خلال زيارة للقاهرة استغرقت يومين، وقّع وزير الدفاع الهندي راجانث سينج مع نظيره المصري، الفريق أول محمد زكي. مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الدفاعي الثنائي. وفق بيان صادر عن الطرفين. حيث “ناقش الجانبان خطوات لتعزيز العلاقات الدفاعية. وتوصلا إلى توافق على تعزيز إجراء التدريبات المشتركة وتبادل الأفراد للتدريب، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب”.
أيضا، اتفق الوزيران على تحديد مقترحات لتوسيع التعاون بين الصناعات الدفاعية في البلدين في إطار زمني محدد. وذكر البيان أنهما تبادلا وجهات النظر حول الأمن الإقليمي، وأقروا بإسهام الهند ومصر في السلام والاستقرار في العالم. بينما دعا سينج نظيره المصري إلى الحوار الدفاعي بين الهند وأفريقيا ووزراء دفاع منطقة المحيط الهندي (IOR). المقرر عقده كجزء من معرض DefExpo الثاني عشر في الهند، في الفترة من 18 إلى 22 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
قبلها، التقى سينج بالرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث “أجريا مباحثات تناولت سبل تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين. خاصة ما يتعلق بالتعاون في التصنيع المشترك، ونقل وتوطين التكنولوجيا، بهدف استغلال الإمكانات والبنية التحتية المتاحة لدى البلدين. فضلاً عن التعاون في مجال التدريب والتأهيل والتدريبات المشتركة، وتبادل الخبرات والمعلومات”. وفق السفير بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية.
اقرأ أيضا: الدرونز سلاح القرن الرخيص: كيف تطيل حربا من الجو؟
تحديث السياسة الدفاعية المصرية
يشير تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام الدولي، إلى تضاعف واردات مصر ثلاث مرات بين 2010-2014 و2015-2019، مما يجعلها ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم. حيث تمكنت القوات المسلحة المصرية، منذ عام 2013، من عقد العديد من صفقات التسلح المختلفة مع العديد من الدول. أبرزها روسيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.
ورغم أن تسليح الجيش المصري كان يعتمد بشكل كبير على الأسلحة السوفيتية التي حققت النصر في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973. إضافة إلى المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة في أعقاب توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. لكن، في أعقاب تولي الرئيس السيسي منصب وزير الدفاع، ثم رئيس الجمهورية. بدأ الجيش في وضع استراتيجية جديدة لتنويع مصادر السلاح. بعد أن قامت الولايات المتحدة بمنع تطوير وتحديث مقاتلات “إف-16” الأمريكية، وتصنيع دبابات “أبرامز” الأمريكية أيضا محليا، في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين عام 2013.
لكن مصر تمكنت من عقد صفقات كبرى مع روسيا، مثل حصولها على مقاتلات “ميج-29” النسخة الحديثة. ومروحيات “كا-52” المشهورة بالتمساح، ومروحيات “مي-24” الهجومية، بالإضافة إلى طائرات “إيل-76” العملاقة، ومنظومات الدفاع الجوي “إس-300″ و”بوك إم2” و”تور إم2″، بالإضافة إلى الحديث عن حصولها على منظومات “باستيون” الساحلية، ومقاتلات “سوخوي-35”.
أما من فرنسا تمكنت مصر من عقد صفقات غير مسبوقة. شملت مقاتلات “رافال” الفرنسية المنافسة لمقاتلات “إف-35” الأمريكية، وفرقاطات “جوويند”، وحاملات المروحيات الأولى في تاريخ مصر وهي “ميسترال”. وكذلك، تمكنت مصر من الحصول على غواصات “تايب” الألمانية ذات القدرات الفريدة، والتي أدت لجدل واسع في إسرائيل بسبب حصول مصر عليها.
ومع إيطاليا، وصفت صفقة السلاح الأخيرة بـ “الصفقة الكبرى”. لأن مصر ترغب في الحصول على 4 فرقاطات من طراز “فريم” يتم بناؤها خصيصا لمصر، و20 سفينة مهام متعددة ساحلية، مع نقل التقنية للبناء محليا بالترسانة البحرية المصرية. كما سيتم إمداد الجيش المصري بـ 24 مقاتلة يوروفايتر تايفون متعددة المهام، و24 طائرة إيرماكي إم-346 للقتال الخفيف والتدريب المتقدم، بالإضافة إلى قمر صناعي للاستطلاع والتصوير الراداري.
صاروخ براهموس
شهدت السنوات الماضية تسارعا في تعزيز العلاقات الدفاعية بين مصر والهند. في سبتمبر/ أيلول 2021، نفذت القوات البحرية والهندية مناورات مشتركة بالبحر المتوسط. وكذلك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، نفذت القوات الجوية المصرية والهندية مناورات مشتركة للتدريب على أساليب القتال الجوي الحديث. وايضاً التزود بالوقود، والدفاع عن الأهداف الحيوية في تناغم.
قبل هذا، في إبريل/ نيسان 2021. استقبل السفير الهندي، أجيت جوبت، وزير الدولة للإنتاج الحربي، محمد أحمد مرسي. وأعلن عن اتفاق لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات مثل التصنيع والنقل، وكذلك الإنتاج الدفاعي. بموجب هذا الاتفاق، ستساعد الهند مصر في صيانة وإنتاج قطع غيار مقاتلات الميج 29 الروسية.
وبينما تعد الهند فرصة لتوفير احتياجات أي دولة من التقنيات، وتوفير قطع الغيار بأقل التكاليف. تسعى القاهرة للحصول على منظومة الصواريخ الهندية براهموس/ BrahMos -وهو صاروخ كروز طورته الهند وروسيا- وهو ما ترحب به دلهي، التي تحاول الظهور كمصدر رئيسي للأسلحة، وفقًا لتقارير صحفية هندية.
في 7 يناير 2021، ذكرت صحيفة تايمز أوف إنديا/ Times of India أن نيودلهي أعدت قائمة الدول الصديقة التي يمكن أن تبيع لها أنظمة صواريخ أكاش/ AKash المتطورة وصواريخ كروز براهموس/ BrahMos خلال السنوات القليلة المقبلة. والتي تهتم بها كلا من مصر، والفلبين، وكوريا الجنوبية، والجزائر، واليونان، وماليزيا، وتايلاند، وسنغافورة، وفنزويلا، وبلغاريا. وفقًا لـ Indian Financial Express.
بعد عام، أشارت الصحيفة نفسها إلى أن التصدير بدأ بالفعل للفلبين، مع إعراب الهند عن أملها في أن تتوسع وتقوم بالتصدير إلى دول أخرى في رابطة جنوب شرق آسيا ASEAN من بينها تايلاند وسنغافورة.
وبالفعل، زار وفد مصري جناح براهموس في معرض DefExpo India في تشيناي في عام 2018. حيث التقى الوفد المصري، الذي ضم وزير الدولة للإنتاج الحربي – آنذاك- اللواء محمد العصار، ورئيس هيئة التسليح اللواء طارق سعد زغلول. مع سودهير كومار ميشرا، الرئيس التنفيذي لشركة براهموس.
اقرأ أيضا: “الطائرة الأطول بالعالم”.. بوينج 747-i8 تنضم لأسطول الرئاسة
مقاتلات تيجاس
يرجح البعض أن تتوج الشراكة الدفاعية في مجال التصنيع، بإنتاج مصري- هندي مشترك لمقاتلات تيجاس/ Tejas Mk1A التكتيكية الخفيفة، وطائرات الهليكوبتر القتالية الخفيفة. لتكون مصر مركز إنتاج وتصدير هذه المقاتلات والمروحيات في إفريقيا والشرق الأوسط، بعد توطين تكنولوجيا تصنيعها.
وذكرت تقارير في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أن الهند عرضت على مصر إنشاء مرافق لإنتاج وتصنيع الطائرات المقاتلة الخفيفة Tejas Mk1A (LCA)، وكذلك طائرات الهليكوبتر. في الوقت الذي تسعى فيه وراء فرص التصدير في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. استعدادا لهذا الاتفاق، زار قائد القوات الجوية الهندية، المارشال في آر تشودري، مصر في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي. وحضر ندوة القوة الجوية، ومعرض الصناعات الدفاعية في القاهرة EDEX.
ولفتت تقارير دفاعية إلى أن القوات الجوية المصرية تحتاج إلى ما يقرب من 70 طائرة مقاتلة خفيفة. مع التركيز على الإنتاج المحلي ونقل التكنولوجيا. وفي الوقت الحاضر، يملك سلاح الجو المصري أسطولًا مختلطًا من الطائرات الأمريكية والفرنسية والروسية. مع حرص القيادة المصرية على إنشاء مرافق تصنيع الطيران.
وإلى جانب عرض الطائرة الخفيفة (LCA) من طراز Tejas Mk1A على مصر. قدمت الشركة الهندية Hindustan Aeronautics Limited أيضًا مجموعتها من المروحيات المحلية مثل Advanced Light Helicopter (ALH) وطائرات الهليكوبتر القتالية الخفيفة (LCH). حيث يرى الهنود أن هناك طلبا كبيرا في الشرق الأوسط على مثل هذه الطائرات وستكون مصر قاعدة جيدة لبدء التعاملات.