دخل اليمين الأمريكي بقوة على خط الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة منذ عدة أيام، بعد مصرع جورج فلويد، المواطن من أصل أفريقي، أثناء اعتقاله على أيدي الشرطة، ما ينذر بوقوع أعمال عنف خطيرة حال خروج الأمر عن السيطرة، كما يهدد بتحويل الاحتجاجات إلى “حرب عرقية” بين البيض وذوي البشرة السوداء في البلاد.
أخطر الحوادث في هذا السياق، وقعت أمس الأحد، حيث حاول رجل كان يقود شاحنة “صهريج” تحمل مواد سامة شق طريقه بالقوة، وسط موكب يضم آلاف المتظاهرين على جسر في وسط مدينة “مينيابوليس” بولاية مينيسوتا، التي اندلعت منها شرارة الاضطرابات.
وبينما كان المتظاهرون يعبرون جسرا على طريق سريع، تقدم الرجل بشاحنته مسرعا في اتجاه الحشد، فألقى عدد من المحتجين دراجاتهم تحت الشاحنة في محاولة لإيقافه، لكنه أطلق أبواق شاحنته وواصل التقدم بسرعة تجاه التظاهرة، الأمر الذي استدعى تدخلا فوريا من قوات الشرطة للحيلولة دون وقوع حادث دهس، قد يسفر عن سقوط عشرات القتلى والمصابين.
وحين تمكنت الشرطة من السيطرة على الرجل، الذي تبين أنه ينتمي لجماعة عنصرية، وأنه كان يستهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا، جذبه بعض المتظاهرين الغاضبين من أيدي الشرطة ومزقوا ملابسه وأوسعوه ضربا.
وفتحت جهات أمنية تحقيقات موسعة في الحادث، لمعرفة كيفية وصول السائق إلى الجسر، حيث تقيم الشرطة حواجز لمنع المركبات من السير على الطرق التي يتخذها المحتجون، وعلى طول الطريق، أغلقت الشرطة وعناصر من الحرس الوطني الطُرق المحيطة لتأمين الموكب، وسط تساؤلات حول احتمالية تورط بعض رجال الأمن في تسهيل وصول السيارة المحملة بمواد سامة، وما إذا كان الحادث إرهابيا من عدمه.
وفي حادث عنف آخر، وقع أمس أيضا، حاول رجل يميني من أنصار الرئيس دونالد ترامب، يدعى براندون ماكورميك، استخدام “قوس وسهم” مما يُستخدم في الصيد لإيقاف المحتجين في مدينة “سولت ليك” بولاية يوتا غربي الولايات المتحدة، ما أسفر عن إصابته هو نفسه على أيدي المحتجين.
وفيما حاول الرجل إطلاق أسهمه تجاه المتظاهرين، قالت له امرأة سوداء من المحتجين: “لا تجرؤ”، وشوهد متظاهر وقد سقط أمام ماكورميك، لكن فجأة ارتفعت أصوات منبهات السيارات وصرخات المحتجين الذين انقضوا على الرجل وأوسعوه ضربا وحطموا سيارته؛ وانتهى الأمر بالرجل، الذي كان يمتلك سكينا كبيرا أيضا، في قبضة الشرطة.
ازدهار العنف اليميني
حذر موقع “VICE” الأمريكي، في تقرير له أمس، من أن جماعات اليمين المتطرف تحاول استغلال مظاهرات الامريكيين من أصل إفريقي والمتعاطفين معهم، لتأجيج الفوضى، وجر البلاد نحو حرب أهلية، مشيرا إلى أن أتباع هذا الفكر المتطرف دائما ما كانوا يسعون لتنفيذ أعمال عنف، وبالتالي هم اليوم أمام بيئة خصبة لفعل ذلك، ما قد يؤدي إلى “ازدهار” العنف اليميني ضد أصحاب البشرة السمراء والملونين بشكل عام، خلال الفترة المقبلة.
موقع “VICE”: جماعات اليمين المتطرف تحاول استغلال مظاهرات الامريكين من أصل إفريقي والمتعاطفين معهم، لتأجيج الفوضى، وجر البلاد نحو حرب أهلية
ويراقب مكتب التحقيقات الفيدرالي حاليا بمعاونة سلطات مينيسوتا، حسابات أعداد كبيرة من أعضاء جماعات اليمين المتطرف على الانترنت، وخاصة “النازيون الجدد”، خشية أن تحاول هذه الجماعات المسلحة استغلال الأحداث الجارية للتحريض على العنف، خصوصا بعد قرار ترامب باعتبار منظمة “أنتيفا” اليسارية المعادية للفاشية العنصرية، تنظيما “إرهابيا”.
من جانبها، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز“، أن احتجاجات الامريكين من أصل افريقي، ودخول اليمين المتطرف على الخط، ربما تشهد تفاقما خطيرا خلال الفترة القادمة، بسبب سياسات الرئيس دونالد ترامب، معتبرة أن معظم رؤساء الولايات المتحدة الذين واجهوا مثل هذه الاحتجاجات من قبل، سعوا إلى تهدئتها، وخفض التصعيد، إلا أن تغريدات ترامب لم تكن كذلك.
وذكرت الأكاديمية في جامعة إيلون، ميغان سكوير، والتي تتابع بشكل دائم مسار التطرف والجماعات اليمينية عبر “الانترنت”، أن هذه الجماعات عادة ما تحاول خلق هالة إعلامية لها، غير موجودة على الواقع.
وأضافت إنه وبالرغم من ارتفاع أعداد اليمين المتطرف بشكل كبير مؤخرًا، إلا أنهم فشلوا حتى الآن في تنظيم أنفسهم عبر الانترنت.
وقالت في تصريحات لشبكة “إن بي سي”، أن جزء كبير من عمل جماعات اليمين المتطرف حاليا، هو نشر دعاية بأن البيض المتعاطفين مع احتجاجات أصحاب البشرة الداكنة، “مجرد خونة”.