقع 28% فحسب من الإماراتيين أن تُحدث زيارته أي آثار إيجابية في المنطقة.
اقرأ أيضا.. الإمارات وسد النهضة.. من الحياد اللفظي إلى الدعم الفعلي لإثيوبيا
روسيا والصين والاتحاد الأوروبي أهم من الولايات المتحدة أو الهند
وصيغ السؤال الأساسي في الاستطلاع على النحو الآتي: “بالنسبة إلى مختلف البلدان الواقعة خارج منطقتنا، وبغض الطرف عن نظرتك لسياساتها، ما مدى أهمية أن يتمتع بلدنا بعلاقات جيدة مع كل بلد منها في رأيك؟” وكادت روسيا (55%) والصين (52%) تتعادلان في المرتبة الأولى. إذ اعتُبرت علاقاتهما سواء مهمة جدًا أو مهمة إلى حدٍ ما. وتلاهما “الاتحاد الأوروبي” بنسبة 48%. وجاءت بعده الولايات المتحدة (44%)، ثم الهند (42%)، التي يتوافد منها ملايين العمال إلى الإمارات العربية المتحدة.
كما أشارت إجابات أخرى إلى أن “نقص الثقة” بالولايات المتحدة مسؤول جزئيا على الأقل عن النتائج غير البديهية المذكورة أعلاه. فبعد طرح الأسئلة الأكثر عمومية وحيادية، تضمّنَ الاستطلاع سؤالا صيغ عن قصد بهذا الشكل الفظ: “لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة هذه الأيام. لذلك يجب أن ننظر أكثر إلى روسيا أو الصين كبلدين شريكين”. كذلك توافق أغلبية الإماراتيين الآن 60%، بما يتماشى تقريبا مع جيرانهم السعوديين، على هذا التقييم القاسي.
ولكن عند سؤال الإماراتيين بشكل أكثر تحديدا عن ترتيب أولويات رغباتهم من واشنطن، قدّموا على غرار السعوديين مجددا إجابات متباينة. فحصل كل من الأسلحة المتقدمة وصنع السلام الإقليمي والصفقات الاقتصادية و”احترام ديننا وثقافتنا” على نحو ربع الأصوات الإماراتية. إما كأولوية أولى وإما كأولوية ثانية بالنسبة إلى السياسة الأمريكية تجاههم.
في الإمارات.. السياسة الروسية تجاه أوكرانيا لا تحظى بشعبية
الجدير بالذكر هو وجود هذه النظرة الإيجابية نسبيا بشأن أهمية روسيا رغم رفض غزوها لأوكرانيا على نطاق واسع. فأعرب ثلاثة أرباع الإماراتيين وأيضا السعوديين الذين شملهم الاستطلاع في الوقت نفسه عن رأي سلبي في هذا الشأن. وعلاوةً على ذلك، يوافق ما يقارب الثلثين 63% على أن العمل العسكري الروسي في أوكرانيا هو المسؤول عن الارتفاع الأخير في أسعار المواد الغذائية هنا.
مرتبة إيران متدنية جدا حتى بين الشيعية
أما فيما يتعلق بالقوى الإقليمية المختلفة، تبرز إيران على أنها البلد الذي يحظى بالنظرة الأقل إيجابية. فبالكاد 13% فحسب من الإماراتيين يعتقد بأنه من “المهم إلى حد ما” حتى التمتع بعلاقات جيدة مع طهران. إلا أن هذا الرقم يرتفع قليلا إلى 25% بين الأقلية الشيعية البالغة 10% تقريبا من مواطني الإمارات العربية المتحدة. كما تنظر أغلبية ضئيلة 58% بشكل عام إلى “تجديد الاتفاق النووي مع إيران” بشكل سلبي. ومع ذلك، تقول أقلية كبيرة 35% بشكل مفاجئ إن الاتفاق سيكون له تأثير إيجابي في المنطقة.
القليل من الحماس بعد التقارب مع تركيا وسوريا
أما فيما يخص بعض القضايا الإقليمية الأخرى، يعبّر المواطنون الإماراتيون إلى حد كبير عن وجهات نظر تتعارض مع الخطوات الأخيرة التي قامت بها حكومتهم. فيقول 25% فحسب منهم إنه من المهم إلى حد ما حتى أن يتمتع بلدهم بعلاقات جيدة سواء مع تركيا أو مع سوريا. وعلى سبيل المقارنة، تُولي نسبة أكبر بشكل غير متوقع 41% بعض الأهمية للعلاقات الجيدة مع العراق.
في تناقُض حاد مع هذا التقييم الفاتر، يحظى وقف إطلاق النار في اليمن، الذي أصبح ساريا في خلال الأشهر القليلة الماضية، بتأييد شعبي قوي. فيتوقع أكثر من ثلثَي الإماراتيين 69% أن يُحدث هذا التطور الجديد تأثيرات إيجابية في المنطقة.
نصف الإماراتيين يتقبلون العلاقات مع الإسرائيليين
عند سؤال الإماراتيين عما إذا كان “يجب السماح للأشخاص الذين يرغبون في إقامة اتصالات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين بالقيام بذلك”، وافق 42% منهم. ومع ذلك، ترى نسبة أقل 26% تأثيرات إقليمية إيجابية ناتجة عن “اتفاقيات إبراهيم” مع إسرائيل، التي تصدّرتها الإمارات قبل عامين. وظلّت هذه الأرقام هي نفسها تقريبا على مرّ العام الماضي. كما أنها تتماشى تقريبا مع المواقف الشعبية في المملكة العربية السعودية، التي لم تنضم رسميا إلى هذه الاتفاقيات الجديدة. وما يثير دهشة أكبر في كلا البلدين هو شبه غياب الاختلافات بين السنة والشيعة، أو بين الأجيال الأكبر سنا والشباب، بشأن هذه المسألة التي قد تشكّل موضع جدل.
انقسام الآراء بشأن القضايا الاقتصادية والإسلامية
في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي في البلد، يبدو الإماراتيون اليوم منقسمين بالتساوي تقريبا بين التقييمات الإيجابية والسلبية: فيعتبر 47% أنه “سيئ بشكل عام”؛ بينما لا يوافق 49% على ذلك. وفي ما يخص إحدى القضايا الداخلية المهمة الأخرى، سأل الاستطلاع إذا ما كان “علينا الاستماع إلى أولئك الذين يحاولون بيننا تفسير الإسلام بطريقة أكثر اعتدالا وتسامحا وحداثة”. وارتفعت نسبة الموافقة شيئا فشيئا في السنوات الماضية، وهي تبقى ثابتة حاليا عند 39%. لكن ما زال 59% لا يوافقون على هذا الرأي، مع أن 23% فحسب يشعرون أنهم يعارضونه بشدة حسب قولهم.
ملاحظة حول المنهجية
ةبحسب معهد واشنطن يقوم هذا التحليل على النتائج التي استُخلصت من مقابلات استطلاعية شخصية، أجرتها جهة مقاولة تجارية إقليمية تتمتع بالاستقلالية والمؤهلات اللازمة، مع عينة تمثيلية وطنية شملت 1000 مواطن في دولة الإمارات العربية المتحد. وفقًا لإجراءات الأرجحية الجغرافية المعيارية. واعتُمدت ضوابط صارمة للجودة وضمانات شديدة للسرية طوال الوقت. ويناهز هامش الخطأ الإحصائي النظري لعينة من هذا الحجم وهذه الطبيعة ثلاثة في المئة تقريبا، عند مستوى الثقة الذي يبلغ 95%.