باتت الأزمات هي السمة السائدة عن الكرة المصرية بالسنوات الأخيرة، على عكس كل دوريات العالم وحتى المنطقة العربية المجاورة لنا، فظهر على السطح مؤخرًا أزمة جديدة كان بطلها اتحاد الكرة المصري مع أندية الدوري الممتاز، بعد وضعهم في أزمة كبيرة برفضه تحمل تكاليف مسحات كورونا قبل المباريات.
ومنذ انتشار الفيروس المستجد في البلاد كان اتحاد الكرة يتحمل مسحات كورونا للفرق، قبل أي مباراة رسمية في الدوري أو الكأس بـ48 ساعة، لكن اللجنة الثلاثية التي تدير الاتحاد حاليًا برئاسة أحمد مجاهد طالبت الأندية بعمل مسحات المباريات على نفقتها وإرسال النتائج لاتحاد الكرة، وهو ما رفضته الأندية المصرية بشكل قاطع وعلى رأسها الأهلي والزمالك.
بل وهدد ناديا المصري والمقاولون العرب بلعب المباريات دون إجراء المسحة لعدم قدرتهم على سداد تكاليف تلك المسحات، مما يشكل خطرًا حقيقيًا على الفرق والمسابقة وربما يؤدي لانتشار الفيروس على نطاق واسع وتتوقف البطولة تمامًا ويتعرض صحة الجميع لخطر شديد نتيجة هذه الأزمة والتقاعس واللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية من الجميع.
وبالفعل، خاض المصري مباراته أمس ضد بيراميدز بدون إجراء مسحات، وكاد اللقاء يلغى بسبب اعتراض بيراميدز قبل تدخل مسؤولي اتحاد الكرة. وأعلن عدد من الأندية خوضها المباريات بدون مسحات لعدم قدرتها على تحمل تكاليفها، ومنها أندية فقيرة لا تمتلك الإمكانيات المادية مثل غزل المحلة الذي يؤمن بالكاد مستحقات لاعبيه.
المسحات.. أزمة كبيرة
بدأت الأزمة الحقيقية من خطاب اتحاد الكرة الذي أرسله لكل أندية الدوري العام، يفيد بأنه تقرر تعليق المسحات الطبية للكشف عن فيروس كورونا قبل المباريات، وترك هذا الملف للأندية لكي تتحمل نفقات تلك المسحات.
تلك الخطوة تأتي بسبب رفض مسؤولي أندية الدوري الممتاز دفع مبلغ يقدر بـ3 مليون جنيه عن كل نادٍ وهو خاص بالمسحات الطبية، حيث تتمسك الأندية بوعد المسؤولين بتحمل اتحاد الكرة لتلك النفقات، في حين أن اللجنة الثلاثية التي تدير اتحاد الكرة في الوقت الحالي، تؤكد أن الأندية هي التي من المفترض أن تتحمل تلك النفقات عن الموسم الحالي.
وجاءت تصريحات عدد من الأندية وأبرزها البنك الأهلي والإنتاج الحربي والمصري، بجانب المقاولون العرب “الذي أكد أنه سيلعب دون عمل تلك المسحات، تؤكد رفضها التام لدفع تكاليف مسحات كورونا، وهنا أصبح الخطر يهدد الكرة المصرية بشكل كبير، ولم يصدر عن اتحاد الكرة حتى الآن أي رد فعل متعلق بالأمر، وسط تقارير تشير بأنه من المنتظر إعلان اتحاد الكرة عن عقوبات سيتم اضافتها للائحة المسابقة الموسم الحالي يتم فرضها على أي نادٍ لا يقدم نتائج المسحات قبل المباريات.
بهاء الدين يوسف الناقد الرياضي والصحفي بجريدة الأهرام، يتحدث عن هذا الوضع، مؤكدا أن الأزمة صعبة بالفعل وخطيرة وقد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، فماذا لو شارك عدد من اللاعبين وهم مصابون بكورونا ولم تظهر عليهم الأعراض؟، قد يتسبب شخص واحد في إصابة أكثر من شخص، وبالتالي نقل الأمر لأسر اللاعبين والأصدقاء، بجانب من يتواجدون في الملاعب من رجال أمن وأجهزة إدارية وأطفال من جامعي الكرات، فضلاً عن الإعلاميين والصحفيين والمصورين وكم من البشر يتواجد في المباراة الواحدة.
“هناك خطورة كبيرة تتعلق بحياة اللاعب إذا شارك ولعب وهو مصاب بفيروس كورونا، وهناك خطورة أن يتسبب الأمر في إصابة أشخاص أخريين لديهم مشاكل صحية، الأمر أكبر من “خسارة مادية” نحن هنا نتحدث عن أرواح” يضيف يوسف.
يطالب يوسف بالتدخل السريع لحل لتلك الأزمة، وأن يتم الوصول لاتفاق يؤمن استمرارية المسحات الطبية حتى لا تحدث كارثة للكرة المصرية، ويكون هناك خسائر أكبر مما نتخيلها الآن، سواء على صعيد “البشر” أو الخسائر “المالية”.
ما يحدث هو جرس إنذار، وعدم التدخل السريع قد يتسبب في كارثة، فبعيداً عن تهديد الصحة العامة، فهناك أمور تتعلق بشكل مباشر بمنافسات كرة القدم، ومشاركات الأهلي والزمالك وبيراميدز الأفريقية، ومشاركة المنتخب في التصفيات الأفريقية، خطر تفشي كورونا في الدوري قد يهدد استقراره، وبالتالي الصناعة نفسها تتأثر سلبًا.
اقرأ أيضا: “كورونا في الدوري المصري”.. إصابات وهمية لمصالح شخصية؟
عقوبات ضد المتخلف عن التنفيذ
اتحاد الكرة خاطب أندية الدوري بأن النادي الذي لن يجري مسحات كورونا قبل أي مباراة، سيعاقب بغرامة قدرها 10 آلاف جنيه على كل لاعب، وتضاعف الغرامة تباعا.
وشدد خطاب اتحاد الكرة، على أن الأندية ستتحمل إجراء المسحات في أحد المعامل المعتمدة من اتحاد الكرة، قبل 48 ساعة من أي مباراة، ويتعين على النادي مخاطبة اتحاد الكرة بنتائج المسحة قبل 24 ساعة من انطلاق المباراة.
الكاف يعلق مشاركات الأندية المصرية ببطولاته
أندية الأهلي والزمالك وبيراميدز ستكون مضطرة لعمل مسحات دورية للاعبيها للاطمئنان عليهم، خصوصا أن الأندية الـ3 تشارك في بطولتي أفريقيا للأندية، والتي يطبق فيها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم مسحة إجبارية على الفرق قبل 48 ساعة من المشاركة في أي مباراة.
وفي حال تجاهل الأندية الـ3 عمل المسحات مثلما أعلنت باقي أندية الدوري، قد تظهر إصابات بالجملة لهذه الفرق خلال مسحات “الكاف”، وهو ما قد يؤثر على مشوارها في البطولتين.
وحتى مع عمل الأندية الـ3 لمسحات دورية على نفقاتها الخاصة، سيؤثر قرار اتحاد الكرة بشكل كبير على مشاركاتها الأفريقية بسبب مخالطة لاعبين قد يكونوا مصابين في باقي فرق الدوري المصري التي ستمتنع عن عمل المسحات، خصوصا أن لائحة المسابقات في اتحاد الكرة لا تمنع أي فريق من اللعب إذا كان لا يملك لاعبوه نتائج حديثة لفحص كورونا.