يعيش أطفال إيران في وطن لا حقوق لهم فيه، يعانون الفقر والعوز، ويمتد الأمر لعدم حمايتهم من التحرش الجنسي والاغتصاب من جهة، وزواج القاصرين منهم وتجنيدهم من جانب آخر، ليرسم مستقبلهم المقبل في وطنهم، أطفال بلا هوية، لا يمكن أن يصنع منهم قادة للغد ولا شبابًا يافعين لليوم.
أطفال بدون تعليم
تعمل المجتمعات السوية على خلق طفل سويّ، متعلم مثقف يفيد وطنه وشعبه، إلا أن الأمر مختلف في “إيران “، التي أعلن فيها عدد من الخبراء والتربويين، أن الوضع الحالي لملف التعليم يشهد تراجعًا كبيرًا، ويدعي للقلق على مستقبل البلاد، بسبب زيادة أعداد الطلاب في المدارس سنويًا، في الوقت الذي لم تبنى مدارس جديدة، ما أجبر المسؤولين على اللجوء لنظام تقسيم اليوم الدراسي إلى فترتين صباحي ومسائي، لاستقبال أكبر عدد من الطلاب.
ويضيف الخبراء في تصريحات رسمية نقلتها وكالة تسنيم الإيرانية، أن أكثر من 50 بالمئة من المدارس تحتاج إلى ترميم، وبحسب المؤسسة الوطنية للإحصاء في إيران يبلغ عدد الأطفال المتسربين من التعليم والأميين أكثر من مليون ونصف شخص خلال عام 2018، وأن عدد الأطفال المتغيبين من الدراسة بلغ أكثر من ثلاثة ملايين عام 2019.
وزارتا التربية والتعليم والشؤون والعمل في إيران، قالوا في تقرير لهم أن أكثر من أربعة ملايين طفل أعمارهم بين 6 و11 عام منقطعين عن الدراسة خلال عام 2020، وأن أغلبهم متواجدين في محافظات بلوشستان وطهران وخرسان والأحواز وأذربيجان الغربية وكرمان.
من جهته، أرجع المدير العام للتربية والتعليم في أذربيجان الغربية السبب الرئيس في انقطاع الأطفال عن التعليم إلى المشاكل الاقتصادية.
عمالة دون أجر
الأوضاع الاقتصادية السيئة كانت أحد أبرز الأسباب التي أدت لإلحاق الأطفال للعمالة بحثًا عن مصادر دخل جديدة إضافية للعائلات الفقيرة أو وحيدة للأسر التي تفتقد وجود عائل لها، ليمتهن هؤلاء الصغار مهن لا تناسب أعمارهم ولا قوتهم الجسمانية أجبرتهم على التعرض للخطر بين الأمراض والتحرش ووصولًا للاغتصاب.
الناشط الحقوقي في مجال حقوق الطفل “حامد فرمند” يرى أن وجود اختلاف في الإحصائيات بالنسبة لعدد الأطفال العاملين في إيران يرجع لعدم دقة التسجيل الدقيق لحجم العمالة، إذ تشير الإحصائيات الحكومية إلى أن عدد هؤلاء الأطفال يصل إلى نحو ثلاثة ملايين طفل، وبينما تشير تقارير أخرى غير الرسمية أن عددهم يصل إلى أكثر من سبعة ملايين طفل، لافتًا إلى أن الفتيات اللاتي يعملن داخل بالمنازل وخارجها لا يحصلن على مقابل، ويعملن تحت ضغوط نفسية قاسية، ويتعرضن لأضرار نفسية وبدنية، وأن محاولات التستر على هذه المشكلات، تؤدي إلى تفاقم الأزمة دون خلق حلول جذرية لها.
فيما نشر بعض النشطاء الحقوقيين صورًا لأطفال يرتدون ملابس عمل رسمية، فيما أنكر المسؤولون معرفتهم بهذا الأمر، مشيرين بأصابع الاتهام لمقاولي البلديات اللذين يستأجروا الأطفال دون علم الحكومة.
نائبة طهران في البرلمان الإيراني “طيبة سياوشي” تحدث عن ذلك الملف قائلة، ما أقسى الظروف المعيشية لأطفال الذين يبحثوا عن طعامهم في صناديق القمامة، فعادة ما يصابوا بالأمراض كالإيدز، ويدفنوا ويموتوا في المكان ذات، في الوقت الذي يتعرض فيه نحو 90بالمئة من الأطفال العاملين يتعرضون للاغتصاب والتعذيب.
اغتصاب
تعد شريحة الأطفال العاملين في إيران، أكثر عرضه عن غيرها للتعديات الجنسية والتعذيب، فهم أطفال بلا وعي ليس لديهم القدرة على التمييز، ولا الدفاع عن أنفسهم نظرًا لحرمانهم من التعليم الذي يؤهلهم للخروج إلى مجال العمل، ويساعدهم في الدفاع عن أنفسهم.
الأمين العام لمنظمة الخدمات الاجتماعية في طهران “رضا قديمي” قل إن الأطفال العاملين يتعرضوا إلى التحرش الجنسي والاغتصاب، وأن ذويهم على دراية كافية بما يتعرض له أطفالهم، إلا أن احتياجاتهم لمأكل وملبس، تدفعهم لتعريض أبنائهم لهذا الخطر، وأشارت بعض الصحف المعارضة إلى أن جمهورية إيران الإسلامية لم تتمكن من الحفاظ على أطفالها.
بيع الأطفال
أزمة أخرى يتعرض لها أطفال فارس بعد رصدت بعد الحالات لعائلات تبيع أطفالها في الشوارع، وهو ما كشف عنه رئيس اللجنة الاجتماعية للبرلمان الإيراني “سليمان الحدادي” الذي قال إن السبب الرئيسي لهذه الجريمة المتفشية في المجتمع الإيراني هي ثغرة في قانون حماية الطفل، وأن البرلمان الإيراني لم يناقش هذه الملف، وأن أغلب النساء اللاتي يبيعن أطفالهن، هن: مدمنات.
قناة “المحمرة “الأحوازية ذكرت في تقرير لها أن عصبات تشكلت لبيع الأطفال والاتجار في أعضاءهم في إيران، ويديرها مسؤولين رفيعي المستوى في السلطة الإيرانية.
وأشارت القناة إلى أن تلك الممارسات تأتي ردًا على الفساد الحكومي الذي ينفق أموال الشعب بناء مؤسسات في تايلاند، وأمريكا الجنوبية، والمكسيك، لدعم أنظمة وكسب ولاءات فاسدة، حتى ولو كان ثمن ذلك جوع الشعب، وانعدام غريزة الأمومة من الأمهات الإيرانيات، حتى وصل بهن لحال لبيع أحد أطفالهن لسد حوائج باقي الأسرة.
الملائكة المحاربون
لم يخجل النظام الإيراني من ممارساته غير الإنسانية بحق الأطفال بعدما حرمهم من: التعليم، والمأكل، والملبس، وأبسط الحقوق الأدمية، بل تجنيد أطفاله في الحروب، إذ يحث المرشد الأعلى للثورة” أيه الله الخميئي” الأطفال على التطوع في التجنيد، ودشنت مؤسسة “باسيج” وهي إحدى مؤسسات الحرس الثوري الإيراني، مبادرة لتعبئة التلاميذ من أجل تجنيدهم للحرب والقتال.
ممارسات “باسيج” لم تكن مستحدثة إذ كررت الأمر ذاته منذ نشأتها عام 1979، واستخدمت الأطفال الإيرانيين في الحرب العراقية الإيرانية عام 1980م، والتي راح ضحيتها أكثر من 36ألف طفلًا.
في الوقت الذي نصت فيه اللوائح التنفيذية المقتبسة من المادة 8 في القانون الإيراني الخاص بتجنيد الأطفال على أن “التدريب العسكري محظور للطلاب في المداس”، لكن ما يجري هو تدريب هؤلاء الفتية خارج مدارسهم.
تعارض دولي
لم يدعم النظام الملالي أي تطوير في القوانين المتعلقة بالطفل، بحجة أن التغير يخالف الشريعة الإسلامية، وأن المجتمع الإيراني له طابع ديني مميز يرفض فيه تدخل منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” في شؤونه الداخلية، وأن تلك المنظمة تسعى لتغريب المجتمع الفارسي المحافظ، ولتحويله لمجتمع غربي بلا قيود ولا قوانين ومن ثم تمحو الهوية الإيرانية لصالح الهيمنة الغربية.