تترقب السودان حكوما وشعبا الوضع المائي، تحسبا لارتفاع منسوب المياه بأنهاره، عقب إعلان إثيوبيا تفريغ سد تكزي الواقع على نهر ستيت، وهي الخطوة التي أرجعها محللون إلى الاضطرابات المستمرة في إقليم تيجراي، وسط مخاوف من ارتفاع معدل التفريغ مع موسم الفيضانات.
ومنذ ساعات، انطلقت تحذيرات من وزارة الري والموارد المائية في السودان للمواطنين من احتمال ارتفاع مناسيب المياه في الأنهار، معلنة أنها “تتوقع ارتفاع مناسيب نهر ستيت وسدي عطبرة وستيت حتى مدينة عطبرة”.
ونبهت الإدارة المواطنين والسلطات المختصة بأن “شركة الكهرباء الإثيوبية أعلنت بدء تفريغ سد تكزي الواقع على نهر ستيت، وأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع كبير في مناسيب المياه في الأنهار ومناسيبها أمام وخلف سدي أعالي عطبرة وستيت، وكذلك أمام وخلف خزان خشم القربة حتى مدينة عطبرة”.
الحكومة دعت المواطنين في تلك المناطق إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم. فهل تشهد السودان بروفة للغرق من صنع أثيوبيا بعد الحرب الأهلية مع إقليم تيجراي؟
سد تكزي
سد تكزى هو أحد سدود توليد الطاقة الكهربائية بإقليم تيجراى بشمال إثيوبيا، وأعلى سد خرسانى ثنائى الأقواس فى إفريقيا توليد 300 ميجا واط من الطاقة الكهرومائية.
وبالرغم من أن الغرض الرئيسي للسد ليس تخزين المياه، فهو يحتجز فقط 9.2 مليار م³، إلا أنه يحتجز الطمي من النهر المسئول بنسبة 40% من الطمي في نهر النيل الرئيسي بين عطبرة وأسوان.
وتمتلك إثوبيا عددا من السدود الصغيرة وأكثر من 18 محطة لتوليد الطاقة، في وقت تسعى إلى بناء 100 سد جديد لتعزيز مصادر الطاقة، إلى جانب سد النهضة محل النزاع بين مصر والسودان وإثيوبيا، بسبب رغبتها في الانفراد بعملية الملء والتشغيل.
أوجه أسباب التفريغ
يقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أن سبب تفريغ سد تكزي من المياة بسبب احتوائه على 9 مليار متر مكعب من المياه، وستشهد البلاد أمطار غزيره ستسهم في ملء السد لـ 3 مليار متر مكعب أخرى، فهنا وجب التفريغ لتفادي الملء الكامل وتغطية السد.
وأشار عباس لـ “مصر 360″، إلى أن التصريف ذلك جاء متأخرا، حيث كان من المفترض أن يكون منذ شهرين، وعلى فترات، نظرا لأن سقوط الأمطار ستكون بعد 3 أسابيع، والعبرة هنا من سد ستيت يليها خشم القربة على نهر عطبرة والتي حين يبدأ التفريغ ستذهب المياة إلى تلك السدود الصغيرة وبالتالي تلك السدود ستقوم بالتفريغ أيضا بسبب الأمطار، ثم تصل المياة تلك إلى السد العالي بمصر.
اضطرابات تيجراي
بعدما أثارت الحرب الأهلية فى إثيوبيا مسألة استخدام السدود كسلاح فى الحروب والصراعات، لاسيما بعد استهداف القوات الحكومية مؤخرا سد “تكزى” شمال البلاد، والواقع فى إقليم تيجراى، وقصف محطات الكهرباء به، لحرمان الإقليم من جميع مصادر الحياة، أدت تلك الاضطرابات إلى تأخر تصريف المياة وتراكمها حتى وصولها إلى 9 مليار متر مكعب.
ووصف بعثة الأمم المتحدة الأوضاع في الإقليم بأنه أكثر درامية في المناطق الريفية التي يعتقد أن عدد كبير من الإثيوبيين فروا إليها. بينما لا يزال وصول فرق المساعدات الإنسانية صعبًا.
وأوضح أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة أن الاضطرابات مع إقليم تيجراي والتي قامت فيها الحكومة الأثيوبية بتدمير محطة توليد الكهرباء ساهم ذلك في عدم تصريف المياة الفترة السابقة، والذي كان مفترض أن يقوم بالتصريف يوميا. وبعد انهيار محطة توليد كهرباء تيجراي، سيقوم السد بالتفريغ فقط دون توليد كهرباء بهدف حمايته.
لكن الجيش الإثيوبي نفى في وقت سابق قصفه سدا لتوليد الطاقة الكهرومائية في منطقة تيجراي الشمالية، حيث تقاتل القوات المحلية الجيش الفيدرالي.
ومن المخاوف المتصاعدة عقب توقف محطة توليد الكهرباء هو تدمير سد تكزي.
ويرجح شراقي أنه فى حالة قصف السد من قِبَل أحد أطراف الصراع، فمن المحتمل أن يتسبب ذلك فى كارثة محققة لإقليم التيجراى وشرق السودان، الذى يقع به 3 سدود على نهر عطبرة، بإجمالى تخزين نحو 5 مليارات متر مكعب، خاصة أن هذا النهر يأتى بنحو 11 مليار متر مكعب سنويّا، ما نسبته 13% من إيراد نهر النيل.
وعن الأضرار اللاحقة للتفريغ على الجانب السوداني، أوضح عباس أن تلك التحذيرات مهمة وتنسيقية بين الدول، مشيرا إلى أن ذلك تحسبا لارتفاع معدل التفريغ، الذي يقترب مع موعد موسم الفيضان.
وأضاف أن الأضرار موجودة لكن نأمل ألا تكون جسيمة، نظرا لارتفاع منسوب نهر عطبرة مع موسم الفيضان ومع التفريغ سد التكزي بشكل زائد عن الحد من المحتمل حدوث ضرر بالسدود في السودان، وهذا يفي بحدوث كوارث.
عدم التفريغ
يشير عباس إلى أنه في حالة عدم التفريغ فإن السد سوف يمتلئ بـ 3 مليار متر مكعب جديد، في وقت لا يستطيع السد استيعاب سوى مليار واحد فقط، وبالتالي البقية سوف يمر من أعلى جسم السد والذي قد يصيبه بالانهيار، وقد يحث شلال مياه على ارتفاع 144 متر يحدث بالتبيعيه حفره عميقه بالنهر يعرض بالتالي السد للانهيار، والـ 7 مليار متر مكعب من المكعب في حالة فياضانهم سيقوم بتدمير كافة السدود السودانية الأخرى والخزانات.
تحذيرات معنية
وفي السياق نفسه، أكد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور هاني رسلان، أن التحذيرات المعلنة معنية تماما، فتفريغ السد الذي يحتوي على 9 مليار متر مكعب في وقت زمني قصير، من شأنه أن يحدث فيضانات على الجانب السوداني تلحق ضررا على المناطق الزراعية والمنازل والمبني بالطوب اللبني، بجانب إغراق مساحات ضخمة لممتلكاتهم ومصدر رزقهم.
وأشار رسلان إلى أن تلك التحذيرات تأتي لتفادي وقوع خسائر بشرية، والاحتياطات غير كافية لأنهم يتحركون بشكل فردي.
حرب تيجراي تصب على أهل السودان
وبدون تخطيط، تصب تلك الحرب بنتيجتها على السودان، حيث أكد رسلان أن النزاعات والحرب الأهلية بأقليم تيجراي مازالت مستمرة في حين تحققيها خسائر فادحة، مما ينعكس ذلك على أهالي السودان، بعد قصف محطة توليد الكهرباء، والتي كانت تساهم في تصريف محتوى السد.