في واحدة من أكثر بقاع القاهرة ازدحاما وبالقرب من محطة مصر في ميدان رمسيس، يقع مستشفى الهلال المتخصص في جراحات العظام. وكحال الموقع الجغرافي يعج المستشفى بالمرضى وذويهم. أعداد كبيرة من المواطنين في انتظار أوقات الزيارة المسموح فيها برؤية أحبائهم والاطمئنان عليهم. هناك من أتى لإجراء جراحة وآخر أصيب في حادث، المهم أنه بمجرد دخولك من البوابة تشعر كأنك داخل خلية نحل. خاصة أن العمل في المستشفى 24 ساعة في اليوم بواقع 7 أيام في الأسبوع.
يضم مستشفى الهلال 3 مناوبات للعمل لتغطية ساعات اليوم. ربما لن تجد المبنى حديثا من حيث البناء والتشطيب، لكن على أرض الواقع هو الأكبر من نوعه لجراحة وعلاج العظام والمفاصل في مصر، بأفضل وأحدث الأجهزة بالإضافة إلى فريق من أكفأ الأطباء والاستشاريين.
داخل العيادة الخارجية، كان هناك مجموعة من الأطباء يبدو عليهم التعب والإرهاق كانوا مثل محاربين خاضوا معارك عدة أنهكت قواهم فذهبوا للراحة. لكن مع ذلك كان الباب مفتوحا لمقابلة مريضة أتت بالأشعة والتحاليل اللازمة تنتظر أن يراها الطبيب ويصف لها الدواء.
اقرأ أيضا.. ضحايا الألم والعلاج المجاني.. حكايات من “معهد الأورام”
تاريخ من التطوير
مستشفى الهلال، أحد أقدم المؤسسات العلاجية المتخصصة في علاج وجراحة العظام في مصر. وبني عام 1936 وكان تابعا لجمعية الهلال الأحمر المصري. أما في عام 1964 أصبح المستشفى تابعا للمؤسسة العلاجية وكان يرأسها في ذلك الوقت الدكتور محمد كامل حسين رائد طب العظام في مصر، وكانت تعالج حالات العظام فقط.
الموقع الإلكتروني لمستشفى الهلال يقول إنه “في إطار خطة وزارة الصحة لتقديم العلاج المميز للشعب المصري وتنفيذا للسياسة العامة للدولة لخدمة المواطنين بتقديم خدمة متميزة لهم وبأسعار تتناسب مع قدرات محدودي الدخل. أقدمت وزارة الصحة على هدم المستشفى القديم وإعادة إنشائه على أحدث فنون المعمار وتجهيزه بأحدث ما توصل إليه العلم الحديث في مجال الطب”.
وبحسب الموقع أيضا افتتح مستشفى الهلال الجديد في الأول من فبراير عام 1989م بحضور الرئيس الأسبق حسني مبارك. ليكتسب سمعته حتى الآن نظرا لما يقدمه من خدمة طبية مهمة.
ماذا يقدم؟
قسم العمليات بمستشفى الهلال مجهز بأحدث ما توصل إليه العلم الحديث من أجهزة ومعدات. ويضم 9 غرف عمليات تخدم الجراحات ذات المهارة الخاصة والمتقدمة والكبرى في مختلف أنواع جراحات العظام ومنها تركيب المفاصل الصناعية. بالإضافة إلى جميع عمليات العمود الفقري بما فيها التثبيت وإصلاح الاعوجاج. وعلاج جميع أنواع الكسور داخليا وخارجيا باستخدام جهاز الإليزاروف، ومناظير جراحة المفاصل، ومناظير جراحة المسالك البولية، ومناظير جراحة البطن.
معامل المستشفى هي الأخرى تقدم خدماتها للمواطنين بإشراف نخبة من الأساتذة الأطباء والمتخصصين في مجالات التحاليل الطبية المختلفة. من خلال استخدام أحدث التكنولوجيا العلمية لتقديم خدماتها على مدار 24 ساعة. ومنها تحاليل الكشف الدوري، تشخيص أمراض الكبد الفيروسية، توافر الدم الآمن للمرضى. بالإضافة إلى قسم الطفيليات، وقسم الباثولوجي.
وفيما يخص العلاج الطبيعي يضم المستشفى عيادة يومية للروماتيزم لمناظرة وعلاج الأمراض الروماتيزمية وأمراض الجهاز الحركي. بالإضافة إلى وحدة قياس كثافة العظام وبها جهاز (DXA) حديث لقياس كثافة العظام. ووحدة العلاج الطبيعي وتقدم خدمة العلاج الطبيعي لمرضى الأقسام الداخلية أو المترددين على العيادة الخارجية الذين يحتاجون هذه الخدمة ومزودة بالأجهزة الحديثة التي تساعد على ذلك (أجهزة كهربائية، علاج مائي، تأهيل لحالات جراحات اليد)، ووحدة علاج السمنة. وهي تساعد على التحسن السريع للمرضى الذين يعانون من أمراض المفاصل والعمود الفقري المصاحبة للسمنة المفرطة.
أما قسم الاستقبال والطوارئ في المستشفى فيعمل على مدار 24 ساعة يوميا ويضم نخبة من الاستشاريين والمختصين ويتكون من غرفة عمليات الطوارئ، غرفة الرعاية الفائقة للحالات الحرجة (3 أسرة). بالإضافة إلى غرفة ملاحظة 24 ساعة مكونة من (3 أسرة)، غرفة لعمل الجبس، غرفة غيار.
13000 جراحة سنويا
الدكتور أيمن خلاف مدير مستشفى الهلال قال لـ”مصر 360″ إن العيادات الخارجية بالمستشفى تستقبل بين 700 إلى 800 حالة يوميا في كافة تخصصات العظام الرئيسية والفرعية. كما تعمل على مدار 16 ساعة يوميا بمناوبتي عمل. كذلك أوضح أنه جاري تنظيم مناوبة ثالثة لتكون على مدار 24 ساعة. خلاف لفت إلى أن “الهلال” يوجد فيه 150 استشاريا في كل التخصصات بينهم 108 متعاقدين.
وذكر خلاف أن قسم الطوارئ بالمستشفى يصله يوميا بين 150 إلى 200 حالة، يتم تحويلهم من كافة مستشفيات مصر من مطروح حتى أسوان. نظرا لما يتميز به “الهلال” في جراحات العظام. موضحا أن المستشفى به 12 تخصصا فرعيا في العظام بجانب تخصصات أخرى تخدم على جراحات العظام مثل الباطنة، والمخ والأعصاب والصدر والأوعية، والتخدير. بالإضافة إلى أن 99% من الجراحات تكون في العظام.
مدير مستشفى الهلال أشار إلى أن الشهر الماضي شهد إجراء 1202 جراحة، وأن متوسط العمليات شهريا بين 1100 إلى 1200 عملية وسنويا بين 12.5 إلى 13 ألف عملية. كما تجرى بالمستشفى جراحات العظام، وإصابات الملاعب، والعمود الفقري، والمخ والأعصاب، المفاصل سواء الحوض أو الركبة أو القدم، ومناظير الركبة والحوض والطرف السفلي والطرف العلوي. بالإضافة إلى جراحات القدم والكاحل، وجراحات اليد، والجراحات الميكروسكوبية، وجراحات الإليزاروف بتركيب حلقات معدنية حول القدم.
الأبرز بالشرق الأوسط
خلاف أشار إلى أن مستشفى الهلال يعد الأبرز في الشرق الأوسط في مجال جراحات العظام، بوجود نخبة أطباء على مستوى متميز. موضحا أن المستشفى يضم 238 سريرا، و17 للرعاية و8 غرف عمليات. كذلك أضاف أنه جاري تطوير البنية التحتية للمستشفى. ففي عام 2015 بدأ تطوير الطابقين الرابع والخامس وتم تسليمهما العام الماضي وجاري حاليا تطوير عدة طوابق دفعة واحدة.
وقال مدير المستشفى إن الجراحات تجرى على مدار الـ24 ساعة. كما أنها تحتاج من الطبيب قوة عقلية وبدنية قوية. كذلك أشار إلى أن “الهلال” قدم إنجازا طبيا منذ شهرين عندما أجرى عملية غضروف في العمود الفقري بالمنظار، وهي أسهل على المريض الذي يتعافى من آثارها بعد يومين. عكس الفتح الجراحي الذي يستغرق شهرين للتعافي بعد العملية. وفي جراحة المنظار يتم فتح 1.5سم في ظهر المريض عكس الفتح الجراحي بين 10 إلى 15 سم، وبالتالي معدل العدوى يقل بشكل كبير.
نحتاج لتكراره
على عكس مستشفيات أخرى تطلب تبرعات مادية فإن مستشفى الهلال لا يطلب أي تبرعات مالية لكنه يفتح الباب لتلقي التبرعات العينية. وفقا لمدير المستشفى الذي أوضح أن المستشفى يتلقى أسرة وكراسي متحركة وتروليات تكون مطابقة للمواصفات والاشتراطات المعتمدة من وزارة الصحة. كما لفت إلى أن غالبية مرضى المستشفى من محدودي الدخل والإمكانيات المادية. كما أوضح أن “الهلال” الذي يعالج الحالات التي تعجز عنها المستشفيات الأخرى لا تطلب أي تبرع مادي ومن يريد المساعدة فليقدم تلك الأشياء التي ذكرها ويستفيد منها المرضى بشكل مباشر.
خلاف دعا لتكرار نموذج الهلال باعتباره نموذجا ناجحا، في عدة محافظات لتغطية كل نطاقات الجمهورية الجغرافية من خلال إنشاء آخر في الإسكندرية أو مطروح. وآخر في سيناء ومثيله في وسط الصعيد ورابع في جنوبه.
دكتور جون بشير جورجي استشاري جراحة العظام بمستشفيات التأمين الصحي بالقاهرة قال لـ”مصر 360″ إن مستشفى الهلال يتمتع بسمعة طيبة نظرا لقدمه وأنه أول مستشفى متخصص في جراحات وعلاج العظام. كما أوضح أن أكثر من 80% من نشاطه للعظام بالإضافة لأقسام الجراحة العامة الخاصة بالحوادث. كما أشار إلى أن المستشفى يصنف كمستوى ثالث أي أنه يتعامل مع كل أنواع الإصابات والجراحات المتقدمة والتخصصية، والطب الرياضي، وعلاج المفاصل، والعمود الفقري.
وعن أوضاع مستشفيات العظام عموما في مصر قال بشير إنه بجانب مستشفى الهلال يوجد مستشفى الهرم المتخصص في علاج العظام. إضافة لأقسام العظام في المستشفيات الجامعية والتأمين الصحي في جامعات عين شمس، القاهرة، الإسكندرية، المنصورة، بنها.
وبالنسبة لأطباء العظام في مصر قال إن هناك عجزا كبيرا في عددهم مقارنة بحجم السكان، وأشار إلى أن رقم أطباء المسجلين في جمعية العظام لا يتخطى 3 آلاف طبيب. موضحا أن مجال العظام يضم ما بين 8 و9 تخصصات، وأن طبيب العظام حتى يتم تكوينه بشكل جيد يحتاج نحو 10 سنوات بعد التخرج. إذ أنه يبدأ حياته العملية بداية من سن الخامسة والعشرين، ثم الماجستير والزمالة، ليصنع خبرة بين عمر الخامسة والثلاثين والثامنة والثلاثين. كما أكد أن جزءا مهما من التعلم غير موجود في الكتب ويتم اكتسابه من الخبرة والتدرب تحت يد الاستشاريين الكبار والتعلم منهم، وبعضهم يلجأ للسفر من أجل تحسين أحواله.