سبع سنوات قضتها فرنسا في قتال المجموعات المسلحة في منطقة الصحراء الأفريقية، أنفقت خلالها المليارات، ونشرت قوات إضافية لمكافحة الإرهاب، ما نتج عنه سقوط أكثر من عشرة آلاف قتيل، ونزوح مليون آخرين من منازلهم.

sss

تقول صحيفة نيويورك تايمز في تقرير ، “عندما أرسلت فرنسا قواتها إلى مالي، المستعمرة الفرنسية سابقا، بعد سيطرة المسلحين الإسلاميين على المدن الشمالية، كان من المفترض أن تستمر مهمتهم لأسابيع قليلة فحسب”. 

وأعلنت وزارة الدفاع الفرنسية قالت العام الماضي أنها قتلت 600 جهادي منذ 2015، وقالت النيجر في فبراير الماضي، إنها قتلت  120 مسلحا، وأعلن الجيش الفرنسي مؤخرا عن مقتل 50 آخرين في وسط مالي. 

ولكن فرنسا كانت قد خسرت 44 جنديا منذ 2013، بما في ذلك 13 في حادث تحطم مروحية العام الماضي؛ بينما خسرت   النيجر، ومالي وبوركينا فاسو مئات الجنود في هجمات عديدة على مواقع عسكرية. 

ومنذ ذلك الحين، انتشر التهديد الإرهابي إلى مساحات واسعة من منطقة جنوب الصحراء المعروفة باسم الساحل الأفريقي، وأصبحت رأس حربة عمليات فرنسا لمكافحة الإرهاب. 

وتشير الصحيفة إلى أنه نتيجة لتلك العمليات، قُتل أكثر من عشرة آلاف شخص، وفر أكثر من مليون آخرين من منازلهم وعانت القوات العسكرية لدول غرب أفريقيا وفرنسا من خسائر كثيرة. 

لكن المعركة لم تنته،   الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، شنت هجمات متطورة في المناطق الحدودية لمالي، والنيجر وبوركينا فاسو. 

وخلال الأربعة أشهر الماضية، قام المسلحون بالإغارة على أربعة مواقع عسكرية كبرى في مالي والنيجر، والتي راح ضحيتها 300 جندي. 

وتقول نيويورك تايمز إن فرنسا تجد نفسها الآن عالقة في الساحل، وتشبه في ذلك الولايات المتحدة كثيرا عندما كانت عالقة في أفغانستان والعراق- والتي قضت فيهما سنوات وأنفقت مليارات من الدولارات في قتال المجموعات الإسلامية في تضاريس صعبة وغير مألوفة، بلا نهاية تلوح في الأفق. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، هدد قبل قمة طارئة مع رؤساء دول غرب أفريقيا في يناير الماضي، بسحب قواته، لكنه لاحقا ضاعف قوة المهمة، متعهدا بنشر 600 جندي آخرين لينضموا إلى 4,500 جندي هناك بالفعل. 

كما أعلن التزامه بالعمل عن كثب أكثر مع جيوش الدول الأفريقية لتكون أكثر استعدادا لإحباط الهجمات، ولتحمل بعض العبء الواقع على كاهل فرنسا. 

وتصف الصحيفة المهمة بالضخمة، مشيرة إلى أن قوات الأمن بدول غرب أفريقيا ضعيفة الإستعدادات، وينقصها التدريب بل وحتى التعليم الأساسي الذي لدى نظيرتها الفرنسية.

ويقول معظم الجنود الماليين إنهم لم يرو بوصلة من قبل، ويستمرون في الخطأ بالاتجاهات. 

واعتبرت الصحيفة هزيمة المسلحين مازالت بعيدة، حتى أن إحدى الجماعات استطاعات اختطاف سياسي يقود حزب المعارضة الرئيسي الأسبوع الماضي بالقرب من مدينة تمبكتو. 

وقالت الصحيفة إن الاتحاد الأفريقي أعلن مؤخرا أنه سيرسل ثلاثة آلاف جندي إلى الساحل، كما أن فرنسا تحاول تجنيد حلفاء جدد؛ مشيرة إلى أستونيا وجمهورية التشيك قد وافقتا بالفعل على إرسال قوات، وذلك بالإضافة إلى محادثات مستمرة مع السويد، وفنلندا والنرويج. 

و بالرغم من توجه فرنسا، ودول أوروبية ودول غرب أفريقيا إلى تصعيد القتال، إلا أن إدارة ترامب تنظر في سحب القوات الأمريكية وإغلاق قاعدة جوية جديدة في النيجر كان إنشائها تكلف 110 ملايين دولار.

وتهدف زيارة وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي إلى واشنطن في نهاية يناير الماضي، لطلب استمرار دعم الولايات المتحدة. 

وذكرت النيويورك تايمز أن ضبّاط في الجيش الفرنسي أعربوا عن قلقهم بشأن خسارة تقدر سنويا بنحو 45 مليون دولار فيما يخص التنقلات، وتموين وقود الطائرات والدرونات والتي كانت الولايات المتحدة تساهم بها في المهمة الفرنسية، والتي تصل تكلفتها السنوية إلى مليار دولار. 

فيما أكد رئيس المهمة الفرنسية، الجنرال باسكال فاسون،  في مقابلة أن الجيوش الفرنسية والأفريقية يمكنها بسهولة دحر الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، لأنها لا تستحوذ على مساحات وليس لها جذور ضاربة في المجتمعات المحلية.