تمكن منتخب مصر الأول لكرة القدم من الفوز بضربة البداية له في تصفيات أمم أفريقيا بكوت ديفوار 2023 المقبل. أمام منتخب غينيا بهدف نظيف وبصعوبة على استاد القاهرة مساء أمس الأحد. في الظهور الأول لإيهاب جلال كمدير فني للفراعنة خلفًا للبرتغالي كارلوس كيروش.
ظهور وفوز جاء باهتًا ومحملًا بالعديد من السلبيات ولكن الإيجابية الأبرز وهي الفوز وحصد الثلاث نقاط في النهاية ستجب كل شيء. على الأقل حتى موعد المباراة الثانية يوم الخميس المقبل أمام إثيوبيا في مالاوي. لكن ظهر المدرب الوطني بذكاء كبير في التعامل مع اللقاء من اختيار التشكيل وطريقة اللعب. كما كان سلفه كيروش يفعل تمامًا حتى لا يخل بتوازن الفريق الذي تعود على هذا النمط طوال الفترة الماضية.
ذكاء خاص لمدرب واقعي
إيهاب جلال الذي عرف بأسلوبه وكرته الهجومية وطرق لعبه وتكتيكه الخاص الذي يعتمد على البناء من الخلف والتمرير. وتطبيق منظومة الاستحواذ وتقديم كرة ممتعة، تخلى عن كل هذا في لقائه الأول أمام غينيا وعن طريقة لعبه 4-2-3-1 أيضًا. باعتماد صانع لعب رقم 10 في الوسط.
لعب جلال المباراة بأسلوب وفكر وطريقة كيروش التي يعتاد عليه اللاعبين حتى هذا اللقاء لضيق الوقت. ولكي لا يدب الخلل بالفريق وتوازنه وتشويشه بأفكار وتغييرات جذرية ليست في محلها الآن. لتحقيق الفوز الأهم بالوقت الحالي ثم بعد ذلك يبدأ بتنفيذ أسلوبه وتحفيظه ونقله للاعبيه في لقاءات ودية ثم الرسمية القادمة بعد شهور.
وهنا يظهر ذكاء المدرب وواقعيته إلى حد كبير، حيث آثر السلامة ولعب بالمضمون حتى يفوز بالنقاط الثلاثة في بداية مشواره. ثم بعد ذلك وعندما تكون الظروف مهيئة له تمامًا ولديه متسع من الوقت ومباريات ودية ومعسكرات كثيرة. يقوم باتباع منهجه الخاص حينها ونقل فكره وتكتيكه للاعبين وبدء فترته عمليًا مع منتخب مصر.
هذا الأمر لم يلحظه كثيرين بل أكد أغلب النقاد والجماهير، أنه لا فرق بين منتخب جلال ومنتخب كيروش. حيث لم يلاحظوا أن جلال لعب بنفس أسلوب وتشكيل سلفه وتعامل بواقعية كبيرة حتى لا يضر بالفريق ويرهقه ذهنيًا بأفكاره التي لم يسعفه الوقت بتنفيذها. حيث لم يجتمع باللاعبين سوى 4 أيام فقط قبل المباراة.
فضل جلال الاستمرار على نهج كيروش ليضمن الفوز وكذلك في المباراة القادمة أمام أثيوبيا. ثم منذ مباراة كوريا الجنوبية الودية يبدأ في تنفيذ فكره وطريقته وباللقاءات التي تليها والمعسكرات حتى مباراتي مالاوي الرسميتين في التصفيات بالعام المقبل. وهذا نصًا ما صرح به عقب اللقاء.
سلبيات ولاية كيروش
على الرغم من ظهور بعض ملامح أسلوب إيهاب جلال منذ الدقيقة الأولى من عمر المباراة. من خلال محاولة الضغط الأمامي والاعتماد على خط دفاع متقدم على عكس طريقة كيروش. إلا أنه اعتمد على نفس طريقة لعبه وفكره وكذلك مجموعة اللاعبين. وهو ما أدي لبعض الارتباك في صفوف منتخب غينيا الذي نجح في امتصاص هذا الحماس.
وحاول المنتخب طوال أحداث اللقاء الاعتماد على التمرير القصير وبناء الهجمة والتدرج بالكرة من الخلف. إلا أنها ظلت مجرد ملامح عامة لم تنفذ بشكل فعال داخل أرض الملعب.
وبمرور الوقت فرض المنتخب الغيني رتمه على اللقاء في ظل الاستحواذ السلبي لمنتخب مصر. والعجز التام عن الخروج بالكرة إلى وسط ملعب المنافس بالسرعة الكافية.
إحدى أبرز سلبيات منتخب مصر ظهرت من خلال التعليمات المكلف بها عمر جابر في الجانب الأيمن. بعدم التقدم للأمام رغم تواجد ظهير أيسر بنزعة دفاعية وهو أيمن أشرف. وهو ما فطن إليه إيهاب جلال مع انتصاف زمن الشوط الأول، ليمنح جابر الحرية في التقدم لتتحول الطريقة عند الاستحواذ إلى 3-4-3 بانضمام أيمن أشرف. كقلب دفاع ثالث بجانب الونش وياسر إبراهيم.
المشكلة الأخرى التي سهلت الأمور على منتخب غينيا هي كثرة التمرير العرضي في وسط ملعب منتخب مصر. بسبب العجز عن القيام بتمرير طولي بين الخطوط، خاصة مع اعتماد جلال على حمدي فتحي في النزول للخلف لاستلام الكرة من رباعي الدفاع. رغم تواجد عمرو السولية الأكثر قدرة على التمرير وتوزيع اللعب. ولكنها سلبيات كانت موجودة مع كيروش واستمرت لأنه غالبًا اعتمد على نفس الشكل تماما.
عقم هجومي متواصل
غابت الخطورة تمامًا من جانب منتخب مصر باستثناء بعض المحاولات الفردية من خلال الكرات الثابتة. أو محاولات التسديد اليائسة من وسط الملعب والتي لم تشكل الخطورة الكافية على المرمى الغيني.
وساهم عدم تواجد العمق الهجومي في ظل الاعتماد على عمر مرموش كمهاجم وهمي في منح دفاع غينيا أريحية كبيرة في اللعب. خاصة مع تواجد محمد صلاح باستمرار على الطرف الأيمن. كما منح غياب هذا العمق الفرصة لمنتخب غينيا لتهديد مرمى المنتخب المصري بأكثر من محاولة خاصة في الشوط الثاني.
ومع الدفع بمصطفى محمد على حساب زيزو كمهاجم صريح بمنتصف الشوط الثاني. حصل المنتخب على بعض الزيادة العددية داخل منطقة جزاء المنافس ما أسفر عن هدف الفوز في الوقت القاتل.
ورغم التحسن الطفيف في مستوى سرعة التحول للحالة الهجومية في الشوط الثاني. إلا أن الحلول الهجومية الفردية عبر التسديد من خارج المنطقة كانت المتنفس الوحيد للاعبي منتخب مصر.
لكن إجمالا ظهر المنتخب بحالة دفاعية جيدة ومتماسك بعض الشيء في وسط الملعب وإن كان ظهر الإرهاق على اللاعبين كافة. جراء الموسم الطويل لهم والمتخم بالمباريات وحتى المحترفين. مما أفقد أغلب النجوم حيويتهم وأثر بشكل فعال على شكل المنتخب ككل. ومع تحقيق الفوز وهو الأهم في التصفيات عامة لحصد النقاط والصعود. يجب كل تلك السلبيات وتبقى لدى الجهاز الفني ليعالجها قبل اللقاء القادم والظهور بشكل أفضل.
وعن ظهور إيهاب جلال الأول فكان ذكيًا إلى حد كبير ونجح في التعامل مع كل الضغوط التي كانت عليه قبل اللقاء وأثنائه. وخرج فائزًا وحصد النقاط الثلاثة أهم شيء وأسكت كل الانتقادات التي كانت جاهزة للهجوم عليه بضراوة. لعدم تقبله من الإعلام والجماهير لأنه ليس من أبناء القطبين الأهلي والزمالك وليس له رصيد دولي كلاعب كبير سابقًا.
نجح إيهاب جلال وأظهر شخصية جيدة وذكاء كبير يدل على حدوث طفرة بالمنتخب بعد أن ينهي لقاء إثيوبيا. ويبدأ في تطبيق فكره الهجومي وفلسفته وطريقة لعبه بمشاركة اللاعبين الذين اختارهم ويمتلكون مهارات خاصة ويجيدون تطبيق أفكاره. حينها سيصبح الفراعنة في ثوب جديد حقيقة وشكل هجومي أفضل كثيرًا. يحاول أن يقترب به لمستوى أداء المنتخب في حقبة حسن شحاتة الذهبية.