مثل الكثير من المواطنين في مصر، ألقت جائحة كورونا بظلالها الثقيلة على أوضاع اللاجئين بها، خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مما زاد من معاناتهم في ظل توقف أنشطة مفوضية شؤون اللاجئين أيضًا.
لا عمل ولا منحة
تأزمت حالتي المادية وأصبحت غير قادرة على مصاريف دراسة ابنتي، هكذا بدأت “آية خضر” سورية الجنسية، ذات الـ40 عامًا واللاجئة منذ 8 سنوات في مصر، حديثها عن أوضاعها الاقتصادية الصعبة جراء الجائحة، مضيفة أنها وأسرتها لجأوا إلى مصر مع تأزم الوضع في بلادهم وبعد وفاة زوجها منذ 4 سنوات عملت بالمنزل لأحد مصانع الملابس الجاهزة، حيث تستلم الملابس وتنهي اللمسات الأخيرة بها وتغلفها ثم تعيدها للمصنع مرة أخرى، قبل توقف عملها مع اشتداد أزمة “كورونا”.
وتقول: “كنت أتسلم مبلغًا شهريًا من المفوضية المصرية لشؤون اللاجئين لكنه توقف أيضًا منذ شهر مارس تقريبًا، ولم يتبقى سوى كارت المواد الغذائية الذي تسلمته من المفوضية لأحصل من خلاله على بعض المواد الغذائية التي تعينني على متطالبات الحياة”.
وتوضح لـ”مصر 360″: “لدي بنتان الأولى 10 سنوات والثانية بالثانوية العامة، انقطاع المساعدة المالية للمفوضية وتوقف العمل الذي كان يساعدني على متطلبات الحياة، أجبرني على بيع بعض المنتجات الغذائية التي أحصل عليها من الكارت حتى أسدد مصاريف الدوس الخصوصية لابنتي”.
وتشير إلى أن هناك مبادرة تسمى “سوريا الآن” تتابع معها أزمتها المالية، ومكنوها من الإبقاء في المسكن وسددوا بعض الإيجار المتأخر عليها، بعد أن هددها أصحاب المسكن بالطرد بسبب الإيجار”.
طرد إلى الشارع
باسم الجنوبي، أحد مؤسسي مبادرة “سوريا الآن” التي أسست عام 2014، يروي لـ”مصر 360″ عن أوضاع اللاجئين السوريين في مصر قائلا:” تزايدات الضغوط المعيشية والاقتصادية على المغتربين السوريين وغيرهم من الجنسيات في مصر، مثلهم مثل الكثير من المصرين الذين تأثروا سلبًا بسبب كورونا”.
ويقول: “إن إدرة المبادرة تطوعية من بعض الفتيات والشباب، وتقدم دعمها عن طريق الدعم النفسي والاجتماعي، وتوفير فرص العمل لهم، بالإضافة إلى بعض الدعم المالي للمهددين من الطرد من منازلهم بسبب عدم دفع الإيجار”، مشيرًا إلى أنه “خلال الفترة القليلة الماضية تم رصد 15 أسرة لاجئة تم طردها من منازلهم بسبب الإيجار، حتى تدخلنا وتم تسديد المتأخرات وعودتهم إلى منازلهم مرة أخرى”.
توقف أنشطة المفوضية
كانت مفوضية شؤون اللاجئين في مصر، قد أعلنت منتصف مارس الماضي عن توقف أنشطتها معتهدة بالاستمرار في تقديم المساعدات المالية، وخصصت أرقامًا هاتفية طارئة لتلقي شكاوى اللاجئين.
ونصحت المفوضية اللاجئين وملتمسي اللجوء باتباع التوصيات المقدمة من السلطات المصرية وخاصة وزارة الصحة والسكان ووزارة الداخلية للتعامل مع الفيروس.
وتستضيف مصر -وفقا لآخر الإحصاءات في مارس 2020 بحسب الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان- حوالي 256 ألف لاجئاً وطالباً للجوء، 51% منهم من السوريين، والباقي من جنسيات مختلفة من 58 دولة من أبرزها السودان وأثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان والعراق واليمن.
ويبلغ عدد الأطفال والقصر حوالي 128 ألف شخص، منهم 4863 طفل غير مصحوب.
ويتركز وجود اللاجئين في مصر بالمناطق الحضرية في القاهرة والجيزة والإسكندرية والقليوبية والشرقية ودمياط.
ووفقا لبعض التقديرات الحكومية فإن عدد اللاجئين والمهاجرين في مصر بلغ أكثر من 5 ملايين شخص.
تهديد صحي
“فتحية هاجرة” سودانية جاءت لمصر منذ زمن بعيد ومعها والدتها، فيما ظل والدها في السودان، تروي معاناتها لـ”مصر 360″ قائلة: “توقفت عن الزيارة الدورية لطبيب والدتي التي تعاني من بعض الأمراض بسبب تأزم الوضع المعيشي والاقتصادي، وأنا الآن بلا عمل فقد توقفت كافة المجالات التي أعمل بها منذ جائحة كورونا”.
وتؤكد أنه لولا بعض الأموال البسيطة التي يرسلها والدها لها من السودان شهريًا، لكان تم طردها من المنزل بسبب عدم قدرتها على سداد الإيجار، بعدما انقطع سبل الرزق وضاق الحال.
وتقول: “قبل كورونا كنت أنا أساعد والدي وأرسل له بعض الأموال تساعده على الحياة، وبعض كورونا أصبح والدي هو من يدفع لنا على الأقل الإيجار حتى لا أطرد أنا ووالدتي من المنزل”، مشيرة إلى أنها تطوعت في مبادرة “مستورة” التي تعمل على الدعم المادي والاجتماعي للاجئين لأنها تؤمن أن هناك أسر كثيرة حالها أكثر بؤسا مما هي عليه.
مبادرة تطوعية
“شروق مصطفى” إحدى مؤسسى مبادرة “مستورة” تقول: “إن مبادرة مستورة مبادرة تطوعية بها 60 فردًا من المتطوعين يعملون حاليًا تحت مظلة مركز أجيال المستقبل”.
تروي “شروق” عن المبادرة لـ”مصر 360″ قائلة: “تخدم المبادرة عددًا من اللاجئين في عدة مناطق منها البراجيل وأرض اللوا والمعادي وأكتوبر وبولاق الدكرور وغيرها”، موضحة أن الدعم يكون عبارة عن دعم غذائي مثل شنط بمواد غذائية، دعم مالي مثل إيجارات مستحقة لم تسدد، دعم مالي آخر وهو تكفل بعض الأفراد بأسر لمدة عدة أشهر، ودعم صحي كالأدوية وغيرها نظرًا لظروف كورونا”.
وتؤكد أن المبادرة استطاعت مساعدة أكثر من 2500 أسرة لاجئة، حيث تم إمداد 1500 أسرة بـ”شنط” بها مواد غذائية، و1500 أسرة بوجبات غذائية بشكل مستمر، كما تم دفع إيجارات متأخرة لأكثر من 20 أسرة كان بعضها على وشك الطرد من المنزل، فيما تم طرد 5 أسر بالفعل قبل إعادتهم للمنزل من جديد بعد دفع المتأخرات عليهم.
وتشير إلى أن المبادرة وفرت أجزة قياس أوكسجين، وأنابيب أوكسجين لمصابين كورونا للاجئين أو المصريين.
يذكر أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين كانت قد أطلقت نداء كوفيد-19 العالمي المنقح في 11 مايو متمثلاً في طلب 745 مليون دولار أمريكي حتى نهاية عام 2020 لتلبية الاحتياجات الفورية في البلدان ذات الأولوية.
وبشكل واضح يعكس حجم الأزمة، فيما يتواكب مع نداء الاستجابة الإنسانية ونداء كوفيد-19 العالمي الصادر عن المفوضية، فإن المتطلبات المالية الشاملة للمفوضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2020 من أجل التأهب والاستجابة لكوفيد-19 تبلغ 343 مليون دولار أمريكي.
وفي مصر، طالبت المفوضية بميزانية قدرها 10.2 مليون دولار أمريكي للمساعدة في تقديم خدماتها الإضافية المنقذة للحياة في مواجهة كوفيد-19. حتى الآن، تم تغطية 6.7٪ فقط، مما يشير إلى فجوة تمويل شديدة وأزمة إنسانية تلوح في الأفق.