اتفق أحمد الخولي المزارع الستيني بالغربية، على “ضرس”، محصوله من القمح -وهي عملية يتم فيها فصل الأعواد عن الحبوب- بعد الاتفاق مع صاحب جرار زراعي على تكلفة الساعة الواحدة. قبل أن يُفاجئ صباح اليوم برفع صاحب الجرار التكاليف، بعد زيادة أسعار السولار الذي يمثل عصبا للماكينة الزراعية.
فقد قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، زيادة سعر السولار، بمقدار واحد جنيه للتر، ليصبح سعر البيع بالسوق المحلية 8.25 جنيه للتر، اعتبارًا من الساعة الثانية من صباح أمس الخميس. مع تثبيت أسعار البنزين بأنواعه عند 8.75 جنيها للتر البنزين 80، و10.25 جنيها للتر البنزين 92، و11.50 جنيها للتر البنزين 95. وتثبيت سعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والصناعات الغذائية عند 6000 جنيه للطن.
يقول الخولي إنه اتفق مع صاحب الجرار الزراعي بعد صلاة العشاء على 800 جنيه للساعة، قبل أن يفاجئ اليوم برفع السعر إلى 900 جنيه، بسبب ارتفاع السولار، وتصنيف الجرار على أنه ماكينة “تأكل”، الكثير من “الجاز”.
يضيف الرجل الستيني: “المشكلة أن الجاز يدخل في كل أمور الزراعة، في الري والحصاد والضرس والحرث والنقل، يعني الفلاح أشد الفئات التي تتأثر برفع أسعاره”.
اقرأ أيضا: يكملون عشاءهم “سلف”.. التضخم يلتهم غذاء المصريين (تقرير مدفوع بالبيانات)
منذ استحداث الحكومة لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، كان السولار الأكثر استثناء من رفع الأسعار باعتباره المنتج الأكثر استخدامًا في الزراعة والصناعة والنقل، ولارتباطه الوثيق والمباشر بالتضخم، قبل أن تغير اللجنة سياستها في اجتماعها في وقت متأخر من ليل الأربعاء.
ظل سعر السولار ثابتاً لم يتغير على المستهلك طيلة الفترة من يوليو/ تموز 2019، وحتى يوليو/ تموز 2022، لمدة 3 أعوام بسعر 6.75 جنيها للتر. ثم تمت زيادة السعر بواقع 50 قرشا في يوليو/ تموز الماضي، ليباع بسعر 7.25جنيها للتر خلال الفترة يوليو/ تموز 2022 إلى إبريل/ نيسان 2023.
نقيب الفلاحين: المزارع المتضرر الأول من رفع “الجاز”
يقول حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، إن القرار يحمل تأثيرا كبيرا على المزارع، وكان يجب تأجيله لما بعض موسم حصاد القمح، والتوريد حتى لا تزيد التكاليف على الفلاحين، وحتى لا ترتفع أسعار الحاصلات الزراعية التي تعتمد على النقل بين المحافظات.
يضع أبو صدام حسبة بسيطة تشرح العلاقة بين السولار والزراعي قبل زيادة الأسعار صباح أمس، فالفدان يحتاج لحرث وجهين (مرتين)، بنحو 1800 جنيه، وضرس بماكينة حصاد بسعر نحو 800 جنيه وصفيحتي سولار (40 لترًا)، للرية الواحدة أي أن الري مرة واحدة ارتفعت تكلفته 40 جنيهًا.
يطالب نقيب الفلاحين بقرار حكومي يحمي المزارع حاليًا من التقديرات الجزافية لأصحاب الماكينات، كوضع سعر لتكلفة عربات النقل مثل، سيارات الأجرة والسيرفيس وكذلك تقديرات يتم الالتزام بها، لاستخدام الجرارات الزراعية في الحرث والحصاد، مشددا على أن عدم وضع مثل تلك التعريفة سيرفع أسعار الخضروات والفاكهة والدواجن بنسب أعلى من المفترض.
الحكومة تتحدث عن أعباء الدعم
بررت وزارة البترول والثروة المعدنية في بيان ظهر الخميس، الرفع بزيادة الأسعار العالمية للمنتجات البترولية، وأسعار صرف الجنيه المصري أمام الدولار خلال الفترة من يوليو/ تموز 2022 حتى إبريل/ نيسان 2023، إثر تداعيات التحديات العالمية الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية.
اعتبرت الوزارة أن الأسعار العالمية، وهبوط الجنيه تسبب في ارتفاع تكلفة توفير اللتر الواحد من السولار علي الدولة إلى 12.25 جنيها، بينما يباع محليا للمستهلك بسعر 8.25 جنيها للتر. مؤكدة أن الدولة تتحمل هذا الفارق في التكلفة في صورة دعم، بعد أن كانت تكلفة بيعه معادلة لتكلفة توفيره.
وبحسب البيانات الحكومية، فإن الدعم الموجه للسولار فقط وصل قبل قرار الزيادة الي 222 مليون جنيه يوميا، بما يعادل 6.7 مليار جنيه شهريا. أي بإجمالي 80 مليار جنيه كمتوسط سنوي لمنتج السولار وحده.
وبعد الزيادة لا يزال السولار يكلف الدولة دعما يوميا قيمته 178 مليون جنيه بدلاً من 222 مليون جنيه يعادل 5.3 مليار جنيه شهريا بإجمالي 64 مليار جنيه سنويا.
اقرأ أيضا: زيادة 50%.. تشجيع المزارعين على توريد القمح لتقليل فاتورة الدولار
13.8% زيادة دفعة واحدة
رفعت لجنة التسعير التلقائي السولار بنسبة 13.8%، رغم قرار تشكيل اللجنة ينص على ألا تتجاوز نسبة التغيير في سعر البيع المستهلك -ارتفاعا أو انخفاضا- عن 10% من سعر البيع الساري.
يقول الخبير الاقتصادي هاني جنينة، إن معدل الزيادة أعلي من الخط الأقصى لنسبة التعديل الربع سنوي 10%، ليعكس تأخر الدولة في تعديل السعر منذ منتصف 2022، مضيفا أن ارتفاع معدلات التضخم خلال الربع الحالي السولار مع تحرك محتمل في سعر الصرف تعني تسارع مؤقت.
وتعتمد آلية عمل اللجنة على ربط أسعار المنتجات البترولية في السوق المحلية بالأسعار العالمية، وذلك في ضوء التكلفة بشكل تلقائي، باستثناء البوتاجاز والمنتجات البترولية المستخدمة من قبل قطاعي الكهرباء والمخابز.
كما تطبق آلية التسعير التلقائي على المنتجات البترولية تسليم المستهلك شاملا الضريبة على القيمة المضافة باستثناء البوتاجاز والمنتجات البترولية المستخدمة من قبل قطاعي الكهرباء والمخابز.
بحسب جنينة، فإن الزيادة المتوقعة في التضخم تستدعي حفاظ البنك المركزي على سياسة التشديد النقدي (رفع الفائدة)، وقد يتبع تلك الخطوات انفراجه في علاقة مصر مع صندوق النقد الدولي.
ويفترض، أن يعلن صندوق النقد الدولي موعدا للمراجعة الأولى، للاقتصاد المصري بعد الحصول على الشريحة الأولى من القرض، وهي عملية لم تتم حتى الآن، وفي خطاب نوايا موجه إلى الصندوق بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني، تعهدت وزارة المالية بأنها ستسمح لأسعار معظم منتجات الوقود بالارتفاع حتى تتماشى مع آلية مؤشر الوقود في البلاد، لتعويض التباطؤ في مثل هذه الزيادات خلال السنة المالية الماضية.
وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي اجتماعا في 18 مايو/ أيار الحالي، لبحث مصير الفائدة، وكانت التوقعات قبل رفع أسعار السولار تدور بين الرفع أو التثبيت، ومع قرار لجنة التسعير التلقائي أصبح الجدال بين الخبراء ليس على الرفع، ولكن في القيمة التي سيتم الرفع بها.
ويعتبر السولار العنصر الأساسي المستخدم في النقل، وبالتالي ارتفاع أسعاره يؤثر بصورة مباشرة على مستويات أسعار السلع، والبضائع بكل أنواعها. ومن ثم التأثير بصورة مباشرة على معدل التضخم في البلاد.
ويعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء معدل التضخم العام لشهر إبريل/ نيسان، وكذلك البنك المركزي يكشف عن مستوى التضخم الأساسي في 10 مايو/ أيار الحالي. أي أن تأثيرات قرار رفع السولار لن تظهر إلا في تقريري مايو/ أيار الصادرين في 10 يونيو/ حزيران المقبل.