عانى نادي إيفرتون الإنجليزي فترة طويلة من عدم الاستقرار الفني، وتوالي مدارس مختلفة على تدريب فريقه الأول. الأمر الذي زاد من تشتت الفريق فنيًا وذهنيًا، وظهر جليًا هذا الموسم في صراع “التوفيز” للابتعاد عن مراكز القاع والهبوط بجدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. وهو ما دفع إدارة النادي العريق إلى ضرورة إقالة الإسباني رافائيل بينيتيز والعودة للأصول مع مدرب شاب إنجليزي لديه نفس الفلسفة الكروية المباشرة، هو فرانك لامبارد أسطورة تشيلسي.
لفرانكي تجربة سابقة ناجحة مع البلوز كمدرب، صنع فيها جيل جديد ومبشر للنادي. إلا أن أرقامه مع الفريق في موسمه الثاني والصفقات الضخمة التي شهدها ستامفورد بريدج، دفعت حينها الإدارة إلى إقالته في منتصف الموسم الماضي. ذلك لعدم توافق النتائج مع الأموال التي صرفت والتعاقدات الكبيرة والطموح الجديد. وقد تولى المنصب بعده توماس توخيل الذي قاد إيفرتون إلى بطولة دوري أبطال أوروبا الصيف الماضي.
بقي لامبارد -منذ ذلك الحين- بدون نادٍ يدربه حتى حصل على عقد لمدة عامين ونصف في جوديسون بارك. وذلك في محاولة أخيرة لإنقاذ التوفيز من عثرتهم. فهل ينجح صاحب الـ 43 عامًا في إعادة بريق التوفيز؟
أزمة لامبارد مع تشيلسي أبرز أفات إيفرتون
كانت أكبر أزمات لامبارد مع تشيلسي في موسمه الثاني خط الدفاع الهش. وقد تلقى أهدافًا عديدة وتسبب في خسارة الفريق نقاط عدة. وهو الأمر الذي لم ينجح في إصلاحه وهو أيضًا أحد أكبر أزمات إيفرتون. فالنادي الذي يجاور فريق ليفربول بالمدينة حافظ على نظافة شباكه 3 مرات فقط في 20 مباراة بالدوري.
لامبارد مطالب الآن بأن يحسن تنظيم الدفاع إذا أراد لناديه الجديد الابتعاد عن الخطر. لا سيما وأن الفريق تلقى أهدافًا من حالات فقدان الكرة أكثر من أي فريق آخر بالبريميرليج إلى الآن.
إيفرتون أيضًا مطالب بمعالجة ضعف الطرفين. لا سيما بعد بيع الظهير الأيسر لوكاس دين لأستون فيلا، والتعاقد مع بديله الأوكراني فيتالي ميكولينكو. وتبقى مشكلة الدفاع ضد الكرات الثابتة أزمة أخرى. إذ تلقى إيفرتون 8 أهداف من ركلات ركنية هذا الموسم. وهو ما يجعل على عاتق فرانكي عمل كبير ومضني لتحسين هذا الجانب والتفوق بأشكال تكتيكية وفنية على ثغراته. ومن ثم إعادة ترميم دفاع الفريق وزيادة صلابته بالنصف الثاني من الموسم الكارثي للفريق.
ميزة لامبارد تقوده لإعادة الهجوم للتألق
بلا شك تميز لامبارد كمدرب مع تشيلسي في الجانب الهجومي القوي. وقد كان لاعبًا مميزًا في هذا الشق، كونه لاعب وسط وهداف كذلك.
استمر تفوق لامبارد الهجومي كمدرب، وصنع نجومًا في هذا الجانب، واكتشف آخرين تألقوا فيما بعد على مستوى الدوريات الأوروبية الكبرى. وكان على رأسهم إبراهام مهاجم روما الحالي. بالإضافة إلى ماسون ماونت نجم تشيلسي الآن.
سيعمل لامبارد بشدة في تجربته الجديدة مع إيفرتون على هذا الشق الهجومي، وبالتحديد مع خط الهجوم الذي عانى كل المعاناة هذا الموسم من تراجع كبير بالمستوى وسجل تهديفي ضعيف للثنائي ريتشارلسون وكالفريت لوين الذي غاب طويلاً بسبب الإصابة.
ويعود جزء من ضعف قدرة إيفرتون على بدء المباريات بشكل قوي إلى عدم وجود عناصر هجومية رئيسية. إذ أن لوين الذي سجل 16 هدفًا في الدوري الإنجليزي بالموسم الماضي، اختفى هذا الموسم تمامًا بسبب فترة الإصابة الطويلة، وفشل عملية تأهيله أكثر من مرة بالشكل المناسب كما كان الموسم الماضي.
هذا هو أهم تحدي لفرانكي خلال الفترة المقبلة، وهو يتمثل في إعادة الثنائي الهجومي الخطير لسابق تألقهما، ومن ثم تحسين وضعية الفريق بجدول الترتيب.
عندما كان مدربًا لتشيلسي وقبل مواجهة إيفرتون، تحدث لامبارد عن كالفرت لوين وأشاد بقدراته. قال: “لا يشارك الجميع في فريقهم الأول في سن 17 أو 18 عامًا بخلاف واين روني ومايكل أوين، يتعين على اللاعبين الآخرين إيجاد طرق مختلفة. الآن أظهر كالفرت لوين الموسم الماضي وخصوصًا هذا الموسم، أنه دائمًا ما يكون مهاجمًا متكاملًا. كل جزء من أسلوبه يشكل تهديدًا حقيقيًا”.
إخراج الأفضل من صفقتي الشتاء الأهم
افتقر نادي إيفرتون إلى الإبداع في خط الوسط طوال الموسم الحالي. وقد ظهر هذا جليا في افتقاد اللاعبين الثلاثة الأهم الذين قدموا أكبر عدد من الفرص خلال الموسم الماضي؛ دين (46) وجيلفي سيجوردسون (44) وجيمس رودريجيز (40).
يعمل لامبارد بالفعل على ملء الفراغ الإبداعي، بضم صفقتين مميزتين؛ ديلي ألي صانع ألعاب توتنهام وصاحب الإمكانات الكبيرة هجوميًا ودفاعيًا أيضًا بدرجة أقل، بالإضافة إلى لاعب مانشستر يونايتد دوني فان دي بيك، الذي انتقل على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم، وكافح اللاعب البالغ من العمر 24 عامًا لاقتحام التشكيل الأساسية في أولد ترافورد منذ انتقاله من أياكس مقابل 39 مليون جنيه إسترليني في صيف 2020، ورغبته في النجاح وإثبات ذاته يتماشى مع المستوى الذي يحتاجه إيفرتون حاليًا.
وبعد أن كان شخصية هامشية إلى حد كبير في يونايتد، سيسمح لامبارد لفان دي بيك باللعب في مركزه المفضل (رقم 10) وكذلك ديلي ألي الباحث عن ذاته، وربما المساعدة بتقديم النصائح لهما بحكم أن لامبارد كان لاعبًا أسطوريًا في وسط ميدان تشيلسي. وهو ما يلقي إيفرتون بالآمال عليه الآن للخروج من محنته.