دخل صندوق ثروة أبوظبي بقوة في صفقات استحواذ الإمارات بالسوق المصرية. ليضخ نحو ملياري دولار لشراء حصص حكومية في مؤسسات مرتبطة بالقطاعات المصرفية والصناعية وتداول الحاويات.
لم يصدر أي تأكيد رسمي حتى الآن من الشركات التي يعتزم صندوق أبوظبي الاستثمار فيها. ومن بينها البنك التجاري الدولي -صاحب أكبر وزن بالمؤشر الرئيسي بالبورصة المصرية.
بعض المحللين -أمثال وائل عنبة رئيس مجلس إدارة شركة الأوائل لإدارة المحافظ الاستثمارية مصر- أبدوا استغرابهم من عدم وقف السهم (التجاري الدولي) لحين صدور إفصاح من البنك أو بيان رسمي حكومي حول أسباب صعوده أو الأخبار التي تدور حول صفقة مرتقبة على حصص البنك.
لكن دائمًا ما تصدر البورصة قرارا بوقف أي سهم تدور حوله شائعات أو يصعد بصورة كبيرة دون أسباب واضحة. وتخاطبه بإرسال بيان رسمي يتم نشره على موقعها حول وجود أحداث جوهرية لديها أم لا. وهذا لم يحدث مع التجاري الدولي.
وذكرت وكالة بلومبرج الأمريكية أن البنك التجاري الدولي يمثل نصف الصفقة الإجمالية لاستثمارات صندوق ثروة أبو ظبي بنحو مليار دولار من إجمالي ملياري دولار. على أن يوزع المبلغ المتبقي على أربع شركات أخرى مدرجة في البورصة المصرية.
صفقات إماراتية قوية على 5 شركات مصرية
الشركات الأخرى التي يعتزم صندوق ثروة أبو ظبي الدخول فيها هي: “فوري” و “أبو قير للأسمدة” والصناعات الكيماوية. بالإضافة إلى شركة مصر لإنتاج الأسمدة وشركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع.
ومن الملاحظ أن الاستثمارات الإماراتية كلها موجهة نحو المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية. خاصة “البنك التجاري الدولي. مصر”. الذي يعادل وحده 35.02% من المؤشر الرئيس للبورصة “إيجي إكس 30”. فضلا عن “أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية” بنسبة 5.61%. و”فوري” لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الالكترونية التي تحتل 5.91% من المؤشر.
المؤشر الرئيسي للبورصة يقيس أداء أنشط 30 شركة مقيدة بالبورصة. والغلبة الأكبر فيه لسهم “التجاري الدولي”. بمعنى أن أداءه يتحكم في مسار البورصة صعودا وهبوطا حال التداول عليه بقوة.
ورفع البنك الأهلي المصري -المملوك للدولة- حصته في البنك التجاري الدولي إلى 9.13% في يناير 2022. مقابل 8.27% بنهاية سبتمبر من العام السابق 2021. فيما تقول وكالة بلومبيرج إن الصفقة الإماراتية تتضمن 18% من ملكية الحكومة لكنها لم تشر إذا كانت تتضمن أسهم البنك الأهلي أم لا. وما هية الشركات والصناديق الحكومية الموجودة داخلها.
نموذج تقرير الإفصاح الخاص بالبنك الذي يكشف عن المساهمين الذين يمتلكون حصصا أعلى من 5% لا يتضمن معلومات حول الأسهم حرة التداول في السوق. والتي ربما تتضمن الملكية الحكومية التي تتحدث عنها بلومبيرج.
وبحسب الوكالة الأمريكية رفضت شركة الإسكندرية لتداول الحاويات التعليق على الصفقة. بينما قالت شركتا “أبو قير” و”مصر للأسمدة” (موبكو) إن بيع أي حصص سيكون من اختصاص المساهمين الحاليين.
شراكة أم اقتناص فرص
الاستثمارات الإماراتية بمثابة موضع ترحيب بالنسبة للحكومة المصرية التي تواجه ضغوطا اقتصادية متزايدة جراء موجات الصدمة الناجمة عن الحرب الروسية بأوكرانيا.
وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد حذرت من أن الصراع في أوكرانيا سيؤدي إلى “انخفاض تدفقات السياحة الوافدة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتحديات تمويل أكبر”.
وأعلنت الإمارات ومصر في 2019 تأسيس منصة استثمارية استراتيجية مشتركة بقيمة 20 مليار دولار للاستثمار المشترك في مجموعة متنوعة من القطاعات والمجالات والأصول. وذلك عبر شركة أبوظبي التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي.
واستحوذ صندوق أبو ظبي وشركة الدار العقارية الإماراتية خلال العام الماضي على شركة “سوديك” للتنمية العقارية. واستحوذت شركات إماراتية أيضًا على شركة آمون فارما. وكذلك على شركة الإسماعيلية للاستثمارات الزراعية والصناعية “أطياب”.
وأثار بعض المحللين مخاوف من أن ترتبط الصفقات بإمكانية التأثير على المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية. لكن متابعة سوق الصفقات يبدد تلك المخاوف. فالحصص الحاكمة في يد المؤسسات المصرية.
مع دخول صندوق أبو ظبي في الاستثمار شركة “فوري” كان بنك مصر في اليوم ذاته يقتنص صفقة شراء ضخمة لنحو 151 مليون سهم بالشركة. بقيمة إجمالية قدرها 1.47 مليار جنيه.
وقبل شهور استحوذ بنك مصر على 65.3% من رأسمال شركة “سى آي كابيتال” القابضة التي كانت مملوكة للبنك التجاري الدولي من خلال عرض شراء إجباري. ليصبح إجمالي حصة بنك مصر نحو 90% من رأسمال الشركة.
في جلسة تعاملات الأربعاء الماضي اشترت سي آي كابيتال كامل حصة مصر كابيتال في أسهم رأسمال شركة مصر كابيتال للوساطة في السندات. بحصة تعادل 99.90 ألف سهم. بجانب شراء 125 ألف سهم بشركة لايت هاوس للاستثمار التعليمي. والتي تمثل 25% من أسهم الأخيرة.
الإمارات تبحث عن الأسهم القوية
يقول المحلل المالي نادي عزام إن الأسهم المصرية القوية مسار تنافس بين المستثمرين بصرف النظر عن الجنسيات. فالمستثمر الإماراتي مثله مثل المصري هدفه أن يضمن أمواله في مؤسسات ناجحة.
ويضيف أن الاستثمارات الإماراتية الجديدة لا تستهدف حصصا حاكمة. وبالتالي ستظل الغلبة في توجيه السوق بيد باقي المساهمين. كما أنها تحقق سيولة للشركات للتوسع واستهداف أكبر لأسواق التصدير.
الاستثمارات الجديدة مختلفة عن العروض الماضية التي كان آخرها عرض من بنك أبو ظبى الأول لاستحواذ نقدي محتمل على حصة أغلبية بنسبة لا تقل عن 51% من أسهم رأسمال المجموعة المالية هيرميس القابضة. والتي تمثل 5.5% من مؤشر البورصة الرئيسي بسعر شراء تقديرى 19 جنيهًا للسهم بقيمة 18 مليار جنيه.
ريمون نبيل -المحلل المالي- يرى أن المؤشر الرئيسي للبورصة سيشهد في الفترة المقبلة صفقات وعروض استحواذ كبيرة من قبل المستثمرين الأجانب. سواء الإمارات أو غيرها.
ويضيف أن تلك الأسهم كانت تتداول بقيم أقل من قيمتها الحقيقية. وجاء ارتفاع أسعار الحديد والبترول عالميا ثم التعويم الذي أعاد تقييم شركات المؤشر الرئيسي مرتين متتاليتين. خاصة العقارات والبتروكيماويات. ليثير شهية المستثمرين الأجانب.
وتابع أن تلك الاستثمارات لا تمثل أي خطورة على السوق. بل على العكس هي خطوات كان يفترض حدوثها قبل عام. فالأسهم المصرية بالمؤشر الرئيسي حتى بعد إعادة تقييمها لا تزال بعيدة عن السعر الحقيقي.