تراهن الحكومة المصرية على التحول للاقتصاد الأخضر، لتحقيق عدة مآرب وأهداف في توقيت واحد. أهمها فتح قنوات تمويلية جديدة أمام الاقتصاد، وجذب المزيد من الاستثمارات في وقت يحطى فيه المجال باهتمام كبار المستثمرين في عالم اليوم.
يرتبط الاقتصاد الأخضر بتغيير دفة الأنشطة الاقتصادية نحو المشروعات المستدامة غير الملوثة للبيئة. ووضعت الحكومة خطتها على أساس أن تكون 50% من مشروعات الدولة موافقة للمعايير البيئية مقابل 40% حاليا.
وبحسب وزارة التخطيط، فإن الحكومة تعمل على تسريع التعافي الأخضر عبر زيادة استثمارات البنية التحتية مثل الطاقة والنقل وشبكة الطرق. بالإضافة إلى تحلية المياه والصحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مصحوبة بإصلاح مؤسسي وتشريعي، لتمهيد الطريق لمشاركة القطاع الخاص.
اقرأ أيضا.. شركات الطاقة الشمسية تتعثر في “نفق نقص المكونات”.. أية مسئولية للحكومة؟
مبادرة وطنية للمشروعات الخضراء
أطلقت الحكومة المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية في المحافظات لتنفيذ مشروعات تساعد في خفض انبعاثات الكربون والتلوث البيئي. كما تحافظ على الموارد الطبيعية وكفاءة الطاقة، والتنوع البيولوجي وخدمات النظم البيئية. بالإضافة إلى المساعدة في التكيّف مع التغيرات المناخية.
ووصل عدد المشروعات المقدمة على مستوى فئات المبادرة إلى 4786 مشروعا بينها 554 مشروعا كبيرا و931 مشروعا متوسطا و563 صغيرا. بينما وصلت عدد المشروعات في فئة المشروعات غير الهادفة للربح إلى 1457 مشروعا، وفئة الشركات الناشئة إلى 455، وفئة تغير المناخ والاستدامة إلى 826.
كما تستهدف مصر زيادة مزيج الطاقة المتجددة من إجمالي الطاقة المولدة لنحو 42% بحلول 2035. كما بدأت في اتخاذ خطوات للتوسع في إنتاج الهيدروجين وتوطينه وصولا إلى الهيدروجين الأخضر الذي يحتاح إلى مصادر طاقة متجددة لإنتاجه.
الدولة اتجهت أيضا، نحو مشروعات نقل غير ملوثة للبيئة مثل مشروعات القطار الكهربائي السريع والقطار الكهربائي الخفيف، والمونوريل. بالإضافة إلى مضاعفة مشروعات الحافلات الكهربائية، وتقديم الحوافز للسيارات للعمل بالغاز الطبيعي.
كذلك تمتلك الحكومة حاليا، استراتيجية للمياه للفترة من 2017-2037، باستثمارات 900 مليار جنيه، للاستفادة من الموارد المتاحة من خلال محطات تحلية المياه. كما تستهدف التوسع في محطات معالجة مياه الصرف لأغراض الزراعة، وأكبرها منظومة مياه مصرف بحر البقر، التي تعالج يوميا 5.2 مليون متر مكعب من المياه لاستصلاح نحو 400 ألف فدان بشمال سيناء.
الاقتصاد الأخضر.. مصدر جديد للتمويل
يمثل التحول للاقتصاد الأخضر فرصة تمويلية كبيرة إذ يساهم بنحو 8 تريليونات دولار على المستوى العالمي. كما أنه من المتوقع أن يصل إلى نحو 12 تريليون دولار بحلول 2030، مع إمكانية توفير فرص عمل ترتبط بالاقتصاد الأخضر لقرابة 380 مليون إنسان حول العالم.
المستثمرون حول العالم ضخوا في الربع الأخير فقط من العام الماضي نحو 143 مليار دولار في الاستثمارات المستدامة بنسبة 12% زيادة عن العام السابق. كما يوجد حاليا نحو 5900 صندوق استثماري، لها استثمارات في الاقتصاد الأخضر، 75% منها في أوروبا وحدها.
مصر من ناحيتها أصدرت قبل عامين أول سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار لتمويل مشروعات، ليكون لها السبق في التحول إلى الاقتصاد الأخضر. كما تقوم الحكومة بتنفيذ تجارب مع شركاء التنمية لتنفيذ مشروعات التكيف والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية. تضم المحفظة الجارية لوزارة التعاون الدولي على سبيل المثال تمويلات تتجاوز 11 مليار دولار.
كما أصدرت الدولة قانونا للطاقة المتجددة قبل 8 سنوات، والذي شمل حوافز لدخول القطاع الخاص الذي بلغ إنتاجه من الطاقة المتجددة نحو 6038 جيجاوات في 2021.
بالإضافة إلى ذلك ساهمت مشروعات الطاقة المتجددة في خفض الانبعاثات بما يقارب 1.7 مليون طن ثانى أكسيد الكربون، وهو أمر تحرص الحكومة على إعلانه قبل استضافة قمة المناخ cop27 نوفمبر المقبل.
كما وضعت الحكومة “برنامج نُوَفِّي” وهي آلية تعمل وزارة التعاون الدولي من خلالها للترويج لقائمة مشروعات التنمية الخضراء في قطاعات المياه والغذاء والطاقة. كما أنها ضمن استراتيجية مكافحة التغيرات المناخية 2050.
المجلس الوطني للاقتصاد الأخضر
في منتدى التكنولوجيا المستدامة بين الولايات المتحدة ومصر الذي عقدته السفارة الأمريكية بالقاهرة، كانت التوصية الأساسية إنشاء مجلس وطني للاقتصاد الأخضر يضم الحكومة والقطاع الخاص.
ووفق نقاشات الحضور الذين ينتمون للمؤسسات التكنولوجية المعروفة مثل جوجل ومايكروسوفت، فإن ذلك المجلس المقترح يعمل على تحفيز نشر التكنولوجيا الخضراء عبر القطاعات المختلفة. بجانب وضع السياسات والخطط المتكاملة لدفع وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية وإتاحة فرص التمويل للتحول إلى الاقتصاد الأخضر. كذلك توفير حزم من الحوافز للشركات والقطاعات التي تعمل باستخدام التكنولوجيات الخضراء.
ويمكن لذلك الصندوق، التدقيق في نوعية الصناديق الاستثمارية التي يتم التعامل معها، فكون الاستثمار الأخضر مصطلح يحمل قدرا من المطاطية فدراسة حديثة كشفت أن 55% من 130 صندوقا تزغم انها خضراء لكنها تماما عن أهداف باريس للمناخ.
بحسب باحثين فإن مصر عليها تعظيم التصنيع المحلي مع تطوير كفاءة الخلايا الشمسية، وإصدار قوانين ملزمة باستخدام الطاقة المتجددة في جميع المدن الجديدة والقرى السياحية. بالإضافة إلى التأكد من أن الاستراتيجيات الجديدة تراعي المتطلبات البيئية، وتساهم في توسع فروع الاقتصاد الأخضر والابتكار.
محطة بنبان، أحد أكبر مزارع الطاقة الشمسية في العالم، كما أنها أحد النماذج التي تسعى الحكومة لتكرارها. إذ جاءت بشراكة بينها وبين القطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية”، تضمنت إنشاء 6 ملايين لوحة شمسية، نفذتها نحو 40 شركة من 12 دولة مختلفة، لتوليد 1500 ميجاوات من الطاقة.