كانت اللحظات الأكثر إثارة في العاصمة واشنطن بعد أن قررت المملكة العربية السعودية الشهر الماضي خفض إنتاج النفط ورفع أسعار الغاز من خلال مجموعة أوبك بلس إلى أعلى مستوى لها في الوقت المناسب تماما قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي. ويبدو أن رد الفعل الأمريكي كان مبررا إذا نظر إلى قرار المملكة، فقط من زاوية الرؤساء. حيث تأثر الرئيس الأمريكي جو بايدن، بقرار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
في تحليل نشره الموقع الإلكتروني لمجلس حلف الناتو، للكاتبة كريتستين فونتينروس، الزميل الأول غير المقيم، في مبادرة سكوكروفت الأمنية للشرق الأوسط، والكاتبة في مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط، قالت إن الأمر سيختلف إذ نظرنا إلى القرار من خلال عدسة أوسع. واشنطن بالطبع كانت ذكية في معارضة أي تقوية للعلاقة بين الرياض وموسكو. إذ كان بيان الرئيس “بايدن” المفتوح حول الإجراء الأمريكي المحتمل ردا على (أوبك +) محسوبا وعمليا. لكن في الوقت نفسه نحن لا نعرف ما هو أفضل مسار لحل أزمة الولايات المتحدة، خاصة أن معظم الخيارات المتاحة لها جوانب سلبية خطيرة على واشنطن.
أولئك الذين يتذكرون عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، يتأسفون الآن على أن ما وصلت إليه العلاقات بين واشنطن والرياض التي اختصرت في أن تكون مجرد معاملات، لكن للأسف هم ليسوا مخطئين. فما يبدو أنه علاقة استراتيجية متنامية بين موسكو والرياض، يعتبر صفقة رابحة للأخيرة أيضا. إذ تأمل المملكة في الحصول من خلالها على بعض الأشياء التي لا تستطيع الولايات المتحدة توفيرها.
اقرأ أيضا.. الركوع للأمير.. لماذا تعتبر زيارة بايدن للسعودية “خطأ”؟
ماذا تريد الرياض من موسكو؟
يمكن اعتبار القرار السعودي بتخفيض إنتاج النفط خدمة لروسيا تنتظر منه السعودية من روسيا تقديم إمكانيات مثيرة للاهتمام في مواجهة إيران، التي قطع السعوديون العلاقات معها تماما بداية من عام 2016. لنأخذ في الاعتبار حالة استحواذ روسيا مؤخرا على الطائرات بدون طيار إيرانية الصنع، والتي تم استخدامها في مهاجمة كييف. إذ يقدم الأمر فرصة نادرة إذا لعب السعوديون أوراقهم بشكل صحيح مع موسكو -فقط أطلب من إسرائيل- فحص هذه الطائرات عن كثب أو تلقي بيانات عن أدائها في ساحة المعركة. لدى المملكة العربية السعودية أيضا مصلحة شديدة في منع إيران من استخدام هذه الطائرات بدون طيار للتقرب من روسيا.
وتأمل السعودية أن يؤتي الخلاف بين روسيا وإيران ثماره في سوريا أيضا. قبلت الرياض أن يظل بشار الأسد موجودا، رغم أن الاستراتيجيات الأمريكية والسعودية كانت تهدف في الأصل إلى رحيله عن المشهد السياسي بالكامل. هدف الرياض الجديد هو إعادة دمشق إلى الحظيرة العربية والابتعاد بها عن طهران. لكن لن ينجح أي قدر من الهبات من الخليج، ولن تنجح أي جهود للحد من نفوذ طهران في دمشق ما لم تكن الدول العربية على استعداد لتقديم القوات شبه العسكرية والأسلحة لـ”الأسد” الذي يسعى لتأمين مكانه على رأس الحكومة واستبدال راحة البال الإيرانية. لكن في ظل غياب استراتيجية دولية للحد من النفوذ الإيراني في سوريا، أو حتى رؤية قابلة للتحقيق لمستقبل سوريا من الإدارة الأمريكية، تعلق الرياض آمالها على مواءمة مصالحها في مستقبل سوريا مع مصالح موسكو.
من ناحية أخرى، أدى دور روسيا في عرقلة قرارات مجلس الأمن الدولي الجديدة المحتملة التي من شأنها أن تحد من نقل الأسلحة إلى الحوثيين في اليمن إلى إحباط المملكة العربية السعودية لسنوات. كما أن هيمنة روسيا على سوق القمح مهمة أيضا للشرق الأوسط الذي يعاني من انعدام الأمن الغذائي. والأمر يشمل المملكة أيضا، حيث توجد أقل من 2% من الأراضي الصالحة للزراعة، وفقا للبنك الدولي.
بالإضافة إلى ما لا تستطيع واشنطن تقديمه، تبحث الرياض عن بعض الأشياء التي لن توفرها واشنطن حتى في المستقبل. لقد تعاملت المملكة العربية السعودية مع طائرات SU-57 الروسية وFC-31 الصينية، وكلاهما محاولات غير مثبتة لتعويض أو مساواة طائرة مقاتلة من الجيل الجديد من طراز F-35 الأمريكية الصنع. ولن يتعامل أي منهما مع بقية الطائرات العسكرية السعودية المصنوعة في الولايات المتحدة وأوروبا. لكن اهتمام المملكة بالتحديث العسكري السريع يتعارض بشكل مباشر مع كل من الكونجرس ومكتب الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الخارجية الأمريكية، اللذين يوقفان مبيعات الأسلحة الأجنبية.
من ضمن الأسباب أيضا، وجود أشخاص أمثال سعود القحطاني، مستشار ولي العهد المشتبه في ضلوعه في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، والذي لا يزال يحظى بتأييد “بن سلمان” والذي يرغب في أن تضم موسكو بموجب اتفاقية مشاركة المعلومات بين الطرفين، بعض أفضل ممارساتها في تكتيكات الاغتيال العالمية.
قيود سياسية ومالية
كان يجب أن تظهر علاقة المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة بشكل بارز بعد قرار (أوبك +) مثل تلك العلاقة التي ظهرت مؤخرا بين الأخيرة وموسكو، لكن هذا لم يحدث.
لكن من ناحية أخرى، هل انتهت العلاقات الأمريكية السعودية، أو على الأقل تضررت؟ الإجابة في الحقيقة لا، إذ أن تلك العلاقة التي يمكن وصفها بالاستراتيجية بين البلدين تجاوزت 80 عاما كاملة مرت بعدد ليس قليل من التقلبات. كما أن العلاقة لن تنهار في ظل التوتر الحالي. كما ذكر لاندون ديرينتس، رئيس مركز الطاقة العالمي في المجلس الأطلنطي. إذ أكد أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تعاونتا بشكل كبير واحترافي للحفاظ على استقرار أسواق الطاقة مع بدء وباء كورونا. كذلك لا يعدو الأمر كونه جزء من مد وجزر في التعاون الأمريكي السعودي بشأن النفط يتوافق مع ضغوط أخرى. غالبا ما تكون هذه الضغوط سياسية نابعة من العاصمة واشنطن. لكنها تتحول إلى أخرى مالية عندما تأتي من العاصمة الرياض.
تركز الضغوط المالية هذه المرة على تمويل خطة رؤية 2030 لتطوير المملكة عبر مجموعة من القطاعات. إذ يعوّل “بن سلمان” كثيرا على نجاح هذه الخطة. كما أن التحذيرات الصارمة بشأن الانكماش العالمي المقبل في الطلب على النفط دفعت السعوديين إلى التساؤل عن سبب عملهم ضد صافي أرباحهم، للوفاء بحصص إنتاجهم، بناء على طلب الولايات المتحدة، في حين أن المنتجين الآخرين لا يفعلون نفس الأمر.
يأتي هذا في ظل تحذيرات من وزارة النفط السعودية التي قالت إنه بمرور الوقت، فإن الإنتاج بمستويات قياسية عالية تطلبها الولايات المتحدة، قد يعني أن الوزارة لا يمكنها إيقاف تشغيل المرافق مؤقتا للصيانة المخطط لها، ما يزيد خطر فشل المرافق فجأة ويصدم السوق.
تضمنت الصفقة الأمريكية السعودية حول زيارة “بايدن” إلى الرياض هذا الصيف زيادة طفيفة في إنتاج المملكة العربية السعودية وأوبك، بينما سمح بايدن ببيع أسلحة دفاعية إلى المملكة. لكن أحداث العالم عطلت ذلك الاتفاق. إذ أنه عندما غزا بوتين أوكرانيا، اتخذت الدول الأوروبية قرارات مستقلة للتبرع بالأسلحة، ما أدى إلى استنفاد دفاعاتها، والتي تتطلب الآن التجديد. وباعتبارهم دولا في حلف الناتو، فإنهم يتطلعون إلى تسليم المواد الدفاعية الأمريكية. نتيجة لذلك، قد يتم تأجيل تسليم المواد العسكرية إلى المملكة العربية السعودية لمدة عامين إضافيين.
لكن في نفس الوقت، فإن المملكة في أزمة حقيقية خاصة لأنها تتعرض بانتظام لهجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران. يأتي هذا بينما يراقب المحللون السعوديون الذين لا يفهمون بعد العملية المرهقة لعمليات نقل الأسلحة الأمريكية، السرعة التي حركت بها الولايات المتحدة أسلحة دفاعية إلى أوكرانيا ويسألون لماذا لم تفعل واشنطن الشيء نفسه للسعودية بعد الهجوم على منشآت النفط، بطائرات مسيرة مدعومة من إيران عام 2019. خاصة في ظل ادعاءات سعودية بأن طهران تخطط لهجوم وشيك وجديد على البنية التحتية للطاقة السعودية، لكن هذه المرة يقول البيت الأبيض إن الولايات المتحدة لن تتردد في التحرك، لكنها لم تحدد ما هو هذا “التحرك”.
معاقبة الرياض
مع انفجار أزمة الطاقة، بدأت واشنطن في البحث عن خيارات للرد على ما اعتبرته (أوبك +) تحركا ضئيلا. بدأت موجة المحادثات حول الدعاوى القضائية المستندة إلى 11 سبتمبر/آيلول، ودور السعودية فيها، وحظر مبيعات الأسلحة، وإزالة أنظمة الدفاع الجوي باتريوت من شبه الجزيرة، وتشريعات “نوبك”، والتي يمكن أن تفتح الباب أمام إجراءات قانونية من جانب الولايات المتحدة لخرق الثقة ضد أوبك والدول الأعضاء فيها. لكن هذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها صانعو السياسة في الولايات المتحدة هذه الإجراءات العقابية.
لا يتفق الكونجرس على الكثير، ولكن هناك دعم على جانبي الممر لتعليم المسئولين في الرياض درسًا. كما ثبت في مايو/آيار عندما أقرت لجنة مجلس الشيوخ قانون NOPEC، الذي يسمح للحكومة الأمريكية بمقاضاة أعضاء منظمة “أوبك” بدعوى التلاعب في سوق الطاقة.
ووفقا لتصريحات من المسئولين السعوديين، فإن أحد الوعود التي قطعها فريق “بايدن” عند عقد الاجتماعات في الرياض هو أن تساعد الولايات المتحدة المملكة، في ضبط النفس في اليمن، أو الصمت بشأن الصفقة النووية الإيرانية، أو مساعدة الأفغان الذين تم إجلاؤهم، أو حل أزمة الأسد في دمشق. لكن الرياض تشعر أن الإدارة الأمريكية لم تفعل ذلك قط، ولا حتى القليل.
فارق الأجيال
يظهر “نوبك” مرة أخرى في كل مرة تنزعج فيها الولايات المتحدة من المملكة. تخشى الحكومة السعودية من أن يصبح قانونا، لكنها استعدت لهذا السيناريو. ورغم أن قانون نوبك سيخلق بالتأكيد حالة عدم استقرار في سوق النفط، لكن لا يوجد ضمان بأن تنفيذ “نوبك” سيؤدي إلى حل منظمة “أوبك”. ولكن بافتراض إنها فعلت. لن يغير تفكيك أوبك في المستقبل القريب قدرة المملكة على رفع أسعار النفط. المملكة، بعد كل شيء هي الدولة الرئيسية في تأرجح النفط في العالم. وفي الوقت نفسه، لا تستطيع الدول الأخرى المنتجة للنفط بالفعل الوفاء بحصص “أوبك” ولن تكون قادرة على زيادة الإنتاج أكثر حتى لو تم تحريرها منها.
المملكة اتخذت إجراءات في سبتمبر/أيلول تحد من الخيارات الأمريكية لمعاقبة قيادتها. إذ عين الملك محمد بن سلمان رئيسا للوزراء، قبل أيام فقط من صدور رأي وزارة الخارجية أمام محكمة أمريكية بشأن ما إذا كان القانون العام الفيدرالي يمنح ولي العهد حصانة من التهم الجنائية في الولايات المتحدة. الآن بعد أن أصبح رئيسًا للوزراء، مع الحماية القانونية التي يمنحها، هناك مساحة أقل بكثير للإدارة لتقول إنه لا يتمتع بالحصانة.
واحدة من الكروت القليلة التي تمتلكها الولايات المتحدة في الوقت الحالي هي مبيعات الأسلحة المعلقة بين البلدين. إذ يجادل بعض المشرعين بأن وقف هذه المبيعات قد يغير رأي الرياض بشأن علاقتها مع موسكو. هذه المبيعات مخصصة للذخائر الدفاعية التي تم تحميلها على طائرات مقاتلة من طراز F-16 وفي بطاريات باتريوت للدفاع عن المملكة ضد الهجمات المستمرة بطائرات بدون طيار والصواريخ من الجماعات التي يصفها الرئيس الإيراني بأنها عناصر غير قابلة للتفاوض. لذلك، وكنتيجة غير مقصودة، فإن وقف مبيعات الأسلحة التي وافق عليها بايدن في أغسطس/آب من شأنه أن ينقل الرسالة: “نحن ندين السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، لكننا ندعم السياسة الإيرانية”.
نظرًا لأن الولايات المتحدة أثارت احتمال منع مبيعات الأسلحة إلى المملكة طوال مدة الإدارة الحالية، فإن القيام بذلك الآن لا يرسل رسالة قوية كما ينوي مؤيدوها. من المحتمل أن الرياض توقعت أن يتخذ الكونجرس تحركات في هذا الاتجاه، وعملت من خلال التباديل المحتملة لهذا السيناريو عدة مرات من قبل، وفي بعض الحالات لديها إمكانية عودة الموردين البدلاء.
كل هذا للمساعدة في شرح كيف تنظر الرياض إلى القضايا التي تثير غضب واشنطن وكيف يفسر المسئولون السعوديون خيارات سياستهم الخارجية وردود الفعل الأمريكية المحتملة. إن السعوديين يتابعون السياسة الأمريكية والاقتصاد والرأي العام الأمريكي عن كثب، أكثر بكثير مما تتابع واشنطن نهج المملكة. إذن كيف انتهى بنا المطاف هنا؟ مع حسابات سعودية دقيقة مع ذلك قللت من تقدير الغضب الذي تم به استقبال قرار (أوبك +)؟ باختصار إنه انفصال بين الأجيال. محمد بن سلمان يبلغ من العمر 37 عامًا؛ و60% من سكان السعودية تحت سن الـ35. لا يمكنهم الارتباط بالثقل العاطفي للغزو الروسي على روح العصر الأمريكي.
القيادة الشابة التي تسكن معظم الدوائر الداخلية في الرياض لا تتذكر الحرب الباردة، لكن معظم قادة الولايات المتحدة الموجودين الآن شكلوها بالفعل. عندما تغزو دولة ما دولة مجاورة ذات سيادة، فإنها تضرب وترا حساسا في الولايات المتحدة. عندما تكون تلك الدولة هي روسيا، فإنها تصيب الولايات المتحدة في “عرق النسا” وليس مجرد وتر حساس. حتى حرب الخليج الأولى لا يمكن أن تساعد قادة السياسة السعوديين الشباب على فهم السبب في أن تحالفهم في سوق النفط مع روسيا أثار مثل هذا النقد اللاذع. كان محمد بن سلمان في الخامسة من عمره عندما خاضت الولايات المتحدة الحرب لمعارضة غزو العراق للكويت، ولم تخوض الولايات المتحدة الحرب من أجل أوكرانيا.
لم يفت الأوان
سيقوم الكونجرس بربط نفسه بالتفاصيل لمناقشة ما يجب فعله للرد على استعداد المملكة العربية السعودية لتمكين التدفق النقدي لروسيا بينما تحاول روسيا محو أوكرانيا من الخريطة. من المرجح أن تكون المراجعة البحثية للعلاقات الأمريكية السعودية أحد الخيارات، لكن هل بإمكان الكونجرس الاتفاق هذه المرة على مدى صعوبة ذلك بعد الفشل في القيام بذلك في عام 2019 في أعقاب اغتيال خاشقجي، يظل سؤالا مفتوحا. إن إعادة تقييم السياسة ليست فكرة سيئة على الإطلاق؛ المراجعة المركزة ذات قيمة دائمًا. وبناء على هذا تعهد البيت الأبيض بالفعل بمراجعة العلاقة الأمريكية السعودية في أعقاب قرار (أوبك +) لكنه لم يحدد شخصا معينا أو جدولا زمنيا.
لا ينبغي أن ينظر إلى مثل هذه المراجعة في الرياض على أنها تهديد. مراجعة شاملة للعلاقة على جميع المستويات ليس فقط في مجال الدفاع، وسيكشف بلا شك بعض الملاحظات المنخفضة ولكن العديد من الملاحظات العالية التي سيجدها العديد من المسئولين في كلتا العاصمتين مفاجئة ومفيدة في تحديث سياسة الولايات المتحدة. إذا كانت تحركات واشنطن لمعاقبة قرار الرياض بشأن (أوبك +) مقيدة.
لتكرار اقتراح رئيس مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلنطي، يجب على المملكة تقديم أفكار لتحسين الوصول العالمي إلى إمدادات النفط بأسعار معقولة. وقال: “في سياق أزمة طاقة عالمية كبرى، ستستفيد المملكة من إعادة تأكيد ريادتها للجهود الدولية لزيادة العرض، الأمر الذي سيساعد في إعادة توجيه المحادثة مع الولايات المتحدة وأوروبا بطريقة تعود بالنفع على العملاء والمنتجين على حد سواء”. المملكة هي الدولة الوحيدة التي تتمتع بنفوذ على سياسة النفط والإنتاج الروسي في الوقت الحالي، لذا فهي في وضع جيد للمساعدة في ذلك ويجب على واشنطن أن تصر على أنها تفعل ذلك.
حلول للساسة الأمريكان
لا تكمن مشكلة صانعي السياسة الأمريكيين في الوقت الحالي في أن المملكة تختار موسكو على واشنطن. المشكلة هي أن المملكة العربية السعودية تشعر أن لها اليد العليا على كل من موسكو وواشنطن. لعبت موسكو والرياض دور ملك الجبل على هيمنة قطاع الطاقة في مارس/آذار 2020. حيث شنت حرب أسعار انتصرت فيها المملكة العربية السعودية. وكان ذلك قبل أن تبدأ روسيا الحرب التي فرضت عليها عقوبات. لذا فإن السعوديين واثقون جدًا الآن من قدرتهم على التحكم في خيارات روسيا بشأن سياسة الطاقة. لكن السياسة الخارجية للمعاملات هي النظام السائد اليوم. ستحتاج الولايات المتحدة وأوروبا إلى تقديم شيء ما إلى الطاولة لجعل الأمر يستحق في عين الرياض للقيام بذلك. في الوقت الحالي، يمكن أن يكون ذلك بسيطًا مثل اختيار عدم سن عقوبات (تأتي مع رد فعل سلبي) على المملكة العربية السعودية لكونها دولة متأرجحة.
في كلا العاصمتين الآن، هناك آراء متعارضة تماما داخل كل بلد حول كيفية إعادة صياغة العلاقة بين البلدين. إن حل هذه الخلافات الداخلية سيكون أصعب من التوصل إلى اتفاق بين البلدين على المصالح المشتركة. لذلك يمكن أن تكون الخطوة الأولى المحتملة هي أن ترسل الدولتان خبراء في السياسة لمناقشة التعاون والخطوط الحمراء. تمثل الاتفاقيات الموقعة خلال رحلة “بايدن” الصيفية إلى المملكة قائمة قوية من القطاعات التي سيخلق التعاون فيها قيمة لكلا البلدين.
لتحقيق فوز لجميع الأطراف، يمكن لإدارة بايدن تحويل مكتب العلاقات العسكرية الأمريكية السعودية إلى مكتب تعاون أمني قياسي تحت إشراف كبير مسؤولي الدفاع في وزارة الدفاع في المملكة كما تمت مناقشته منذ عام 2015 على الأقل. وتقليص عدد الموظفين الضروريين لإدارة المبيعات العسكرية الخارجية (FMS) ، وإعادة توزيع كتل إدارة FMS المتبقية إلى مواقع أخرى. هذا من شأنه أن يقلل من عدد أفراد وزارة الدفاع في المملكة العربية السعودية ، وهو فوز لأعضاء الكونجرس من كلا الحزبين الذين يضغطون على بايدن لتقليص دعم الجيش الأمريكي للمملكة العربية السعودية.
إذا كانت الأجواء السائدة في واشنطن هي أن هذا النهج ضعيف للغاية، فلنذكر أنفسنا بمن هو الخصم في الواقع أصل الخلاف حول إنتاج الطاقة وأسعارها. إنها ليست المملكة العربية السعودية.