تضامن عدد من الشخصيات العامة والأطباء مع الدعوى القضائية التي تقدم بها فريق دفاع” لمطالبة الحكومة المصرية بضرورة توفير لقاح كورونا بشكل مجاني للمواطنين كافة بدون استثناء.
تلك الدعوى التي تقدم بها المحامي خالد علي وكيلاً عن إلهامي المرغني نائب رئيس حزب التحالف الشعبي، اختصمت كل من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ووزيرة الصحة. وقد جاءت ردًا على ما أعلنته وزيرة الصحة حول عدم مجانية التطعيم ضد فيروس كورونا لكل فئات الشعب. إذ قصرت إتاحة اللقاح بالمجان على الأطقم الطبية في كافة المستشفيات. إلى جانب المواطنين غير القادرين والمدرجين على برامج “تكافل وتكرامة”.
التطعيم حق للغني والفقير
فبعد انضمام رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مدحت الزاهد لدعوى “مجانية اللقاح”، أعلن النائب السابق هيثم الحريري وعضو المكتب السياسي للحزب،انضمامه أيضا، حيث يراها السبيل لحصول المواطنين على اللقاح مجانا بشكل عادل، في ظل إصرار الحكومة على هذه “السياسات الصحية المجحفة”، بحسب تعبيره.
وأكد الحريري أن التطعيم في مواجهة هذا الوباء حق للجميع غني وفقير قادر وغير قادر فجميعهم مصريين في ظل هذا الوباء: ” على الحكومة أن تلتزم بتوفير التطعيم مجانا لكل المصريين بلا استثناء ووضع أولويات الحصول عليه للعاملين في الموسسات الصحية وكبار السن والمرضي وأصحاب الأمراض المزمنة والعاملين في المؤسسات الأمنية والقضائية”.
وقد ذكرت صحيفة الدعوى “أنه قد يكون من المقبول القول بإن هناك ترتيب أولويات للفئات التي ستحصل على التطعيم شأن الأطقم الطبية، وكبار السن، والأمهات، والذين يقدمون خدمات حيوية واستراتيجية للجمهور.. إلخ حسب قدرة الدولة على استيراد اللقاحات لحين نجاحها فى تصنيعها بالمصانع المصرية”. أما جعل التطعيم بمقابل مادي فهو أمر مخالف لصريح القانون بغض النظر عن قيمة هذا المقابل التي يتم إعلانها الآن، وفق الدعوى.
وأوضح الحريري، في تصريحات خاصة لـ” مصر 360″ أنه ثابت على موقفه الرافض وإدانة الحكومة في مخالفاتها المتكررة لما جاء في الدستور المصري وخاصة في المادة ١٨ من الدستور المصري الذي ينص على “لكل مواطن الحق فى الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل”.
وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3 % من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
وتابع الحريري: “على مدار السنوات الست الماضية لم تلتزم الحكومة بتخصيص نسبة الإنفاق الحكومي المخصصة في الدستور علي الصحة والتعليم، مما كان له أثر سلبي شديد على تقديم الخدمة الصحية المناسبة للمصريين، وتراجع مستوى العاملين في منظومة الصحة ماديًا، وما ترتب على ذلك من استقالة آلاف من الأطباء المصريين المتميزين”.
اقرأ أيضا:
الحياة أغلى من 6 مليارات دولار.. دعوى قضائية تطالب بلقاح كورونا مجاني لجميع المصريين
“لقاح مدفوع حقه”
“اللقاح في وقت الوباء حق لكل مواطن، وتوفيره مجانا واجب على الدولة للمواطن الغني والمواطن الفقير، ولأن الفقراء في مصر أكثر من 4 مليون مواطن مستحقي دعم “تكافل وكرامة”، تلك الأسباب دفعت الدكتورة منى مينا، عضو مجلس الأطباء الأسبق، للانضمام للدعوى.
وبحسب مينا، فالمصريون دفعوا حق اللقاح مقدما، وذلك بعد أن قامت الدولة بخصم نسبة 1 % من رواتب الموظفين، ة 0.5% من المعاشات، بالإضافة إلى الحماية لجميع المواطنين تقتضي إعطاء اللقاح لنحو 70% على الأقل من المصريين، مع وضع اعتبارات أخرى حيث إن الانفاق على توفير اللقاح يعتبر من المنظور الاقتصادي توفيرا وليس إنفاقا.
وكانت الحكومة أصدرت قانون يتيح خصم ١٪ من إجمالي دخل العاملين في الدولة إضافة إلى خصم ٠.٥٪ من أصحاب المعاشات في مواجهة بعض التداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار الأوبئة أو حدوث الكوارث الطبيعية.
“من المعلوم بالضرورة ومن خبرات الإنسانية فى مواجهة الأوبئة، أن اللقاحات وقت الوباء لابد أن توزع مجانا، وبشكل جماعي وفق ترتيب قواعد أولويات شفافة وتتسم بالعدالة”، هنا يوضح الدكتور علاء عوض، أستاذ الكبد والجهاز الهضمي.
وعن الحديث عن تحمل الفئات القادرة ثمن اللقاح، انضم الطبيب لدعوى “مجانية اللقاح”، مشيرا إلى أن ذلك الأمر يفتح العديد من الأبواب الخلفية للتمييز ويحرم قطاعا واسعا من السكان من تلقيه، هؤلاء الذين عليهم أن يثبتوا لأجهزة الدولة أنهم فقراء، بحزمة من الأوراق والإجراءات الإدارية المعقدة.
وأكد عوض أن تمويل حملات التلقيح قضية منفصلة عن جيوب المواطنين، لها آليات وصناديق تبنيها الدولة، موضحا أنه فى زمن الوباء يتم تعليق حق الملكية الفكرية، ويجوز لأى دولة حق إنتاج اللقاحات إذا توافرت لها التكنولوجيا والخبرة المناسبة.
ويرى عوض أن الإنتاج المحلى للقاحات هو الخيار الوحيد للخروج من دائرة الاحتكار الذى تمارسه الرأسمالية والتمييز ضد شعوب البلدان الفقيرة.
مجانية اللقاح ضرورة لحماية الصحة العامة
كما انضم إلى الدعوى كتاب صحفيون، مثل الكاتب الصحفي، أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة الأهرام الأسبق، الذي أكد أن مجانية لقاح كورونا ضرورة لحماية الصحة العامة.
وتساءل النجار عبر تدوينة له:”هناك دول متقدمة وناهضة ونامية وفقيرة على حد سواء تقدم اللقاحات مجانا لمواطنيها فلماذا لا نفعل مثلهم؟، مشيرا إلى أن مواجهة الأوبئة وحماية الصحة العامة تكون بدور فاعل للدولة في حماية المواطنين وتوفير اللقاحات لهم مجانا”.
وتابع: “تصريح وزيرة الصحة بأن صندوق تحيا مصر سيتحمل التكلفة عن الأشخاص غير القادرين وسيتم ربطه ببرنامج تكافل وكرامة، وأنه (مش لازم يكون مجانا للجميع)، هو تصريح غير لائق وغير كريم لأنه يعني أن يضطر المواطنين لإهانة أنفسهم بالقول بأنهم غير قادرين أو يقدموا شهادة فقر دالة على عدم مقدرتهم حتى يحصلوا على اللقاح ويتحمل صندوق تحيا مصر وبرنامج تكافل وكرامة التكلفة عنهم! ”
مضاعفة المتحصلات الضريبية
وأكد النجار أن الدولة ضاعفت المتحصلات الضريبية من جيوب المواطنين من نحو 260,3 مليار جنيه عام 2013/2014 إلى نحو 964,8 مليار جنيه في مشروع موازنة عام 2020/2021، فماذا تريد بعد ذلك حتى تقدم لهم الرعاية الصحية مجانا في مواجهة وباء كوفيد 19.
وبحسب النجار، “الدولة ضاعفت الديون العامة الداخلية التي تكبل بها الشعب والأجيال القادمة من 1816 مليار جنيه في يونيو 2014 إلى نحو 4354,5 مليار جنيه في ديسمبر 2020، وضاعفت الديون الخارجية من 46,1 مليار دولار في يونيو 2014، إلى نحو 123,5 مليار دولار في يونيو 2020 بما يعني أن هناك نفقات ضخمة للدولة تتجاوز إيراداتها، فهل هناك أولوية للإنفاق العام أكثر من الانفاق على حماية الصحة العامة لمواطني الدولة؟”.
“أرجو أن تراجع الحكومة توجهها في هذا الشأن احتراما لمواطنيها ولأولوية حماية الصحة العامة وكرامة المواطنين الذين يمولون الموازنة العامة للدولة بمدفوعاتهم الضريبية وبملكياتهم العامة للموارد الطبيعية والشركات العامة”، يقول للنجار.
وعي المجتمع المصري
وعن مدى تأثير الانضمام للدعوى على مسارها القضائي، أوضح المحامي علي أيوب الذي أعلن عن رغبته في الانضمام للدعوى القضائية موخرا، أن ذلك يعكس وعي المجتمع المصرى لضمانات الحق في الصحة.
يؤكد أيوب أن حق الإنسان في الصحة مسلم به في العديد من الصكوك الدولية، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية.
كما يعترف بالحق في الصحة في عدد من صكوك حقوق الإنسان الإقليمية، مثل الميثاق الاجتماعي الأوروبي لعام 1961 والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981 (المادة 16)، والبروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1988 (المادة 10). وبالمثل، أعلن عن الحق في الصحة من جانب لجنة حقوق الإنسان، وكذلك في إعلان وبرنامج عمل فيينا لعام 1993، وفي صكوك دولية أخرى.