لاحظ متابعون لمسلسل “خلي بالك من زيزي” الضغط العصبي والنفسي الناتج عن مشاعر الغضب التي تسيطر على بطلة العمل. وبدت “زيزي” التي تجسد شخصيتها الممثلة أمينة خليل، عصبية بشكل مفرط فلا يخلو حديثها من انفعال، حتى ضربت زوجها أمام الجميع.
انقسم المشاهدون بين التعاطف مع الشخصية الدرامية أو نقد أدائها. لكن مع تتابع الحلقات بدا أن الأحداث لا تتعلق بصراع بين زوجين. وإنما هو حالة نفسية أثريت للحديث عن الجوانب غير المرئية في التربية والعلاقات الأسرية. ومدى الاختلاف الموجود بين البشر الذي يجب إدراكه.
الشخصية الرئيسية في المسلسل (زيزي) هي انعكاس لطفلة تعرضت لأذى نفسي كبير، أثّر بدوره على تعاملاتها. وهو ما أدى إلى خسارة زوجها وتضطر للوقوف أمام ماضيها وحاضرها والاستعداد لمستقبلها.
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD
ماضيها المتمثل في الطفلة تيتو التي تعاني طوال الحلقات السابقة من أزمة نفسية تتسبب في عدم قدرتها على التركيز والدراسة. فضلاً عن كونها طفلة تعاني من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) ما يعرف مجتمعيًا بـ”شقاوة وعند”.
ما عانته زيزي ويعاني منها الكثير حول العالم تظهر مؤشراتها في مرحلة الطفولة، دون أن ينتبه لها كثير من الأهالي. لذلك يسلط المسلسل الضوء على المشاكل النفسية وتعقيداتها المركبة، ما يزيد من التوعية بهذه الاضطرابات النفسية، والطرق المختلفة لعلاجها.
صاحبة فكرة المسلسل، منى الشيمي، تقول إنها كانت تعمل كمعالجة نفسية لفترة كبيرة سواء بصورة مستقلة أو مع الأطفال داخل المدارس. وقابلت حالات تعاني من “متلازمة فرط الحركة ونقص الانتباه”.
وأضافت أنها تعاني شخصيًا من أحد أنواع المتلازمة، مما حمسها لاقتراح الفكرة على ورشة الكتابة كعمل لموسم رمضان 2021. وشاركت منى الشيمي في كتابة سيناريو وحوار المسلسل ضمن ورشة سرد تحت إشراف الكاتبة مريم نعوم.
الاضطراب في الكبر يبدأ من الصغر
وذكرت دراسة أجراها باحثون أمريكيون أن 79% من الأطفال المصابين بـ”اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه” يعانون من ضعف الاستعداد المدرسي. وذلك مقارنة بنسبة 13% من الأطفال في المجموعة الضابطة.
وتستهدف الدراسة، التي نشرتها المجلة الرسمية للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، الكشف عن مدى استعداد هؤلاء الأطفال للالتحاق بالمدرسة، بهدف التدخل المبكر قبل أن يواجهوا فيما بعد صعوبات في العملية التعليمية.
ضمت الدراسة 93 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 4 و5 سنوات، التحق جميعهم بالمدرسة التمهيدية، وكان بعضهم مسجلًا في رياض الأطفال. ووجدت الدراسة 45 طفلاً مصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه سبق تشخيص إصابتهم بأنهم يعانون من هذا الاضطراب من قِبل ذويهم.
أما المجموعة الضابطة فقد تألفت من 48 طفلًا لا يعانون من الاضطراب. واختبر الباحثون جميع أطفال العينة للتأكد من ظهور أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عليهم.
معاناة الأمهات
تقول إحدى الأمهات إنها اكتشفت إصابة ابنها باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة الذي يعانيه في عمر الخامسة. كان الأمر صدفة بعد قراءة بوست على “فيس بوك” يتحدث عن أعراضه والتي تطابق أغلبها تصرفات ابنها، فقررت حينها التوجه لأحد الأطباء المختصين والذي أكد إصابته.
تقول السيدة إن أكثر ما عانته حينها هو عدم قدرة المحاطين على فهم طبيعة المرض، والسلوكيات الناجمة عنه. البعض تفهم الأمر ولكن النسبة الأكبر لم تتفهم وكان الجميع يتهم والديه بالتقصير في تربيته وتعليمه.
وتروي أن ابنها يعاني رفض الآخرين له، سواء معلمين أو زملاء دراسة أو حتى من أسرته ما يدفعه دائمًا للشعور بالقلق والرغبة في البكاء. هذا فضلاً عن تراجع مستواه الدراسي عن باقي أصدقائه، كما أن ظروف الأسرة المادية لم تسمح بوجود ما يعرف بـ”معلم الظل Shadow Teacher”، وهو مسئول عن تقديم دعم إضافي بحيث يتمكن الطفل من حضور الصف الدراسي العادي.
في هذا الصدد، يقول الدكتور محمد الشربيني أخصائي طب الأطفال إن المسلسل يناقش واحدة من أهم مشاكل الأطفال. ولفت إلى أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه”ADHD” يحتاج إلى اكتشافه مبكرًا وتعليم الطفل مهارات معينة.
ويلفت الانتباه إلى عدم وعي الأسرة بالمرض وتعاملها مع الطفل على أنه “طفل شقي” غير قادر على تحمل المسؤولية. ونوه إلى أن الطفل في تلك المرحلة يظهر بشكل عصبي ومتوتر ويشعر بالظلم نظرًا لعدم إدراك الجميع ما يشعر.
وأوضح أن هذا هو أحد اضطرابات النمو العصبية، وينتج عن نقص كمية الموصلات الكيميائية (الدوبامين، النورأدرينالين) في قشرة الجزء الأمامي (الفص الجبهي) التي تسهل للخلايا تنفيذ عملها والتواصل بين أطراف الدماغ.
وعن أعراض المرض، يقول الشربيني إنها تشمل: التشتت وعدم الانتباه، وعدم الاهتمام بالتفاصيل والوقوع في الكثير من الأخطاء بسبب الإهمال. بجانب البُعد الحركى فلا يستطيع الطفل الثبات في مكان واحد، ولا يستطيع الانتظار نظرًا اندفاعه.
أما عن الجانب المعرفى أو السلوكى: “لو جيت قولت له اعمل حاجة مثلا في المذاكرة.. مش هيستجيب معاك لأن قدرته على الانتباه لا تتعدى ثوانٍ أو دقائق معدودة”. كما يبدو الطفل غير مستمع لمن يتحدث معه، وسهل تشتته بأي مؤثرات خارجية، والتهور والمشاركة في الأنشطة الخطرة دون تردد.