علق مبعوث الرئيس الأمريكي للمناخ، ووزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق، جون كيري، على عدد من قضايا المناخ ومؤتمر شرم الشيخ المقبل للأطراف COP 27، في إيجاز هاتفي خاص لعدد من الصحفيين، نظمه المكتب الإعلامي الإقليمي لوزارة الخارجية الأمريكية في دبي بالإمارات العربية المتحدة.
“كيري” قال إن “ما يشهده العالم اليوم -من أزمة المناخ- يجعل ضرورة تكثيف الجهود وإنجاز المهمة في كافة الدول، أكثر إلحاحا ووضوحا من أي وقت مضى. إذ لا يحق لأي دولة أن تتأخر في التقدم بالمساهمات المحددة وطنيا وتعززها حيثما أمكن. أو ألا تشارك في هذا الجهد”.
وأضاف: “يقول العلماء إن ما يحدث الآن -أي زيادة الحرارة الشديدة وزيادة الطقس المتطرف والحرائق والفيضانات وارتفاع درجة حرارة المحيطات وذوبان الجليد وطريقة تأثر الحياة بشدة بأزمة المناخ- سيزداد خاصة إذا لم نعالج هذه الأزمة بطريقة موحدة وواضحة وتطلعية”.
وأكد أنه يعتبر النسخة السابعة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، الذي من المقرر أن ينعقد في شرم الشيخ نوفمبر/تشرين الثاني المقبل “مؤتمرا للتنفيذ”. وأضاف أن المؤتمر يستهدف التأكد من متابعة الوعود التي تم قطعها في قمة المناخ السابقة COP 26 في جلاسكو.
اقرأ أيضا.. مخاوف كوب 27: التزامات دولية لا تنفذ.. يعقد في “جمهورية الرعب”.. ترعاه “شركة ملوثة”
قمة شرم الشيخ
وأوضح “كيري” أن المؤتمر سيركز على التنفيذ وتحقيق الوعود والحصول على الالتزامات التي لم يتم التقدم بها ولكنها ضرورية. مضيفا: “لماذا؟ لأن العلوم والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والأدلة كافة تنبئنا بضرورة القيام بكل ما بوسعنا للحفاظ على ارتفاع حرارة الأرض عند حد الـ1.5 درجة مئوية. فالتخلف عن القيام بذلك سيتسبب في المزيد من الدمار لنا وللكوكب ويخلف ظروفا أكثر قسوة وحتى غير صالحة للعيش وصيد الأسماك وبقاء المحيطات والقدرة على العمل في الهواء الطلق في المناطق شديدة الحرارة في العالم وارتفاع مستوى سطح البحر. عواقب عدم إنجاز هذه المهمة كثيرة لدرجة أن الأمر مربك للبعض فيتراجعون نوعا ما ويخالون أنهم غير قادرين على القيام بأي شيء”.
“شرم الشيخ هي نقطة الانطلاق للفرصة التالية لنجتمع معا جميعنا ونتمكن من تحديد ما توصلنا إليه وما ينبغي القيام به. والسير على المسار الصحيح في المسائل التي لسنا ننجح فيها اليوم”.. يقول “كيري”.
جهود مصر والإمارات
“كيري” أجاب عن سؤال حول هل لاختيار دولتين من الشرق الأوسط (مصر تستضيف COP 27، والإمارات تستضيف COP 28) لاستضافة المؤتمر المناخي لسنتين متتاليتين أي رمزية خاصة؟
رد : “شخصيا سعيد لأننا سنكون في المنطقة التي تنتج معظم الغاز والنفط في العالم – لا تنتج كامل الكمية ولكن كميات كبيرة جدا. لكن أيضا المنطقة التي تبين التزاما قويا. انظروا إلى الجهود المبذولة في مصر وفي الإمارات العربية المتحدة اليوم. إنهم منخرطون بدرجة كبيرة في محاولة المساعدة على تسريع التحول. ففي مصر نعمل على اتفاقية تمكننا من إشراك البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في تمويل نشر مصادر الطاقة المتجددة. وتعهدت الحكومة المصرية بوقف استخدام 5 جيجاوات من الغاز المنتج في مصر وتحويله إلى أوروبا التي ستحتاج إلى غاز إضافي. بينما تنشر 10 جيجاوات من الطاقة المتجددة. ويعد ذلك نموذجا جيدا لبعض الأمور التي يمكن أن تقوم بها بعض الدول من أجل دول أخرى. فيما نتحلى بالابتكار بشأن خفض الانبعاثات وننشر الطاقة المتجددة”.
“من ناحية أخرى، كانت الإمارات العربية المتحدة في طليعة مجموعة كاملة من الاستثمارات التكنولوجية. بالنسبة إلى دولة منتجة للغاز والنفط، أعتقد أنه من الاستثنائي بمكان أنها على استعداد لجعل كافة المؤسسات منخرطة في محاولة العمل من أجل التحول إلى طاقة جديدة والتحدث عن المستقبل في دولتها، في قلب منطقة الإنتاج. وأجد أن هذه قيادة جريئة ومهمة جدا” يقول “كيري”. ويضيف: “لذلك أنا متحمس بالمكانين اللذين تم اختيارهما ونحن ندعم بشدة جهود مصر الأساسية. ويقود وزير الخارجية سامح شكري والرئيس السيسي الجهود التي تبذلها مصر طبعا ونتطلع إلى ضمان نجاح مؤتمر كوب 27 في شرم الشيخ”.
الملوثون الرئيسيون
وعلق “كيري” على تصريحات سابقة للرئيس السنغالي ماكي سال، التي قال فيها إنه يشعر بخيبة أمل بسبب الحضور في قمة إفريقيا، والتي أكد فيها: “لا يسعني إلا أن ألاحظ بشيء من المرارة غياب قادة العالم الصناعي. وهم الملوثون الرئيسيون على هذا الكوكب وحري بهم تمويل التكيّف”.
وقال: “هذا سؤال مشروع ويسعدني أن أحظى بفرصة للرد عليه لأن القادة الأفارقة محقون 100% في انزعاجهم من التخصيص الحالي للتمويل. أنا مستاء من ذلك. أعتقد أنه حري بالعالم المتقدم أخذ زمام المبادرة في مساعدة العالم النامي ليتمكن من تحمل تأثيرات المناخ والمضي قدما في مستقبل الطاقة الجديد. أنا أؤيد ذلك بشكل كامل. كنت لتوي في إفريقيا، في جمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا والسنغال، والتقيت بالرئيس ماكي سال الذي يقوم بعمل رائع في محاولة الدفاع عن المنطقة”.
وأضاف: “أعتقد أن المهم هو أنه يتعين علينا إيجاد آليات جديدة للإفراج عن التمويل وطرق جديدة لتوفير التمويل بشروط ميسرة لمساعدة الدول على التحول. أنا أدرك جيدا أن غالبية تأثير ما يحدث هو بسبب أكثر 20 دولة تقدما في العالم. وتضم إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حوالي 48 دولة مسؤولة عن مجرد 0,55% من كافة الانبعاثات في العالم. وتمثل إفريقيا ككل مجرد 3% من إجمالي الانبعاثات. ومع ذلك، تقع 17 من أكثر الدول المعرضة للخطر في العالم في إفريقيا”. “إذا أشاركهم الاستياء. يجب أن نحصل على هذا التخصيص، ولهذا دعمت الولايات المتحدة مضاعفة الأموال المخصصة للتكيف وأخذ الرئيس الأمريكي جو بايدن المبادرة وأنشأ برنامجا طارئا للتكيف والمرونة، وتم تخصيص 12 مليار دولار على مدى خمس سنوات و3 مليارات دولار هذا العام في ميزانيتنا”.
العدالة المناخية
وقال “كيري” ردا على سؤال بشأن ما يعرف بـ”العدالة المناخية” أو سداد ديون المناخ للدول النامية. وهل هناك نوعا من الالتزام من الدول الغنية تجاه الدول الفقيرة والنامية فيما يتعلق بهذا الدين؟: “اتفاق باريس للمناخ ينص على أنه يتعين علينا بذل جهود متزايدة لتجنب الخسائر والأضرار المرتبطة بالآثار السلبية لأزمة المناخ. هذا ما ذكره اتفاق باريس. وأعدنا التأكيد على ذلك في قمة جلاسكو. إذ قلنا إنه من الضروري أن يساعد العالم المتقدم الدول النامية للتعامل مع تأثيرات المناخ”.
وأضاف: “الولايات المتحدة هي في الواقع أكبر مانح إنساني في العالم. نقدم أعلى النسب، سواء اللقاحات أو مكافحة الإيبولا أو الإيدز أو حالة طوارئ كفيضانات باكستان، وغير ذلك. نحاول أن نبذل قصارى جهودنا ولكن أعتقد أنه علينا القيام بالمزيد. ويعتقد الرئيس بايدن أنه علينا القيام بالمزيد، لذا أنشأ خطة الطوارئ الرئاسية للتكيف والقدرة على الصمود ونحن نضاعف مقدار الأموال المخصصة للمرونة والتكيف وكذا تفعل الدول المتقدمة الأخرى في العالم وقد اتفقنا على ذلك في جلاسكو”.
وأوضح مبعوث الرئيس الأمريكي للمناخ: “ينبغي أن ننتقل الآن إلى المستوى التالي وننخرط في حوار جدي بشأن كيفية تعامل العالم مع الخسائر والأضرار ونحن مستعدون لمناقشة ذلك في قمة شرم الشيخ بشكل كامل وبكافة السبل التي نستطيع أن نكون من خلالها منصفين”.
وحول الالتزامات الجديدة التي يمكن توقعها من الولايات المتحدة هذا العام في مؤتمر شرم الشيخ COP 27، وما هي التوقعات بشأن التزامات الدول الكبرى الأخرى مثل الصين والهند؟. قال “كيري”: “ستكشف الولايات المتحدة عددا من الإعلانات عندما نصل إلى المؤتمر. أتمنى أن تسامحوني ولكنني لن أكشفها اليوم. ولكننا نريد أن نتأكد في مؤتمر كوب من أن كافة الأطراف تفهم أننا نقوم بما هو ضروري للحفاظ على ارتفاع الحرارة عند حد 1.5 درجة مئوية. ونحن بحاجة إلى المساهمات المحددة وطنيا، وليس من الدول المتقدمة فحسب ولكن أيضا من البلدان النامية في مختلف أنحاء العالم. ينبغي عليها أن تتقدم بالمساهمات المحددة وطنيا إذ عليها لعب دورها في هذا الإطار”.
ديون الدول الفقيرة
وأضاف: “سنقود تمويلا إضافيا لتسريع التحول في مختلف أنحاء العالم وسنعمل على المبادئ التوجيهية لبنوك التنمية متعددة الأطراف من أجل توفير المزيد من الأموال للإقراض. سنعلن مبادرات مختلفة، بما في ذلك تعزيز الجهود بشأن التعهد العالمي بشأن الميثان والتمويل الإضافي للتكيف والمرونة من الرئيس بايدن والولايات المتحدة”.
وتابع مبعوث الرئيس الأمريكي: “وافق مجلس الشيوخ مؤخرا على تعديل كيجالي، والذي يعد جهدا مهما جدا لتقليل مركبات الكربون الكلورية فلورية. وسنجري فعالية في مصر بشأن التكيّف، حيث نستضيفها بالتعاون مع الحكومة المصرية. سنشارك في استضافتها وسنعلن فيها عن دعمنا لإفريقيا في مجال التكيّف”.
وأوضح: “نؤيد دعوة الأمين العام “للأمم المتحدة” لتوفير أنظمة الإنذار المبكر لكافة الدول المهددة والقيام بذلك في غضون خمس سنوات. لقد تعهدنا بمبلغ 50 مليون لصندوق التكيف. هذا ما قامت به الإدارة “الأمريكية” وهذا هو الصندوق الذي يدير العملية. وأعتقد أنه ستكون ثمة إعلانات مالية وإعلانات بشأن التكيف وبشأن المياه وإزالة الكربون والعديد من إعلانات التنوع البيولوجي للطاقة”.