أربع حقائق تاريخية يمكن استخلاصها من علاقة الدولة المصرية بمجتمعها على مدار القرنين الأخيرين.. الأولى: كانت ولاتزال الدولة المصرية تحاول تغيير المجتمع دون إشراكه فعليا. هذا هو الفهم التاريخي لضعف وإضعاف المؤسسات الوسيطة بين المجتمع وبين مؤسسات الدولة المختلفة حتى وصل بنا الحال إلى الافتقار إليها الآن.
وبرغم سيطرة هذا التوجه على وجدان الدولة المصرية وعقلها، إلا أنه كانت هناك دائما مبالغة في قدرتها على التأثير في اقتصادها نظرا لتفشي الطابع غير الرسمي والافتقار العام إلى استقلالية الدولة عن المجموعات المجتمعية القوية، بالإضافة إلى علاقتها بهيكل الاقتصاد الدولي وموقعها في تقسيم العمل فيه، كما أنه ومنذ سبعينيات القرن الماضي، فإن جزءا معتبرا من التطورات نتجت عن تغييرات ديموغرافية واجتماعية طويلة الأمد لم تنظمها الدولة إلا قليلا.
اقرأ أيضا.. باب الخروج للدولة المصرية.. من التحكم والسيطرة إلى دور المنظم
الثانية: طوال معظم تاريخ مصر المعاصر -بما في ذلك في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي- حافظت مؤسسات الدولة على روابط مع شرائح محدودة فقط من المجتمع، وهذا يعني عدم وجود تكامل بين التطور الاجتماعي الذي يجب أن يشمل الغالبية العظمى من الناس وبين محاولات الدولة تحقيق التنمية.
الثالثة: استمر وجود الدولة في المجتمع في النمو بشكل متصاعد حتى القرن العشرين، وبلغ ذروته مع الفترة الاشتراكية في العقدين التاليين لعام 1952، وبعد ذلك أصبح الانسحاب البطيء وغير المتكافئ والجزئي لسيطرة الدولة واضحًا. استخدمت الأنظمة المتعاقبة جهاز الدولة لتأمين واستمرار قيادتها في مواقعها، والسعي وراء أهدافها السياسية (المتغيرة)، والسيطرة على المجتمع.
الرابعة: غياب أية تعبئة واسعة للقوي الاجتماعية جميعا بما في ذلك القوي المساندة للنظام التي اختلفت من مرحلة لأخرى، وإنما هو استدعاء مؤقت ولوقت محدد وسرعان ما يعود الجميع إلى أماكنهم حتى يتم المناداة عليهم في وقت آخر.
غياب التعبئة غرضه: 1-نزع تسييس المنظمات المعبرة عن الفئات الاجتماعية، مع 2- استمرار السيطرة عليها والتحكم فيها من خلال عدم تشجيع التنظيم المستقل من أسفل. سعت الأنظمة المتعاقبة بدلا من ذلك إلى تعزيز التنظيم الخاضع للسيطرة من أعلى -كما جرى في اتحاد النقابات العمالية كمثال.
ففي عهد عبد الناصر، “كانت منظمات العمال والفلاحين مجرد أدوات لبناء التحالفات، ولم تكن هناك أنماط متنوعة من التعبئة الاجتماعية والسياسية”. – وفق ما جاء في الكتاب المهم: “مصر: الدولة المثقلة والمجتمع المضطرب” – الصادر بالإنجليزية العام الماضي.
استمر هذا النهج، نهج الاستدعاء دون التعبئة، والسيطرة والتحكم لا التمثيل والمشاركة، وقد ظهر ذلك جليا في غياب المدافعين عن مبارك ونظامه في يناير 2011، وفي استدعاء الجماهير في 30 يونيو 2013 ضد الإخوان ولتفويض القائد العام للقوات المسلحة بعد ذلك لمحاربة الإرهاب دون مشاركة حقيقية لهم في تحديد أولويات السياسات العامة وأوجه الإنفاق في الدولة المصرية.
نظام 7/3 وإدارة المصالح
ورث نظام ما بعد 2013 هذه السمات التاريخية، وأضاف إليها عددا من السياسات والإجراءات التي انتهت به إلى مصادرة المسألة الاجتماعية، بمعني ضعف وتآكل القدرة على تمثيل فئات اجتماعية متسعة من المصريين بما أدى إلى انكماش قاعدته الاجتماعية المساندة باستمرار، بحيث بتنا أمام ائتلاف حكم ضيق -وإن كان قويا- من أجهزة الدولة، وهذا الائتلاف له امتداداته الإقليمية -خاصة في دول الخليج- والدولية -خاصة في الغرب.
أما السياسات والإجراءات -التي يمكن وضعها في مقارنة مع ما كانت عليه الأنظمة التي أعقبت يوليو 52- فأبرزها:
1- استمرت الأنظمة بعد 52 في استخدام الإجراءات القانونية وغير القانونية للسيطرة على المجتمع. وفرت البيئة القانونية التي تحكم فيها النظام دائما، والتطبيق التعسفي للقواعد أداة لمراقبة وتنظيم أنشطة الفئات الاجتماعية.
2- سعت أنظمة ما بعد يوليو 52 إلى التأكيد على الانقسام بين معارضة معتدلة وأخرى راديكالية، مما سمح لأولئك الذين قبلوا الخطوط الأساسية للنظام بدور سياسي مقيد غير مفتوح، كما استطاعت أن تنشئ صمام إطلاق الضغط من خلال توفير مكان لجماعات المعارضة للتعبير عن استيائها دون تقويض سيطرة النظام، واستمرت في دمج لاعبين جدد ووضعهم في مواجهة بعضهم البعض.
أنشأ نظام مبارك -على سبيل المثال- هيكلًا معارضًا أكثر انقسامًا، مما سمح لمزيد من الأحزاب في المجال السياسي، بينما استبعد في نفس الوقت قوى معارضة كبيرة، أبرزها جماعة الإخوان المسلمين.
عكست سياسات التنافسية في مصر تطورًا للنظام أكثر منه تغيرًا جوهريا في طبيعته أو بنيته.
في المقابل فإن نظام 2013 أعاد تدريجيا تأكيد سلطة مؤسسات الدولة، وضيق الخناق على السياسة في معظم أشكالها، ووسع أهداف القمع خارج جماعة الإخوان لتشمل أي معارض محتمل عبر عن انتقاده للنظام أو سياساته، حتى لأولئك الذين عارضوا الإخوان واحتجوا على حكمهم.. بدا النظام مناهضًا للسياسة محتقرا لها.
وبينما رعى النظام المصري في الخمسينيات والستينيات التجمعات الجماهيرية، وبنى حزبًا سياسيًا حاكمًا، ونشر أيديولوجية قومية واشتراكية قوية صادر بها الصراعات الاجتماعية، فإن نظام ما بعد 2013 يحظر الاحتجاجات، ويضعف الأحزاب متعمدا، ويتبع نزعة وطنية تركز على الواجبات والاستقرار بدلا من ذلك.
3- اختار قادة ما بعد 52 استقطاب المستويات العليا للمنظمات النقابية، مما أدى إلى توسيع الانقسام بين القواعد القيادية والاجتماعية لهذه المنظمات. وقد سمح ذلك للنظام بحشد الدعم وتقويض القوة التفاوضية وتعبئة قدرات الفئات الاجتماعية المختلفة.
استطاعت هذه القيادات إنشاء ترتيبات مؤسسية واسعة احتكرت تمثيل المصالح، وسيطرت على المطالب الاجتماعية، وقمعت المعارضين المحتملين.
لكن في السنوات التي تلت 2011، كان -وفق إدراك أجهزة الدولة- لتزايد الفوضى والانقسام والتفكك، وفقدان مؤسسات الدولة القدرة والإرادة والاحترام الشعبي، فكان لابد من استعادة هذه الأشياء لحماية المجتمع، ومن هنا جاءت ضرورة الإدارة المباشرة من أجهزة الدولة لمؤسسات المجتمع المدني جميعا والتي ترتب عليها إضعاف دورها كساحات لتمثيل مصالح أعضائها بشكل سلمي، وتم في نفس الوقت تجريد مؤسسة الرئاسة من بعض هياكل الدعم السياسي المدني، مثل الحزب السياسي والسياسيين المتمرسين.
الخلاصة: عندما تنجح في إدارة تمثيل المصالح، يمكن للمؤسسات الوسيطة أن تسمح للنظام بالسيطرة على السياسة.
4- دافع نظام الضباط الأحرار عن “تحالف قوى الشعب العامل” لتلخيص طيف واسع من القطاعات الاجتماعية التي تحكمها النخبة العسكرية البيروقراطية التي قادت جهاز الدولة واستخدمته للسيطرة على النظام السياسي بأكمله. تمتع نظام الضباط الأحرار بوحدة النخبة لكنه افتقر إلى الأيديولوجية العملية والقواعد التنظيمية القوية اللازمة لتفتيت الجماعات المتنافسة. شددت “الاشتراكية العربية” على التناغم الاجتماعي، وقللت من أهمية اختلاف وتمايز المصالح بين الفئات الاجتماعية، ونزعت شرعية أي تحديات لسلطة النظام. كان للإيمان بقدرة الدولة على توجيه التغيير الاجتماعي والاقتصادي بعيد المدى ميلًا يساريًا كان شائعا وقتها في دول ما بعد الاستقلال، لكن أعيد فرضه من خلال الخطاب القومي والوطني. تُرجمت هذه الميول الأيديولوجية الغامضة إلى دور اقتصادي مباشر للدولة، ومكانة قوية للعمال والفلاحين في الاقتصاد المخطط، واعتمد النظام على مساندة طبقة وسطى متعلمة حول نظام الضباط الأحرار.
أما في وضعنا الحالي، فتجرى الدعوة إلى عقيدة “الأمن القومي” التي تضع الأمة فوق الفرد، والدولة فوق المجتمع والطبقات. تتطلب عقيدة الأمن القومي: التوافق على مجموعة واحدة من القيم، وقائد قوي، ومؤسسات موثوقة، ومصادرة للصراع الاجتماعي.
استند النظام في شرعيته إلى “الحرب على الإرهاب”، بما عزز: 1-الاستقطاب ليس على أسس اجتماعية وإنما ثقافية وسياسية، 2-والإحساس بالأزمة بين المواطنين، 3- وفكرة أن مصر بحاجة إلى أجهزتها الأمنية، ليس فقط من أجل القضاء على فلول الإخوان، بل على أعداء محليين وخارجيين آخرين غامضين وتحديدهم غير واضح.
تقدم قيادة النظام نفسها على أنها حامية الأمة القادرة على توجيه أجهزة الدولة وتوجيه المواطنين للقيام بما هو مطلوب منهم وواجب عليهم وهو: ألا يتخلوا عن مصر ويكونوا في كتفها.
أعطى هذا الخطاب الرسمي الأولوية للاستقرار والتصدي لمختلف التهديدات، ومعاملة المجتمع بشكل فعال كشيء يجب حمايته بدلا من الاستماع إليه وتمثيل مصالح فئاته. وعلى الرغم من أن النظام قد حاول خلق يقين في ديمومة الاستقرار، إلا أن عدم اليقين صارت الكلمة المفتاحية الحاكمة للعالم الآن، وهي حالة شديدة من التقلب وعدم الاستقرار، وقد أعادت هذه الحالة المجتمع إلى مخاوفه الغريزية القديمة التي غذاها النظام بشأن الاستقرار.
كما شدد النظام على القيم الاجتماعية المحافظة -مثل الدين والأسرة- لتقوية السلطة الرئاسية وسلطة الدولة، وتحييد الإسلاميين، وتعزيز الامتثال للنظام.
5- العلاقة مع القطاع الخاص الكبير مما يستدعي التوقف أمامه.
لم يسمح النظام لرجال الأعمال (ولا لرجال الحزب الوطني) في عهد مبارك باستعادة نوع النفوذ السياسي الذي مارسوه قبل عام 2011، وينطبق هذا أيضًا على مجالات صنع السياسة الاقتصادية التي اكتسبوا نفوذًا كبيرًا عليها خلال العقد الأخير من حكم مبارك. تم تقليصهم بشكل متزايد إلى وضع الشركاء الصغار في الوكالات والشركات المرتبطة بالجيش، والتي أصبحت تلعب دورًا مركزيًا في المشاريع العملاقة الوطنية.
إلا أن هذه العلاقة يجري إعادة صياغتها مرة أخرى بقوة دفع من المؤسسات الدولية التي تطالب بزيادة وزن القطاع الخاص في الاقتصاد، وهذا ما استجابت له الحكومة في وثيقة “سياسة ملكية الدولة” التي تسعي لأن يحتل القطاع الخاص 70٪ من الاقتصاد الكلي على مدار السنوات الثلاث القادمة. وقد بدا واضحا قدرة هذا القطاع على تحريك الدولة نحو اتخاذ قرارات تتعلق بالسياسات الاقتصادية والمالية المطبقة -كما جري بشأن قيود الاستيراد.
وهنا تساؤل يستحق المتابعة وهو: هل يمكن للنظام أن يفصل بين النفوذ الاقتصادي لهذا القطاع وبين النفوذ السياسي له، بمعنى أنه يمكن أن يقبل وجود تأثير على صنع السياسات والإجراءات الاقتصادية دون أن يتحول ذلك إلى تأثير سياسي -كما جرى في فترة مبارك، أم أن التأثير في الاقتصاد سياسة أيضا؟!
6- وأخيرا وليس آخرا، فإن هناك قضية لم تتنبه إليها الأنظمة المتعاقبة في مصر وهي ما تخص ما أشار إليه د. عمرو عدلي -أستاذ الاقتصاد السياسي المساعد بالجامعة الامريكية بالقاهرة- في كتابه “الرأسمالية المشطورة” وهي التعبير عن مصالح ما أطلق عليه “الرأسمالية البلدي”، ويقصد بها مؤسسات القطاع الخاص متناهية الصغر والصغيرة وبدرجة أقل المتوسطة التي افتقدت للائتمان والأراضي -وأضيفت وللتنظيم- بما حال دون أن تتحول هذه المؤسسات -التي تقوم بتوظيف 60٪ من القوى العاملة المصرية- إلى مؤسسات متوسطة تكون بمثابة قاعدة عريضة للشركات الكبرى في الاقتصاد المصري [ملاحظة: ظلت أكبر 4000 مؤسسة تمول قرابة 90% من إجمالي ضرائب الشركات حتى 2011.
ويرى عدلي أن هذا هو السبب الرئيسي وراء فشل خلق السوق في مصر، الذي بات توجها اقتصاديا رئيسيا وثابتا للدولة المصرية منذ ما أطلق عليه “الانفتاح الاقتصادي” في السبعينات من القرن الماضي.
إن المفتاح -على حد قول عدلي- لا يكمن في خلق عدد قليل من “الشركات الحديثة” الكبيرة، ولكن في وجود قاعدة قوية وتنافسية من الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال عدد لا يحصى من الترتيبات المؤسسية. تولد هذه المؤسسات الوسيطة أوجه تكامل بين المنظمات العامة المنظمة لرأس المال التي تحكم الوصول إلى الائتمان والأرض وبين القاعدة الأوسع للمؤسسات الخاصة الصغيرة. كان غياب هذه المؤسسات الوسيطة هو الذي أدى إلى أنظمة رأسمالية غير متكاملة إلى حد كبير.
إن إطلاق مشروع الانفتاح والإصلاحات التالية لصنع السوق في الثمانينيات والتسعينيات لم يكن بإمكانه (ولم يكن الغرض منه) التراجع عن إرث التهميش الاجتماعي والاقتصادي لفئات اجتماعية بعينها، وفاقم ذلك الغياب المستمر للتنظيم في وسط الرأسمالية البلدي، وللمؤسسات الوسيطة التي كان من الممكن أن تزرع التكامل مع القاعدة العريضة للمؤسسات الخاصة صغيرة الحجم.
الخلاصة -كما يقدمها عدلي: “طوال تاريخ مصر المعاصر، لم يكن أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومجموعات رواد الأعمال المحليين متمكنين سياسيًا أو اجتماعيًا بطريقة كان من الممكن أن ترفعهم لملء الدرجات الوسطى من اقتصاد القطاع الخاص”.
فهل يمكن الانحياز لهذه الفئات وتمثيلها أن يكون مشروع الدولة المصرية القادم أم يظل تركيزها على الاستجابة لضغوط ومطالب القطاع الخاص الكبير؟
7- تطلب الولاء السياسي من نظام الضباط الأحرار توفير الخدمات الاجتماعية، ودعم السلع الأساسية، وخلق فرص العمل. كان على الدولة أن تقدم بعض المكافآت المادية، مثل الأمن الوظيفي، وظروف عمل أفضل، والتعليم المجاني، والتأمين الصحي، لجذب دعم العمال والفلاحين والطبقة الوسطي.
جعل عدم تسييس المجتمع في النظام الحالي بعض التحركات الاقتصادية الجريئة ممكنة دون الحاجة إلى تجسيد تحالف عبد الناصر الطبقي، ويشمل ذلك السياسات المرتبطة بمجموعة من تدابير التقشف التي تم اتخاذها في نوفمبر 2016 لجذب مساعدة صندوق النقد الدولي.
وهنا قد يكون مفيدا تقييم قدرة النظام الحالي على توفير الموارد التي يمكن أن يقوم بتوزيعها سواء على ائتلاف الحكم الضيق القوي، أم على فئات اجتماعية أخرى، وهنا يلاحظ قلة هذه الموارد وتقلصها عما كان متاحا على مدار السنوات الثماني السابقة سواء بتوفرها من دول الخليج أو الاقتراض من الأسواق الدولية.
أما الأمر الثاني الذي يجب تقييمه فهو سياسات الحماية الاجتماعية التي تحولت من العموم -أي إتاحتها للمواطنين جميعا_ إلى الاستهداف أي التركيز على الفئات الأكثر فقرا من خلال برنامج تكافل وكرامة، وهنا عدد من الملاحظات: 1- فبرغم توسع برامج الحماية الاجتماعية العددي باضطراد، فلم تصغ الدولة شكلا كاملا من البرامج لإصلاحها وفرضت عليها الضغوط التمويلية المتزايدة الابتعاد عن الشمول نحو الاستهداف.
2- تشير الدراسات التقييمية إلى أن مؤسسات التمويل الدولية هي راسم السياسات الحقيقي، وكانت هي جهة التمويل الأساسية، ولا يوجد برنامج صممته الدولة وبدأت في تنفيذه بشكل جدي من مواردها إلا برنامج حياة كريمة والذي يتم تنفيذه من خلال تبرعات المواطنين ومن خلال الشراكات مع جمعيات التنمية الاقتصادية.
3- إن المبادرات التي جرت في مجال الحماية الاجتماعية مثل 100 مليون صحة وغيرها دعمت صورة النظام كثيرا، ولكن عدم وجود برنامج اقتصادي واضح المعالم متكامل يرتكز على التنمية بمعناها الواسع من توفير فرص عمل لائقة وشبكات أمان اجتماعي والنهوض الحقيقي بالصحة والتعليم جعل الدولة عرضة للتأثر الكبير بمجموعة الأزمات التي شهدها العالم منذ بداية عام 2020، متمثلة في أزمة كوفيد 19 والتي تلتها أزمة الحرب الروسية الأوكرانية.
4- وأخيرا، في ظل السياق النيوليبرالي الذي تدفع به مؤسسات التمويل الدولية، فإن التوجه الأساسي هو إخضاع الخدمات العامة وبرامج الحماية الاجتماعية لقواعد السوق والسماح بتسليع الضمانات الاجتماعية وخصخصتها.