أدانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، تراجع القضاء السعودي عن أحكام الإعدام التي صدرت بحق المُدانين في قضية مقتل الصحفي، جمال خاشقجي، التي اثارت ردود فعل دولية منددة، بأن القضية لا تتمتع بشفافية مناسبة في إجراءات العدالة.
وكانت محكمة سعودية، قد قضت أول أمس الإثنين، بسجن 8 أشخاص لفترات تتراوح بين 7 سنوات و20 سنة، لإدانتهم بقتل “خاشقجي” عام 2018، وصدرت الأحكام بعد مرور 4 أشهر على عفو عائلة خاشقجي عن قاتليه، الأمر الذي نتج عنه عدم تنفيذ أحكام الإعدام فيهم.
اعتبرت خديجة جنكيز، خطيبة “خاشقجي”، أن الأحكام النهائية الصادرة الإثنين عن النيابة العامة السعودية بحق 9 متهمين بقضية مقتل خاشقجي تمثل “استهزاء بالعدالة”
معارضة للحكم
وقال المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان، روبرت كولفيل، ردًا على سؤال أحد الصحفيين في مؤتمر صحفي بجنيف، أمس الثلاثاء: “الأمم المتحدة تُعارض حكم الإعدام، وهذا الجانب من إعلان يوم أمس لا نعارضه، ولكن هذه جريمة بشعة وشنيعة، إنها جريمة رهيبة”.
وأضاف: “من الواضح أنه يجب محاكمة المسؤولين وإصدار أحكام تتناسب مع الجريمة، وفي هذه الحالة، فإن مثل تلك الجريمة الرهيبة تتطلب مدد حكم طويلة جدا جدا، ولكن هناك مشكلة الشفافية برمتها في مسألة تسيير القضية.
خاشقجي، هو كاتب في صحيفة واشنطن بوست، وقتل وتم تقطيع جسده على يد مجموعة من السعوديين بعد وقت قصير من دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر 2018.
بينما اعتبرت خديجة جنكيز، خطيبة “خاشقجي”، أن الأحكام النهائية الصادرة الإثنين عن النيابة العامة السعودية بحق 9 متهمين بقضية مقتل خاشقجي تمثل “استهزاء بالعدالة”، لافتة إلى أن السعودية أغلقت القضية دون أن يعرف العالم حقيقة المسؤول عن اغتيال خاشقجي.
أدرجت مقررة الأمم المتحدة الخاصة ما قام به المدعي العام السعودي تحت مسمي”محاكاة هزلية للعدالة”
محاكمة هزلية
بينما أدرجت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا، آجنيس كالامار، والتي حققت في شأن اغتيال خاشقجي، ما قام به المدعي العام السعودي تحت مسمي”محاكاة هزلية للعدالة”.
وقالت “كالامار”، عبر حسابها علي موقع التدوينات المصغرة “تويتر”، إن هذه الأحكام لا تحمل أي مشروعية قانونية أو أخلاقية، وجاءت في نهاية عملية لم تكن عادلة أو منصفة أو شفافة على حدّ تعبيرها.
وأضافت “كالامار” في سلسلة من التغريدات، “لقد حُكم على القتلة الخمسة بالسجن لمدة 20 عامًا، لكن المسؤولين رفيعي المستوى الذين خططوا ونظموا إعدام خاشقجي أفلتوا منذ البداية – وبالكاد تأثروا بالتحقيق والمحاكمة”.
وأشارت إلى أن ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، ظل محميا جيدا ضد أي نوع من التحقيقات الفعلية في بلاده، متابعة: “لا يمكن السماح لهذه الأحكام بتبييض ما حدث”.
ودعت المقررة الخاصة، إلى ضرورة ألا تخفف هذه الأحكام أي ضغط على الحكومات، ولاسيّما الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، التي “راقبت في صمت” تلك المحاكمات لضمان التحقيق في تورط جميع المسؤولين.
في المقابل، رأي معتصم خاشقجي، محامي عائلة “خاشقجي”، أحكام قضاء المملكة في إطار هذه القضية “عادلة”، معتبرا أنها “تمثل رادعا لكل مجرم ومسيء”.
وقال خاشقجي، إن “الجرائم المرتكبة من هؤلاء المحكوم عليهم جرائم كبيرة والأحكام في الحق العام المتضمنة عقوبات السجن المختلفة هي أحكام عادلة ارتضتها المحكمة التي تحكم بشرع الله والنظام العام”، بحسب صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.
واستطرد: “لقد فوضنا أمرنا لله ثم ولاة أمرنا الذين أدوا الأمانة ونفذوا الوعد فلهم منا كأسرة خاشقجي كل الشكر والتقدير والعرفان والولاء”.
معلومات عن احتمال ضلوع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في اختراق هاتف مالك صحيفة واشنطن بوست ومدير شركة أمازون
استهداف المعارضين
وكانت آغنيس كالامار والخبير الحقوقي، ديفيد كاي، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية التعبير، قد أشارا في يناير الماضي، إلى معلومات عن احتمال ضلوع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في اختراق هاتف مالك صحيفة واشنطن بوست ومدير شركة أمازون، جيفري بيزوس، بغرض التأثير على، إن لم يكن لإسكات، التقارير التي تنشرها صحيفة واشنطن بوست حول السعودية.
وأشار الخبيران المستقلان، إلى أن ظروف وتوقيت اختراق هاتف “بيزوس” يدعم إجراء تحقيق عن ادعاءات بأن ولي العهد السعودي أمر أو حرّض على قتل خاشقجي، أو على أقل تقدير كان على دراية بالتخطيط لقتله ولكنه “فشل في إيقاف مهمة القتل”.
وبحسب بيان الخبيرين الأمميين، فإن هذه المزاعم تعزز أيضا دلائل أخرى على استهداف السعودية للمعارضين، فعلى سبيل المثال، قدمت الولايات المتحدة دعاوى جنائية ضد اثنين من موظفي شركة تويتر بالإضافة إلى مواطن سعودي بسبب اتهامهم بالتجسس على حسابات مستخدمين للتطبيق وتقديمها إلى مسؤولين في السعودية.
تشكل الأحكام التي أصدرها القضاء السعودي بشكل نهائي في قضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، محاولة لإسدال الستار على قضية شوّهت سمعة المملكة في الخارج
إسدال الستار
تشكل الأحكام التي أصدرها القضاء السعودي بشكل نهائي في قضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، محاولة لإسدال الستار على قضية شوّهت سمعة المملكة في الخارج، وسببت لها احراج كبير على الصعيد الدبلوماسي وبمقاطعة من قبل بعض الشركات والمؤسسات لفترة، بحسب وكالة “فرانس برس”.
منذ بداية المحاكمة في السعودية، “كان هناك محاولات متكررة للتستر” على وقائع، بحسب ما ذكرته إيناس عثمان مديرة منظمة غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان ومقرها جنيف.
كما أدانت منظمة “أطباء بلا حدود”، هذه الأحكام، وصرح الأمين العام للمنظمة غير الحكومية، كريستوف دولوار : “لم تسمح هذه المحاكمة التي غاب عنها الجمهور والصحافيون بمعرفة الحقيقة وكشف ما حصل في أكتوبر 2018 في القنصلية السعودية في اسطنبول ومن أصدر مسبقًا الأمر بارتكاب جريمة الدولة هذه”.
وبحسب المتحدث باسم النيابة العامة، صدرت الأحكام النهائية بناء على إنهاء الحق الخاص بالتنازل الشرعي لذوي القتيل، وأثارت القضية ردود فعل دولية منددة أضرت بصورة المملكة وبولي العهد الأمير محمد بن سلمان بشكل كبير.