بث تجريبي

المجتمع المدني كلمة السر.. كيف تتعامل الحكومة مع المشردين في فصل الشتاء؟

قرر المحاسب أحمد رمضان التطوع بأحد مبادرات إعانة المشردين في فصل الشتاء. يرتكز عمل المبادرة في محافظة الدقهلية، حيث محل عمل “أحمد”. “بشتغل مع المبادرة في فصل الشتاء بس. بشوفه الفصل الأصعب والأقسى اللي لازم نساعد فيه اللي ملهمش بيوت في موجات البرد سواء بالأكل أو الهدوم التقيلة، أو توفير دور الرعاية للمحتاجين، وكمان مساعدة اللي بيوتهم تضررت من المطر”.

حسب وزارة التضامن الاجتماعي لا يوجد رقم معتمد لعدد المشردين في مصر، إلا أن ثلث المجتمع المصري تقريبًا يعاني الفقر. ذلك وفق البينات الرسمية الحديثة التي قدرت معدل الفقر في مصر 29.7% مقارنة بنحو 32.5% خلال العام المالي 2017 / 2018.

إنقاذ المشردين.. مبادرات تطوعية تُمكن الحكومة من حل الأزمة

يوجه “أحمد رمضان” وزملاؤه من المتطوعين أغلب المشردين ممن يعملون على إنقاذهم إلى دور الرعاية. وهنا يواجهون أزمة. إذ أن ليس كل هؤلاء يقتنع بأن دور الرعاية أفضل سبيل له وأحسن حالاً. “في النهاية لما بيرفض حد منهم يروح دار الرعاية بيكون دورنا حمايته في الشارع، فبنوفر له هدوم تقيلة أو وجبات سخنة، وبنفضل على تواصل معاه برضه”؛ يقول “أحمد”.

يرى “أحمد” عمله متوازيًا مع ما تنفذه الحكومة من مبادرات تدعم المتضررين في فصل الشتاء. “احنا شغلنا مش فردي، ولا نقدر نقوم بيه لوحدنا، بنسق مع وزارة التضامن، اللي بنتواصل معاها”. فالعمل الذي يؤديه وغيره من المتطوعين تعاوني مع العديد من البرامج التي تتبع الدولة. وهي برامج تعتمد على الجهود التطوعية والتبرعات.

تحت عنوان “إنقاذ أهالينا”، كون عدد من أهالي مدينة دمياط مبادرة لإنقاذ المشردين والمتضررين من مياه الأمطار. محمد سعيد أحد المشاركين فيها دوره يعتمد على التواصل مع المشردين من الكبار والصغار، وتقديم الدعم لهم. يكون ذلك بتوفير الطعام والبطاطين. بينما ينقل الراغبين في الانتقال لدور الرعاية، بالتواصل مع وزارة التضامن الاجتماعي، التي تتولى مسؤولية نقلهم.

يبلغ عدد مؤسسات أطفال وكبار بلا مأوى في مصر 19 مؤسسة على مستوى الجمهورية، تشارك في تأثيثها المؤسسات الأهلية

الحلول المجتمعية.. أمل المشردين

الحلول المجتمعية والتطوعي منها يبقى أمل المشردين وأصحاب المنازل المتضررة في فصل الشتاء وموسم الأمطار. وهنا يبرز دور المجتمع المدني الذي يُمكن الدولة وبرامجها من الوصول إلى ذوي الحاجة للتدخل السريع إنقاذًا لأوضاعهم المعيشية الصعبة.

صندوق “تحيا مصر” أحد أدوات الدولة الحديثة في سبيل حل أزمة المشردين والمتضررين بسبب أوضاعهم المعيشية، أعلن -في بيان عن أنشطته للعام الماضي- تخصيص ما يقرب من 100 مليون جنيه لمواجهة تداعيات السيول. ذلك إلى جانب توزيع 20 ألف بطانية لمواجهة قسوة الشتاء. وقد ساهم الصندوق بنحو مليار جنيه لإغاثة المنكوبين من سيول عام 2016، وتطوير الصرف بمحافظتي الإسكندرية والبحيرة.

هذا الصندوق الذي يتعامل مع حالات المنكوبين والمتضررين يعتمد بشكل كبير في تمويله على التبرعات. وقد خصص رقم حساب لتلقيها. بينما يتولى هو توزيع هذه التبرعات على المحتاجين وفي مواجهة الكوارث والأزمات. ويشارك المجتمع المدني -وتبلغ عدد مؤسساته 50572- بشكل كبير في حل أزمات الفقر ورعاية المحتاجين التي تواجهها الحكومة.

تأتي مدينة الإسكندرية على رأس المدن التي تعاني من سقوط الأمطار الغزيرة في أوقات محددة من العام. تتسبب هذه الأمطار غالبًا في غرق الشوارع. وتصل السيول في بعض الأوقات إلى حد الخطر قياسًا على وضع المشردين في الشوارع دون منازل. وقد خصصت محافظة الإسكندرية خطًا ساخنًا للإبلاغ عن المشردين بلا مأوى لتقديم العاجلة لهم. ذلك في أعقاب نوة المكنسة التي شهدتها المحافظة نوفمبر الماضي. وقد تسببت هذه النوة في انهيار جزئي بعقارين في منطقتي الجمرك وكرموز. فضلاً عن مصرع 4 أشخاص وإصابة 6 آخرين.

مؤخرًا أيضًا، نجحت مبادرة “شباب الخير” -إحدى أنشطة المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”- في توزيع أكثر من 200 بطانية على الأسر الأكثر احتياجًا في منطقة عين شمس. ذلك تحت شعار “مبادرة كساء الشتاء”. تحاول المبادرة أيضًا توفير دور الرعاية للمشردين من الأطفال وكبار السن، كما يوضح أحمد عبد الرازق أحد المشاركين فيها.

حكايات المشردين.. “سيدة المطر”

في أواخر العام الماضي تزامنًا مع إحدى موجات الطقس السيئ التي شهدتها مصر هذا الشتاء، كانت نعمات عبدالحميد، من محافظة بني سويف (63 عامًا)، تبيع “الترمس” في أحد شوارع القاهرة. لسد احتياجات أسرتها؛ فالزوج يعاني من مرض الكلى بينما تشكو هي من ضغط وسكري وضيق في التنفس. نعمات التي لقبت بـ”سيدة المطر” انتشرت صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن ظهرت تحت الأمطار دون مأوى تسعى لرزق قليل تعود به إلى بيتها بعد يوم شاق.

“سيدة المطر” واحدة من هؤلاء الذين يعانون قسوة أوضاعهم طوال العام. بينما تشتد أزماتهم خلال فصل الشتاء. وقد برزت حكايتها مع انتشار صورها عبر مواقع التواصل ومنها إلى وسائل الإعلام المحلية. ما أعقبه تدخل وزارة التضامن الاجتماعي التي تواصلت معها لتوفير وحدة سكنية إيجار جديد لأسرتها، ومناقشة تقديم مساعدات عاجلة لها لمواجهة أعباء المعيشة.

في تصريحات سابقة على خلفية أزمة “سيدة المطر”، كشفت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج أرقام مهمة فيما يتعلق بأزمة المشردين في مصر. إذ أوضحت أن عدد مؤسسات أطفال وكبار بلا مأوى في مصر يبلغ 19 مؤسسة على مستوى الجمهورية. بينما تشارك المؤسسات الأهلية بالتأثيث. وذلك بالشراكة مع وزارة التضامن الاجتماعي.

وتبلغ السعة الكلية لهذه المؤسسات -وفق تصريحات الوزيرة- 1242 نزيلًا. فيما يبلغ الإشغال الفعلي لها 668 نزيلاً، ذلك بنسبة إشغال تصل إلى 70%. بينما يشغل هذه الدور من قرابة 233 سيدة و435 رجلاً.

في فبراير الجاري اقترحت برلمانية مصرية إنشاء معسكرات تدريب وتأهيل لأطفال الشوارع، أسوة بما فعله محمد علي باشا

ويتلقى فريق التدخل السريع بوزارة التضامن شكاوى وبلاغات انتهاكات مؤسسات الرعاية الاجتماعية والأشخاص فاقدي الرعاية والمأوى والحالات الإنسانية سواء للأيتام أو المسنين أو ذوي الإعاقة أو المشردين على الخط الساخن للوزارة 16439، أو الخط الساخن لمنظومة الشكاوى الحكومية الموحدة برئاسة مجلس الوزراء 16528، وعلى حسابات وزارة التضامن الاجتماعي بمواقع التواصل.

أطفال وكبار بلا مأوى.. خطة حكومية لتخفيف الضرر

وفق حسني يوسف، مدير البرنامج القومي لحماية الأطفال بلا مأوى -التابع لوزارة التضامن الاجتماعي- فإن أعمال البرنامج تزداد في فصل الشتاء. وتشمل رصد المنكوبين والمشردين بشتى المحافظات، ومن ثم توزيعهم على دور الرعاية بكل محافظة.

ويوضح مدير البرنامج، لـ”مصر 360″، أن خطة البرنامج تأتي مسبقة قبل فصل الشتاء، للاستعداد للأطفال واستقبالهم خلال فصل الشتاء. بينما يشير إلى جهود التطوع التي تُمكن القائمين على البرنامج من أداء مهامهم.

ينفذ البرنامج القومي لحماية الأطفال بلا مأوى بالتعاون مع صندوق “تحيا مصر” في 14 محافظة. وذلك من خلال 17 وحدة متنقلة تجوب المحافظات. وهو ليس معنيًا فقط بالأطفال وإنما بكبار السن. ويخصص لهم  7 مؤسسات اجتماعية تقدم الحماية والرعاية. بالإضافة إلى 3 جمعيات أهلية.

وفي أحدث تصريحات لها، ناشدت وزيرة التضامن الاجتماعي الشباب الاستثمار في طاقتهم بالتطوع في أحدث مبادرات إنقاذ الحالات الإنسانية الصعبة “الإسعاف الاجتماعي”. فيما أكدت على المجتمع المدني في مساعدة الحكومة على التدخل في إنقاذ الحالات المركبة من المشردين. وتقوم مبادرة “الإسعاف الاجتماعي” على تقديم الدعم اللازم للحالات ذات الطبيعة الخاصة، والتي تحتاج إلى تدخل فورى لحمايتها.

تجنيد أطفال الشوارع.. أحدث المقترحات البرلمانية

في العام 2014، قدرت السلطات المصرية أطفال الشوارع في مختلف المحافظات بحوالي 16 ألفًا. إلا أن هذا التقدير “غير دقيق” مقارنة بعددهم الحقيقي، حسبما صرح جوناثان كريكس، مسؤول الاتصالات في مكتب مصر التابع لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).

في أوائل فبراير الجاري، قدمت نائبة في مجلس النواب المصري مقترحًا يهدف إلى القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع. وخلال جلسة لوزيرة التضامن أمام المجلس، اقترحت النائبة آيات الحداد إنشاء معسكرات تدريب وتأهيل لأطفال الشوارع. ذلك أسوة بما فعله محمد علي باشا الذي حكم مصر بين عامي 1805 و1848.

وتعتمد فكرة النائبة على جمع الأطفال في معسكرات إيواء. على أن يتولى تدريبهم -على سبيل المثال- ضباط متقاعدون من القوات المسلحة المصرية. بما يكسبهم مهارة ويعزز انتماءهم الوطني في آن واحد.

وقد استندت النائبة، إلى ما فعله محمد علي باشا حينما جمع نحو 300 ألف مشرد خلال فترة حكمه، ووضعهم في معسكر جنوبي مصر. وجلب لهم مدربين فرنسيين في شتى المهن.

أحدث المقالات

المقال التالي