مثلت القمة الافتراضية خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل. والتي جمعته ورئيس الوزراء يائير لابيد. ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. تحولًا استراتيجيًا كبيرًا. لتصير القمة الجديدة، التي أطلق عليها I2U2 حلقة أوثق لتعاون الهند وإسرائيل -وهما بالفعل شريكين استراتيجيين- مع قدوم الإمارات بعد اتفاقية إبراهيم.
جاء اسم التحالف باللغة الإنجليزية I2U2، وهما دولتان يبدأ لفظهما بالإنجليزية بحرف I وهما إسرائيل والهند، واثنان يبدأ نفطهما بحرف U وهما الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.
يشير محللون إلى أن الولايات المتحدة والهند تسعيان لربط التحالفات الآسيوية بتحالف الشرق الأوسط الذي تضغط الإدارة الأمريكية من أجل إقامته. وكان أحد البنود التي تحدث عنها الإعلام الأمريكي، كنقاط من المحتمل أن يتناولها الرئيس الأمريكي، خلال مشاركته في قمة جدة، والتي تنعقد اليوم بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والولايات المتحدة، ومصر، والعراق، والأردن.
ليست التحركات الأمريكية وحدها التي تدور في المنطقة، وفق تحليل سيث فرانتزمان، مراسل الشرق الأوسط في صحيفة The Jerusalem Post العبرية. فقد التقى الرئيس الروسي رئيسي تركيا وإيران. وأبرمت الصين وإيران اتفاقًا جديدًا مدته 25 عامًا، بينما تعمل تركيا عن كثب مع ماليزيا وباكستان. كما أن إسرائيل جزء من “منتدى النقب”، والتي يضم البحرين ومصر والمغرب والإمارات والولايات المتحدة.
اقرأ أيضا: إسرائيل والسعودية وبينهما بايدن.. النفط والتطبيع والتعاون العسكري في الأفق
شراكات وتحالفات
يلفت الصحفي الإسرائيلي إلى أنه “بالنظر إلى الإطار العام لمفهوم I2U2 وإطار عمل النقب. بالإضافة إلى توقيع إسرائيل مؤخرًا على اتفاقيات مع اليونان وقبرص. ستظهر صورة شراكة تربط الولايات المتحدة وإسرائيل بمجموعة واسعة من الشراكات، من واشنطن إلى أثينا، وأثينا -عبر نيقوسيا- إلى القاهرة والقدس. ثم إلى أبو ظبي والمنامة ونيودلهي”.
كل من هذه العواصم بدورها لها شركاؤها، سواء كان رباعي الولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان QUAD. أو العلاقات الخليجية التي تجمع بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وغيرها.
يقول فرانتزمان: هذه الشراكات ليست بسيطة. أعضاؤها ليسوا كل الديمقراطيات، فهي تجمع بين أنواع مختلفة من البلدان وأنواع مختلفة من الناس. هم ليسوا الناتو أو الاتحاد الأوروبي. لكنها -أيضًا- ليست الأجندة الاستبدادية التي يبدو أنها توحد روسيا وتركيا وإيران والصين.
وأضاف: لكن هذا لا يعني أن هذه التجمعات -بما في ذلك I2U2- تعارض مصالح أي دولة. من الواضح أن الهند لا تشارك إسرائيل مخاوفها بشأن إيران. والإمارات لا تنحاز إلى أي طرف في أوكرانيا.
كيف ستعمل I2U2؟
وفقًا لوزارة الشؤون الخارجية الهندية “تم وضع تصور لمجموعة I2U2 خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع الذي عقد في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2021”.
وقالت الوزارة -في بيان- إن الدول تسعى إلى استثمارات مشتركة في “ستة مجالات محددة بشكل متبادل. مثل المياه، والطاقة، والنقل، والفضاء، والصحة، والأمن الغذائي”. حيث تعتزم تعبئة رأس مال وخبرات القطاع الخاص “للمساعدة في تحديث البنية التحتية، وبدء مسارات تنمية منخفضة الكربون لصناعاتنا. وتحسين الصحة العامة، وتعزيز تطوير التقنيات الناشئة والخضراء الهامة.”
وقال البيان إن المجموعة تشمل أيضا مناقشات حول القضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك. مضيفا: “هذه المشاريع يمكن أن تكون نموذجا للتعاون الاقتصادي وتوفير الفرص لرجال الأعمال والعمال لدينا”.
وقال البيت الأبيض في بيان عقب القمة الافتراضية، إن الولايات المتحدة تؤكد من جديد “دعمنا لاتفاقات إبراهيم وغيرها من ترتيبات السلام والتطبيع مع إسرائيل. ونرحب بالفرص الاقتصادية التي تنجم عن هذه التطورات التاريخية، بما في ذلك تعزيز التعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا. وعلى وجه الخصوص، من أجل تعزيز الاستثمار المستدام بين شركاء I2U2”.
وتابع بيان واشنطن: “نرحب أيضًا بالتجمعات الجديدة الأخرى. مثل منتدى النقب للتعاون الإقليمي، الذي يعترف بالمساهمات الفريدة لكل دولة شريكة، بما في ذلك قدرة إسرائيل على العمل كمركز ابتكار. يربط بين شركاء جدد ونصفي الكرة الأرضية، للتصدي بشكل استراتيجي للتحديات التي هي أيضًا عظيم لأي بلد أن يديره بمفرده”.
يشير فرانتزمان إلى أنه يتضح من بيان واشنطن أن تجمع I2U2 يدور حول ترسيخ هذه الأنواع الجديدة من المجموعات المتداخلة. مثل الحديث أيضًا عن تحالف دفاع جوي للشرق الأوسط “إن إمكانية وجود نوع آخر من التجمعات التي تشمل الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل وآخرين أمر مهم. ولكن هناك بالفعل هناك مجموعات ضغط ناشئة ضد أي نوع من الهياكل الجديدة”.
اقرأ أيضا: هل يؤثر الدعم الأمريكي لشراكة عسكرية خليجية-إسرائيلية سلبيًا على الشرق الأوسط؟
التحول الإقليمي وتنمية مخالب إيران
يهاجم الصحفي الإسرائيلي الأصوات المعارضة لدخول الدول العربية في شراكات أو تحالفات مع إسرائيل. يقول: إنهم مرتبطون بأنواع الصفقات المؤيدة لإيران في الولايات المتحدة. والذين يعملون الآن في مراكز الأبحاث، ويضعون نقاطًا للحوار ضد أي نوع من العلاقات بين واشنطن والرياض. أو أي نوع من العمل المشترك في المنطقة. يريدون أن تستمر إيران في تنمية مخالبها داخل لبنان والعراق واليمن وسوريا.
ويضيف: بالطبع، هناك أصوات تعارض هذه الشراكات المتنامية. تلك الأصوات نفسها عملت لسنوات لإرضاء إيران، وعزل إسرائيل. كما كانوا يطرحون نقاط حوار ضد الحرب أو ضد التطبيع حتى تكون هناك دولتان. كانوا يزعمون أن إيران تتعرض للاستفزاز أو “التصعيد” ضدها.
لكن مع ظهور تجمعات جديدة في المنطقة، ثبت خطأ مجموعة “الواقعيين” -كما أطلق عليهم فرانتزمان- الذين اعتقدوا أن امتلاك إيران لسلاح نووي من شأنه أن يجلب “الاستقرار” إلى المنطقة. “لقد حاولوا الفصل بين إسرائيل والخليج. اعتادوا دعم السعودية ضد إسرائيل. لكن عندما اقتربت الرياض من القدس، قرروا البدء في دعم الصين وروسيا وإيران وأي شخص آخر متحارب”.
ولفت فرانتزمان إلى أن “المنطقة الآن تتحول. بدأ هذا التحول ببطء ويعود إلى عقود. أتاحت اتفاقيات إبراهيم فرصًا جديدة شهدت نموًا هائلاً. تحدث وزير الدفاع بيني جانتس عن تجارة دفاعية ضخمة مع الخليج. وتحدث أيضًا عن فكرة الصداقات الإقليمية للدفاع الجوي.
بالأحرى، ما تُظهره الشراكات والتجمعات الجديدة، هو أن الولايات المتحدة يمكنها التركيز على قضاياها المحلية والاقتصاد. والاعتماد على الأصدقاء، مثل I2U2، للقيام بالمهام الصعبة، حيث لن تتورط واشنطن في مواقف أخرى مثل أفغانستان والعراق.