من وسط الأمثال والحكم عايشين، بنتلصم بكام كلمة، وكل زمن له حكمه، وكأننا شعب غاوي ينقش تجاربه، صحيح إننا عندنا كل مثل وعكسه، بس كمان وارثين الغُلب من يومنا.
الكلام عن إن الضربة اللي ما تقسمش تقوي، رغم كل التفاؤل اللي فيه، وإننا دايما متجددين، حاجة كدا شبه الزرع ونهر النيل، اللي بيجدد روحه مع الفيضان، لكن المثل دا مجرد طبطبة، ومحاولة لزقة علشان نكمل، يا تري فعلًا الضربة اللي ما تقسمش تقوي؟
الحقيقة كل ضربة بتسيب أثر، كل خبطة ولو صغيرة بتشرخ حتة جوانا، لكننا ناس شاقيانه طول تاريخها، ومعندناش رفاهية اليأس والاكتئاب.
الوقوف فى مكانك معناه إنك هتدهس، لإن آلاف المستعجلين هيعدوا عليك، ولو ما سيرتش التيار، هتقع ويدوسوا عليك، مش من القسوة لكنها من دفع الهم.
كلنا قابلين للكسر، والجراح المشققة فى روحنا بتبان مع اول طبطبة بجد، تكون اجابتها سيل من الدمع.
اتعودنا نلزق المكسر مش نرممه، والفرق كبير بين الترقيع واللزق وبين الترميم، واحنا بنلزق مش لازم نراعي الشروخ ولا الندوب، ولا حتي الأجزاء المدببة، أهو بنلزق وخلاص، علشان ما يظهرش مكسور.
أحنا شبه حياتنا، الشارع اللي بيتحفر فيه حاجة ويجيوا يرصفوا الحتة دي، فتلاقيها مش شبه الشارع، محاولة ترقيع مش أكتر، ويبقي الشارع مطبات.
أرواحنا مليانة مطبات، الخيبة المتجمعة فى كسر نِفس، والأحلام المطوية مستنية سما تتفرد فيها، والظلم اللي مش عارفين نرده.
الناس اللي عارفة تداري كسورها مش سليمة، هي بس أتقنت الاخفاء، ووسط الكسور اللي مش بتقوينا أحنا مدارين فى ضعفنا، لكن فيه ناس تانية قلبت شروخها سنون وانصال تدبها في روحنا.
الناس اللي بتكسر خاطر واحد بيدور على شغل، ولا تجرح بنت علشان لبسها، ولا تهزم أم بتضلل علي عيالها، الناس دي اتحولت لإبر بتجرحنا، وهم متخيلين إنهم بقوا أقوي، لكن القوة مش كسر الخاطر، ولا إذلال الغير.
كلنا قابلين للكسر، ويمكن كلنا مكسورين، حتي الأقوياء بنفوذهم ولا مالهم، من جواهم مكسورين.
واحنا بنتكلم عن كسورنا، وعن الهزايم المتراكمة فى العقل والقلب، لزق الكسر مش ترميم، والترميم هم إننا نوصل بالحاجة المكسورة لأقرب شكل من صورتها الحقيقة، بنتعامل بهدوء، ما نسيبش طرف مدبب، وسن في غير مكانه، وعلي الرغم إن الترميم برضه مش هيفضل زي السليم لكن على الأقل شروخه اتداوت، واتلملمت هزايمه، وغابت قسوته فى تجربة بتسيب أثر ما يعرفهوش غير أصحاب الخبرة.
أغلبنا ما بيهتمش بفكرة الصيانة، طالما الحاجة شغالة وماشية ما نوقفهاش، نفس الحكاية بنعملها مع نفسنا، مش مهتمين نطلع الطاقة السلبية، ولا بنحاول نداوي الجروح جوانا، مفيش شجاعة المواجهة، ولا حتي الفضفضة.
الكلام عن فسحة ولا خروجة رفاهية، حتي الأكلة اللي حد بيحبها ممكن يفكر قبل ما يعملها، واحنا ماشيين نتكسر لميت سبب، ونلزق فىنا، بنخاف علي العربية والغسالة وأي جهاز اكتر من بنخاف علي نفسنا.
صيانة الروح زي الترميم بالظبط، بتنضفنا من قسوة الكسر، بتحمينا من شرور نفسنا وجراحنا، وتحمي اللي حوالينا، روحنا مش أقل أهمية من أي حتة في جسمنا، ولا شيء منعدم القيمة فنفضل نراكم فى خيباتنا وكسورنا لغاية ما نقع.
قبل ما نقع محتاجين نفوق، كل ضربة بتكسر، ولزق الكسر معناه ضعف قدام الضربة الجاية، ما تسيبش نفسك لغاية ما تعطل، ولا تفسد، القوة بتطلع لما نعالج الكسر صح، مش نتجاهله.