تنتظر الأوساط التعليمية خروج الدكتور طارق شوقي -وزير التربية والتعليم- بعد عيد الفطر لإعلان شروط مسابقة تعيين 30 ألف معلم. وذلك لسد العجز في عدد المدرسين. تلك المسابقة التي كان من المقرر إعلانها في مارس الماضي.
أزمة نقص أعداد المدرسين ظهرت منذ سنوات طويلة في ظل وجود بطالة بين خريجي كليات التربية. ودخول مهنة التدريس دخلاء غير تربويين وكذا شيوع الدروس الخصوصية. فضلا عن عدم التعيين بعد خروج آلاف من المدرسين للمعاش سنويا. ما زاد العجز في عدد المدرسين.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر في يناير الماضي قرارات لتحسين أحوال المعلمين المادية. ومن ضمنها إجراء مسابقة تعيين ٣٠ ألف معلم سنويا على مدار ٥ سنوات لسد العجز الصارخ في أعداد المدرسين. ليتم تعيين ١٥٠ ألف معلم في ٥ سنوات لمواجهة العجز الذي يصل إلى ٢٦٠ ألف معلم. فيما تحتاج الدولة إلى ٩ مليارات جنيه لسد هذا العجز كأجور. حيث يكلف تعيين ٣٠ ألف معلم الدولة نحو مليار جنيه بالحد الأدنى للأجور بحسب تصريحات سابقة لوزير التعليم.
الحكومة وتكليف المعلمين
في عام 1998 قررت الحكومة إلغاء تكليف خريجي كليات التربية المعنيين بالتدريس. ومنذ ذلك التاريخ اقتحم مهنة “التدريس” خريجو كليات وتخصصات لا علاقة لها بالمهنة. غير أن عددا كبيرا من المواطنين والمسؤولين أيضا حملوا خريجي كليات التربية مسؤولية تردي العملية التعليمية حاليا.
وكان التكليف يجبر الخريج على النزول إلى الميدان والتعامل مع الطلاب بالفصول. فيما اتسعت الأزمة. حيث إن معظم المدرسين بمراكز الدروس الخصوصية ليسوا معلمين وليسوا خريجى تربية. ومعظم المدرسين بمراكز الدروس الخصوصية على صلة قرابة بصاحب المركز. ما أدى إلى تدهور العملية التعليمية حيث أصبحت مهنة “سبوبة وبيزنس”.
وظلت مسابقات الدولة لتعيين معلمين متوقفة وعندما ظهرت المشكلة لجأت وزارة التعليم إلى إعداد مسابقة للتعيين بالحصة في كل مديرية من خريجي التربية يتم التعاقد معهم بعد مضي ٣ سنوات. ثم الإعلان عن مسابقة للمدرسين قبل ذلك توقفت بعد الإطاحة بنائب الوزير لشؤون المعلمين الدكتور محمد عمر وقتها وعدم خروج المسابقة إلى النور.
ومنذ أيام الدكتور حسين كامل بهاء الدين -وزير التعليم الأشهر في فترة حكم الرئيس حسني مبارك- وخريجو كليات التربية في مأساة كبرى. فلا عمل لهم في مهنة التدريس على عكس خريجي الكليات الأخرى: الآداب أو التجارة أو العلوم.
ونتيجة إلغاء التكليف أصبح طالب كليات التربية لا يهتم كثيرا بالتحصيل وأصبحت “شهادة” غير مفعلة. وبعضهم يلجأ إلى العمل في مدارس خاصة بالقرى والنجوع ليكون فريسة لاستغلاله من أصحابها.
المسابقة الجديدة لتعيين المعلمين
وحول المسابقة الجديدة للمدرسين أعلنت وزارة التعليم أنها تقوم بحصر نسب العجز في عدد المدرسين بكل مدارس الجمهورية. وكذلك تحديد نسب العجز في كل مادة سواء أساسية أو أنشطة إضافية. وذلك بهدف تسهيل العمل على توزيع المدرسين بعد تعيينهم وفق ضوابط محكمة لسد العجز تدريجيا. بحيث تحصل كل محافظة على حسب نسبة العجز. دون أن يتم تركيز أعداد بعينها في محافظة معينة وترك محافظة أخرى تعاني عجزا.
وسيتم اختيار أصحاب الكفاءات من بين المتقدمين الذين تتوافر لديهم الشروط والضوابط الخاصة بالمسابقة.
وتشمل شروط المسابقة الجديدة أن يكون من خريجى التربية والآداب والدبلوم التربوى شرط أساسي للاختيار والأولوية للمواد الدراسية الأساسية والمرحلة الابتدائية من رياض الأطفال حتى الصف السادس الابتدائي. حسب خريطة العجز.
وهناك نصيب لمواد الأنشطة ولكن للمواد الأساسية نصيب الأسد مع ربط التقدم بمحل السكن. وسيتم الاختيار طبقا للسن والأعلى تقديرا والأعلى درجة علمية. على أن يوقع المقبول عقدا لمدة عامين بدرجة معلم مساعد.
وأهم شروط التثبيت الحصول على شهادة الصلاحية للمهنة ثم التقييم لمدة عامين والاختبار وقياس الأداء من المدرسة والموجهين ثم اختيار في الأكاديمية نفسيا وتربويا.
وقال الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم إن التنافس على تعيين 30 ألف معلم على مستوى الدولة بأكملها يعني أن الوزارة تعمل مع التنظيم والإدارة ووزارة المالية تحت إشراف رئيس الوزراء.
تخصصات معينة هي المطلوبة
وأضاف أن تعليمات رئيس الجمهورية بتعيين مدرسين في تخصصات معينة في نقاط معينة وليس مجرد تعيين. لذا تعمل الوزارة على تحديد أوجه القصور من حيث الاختصاصات والمناطق مع العديد من الجهات في الدولة بمنتهى الشفافية ودون محاباة.
أشرف سعيد -معلم لغة عربية- يقول إن كليات التربية هي الأولى في تعيينات المسابقة الجديدة. لأنهم درسوا خلال ٤ سنوات الأساسيات التربوية وهم أكثر مواكبة للتكنولوجيا الحديثة.
وأضاف أنه منذ 20 عاما تم إلغاء التكليف وزيادة نسبة المدرسين المحالين للمعاش التى وصلت العام الماضي إلى 30 ألف معلم. وقد أدى ذلك إلى زيادة العجز في المدارس بكافة تخصصات التدريس. إضافة إلى وجود نسبة كبيرة تصل إلى ٧٠٪ دخلاء على مهنة التدريس ممن ليسوا خريجي كليات التربية.
عماد حسن -معلم رياضيات- يقول إن الأساس في العملية التعليمية يجب أن يكون خريج كلية التربية. لأنه ليس لديه مهنة أخرى. فإذا لم يعمل بمهنته الأصلية كمعلم فسينضم فورا إلى طابور العاطلين.
وأضاف أن كليات التربية ترمي بأكثر من ٤٠ ألف خريج سنويا. مشيرا إلى ضرورة أن تكون هناك تدريبات على المنظومة الجديدة للتعليم. وتابع: ليس هناك أقدر من خريج التربية على استيعاب هذه التحديثات. أما أصحاب الكليات الأخرى فسيكلفون الدولة عبء التدريب الطويل وقد لا يحققون النتائج ذاتها.
وأكد أن عدم حل مشكلة نقص عدد المدرسين يؤدي إلى مزيد من الأعباء على المدرسين الحاليين في المدارس. وقال إن نسبة العجز الحالية تعني أن هناك مدرس لكل 189 تلميذ في حين أننا نحتاج مدرس لكل 6 تلاميذ.
خريجو التربية
وأشار محسن عبد الخالق -معلم خبير- إلى أن كليات التربية تشمل تخصصات عديدة. منها تكنولوجيا التعليم والطفولة المبكرة واللغات والعلوم الاجتماعية والمواد العملية. ولا بد أن يكون هؤلاء في المقدمة مع وجود تدريبات خاصة لهم ووضعهم تحت التقييم عبر اختبارات أكاديمية نفسيا وتربويا. والتعاقد لمدة معينة وهو ما سوف يحقق المطلوب من التعيينات المقبلة.
وأكد الدكتور حسن شحاتة -أستاذ المناهج وطرق التدريس في كلية التربية بجامعة عين شمس- أن جهود الدولة تسير في أكثر من اتجاه لعلاج المشكلات القديمة المتراكمه. مثل إعداد مناهج جديدة ومنظومة جديدة للامتحانات. ما أثر بشكل كبير على تنامي ظاهرة الدروس الخصوصية وضعف البيئة المدرسية.
وأضاف أن مشكلة العجز في عدد المدرسين والتخصصات المطلوبة كانت تؤرق المدارس وإداراتها. فيما تمثل عبئا ضخما على المدرسين الحاليين في الفصول. والذين يتحملون أنصبة زائدة من الحصص تجعل أداءهم بالتأكيد أقل جودة.
وقد وضعت الدولة يدها على هذه المشكلة ورصدت تعيينات على مدار 5 سنوات قادمة بتعيين ١٥٠ ألف معلم. وهذه تعد خطوة هامة على الطريق الصحيح.
وقالت الدكتورة راندا الديب -أستاذ أصول التربية بجامعة طنطا- إن المسابقة الجديدة تعتمد على اختيار خريجين ذوي كفاءات ولديهم دراية بالكمبيوتر وحاصلين على تقديرات عالية. مما يتيح الفرصة لأصحاب الكفاءة ويصب في مصلحة العملية التعليمية.