لم يكن يتوقع أكثر المتفائلين من جماهير النادي الأهلي. أن يفوز العملاق الأحمر على غريمه التقليدي الزمالك في قمة الدوري رقم 123 مساء أمس الجمعة بنتيجة كبيرة بخمسة أهداف. كالتي انتهى عليها اللقاء 5-3. علمًا بأنها كانت 5-1 وقابلة للزيادة لولا عودة متأخرة للأبيض بعد ركلة جزاء مثيرة للجدل احتسبها الحكم محمد عادل. لصالح سيف الجزيري وأودعها زيزو شباك الحارس محمد الشناوي في آخر ربع ساعة من المباراة.

القمة التي جاءت في الجولة الثالثة من عمر المسابقة. شهدت أحداثا مثيرة وغزارة تهديفية بتسجيل 8 أهداف. فضلا عن سجالات تكتيكية بين الغريمين بقيادة الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني مدرب الأحمر. وغريمه الفرنسي باتريس كارتيرون مدرب الزمالك.

وهو ما نستعرضه في تحليل فني لما حدث وأسباب هذه النتيجة الكبيرة للأهلي، بالإضافة لتفوق مدرب الشياطين الحمر وضربه لعدة عصافير بحجر واحد، وكذلك أرقام مميزة خلفتها تلك المباراة الكبيرة بين قطبي الكرة المصرية.

الزمالك يبدأ المبادرة والأهلي يبدأ التسجيل

بدأ موسيماني باعتماد طريقة لعب 3-4-3. وهي الطريقة نفسها التي بدأ بها الموسم في نيولوك خططي للأهلي. وقد لاقت نجاحًا كبيرًا أمام الإسماعيلي في أول جولة من المسابقة، قبل أن تتعطل نسبيًا في الجولة الماضية أمام البنك الأهلي رغم تحقيق الفوز بهدف نظيف. ثم حققت كل النجاح ثانية أمام الزمالك في القمة بخماسية لثلاثة أهداف. فيما اعتمد كارتيرون على طريقة لعبه الاعتيادية دون أي تعديل بواقع 4-2-3-1. وشهدت أول ربع ساعة من اللقاء سيطرة للزمالك مقابل تراجع الأهلي الذي ترك الاستحواذ للأبيض في خدعة فنية من موسيماني.

حيث كان الزمالك في بداية المباراة هو الطرف الأفضل والأكثر نشاطًا. خاصة في وسط الملعب بوجود اللاعب الشاب إمام عاشور بجوار طارق حامد وصانع اللعب يوسف أوباما. وعانى الفريقان في بناء الهجمة خاصة مع إغلاق كليهما المنافذ أمام الخصم.

وحاول لاعبو الأهلي الاعتماد على الكرات الطويلة من أجل فك الحصار الذي فرضه الزمالك عليهم. لكن تلك الطريقة لم تفلح. حتى انفكت العقدة بتسجيل الهدف الأول على عكس سير اللقاء.

ديانج
ديانج

وافتتاح أليو ديانج التسجيل للأهلي كان بمثابة نقطة تحول كبرى في لقاء القمة. حيث سجل اللاعب المالي الهدف الأول للقلعة الحمراء في الدقيقة 16 بسيناريو غريب بعدما سدد كرة ساقطة اصطدمت بالعارضة. وارتدت في جسد محمد أبو جبل حارس الفريق الأبيض قبل أن تسكن الشباك.

وبعد أن كان الزمالك هو الطرف الأفضل والأكثر سيطرة. تسبب خطأ أبوجبل ثم احتساب ركلة جزاء على حمزة المثلوثي جاء منها الهدف الثاني بعد 4 دقائق. في انتقال سريع لزمام الأمور من أصحاب الأرض إلى الضيوف. خاصة أن الفريق الأبيض بات مشتتًا بين الدفاع لعدم استقبال أهداف جديدة، والهجوم من أجل التعويض.

بعد استقبال هدفين خاطفين أصبح الزمالك مرتبكًا وترك مساحات شاغرة واضحة في الخط الخلفي أجاد الأهلي استغلالها. بتراجع رأس الحربة محمد شريف لاستلام الكرة مع تقدم الجناح الأيمن السريع بيرسي تاو لشغل مكانه.

وجاءت التحفة الفنية من عمرو السولية بكعب قدمه في عرضية استغلها محمد شريف ببراعة وحولها لشباك الزمالك باغتت الحارس أبو جبل لتكون رصاصة الرحمة على الأبيض والهدف الثالث للأهلي لينهي الشوط الأول بتفوق كاسح وعملاق.

شوط ثان مختلف وإثارة كبرى

مع تقدم الأهلي (3-0) بنهاية الشوط الأول. ازداد اعتماد الفريق الأحمر على الدفاع المحكم والهجمات المرتدة، ليكون رد فعل الزمالك هو استخدام التسديدات البعيدة من خارج المنطقة. وجاء الهدف الأول للزمالك بأقدام البديل مصطفى فتحي من تسديدة بعيدة، وبالطريقة نفسها أحرز ديانج الهدف الثاني له والرابع لفريقه.

الأهلي واصل استغلال هفوات مدافعي الزمالك والمساحات الفارغة خلفهم وشن عدة هجمات سريعة أسفرت عن عدة فرص ضائعة. وركلة جزاء سجل منها علي معلول الهدف الخامس.

موسيماني وكارتيرون
موسيماني وكارتيرون

وبعد وصول النتيجة إلى 5-1 لصالح الأهلي. أجرى موسيماني تبديلاً خفض به قوته الهجومية بخروج بيرسي تاو ودخول لويس ميكيسوني بالدقيقة 68. وعلى جانب آخر كان كارتيرون قد نشط خطه الأمامي بإدخال محمد أونجم وسيف الدين الجزيري بدلا من المثلوثي وعمر السعيد بالدقيقة 62.

وفي آخر 20 دقيقة من اللقاء واصل الزمالك ضغطه وبات هو صاحب اليد العليا أمام الأهلي المتراجع. لكنه لم يتمكن من تسجيل سوى هدفين فقط،  واحد منهما عن طريق ركلة جزاء لم يتفق عليها النقاد وخبراء التحكيم الرياضي.

موسيماني يضرب عدة عصافير بحجر واحد

ضرب موسيماني بهذا الفوز الكبير عدة عصافير مرة واحدة. قد تساعده في تحقيق أهدافه مع الفريق خلال الفترة المقبلة وتثبيت أقدامه في منصبه. حيث استعاد ثقة جماهير الأحمر من جديد بعد الفوز الكبير الذي حققه على الزمالك. بعد فترة شهدت تسرب الشك إلى نفوس تلك الجماهير بشأن قدرات المدرب الجنوب أفريقي ومدى قدرته على مواصلة تحقيق أهداف الفريق وقيادته للبطولات.

وبدأت تلك الفترة من الشك مع خسارة الأهلي لقب الدوري المصري الموسم الماضي بطريقة درامية عبر إهدار العديد من الفرص السهلة. ثم خسارة لقب السوبر المصري بعدها بركلات الترجيح أمام طلائع الجيش بعد أداء سيئ.

الشناوي
الشناوي

تبع ذلك الأداء غير المقنع الذي قدمه الفريق في أغلب مبارياته في الفترة الأخيرة. على الصعيدين الأفريقي والمحلي. وآخرها مباراة البنك الأهلي التي حسمها الفريق الأحمر بهدف دون رد بشق الأنفس. ورغم تتويج موسيماني مع الأهلي بـ4 بطولات في فترة قصيرة، بينها بطولتين لدوري أبطال أفريقيا، فإن تذبذب النتائج جعل الجماهير تتشك في إمكانية مواصلة المدرب مسيرة الألقاب.

نتائج الأهلي في الفترة الأخيرة أدت لخروج العديد من الأصوات التي تنادي بإقالة موسيماني من منصبه والتعاقد مع مدير فني أجنبي كبير يواصل مسيرة البطولات في القلعة الحمراء. وعززت من تلك الأصوات بعض الصدامات التي دخلها المدرب الجنوب أفريقي مع الإدارة بخصوص تجديد عقده وبعض المسائل الأخرى.

التي جعلت مصيره غامضًا، لكن فوز الأهلي الكبير على الزمالك سيسهم في تثبيت أقدام المدرب في منصبه بعد تلك الفترة الرمادية، وقد يذلل الكثير من العقبات أمام مسألة تجديد تعاقده.

عودة شريف

كما استعاد موسيماني خلال قمة الزمالك ثقة عدد من لاعبيه وأبرزهم محمد شريف نجم الفريق وهداف الدوري الموسم الماضي. الذي كان غاضبًا خلال الفترة الأخيرة بسبب إبعاده عن التشكيل الأساسي في مباراة الإسماعيلي في الجولة الأولى للدوري.

وبات واضحا أن موسيماني يريد الاعتماد على الوافدين الجديدين لويس ميكيسوني وبيرسي تاو مع بداية الدوري. عندما قام بالدفع بهما معا على حساب شريف. ما أصاب الأخير بالغضب.  لكن عودة شريف للتشكيل الأساسي أمام البنك الأهلي ثم أمام الزمالك أعادت المياه إلى مجاريها بين اللاعب ومدربه، وهو ما سيؤدي لمزيد من الاستقرار للفريق في الفترة المقبلة.

مصير الفرنسي

وجه فوز الأهلي على الزمالك صفعة قوية للأبيض حامل اللقب، ستؤثر على استقراره ومشواره في باقي الموسم. حيث ظهر الفرنسي كارتيرون غاضبًا خلال اللقاء من سوء أداء لاعبيه، وتجلى غضبه عقب المباراة بعدم حضور المؤتمر الصحفي. ما سيعرض ناديه لغرامة، وقد يعرض المدرب نفسه لعقوبة من قبل القلعة البيضاء، ومن المنتظر أن تؤدي تلك الهزيمة إلى ثورة داخل الفريق الأبيض، عبر انقلاب المدرب على بعض لاعبيه. كما أنها قد تهدد بقاء الفرنسي نفسه في منصبه.

بينما استعاد الأهلي بهذا الفوز الكبير صدارة جدول ترتيب الدوري المصري بالمشاركة مع بيراميدز بـ9 نقاط. قبل فترة التوقف الدولي المقبلة، ووجه ضربة لغريمه أعادته إلى المركز الخامس بـ6 نقاط فقط.

ويتوقف الدوري الممتاز خلال الفترة المقبلة من أجل خوض منتخب مصر مباراتين حاسمتين في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2022 أمام أنجولا والجابون، قبل أن يستأنف مجددا يوم 18 نوفمبر الحالي، وجاء ترتيب جدول الدوري كالآتي بعد نهاية الجولة الثالثة: الأهلي 9 نقاط، بيراميدز 9 نقاط، وغزل المحلة 7 نقاط والبنك الأهلي 6 نقاط، ثم الزمالك 6 نقاط.

أرقام مميزة في ليلة ساحرة للقمة

خلفت تلك القمة عدة أرقام مميزة، أبرزها تسجيل التونسي علي معلول ظهير أيسر الأهلي، هدفه الثالث في تاريخه أمام الزمالك في الدوري المصري. بعدما سجل ثنائية من ركلتي جزاء.

مباراة الأهلي والزمالك
مباراة الأهلي والزمالك

كما أنهى المغربي أشرف بن شرقي عقدة الأهلي منذ انضمامه للزمالك. بعد أن وقع على هدفه الأول أمام “الأحمر” بالقميص الأبيض بعد 7 مباريات في مختلف البطولات. فيما سجل محمد شريف مهاجم الأهلي هدفه الثالث في الزمالك بالدوري المصري، ليعزز سجله التهديفي في مباريات القمة.

وأخيرًا عزز أحمد سيد زيزو سجله المميز هذا الموسم بعد أن سجل هدفه الثالث. والأول في مرمى الأهلي خلال مباريات الديربي، ليساهم بـ5 أهداف هذا الموسم (سجل 3 وصنع 2). بينما تعتبر خماسية قمة الجمعة هي الأولى في الدوري الممتاز على مدار التاريخ، حيث تكررت سابقًا فقط في بطولتي كأس مصر ودوري القاهرة.