قبيل انتهاء الشهر السابع من الغزو الروسي لأوكرانيا بثلاثة أيام فقط، أعلنت روسيا التعبئة العسكرية الجزئية، وهدد كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونائب مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف باستخدام الأسلحة النووية الاستراتيجية. هذا إضافة إلى خطوة مهمة أخرى تشير إلى مسار الحرب واستمراريتها. وهي إجراء استفتاءات في أربع مناطق أوكرانية من أجل ضمها فورا إلى قوام روسيا الاتحادية. وهو ما رحب به أيضا الرئيس الروسي ومجلسا الشيوخ والنواب وكافة مستويات السلطة الروسية.
من الواضح أن يوم (21) بات يشكل عقدة تاريخية ونفسية لدى نخبة الكرملين. ففي هذا التاريخ تحديدا من شهر فبراير 2014 تمت الإطاحة بالرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش الذي كان قد حصل قبل أيام قليلة من ذلك على 15 مليار دولار من روسيا كدعم لبقائه في الحكم. وعلى الرغم من أن موسكو الرسمية واستخباراتها وأجهزتها الأمنية كانوا يعرفون جيدا ما يدور في اللقاء الرباعي بين وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبولندا والرئيس يانوكوفيتش في العاصمة كييف في ذاك ليوم، وكانت لديهم معلومات كاملة بأنه سيتم الإطاحة به بعد هذا اللقاء مباشرة، إلا أن القيادة الروسية لم تتحرك، ولم تبد أي رد فعل، بل تجاهلت المعلومات المتوافرة، وتجاهلت ما لديها أيضا من معلومات مؤكدة بما سيحدث بعد ساعات قليلة من هذا اللقاء. ولا أحد حتى الآن يعرف لماذا مررت روسيا عملية الإطاحة بحليفها فيكتور يانوكوفيتش! وليس مصادفة أن يعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعترافه بانفصال منطقتي دونيتسك ولوجانسك في 21 فبراير 2022، ثم يبدأ بغزو أوكرانيا بعدها بثلاثة أيام فقط في فجر 24 فبراير. وفي 21 سبتمبر 2022، يعلن بوتين التعبئة العسكرية الجزئية، ويهدد باستخدام الأسلحة النووية.
الانتقال إلى مستوى جديد من المواجهة
اعترف وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو بأن خسائر روسيا خلال عملياتها العسكرية في أوكرانيا بلغت 5937 شخصا. وفي الوقت نفسه، أشار بشكل خاص إلى أن “أكثر من 90 في المائة من الجرحى عادوا إلى الخدمة”. وذلك من دون أن يذكر عدد الـ 10% من الجرحى الذين لم يتمكنوا من العودة إلى الخدمة. كما أعلن أيضا عن استدعاء 300 ألف جندي من قوات الاحتياط والقادرين على القتال والذين لديهم خبرة قتالية. وذلك وفقا لمرسوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعلان حالة “التعبئة العامة” التي وصفها بـ “التعبئة العسكرية الجزئية”. بل وهدد الوزير الروسي بأن بلاده قادرة على تعبئة 25 مليون فرد للمشاركة في الحرب.
وبخصوص ضم أراضي أوكرانية جديدة إلى قوام روسيا الاتحادية، قال بوتين “سوف ندعم القرار بشأن مستقبلهم، والذي سيتخذه غالبية سكان مناطق دونيتسك ولوجانسك وزابوروجيه وخيرسون”. وقبل ساعات قليلة من إعلان التعبئة، صرحت قيادات هذه المناطق (المعينة من قبل موسكو) بأنها ستجري استفتاء خلال الأيام من 24 إلى 27 سبتمبر 2022 بالانضمام إلى روسيا. ورحب وزير الخارجية سيرجي لافروف بالقرار، مؤكدا صحة وأهمية هذه الخطوة. بينما أعلن مجلسا النواب والشيوخ الروسيان عن تأييدهما المطلق للاستفتاءات في منطقتي دونيتسك ولوجانسك بشرق أوكرانيا، وفي مقاطعتي زابوروجيه وخيرسون في جنوبها. وأكدا أيضا على موافقتهما المسبقة بضم هذه المناطق إلى روسيا.
أدلى جميع ممثلي مستويات السلطة المختلفة في روسيا بتصريحات خطيرة طوال فترة الغزو الروسي لأوكرانيا بشأن نقطتين أساسيتين: الأولى، تحميل الغرب مسؤولية إمداد أوكرانيا بالأسلحة، ما يجعل الولايات المتحدة والدول الأوروبية شريكة مباشرة في الحرب ضد روسيا، والتلويح باستخدام الأسلحة النووية. والنقطة الثانية، مترتبة على الأولى، وتدور حول ضرورة منع دخول الأسلحة إلى الأراضي الأوكرانية. الأمر الذي يكشف عن خطوة روسيا المقبلة، إما بالمزيد من التوغل في الأراضي الأوكرانية، مع تبرير ضم أراضي أوكرانية إلى قوام روسيا، أو بدء اتخاذ إجراءات عسكرية مباشرة على الأرض ضد دول أوروبية مجاورة لأوكرانيا. علما بأن هذه الدول هي أعضاء في حلف الناتو. وبالتالي، تعلن روسيا بشكل غير مباشر بتوسيع عملياتها العسكرية ليس فقط في الأراضي الأوكرانية، بل وضد دول أوروبية أعضاء في حلف الناتو! وهو أيضا ما برره وزير الدفاع الروسي بأن بلاده لا تحارب أوكرانيا فقط وإنما تحارب الغرب كله!
غير أن أخطر التصريحات من حيث التوقيت والظروف هو تصريح الرئيس بوتين، أثناء إعلانه التعبئة العسكرية الجزئية. إذ هدد باستخدام السلاح النووي. وهذه ليست المرة الأولى. إذ قال إن “روسيا تملك أسلحة دمار وأكثر تطورا مما لدى دول الناتو”. بل وهدد صراحة بقوله: “إننا أمام أي تهديدات لوحدة أراضينا أو سيادتنا، قادرون على استخدام هذه الأسلحة وهذا ليس خداع”. وبطبيعة الحال، اتهم الغرب بأنه هو الذي يبتز روسيا ويهددها بالأسلحة النووية. والخطير في هذه الاتهامات هو أنها تعتبر مقدمة خطيرة لإضافة مسارات جديدة للحرب بين روسيا وأكثر من ثلاثين دولة غربية. فبوتين يتحدث عن “أي اعتداء على الأراضي الروسية أو تهديد لوحدة أراضي روسيا”، وهو الذي سيقوم بضم أربع مناطق أوكرانية إلى أراضي بلاده، معتبرا إياها جزءا من روسيا الاتحادية. أي أن أي محاولة من أوكرانيا لاستعادة أراضيها، ستمثل تهديدا “لوحدة أراضي روسيا”! وهذا ما أكده الكرملين يوم الجمعة 23 سبتمبر بقوله “بعد ضم أراضي دونباس، ستعتبر موسكو أن محاولات أوكرانيا استعادتها أو استعادة أي أراضي أخرى بمثابة هجوم على روسيا. وسوف يتم تطبيق مواد الدستور الروسي ذات الصلة على هذه الأراضي التي ستصبح روسية”. أما نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي دميتري ميدفيديف فقد أعلن بأن روسيا ستستخدم جميع الأسلحة، بما في ذلك النووية الاستراتيجية لحماية أراضيها، وأنها ستعزز بشكل كبير منطقة دونباس والأراضي الأوكرانية الأخرى التي ستقوم بضمها.
من جهة أخرى، يتزايد القلق الروسي بشأن نجاح الدول الأوروبية في توفير موارد الطاقة (النفط والغاز) وعدم وقوعها رهينة لموارد الطاقة الروسية. وهو الأمر الذي عولت عليه موسكو بإجبار الغرب على الرضوخ لشروطها والدخول في مفاوضات، سواء بشأن أوكرانيا أو بشأن الضمانات الأمنية التي طالبت بها روسيا قبل بدء غزوها الأراضي الأوكرانية. والمعروف أن أوكرانيا رفضت جميع شروط روسيا التي تتضمن استسلام أوكرانيا والتنازل عن الأراضي الأوكرانية التي ضمتها روسيا وتفكيك الجيش وتغيير السلطة وإعلان الحياد. كما أن الغرب رفض تماما منح روسيا أي ضمانات أمنية.
الأمر الآخر، هو أن قمة منظمة شنغهاي للتعاون الأخيرة في مدينة سمرقند الأوزبكية، كشفت عن خلافات شديدة الوطأة بين دول المنظمة عموما، وبين الهند والصين وروسيا على وجه الخصوص، وبالذات فيما يتعلق بالغزو الروسي لأوكرانيا. ولم يتضمن البيان الختامي لهذه القمة أي ذكر لما يحدث في أوكرانيا. لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استغل وجوده بين عدد من رؤساء المنظمة ورؤساء وممثلي دول آسيا الوسطى والدول المراقبة ليدلي بتصريحات فردية عن الوضع في أوكرانيا. ما أثار امتعاض القيادتين الصينية والهندية، ودفعهما للتساؤل حول موعد انتهاء العمليات الروسية في أوكرانيا.
السيناريوهات المتوقعة
بعد 7 أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، بدأت العمليات العسكرية الروسية في اتخاذ منحى دولي ليس مقتصرا على الصراع مع أوكرانيا، بل يمتد لمواجهة الغرب. فالكثير من المؤشرات يؤكد أن الكرملين، عقب إعلانه تلك الإجراءات الحربية الاستثنائية، بات أمام خيارات شحيحة للغاية، على الأقل خلال الأسابيع القليلة المقبلة. فإما أن تقوم قواته بعمليات عسكرية سريعة وتوجيه ضربات خاطفة، حتى وإن كانت بشكل رمزي، لتبرير قرارات التعبئة العسكرية، وتبرير وقوع الأعداد الكبيرة من الضحايا والمصابين منذ بداية الغزو، أو اللجوء إلى سيناريو آخر تماما سنتحدث عنه لاحقا. كما أن الكرملين بحاجة إلى تطمين الرأي العام الداخلي الذي يعيش تحت وطأة العقوبات الاقتصادية والمشاكل المعيشية التي بدأت تظهر تدريجيا، والقلق من إعلان التعبئة العامة وتوسيع رقعة الحرب، والعديد من المشاكل الأخرى.
ومن الملاحظات الخطيرة والمهمة، هو أن أعدادا ضخمة من المواطنين الروس نزحت إلى الدول المجاورة خلال الأشهر السبعة الأخيرة (منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا). وبمجرد إعلان التعبئة أعلنت دول مثل أرمينيا وجورجيا وفنلندا والعديد من دول آسيا الوسطى عن ازدحام رهيب على معابرها الحدودية ومطاراتها بنتيجة إقبال روسي من الشباب على مغادرة بلاده. هذه المؤشرات لم تنكرها الحكومة الروسية، لأن العديد من الدول أعلن ذلك ونشر صورا ومقاطع فيديو. إضافة إلى ذلك، اندلعت تظاهرات واحتجاجات عقب إعلان بوتين التعبئة، وتم اعتقال 1300 شاب متظاهر. وقال الكرملين إن اعتقال هؤلاء المحتجين لا يتعارض مع القانون.
أما السيناريو المتوقع، بخلاف استمرار وتكثيف العمليات العسكرية الروسية، سواء في الأراضي الأوكرانية أو على حدود دول حلف الناتو، فهو حلول فترة هدوء مع ضم دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوروجيه إلى قوام روسيا الاتحادية. وشروع موسكو في مماطلات سياسية وحملات إعلامية لإثارة البلبلة والارتباك في أوساط الرأي العام المحلي والدولي. فمن المتوقع أن تنقل موسكو الأحداث إلى مستوى قانوني وتشريع، مع استمرار العمليات العسكرية الروسية، لكن سيتم إبعاد الأضواء عنها وترحيلها إلى الترتيب الثاني بعد “أن تعلن موسكو رغبتها بالبدء في مفاوضات”. ومن المتوقع أن تشترط أن تكون المفاوضات على أساس الأمر الواقع والنتائج التي تحققت. أي أن التهام القرم وسيفاستوبول ودونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوروجيه أصبح أمرا واقعا، لا يجوز الخوض فيه، لأن هذه أراضي روسية. وسيترافق ذلك مع حملات إعلامية وبروباجندا لإظهار روسيا في موقف الحمل الوديع الذي يدعو للسلام وللمفاوضات. غير أن القوات الروسية ستكون في هذه الأثناء على أبواب خاركوف وأوديسا، كنوع من المساومة، أو كنوع من مواصلة التهام المزيد من الأراضي الأوكرانية وتحقيق هدف الكرملين والرئيس بوتين وأنصار روسيا “الأوراسية” الذين يرون أنه لا توجد دولة اسمها أوكرانيا أصلا، ولا يوجد بالتبعية أي شعب يسمى بالشعب الأوكراني.
في هذه الأثناء، سيظل الغرب يواصل عقوباته ويشددها على النخبة الحاكمة في الكرملين، وستحدث تحولات مهمة في المواقف، وبالذات في مواقف دول مثل الهند والصين وتركيا. وستظهر مفاجآت في أفغانستان وسوريا ولبنان. وستتمكن الدول الأوروبية من تجاوز فصل الشتاء بهدوء ومن دون منغصات بصرف النظر عن الحملات الإعلامية والبروباجندا. ففي الوقت الراهن، يمكن الحديث بثقة عن امتلاك الغرب كل موارد الطاقة اللازمة له حتى مارس 2023، سواء من الولايات المتحدة أو من دول الخليج وشمال إفريقيا.
انتصار بوتين ومصير روسيا
لقد ارتكب الرئيس بوتين خطيئة تاريخية أخرى بإعلان التعبئة العسكرية التي يعتقد أنها ضرورية لإيقاف المقاومة الأوكرانية التي من الواضح أنها ستكون مسلحة جدا ومدعومة جدا طوال السنوات المقبلة. أما الخطيئة الأكبر، فهي إمكانية انجرار بوتين نحو كييف ولفوف للسيطرة على كل أوكرانيا لتحقيق أحلامه. ومن الواضح أنه يتحرك إلى الأمام بثقة غير مسبوقة تاريخيا نحو تحقيق حلم القوميين الروس بضم العالم السلافي تحت راية روسيا. لكن معدته لا تستطيع هضم بيلاروس وأوكرانيا دفعة واحدة على سبيل المثال، ولا يمكنها هضم الصرب والتشيك وبولندا أيضا. وبالتالي، سيكون مرغما مع الوقت على احتلال أوكرانيا بالكامل لإغلاق جميع قنوات تسليحها. فهل ستخضع أوكرانيا؟! هذا هو السؤال! وها سيتوقف الغرب عن دعم كييف، أو يرفع العقوبات عن روسيا؟! هذا هو السؤال الثاني!
في الواقع، يمسك الرئيس بوتين بالعصا النووية في يد وبأوكرانيا في اليد الثانية، معلنا سيادة روسيا وجبروتها التاريخيين، وملهما لكل القوى التي تكره الولايات المتحدة والغرب وترفض الديمقراطية وحقوق الإنسان والمستعدة للتضحية بأي تقدم علمي تقني وبالتنمية والتعليم والبحث العلمي من أجل أن تؤكد هويتها وتحافظ على عاداتها وتقاليدها ضد الرأسمالية العالمية والامبريالية والاستعمار الأمريكي والبريطاني، وكافة أنواع الاستعمار القديم بأثر رجعي، وأن تلتحم مع روسيا والصين كقوتين عالميتين ملهمتين لديكتاتوريات دول “الغبار البشري” والأنظمة الاستبدادية وعلى رأسها الدول العربية ودول أمريكا اللاتينية التي تئن شعوبها تحت وطأة الفقر والفساد والاستبداد، وترفع نخبها راية العداء للديمقراطية والعلم والتقدم.
كل المؤشرات تشير إلى أن الحرب ستمتد لسنوات طويلة، ليس أقل من عشر سنوات. وسيكون بوتين (70 عاما حاليا) مضطرا للتعبئة العامة الكلية واحتلال أوكرانيا بالكامل، أو تبديد المزيد من الموارد للسيطرة عليها كلها بدون احتلال عسكري ونشر قوات نظامية. وقد يحقق كل أهدافه في أوكرانيا. وقد يعيش عشرين عاما أخرى ليشاهد بنفسه نتائج انتصاراته التاريخية، حتى إذا استخدم الأسلحة النووية “التكتيكية” التي يمكن أن تفضلها أمهات الجنود على اعتبار أنها أخف وطأة من الأسلحة النووية الاستراتيجية!! فهل سيقتصر تأثير الأسلحة النووية على أوكرانيا فقط وستنجو روسيا المجاورة؟! وهل ستتمكن روسيا في حال استخدام الأسلحة النووية من قصف أكثر من 20 موقعا غربيا بها أسلحة نووية يمكن أن تنطلق في وقت واحد باتجاه روسيا؟! وهل ستترك الصين والهند روسيا لتدميرهما وتدمير العالم؟! وما هو موقف الشعب الروسي نفسه الذي بدأ شبابه يتظاهرون ضد التعبئة ويهربون إلى خارج روسيا؟!
مؤشرات كثيرة تؤكد أن بوتين سيضم دونيتسك ولوجانسك وزابوروجيه وخيرسون. وسيعمل على فصل خاركوف وأوديسا. وليس من المستبعد، طالما الرئيس الروسي حي يرزق، أن يستمر التوغل بطرق مختلفة في أوكرانيا. لكن لن تنشب حرب مباشرة بين روسيا والغرب على الأقل خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة.. لكن الوضع في أوكرانيا سيسوء بشدة طالما الرئيس بوتين لا يزال على قيد الحياة.
ولسوء حظ نخبة الكرملين أن القوات الروسية لم تسيطر بالكامل على أي منطقة من المناطق الأربع، حيث تدور فيها وفحولها معارك طاحنة. وبالتالي، فإعلان الضم نفسه، وهو إعلان سياسي إداري عسكري، يعني أن روسيا ستدافع عن أراضيها بحكم الدستور الروسي، وأنها مطالبة ومخولة وملزمة باستخدام كافة الوسائل والأسلحة لحماية حدودها “الجديدة” حتى وإن كانت هذه الحدود لا تزال على الورق. ومن الطبيعي أن تبدأ روسيا باتهام أوكرانيا بأنها تحتل أجزاء من دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوروجيه، التي أصبحت أراضي روسية 100% ومن حق روسيا أن تطرد منها “الاحتلال الأوكراني!”.
من المؤكد أنه بعد عشرين عاما أو خمسة وعشرين عاما سيتكرر مشهد إزالة سور برلين وتوحيد الدولة الألمانية بعد 45 عاما من تقسيم الشعب الواحد والبلد الواحد. لا أحد يشك بأنه سيتم توحيد أوكرانيا بعد عشرين أو أربعين عاما. وسيتذكر الشعب الروسي العظيم أبناءه من الشباب الذين فقدوا حياتهم أو دمرتهم الحرب وشوهت أرواحهم من أجل تحقيق أمجاد وأحلام زائفة تحت دعاوى تضليلية. وسيعود الشعبان الروسي والأوكراني إلى أحضان بعضهما البعض، لأنه لا يصح إلا الصحيح.. لكن هذا لن يتحقق في وجود الرئيس بوتين، ولا في وجود النخبة القومية الحاكمة في الكرملين.