تسير مصر بخطوات حثيثة نحو توطين صناعة الإلكترونيات التي تستهدف من ورائها تحقيق دخل بقيمة 10 مليارات دولار بنهاية العام الحالي، ودخلت في شركات عالمية عملاقة لإنشاء مصانع لها بالمحافظات المصرية لأغراض التصدير، لكنها لا تزال تعاني إشكالية رئيسية في الاعتماد بشكل كبير على المدخلات المستوردة، التي تصل أحيانًا لنحو 50% من السلعة المصنعة.

sss

تسير مصر بخطوات حثيثة نحو توطين صناعة الإلكترونيات التي تستهدف من ورائها تحقيق دخل بقيمة 10 مليارات دولار بنهاية العام الحالي، ودخلت في شركات عالمية عملاقة لإنشاء مصانع لها بالمحافظات المصرية لأغراض التصدير، لكنها لا تزال تعاني إشكالية رئيسية في الاعتماد بشكل كبير على المدخلات المستوردة، التي تصل أحيانًا لنحو 50% من السلعة المصنعة.

يجعل الاعتماد على المكون الأجنبي الشركات المصرية تحت رحمة تذبذب الأسعار في السوق العالمية أو الهزات الاقتصادية للمنافسين، كالشركة المصرية لصناعات السيليكون “سيكو” التي أطلقت أول هاتف محمول مصري، وتعاني حاليًا منذ اندلاع أزمة كورونا توقف استيراد مكونات هواتفها التي تناهز 52%، والوصول شبح توقف عمليات التصنيع بمصنعها بالمنطقة التكنولوجية في أسيوط.

اقرأ أيضًا:

الاقتصاد الموازي.. أمل الحكومة في زيادة الإيرادات

ويقترح خبراء التكنولوجيا أن توجه الحكومة دعما مالية للشركات الناشئة في قطاع توفير المنتجات الوسيطة في صناعة أجهزة الحاسب الآلي والهواتف المحمولة، لاكتمال مساعيها الرامية نحو إتمام سياسة التحول الرقمي والتوطين التكنولوجي الكامل، وحماية الشركات المحلية من هزات العرض والطلب.

وتنتج شركة “سيكو” 5 آلاف جهاز يوميًا ومخزونها الاستراتيجي من الخامات يغطى عمليات التصنيع لمدة شهرين فقط، لكن مع اندلاع كورونا وتوقف بكين صادراتها وقعت في مأزق واضطرت لتخفيض الإنتاج، وحتى مع استئناف التوريد ستضطر إلى رفع أسعار منتجها النهائي، ما يفقدها فرصة لانتهاز قلة المعروض من أجهزة الهواتف المحمولة في الأسواق العالمية التي تنتجها الشركات الضخمة في الصين، التي تستحوذ على غالبية إنتاج الأجهزة في العالم سواء لشركات محلية أو أجنبية كأجهزة آيفون وآييباد.

 

وتخضع الشركة حاليًا خططها للمراجعة حاليًا سواء ببيع 2 مليون هاتف خلال العام الحالي فالتصدير يمثل نحو 25% من الإنتاج وكانت الشركة تخطط لرفعه إلى 50% بنهاية 2020 مع فتح التصدير لأوروبا الذي توقف حاليًا، والأمر ذاته بالنسبة لخطط زيادة نسبة المكون المحلي بالهواتف التسعة التي تنتجها خلال الربع الثاني من العام والتي توقفت أيضًا.

وقال وليد رمضان، نائب رئيس شعبة المحمول والاتصالات بالغرفة التجارية، إن مصر حاليًا تمتلك مصانع تجميع للهاتف المحمول بشراكة صينية، لكن ظهور محمول مصري خالص يتطلب أولاً أن توجد مصانع مغذية لإنتاج مستلزمات الصناعة بدءًا من المسامير و”الميكروبروسيسسور وكارت الذاكرة والبطارية”، وتلك الصناعات لن تنتشر إلا بعد زيادة عدد مصانع التجميع المحلي لأعداد معقولة، وحينها يمكننا الحديث عن ظهور أول هاتف مصري.

وأضاف، في تصريحات خاصة، أن الشركات التي تعتزم إنشاء مصانع للتجميع المحلي ستحدث نقلة في الصناعة مكررة ما حدث بسوق شاشات الحواسب والتليفزيونات، والتي بدأت كتجميع محلي بنسبة 40% وزادت المكونات المحلية باستمرار، وطالب شركات التجميع المزمع إنشاؤها بالتركيز على الأسواق الخارجية لفتح أبواب لتصريف منتجاتها، بجانب منح الحكومة إعفاءات وحوافز للمصنعين وإلغاء التعقيدات الحكومية التي تعرقل تلك الصناعة.

ونجح مصنع شركة “سامسونج مصر” ببني سويف، في تصدير إنتاجه إلى 36 دولة على مستوى العالم، ويصنع جميع الشاشات التليفزيونية المصدرة بعبارة “صنع في مصر” وزاد المكون باستمرار بالتوازي مع إنشاء الدولة 4 مناطق تكنولوجية تضم كل منها 11 مبنى على مساحة 15 فداناً، وتسهم هذه المناطق في توفير بيئة عمل تكنولوجية متقدمة لشركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المحلية والعالمية.

ويعتبر “سيكو” أحد ثمار مشروع “واحات السليكون” للمناطق التكنولوجية عام 2016، لإنشاء وتشغيل المناطق التكنولوجية برأسمال مليار جنيه حينها، ويتضمن نموذج عمل الشركة توفير البيئة النموذجية اللازمة لخدمة صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مصر من خلال توفير خدمات متكاملة لرواد الأعمال، والشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة والشركات المحلية والعالمية الكبرى، وشركات تصميم وتجميع الصناعات الإلكترونية ومنافذ تسويقها.

وتعتزم شركة “واحة سيليكون” المصرية ، التي تمتلك نحو 20% من أسهم “سيكو”، إنشاء مصنعين بمجالات مغذية لصناعات الكمبيوتر والحواسب وصناعات الموبايل.

وتتوقع مؤسسات دولية نمو سوق تصدير خدمات تكنولوجيا المعلومات بمصر من نحو 3.25 مليار دولار في عام 2017 إلى نحو 4.7 مليار دولار بحلول عام 2020 ، والتعهيد هو تصدير الخدمات التكنولوجية عبر إسناد شركات عالمية بعض أعمالها لشركات مصرية متخصصة بمجال تكنولوجيا المعلومات، لتقوم بالنيابة عنها بتنفيذها على المستوى المطلوب،

وأكد الدكتور محمد أبو قريش، رئيس الجمعية المصرية لمهندسي الاتصالات، أن مصر تهدف من وراء تلك الخطوات إلى توطين للتكنولوجيا، بدلاً من أن يكون سوقها مجرد منافذ بيع للسلع المعلوماتية والتكنولوجية، موضحًا أنها يغازلها منذ عام ١٩٨٠ حلم تكنولوجيا الاتصال، لكن لم يصاحب ذلك اهتمام حقيقي بتوطين التكنولوجيا.

وأطقلت المبادرة القومية “مصر تصنع الإلكترونيات”  التي تهدف إلى جعلها مركزاً ومصنعاً إقليمياً وعالمياً لتصميم وتصنيع الإلكترونيات المتطورة قبل نهاية عام 2030، والاستفادة من صناعة الإلكترونيات كأحد أكبر الدعائم لنمو الاقتصاد المصري، وبما يوفر مئات الآلاف من فرص العمل .

اقرأ أيضًا:

الإغلاق الكامل.. ضرورة صحية “ممنوعة” بأمر الاقتصاد

ويتم تنفيذ المبادرة على 3 مراحل، الأولى منها (2018-2021)، والمرحلة الثانية (2021 – 2025)، والمرحلة الثالثة (2025 – 2030)، من خلال هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، عن طريق فريق من الكوادر القيادية ذات الخبرة الكبيرة في الإدارة وتكنولوجيا صناعة الإلكترونيات، بالإضافة إلى تعاون ودعم الشركاء الاستراتيجيين لهذا المشروع القومي من الوزارات والهيئات المعنية وجامعات ومراكز البحوث ومراكز التدريب .

وتستهدف مصر أن يصل حجم صناعة الإلكترونيات إلى نحو 5 مليارات دولار سنوياً، وأن يصل حجم التصدير إلى نحو 3 مليارات دولار سنوياً بدلاً من 1.5 مليار دولار حاليا بقيمة مضافة محلية لا تقل عن 45%، كما تهدف المرحلة الأولى إلى إضافة 25 ألف فرصة عمل جديدة في هذا القطاع .

وأوضح أبو قريش أن مصر أنشأت مصنعًا للسنترالات الإلكترونية لتصنيع معدات الاتصال بالتعاون مع شركة أريكسون السويدية في الثمانينات، ومصنًعا لتصنيع أجهزة الاتصال الخاصة بالسنترالات الالكترونية بالتعاون مع سيمنز الألمانية في ١٩٩٣، تحت اسم الشركة المصرية للألمانية “ايجتي”، إلا أن المصنعين تعرضا للإغلاق، وجاءت التجربة الثالثة في مصنع المعصرة “كويكتل” الذي هدف إلى إنتاج هواتف محمولة، إلا أنه تم بيعه لمستثمر أردني ليقرر إغلاقه، كما تم وأد مشروع “وادي السليكون” بالإسماعيلية لتوطين التكنولوجيا في مهده أيضًا

ويطالب أبو قريش الحكومة المصرية بالمضي قدمًا في التكنولوجيا الحديثة مع اعتبارها عصب الصناعة حاليًا، وأن تبدأ من حيث توقف الآخرون، مبدياً اعتراضه على بدء تقنيات الجيل الرابع قبل عام أثناء  دخول العالم تقنيات الجيل الخامس.