يجري حاليا تنسيق على أعلى مستوى سياسي وأمني بين السلطات المصرية وقيادة “الجيش الوطني” الليبي، لتسليم محمد السيد السنبختي، وكنيته “أبو خالد منير”، إلى مصر، بتُهم تنفيذ هجمات إرهابية ضد قوات الشرطة والكنائس في القاهرة، وذلك بعد اعتقاله الأربعاء الماضي في محيط طرابلس.

sss

ومن المقرر أن يتم تسليم “السنبختي”، وهو الذراع الأيمن للضابط السابق هشام عشماوي الذي تم إعدامه بحكم قضائي بعد إدانته باتهامات إرهاب وقتل مؤخرًا، خلال أيام، للتحقيق معه، بعدما كان هاربًا إلى خارج البلاد منذ عدة أعوام، حتى ظهوره أخيرًا في ليبيا.

 

وأوضح بيان “الجيش الوطني” أنه تم القبض على “السنبختي” في العاصمة “طرابلس” بعد رصده ومتابعته في منطقة غوط الشعال بالعاصمة منذ سبتمبر 2019، وتم ترحيله إثره القبض عليه إلى مدينة “بنغازي، واصفًا إياه بأنه “واحد من أهم الإرهابيين الخطرين ويماثل الإرهابي هشام عشماوي في خطورته، وقد عمل مساعدًا له”.

مصادر مصرية مطلعة: المتهم كان وثيق الصلة بالإرهابي الذي تم إعدامه في مصر مؤخرًا، هشام عشماوي

وذكرت مصادر مصرية مطلعة أن من المتوقع قيام الاستخبارات التابعة لـ “الجيش الوطني” بتسليم “السنبختي” إلى مصر خلال الفترة المقبلة، للتحقيق معه بمعرفة أجهزة نيابة أمن الدولة والقضاء، في الاتهامات المنسوبة إليه، بالمشاركة في عدة هجمات استدفت الكنائس القبطية، منها الهجوم على “الكنيسة البطرسية” بحي العباسية في القاهرة عام 2016، فضلا عن عدة هجمات إرهابية على ضباط ومجندين في الشرطة المصرية.

وأضافت المصادر أن المتهم الذي كان وثيق الصلة بالإرهابي الذي تم إعدامه في مصر مؤخرا، هشام عشماوي، وأن “السنبختي” كان يعد ذراعه الأيمن في كل العمليات التي نفذها ضد قوات الأمن المصرية، سوف يخضع أولا لتحقيقات موسعة من قبل “استخبارات الجيش الوطني”، قبل نقله إلى مصر، وذلك للحصول على معلومات بشأن المسلحين المتطرفين الذين يقاتلون بجانب قوات حكومة “الوفاق”، فضلا عن مئات المتطرفين ممن تم جلبهم من سوريا عبر “جسر بحري” أقامته تركيا. 

من جانبه، أعلن اللواء أحمد المسماري، المتحدث الرسمي باسم “القيادة العامة للجيش الليبي”، الخميس، عن مقتل سبعة “إرهابيين” مطلوبين للأمن الليبي في محور عين زارة مؤخرا، وذلك ضمن مجموعة “إرهابيين” قادمين من مدينتي درنة وبنغازي” استهدفتهم قوات القيادة العامة، دون أن يسمّي هؤلاء المطلوبين.

 

 

وقال المسماري إن “الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية تستخدم فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية كغطاء سياسي لأهدافها ولتحقيق مآربها في ليبيا”، مشيرا إلى أن “الجيش يقاتل إرهابيين يتلقون دعما من قطر وتركيا”.

“طوفان الكرامة”

في 4 أبريل من العام الماضي، أطلق “الجيش الوطني” العملية العسكرية المسماة “طوفان الكرامة”، وذلك لتطهير العاصمة طرابلس والمنطقة الغربية من الميليشيات الإرهابية، بعد أن انتهى من فرض سيطرة القانون في المنطقتين الشرقية والجنوبية، في معركة طويلة ضد الإرهاب.

وألقى “الجيش الوطني”، خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي، القبض على عدد من العناصر التابعين لتنظيم “القاعدة”، المتهمين في قضايا إرهابية، وأبرزهم مرعى زعبية، وعدد آخر من المتشددين الذين قاتلوا إلى جانب هشام عشماوي، قبل أن يجري القبض على الأخير في بنغازي بمعرفة “الجيش” وترحيله إلى مصر، حيث نُفذ فيه حكم الإعدام مطلع مارس الماضي.

في دلالة واضحة على انهيار معنويات الميليشيا المتطرفة المدعومة من تركيا وقطر في طرابلس، لجأت حكومة السراج مرة أخرى إلى استخدام سلاح الفتوى الدينية، من خلال الإيعاز إلى مفتي الإرهابيين الصادق الغرياني بتقديم فتوى مكررة لدعم الإخوان والمجموعات المساندة لهم من الإرهابيين والمتطرفين في طرابلس، وتبرير أعمالهم الإجرامية وتشجيعهم على ارتكاب المزيد من الإرهاب.

 

في المقابل، تصاعدت خلال الأشهر الأخيرة الجهود التركية المستمرة لجلب مزيد من المسلحين السوريين المتطرفين إلى ليبيا، خاصة في ظل تصاعد القتال الدائر للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس.

المرصد السوري لحقوق الإنسان: إجمالي عدد المسلحين السوريين الذين أرسلتهم تركيا إلى طرابلس بلغ نحو 5300 مسلحًا، وعدد المجندين الذين وصلوا المعسكرات التركية في طرابلس، بلغ 2100 مقاتل

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن إجمالي عدد المسلحين السوريين الذين أرسلتهم تركيا إلى طرابلس بلغ نحو 5300 مسلحًا، في حين أن عدد المجندين الذين وصلوا المعسكرات التركية في طرابلس لتلقي التدريب، بلغ 2100 مقاتل بين صفوف قوات حكومة “الوفاق الوطني”.

وأضاف المرصد، في تقرير له أمس، الجمعة، أنه “في الوقت الذي تتواصل عملية نقل المرتزقة من الفصائل السورية الموالية لتركيا نحو الأراضي الليبية، تواصل تركيا عملية نقل المقاتلين الجهاديين والمتطرفين للقتال إلى جانب حكومة الوفاق في ليبيا والتي كانت قد بدأت في شهر أكتوبر الماضي، حتى وصول دفعة (الخميس) من المقاتلين الجهاديين عبر الجسر البحري التركي – الليبي”.

وذكر المرصد أنه يمتلك قوائم لأسماء 37 من المتطرفين السوريين الذين أُرسلوا إلى ليبيا من قبل تركيا، وهم من الجنسية السورية ممن كانوا يقاتلون سابقا في صفوف تنظيم “داعش” الإرهابي، بالإضافة لوجود عناصر من مجموعات جهادية من جنسيات غير سورية.

“فزّاعة” لدول الجوار

أعرب السفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي عُقدت في مارس الماضي، حول “مكافحة الإرهاب والتطرف في أفريقيا”، عن “قلق مصر البالغ إزاء قيام بعض الدول بتجنيد، ونقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب من سوريا، ونشرهم في ليبيا، الأمر الذي يمثل انتهاكًا فجًا للسلم والأمن الدوليين، بما في ذلك العديد من قرارات مجلس الأمن الصادرة وفقًا للفصل السابع من الميثاق حول ليبيا ومكافحة الإرهاب”.

ومن جهته، قال الكاتب التركي جنكيز أكتار إن “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستخدم المسلحين المتطرفين الموالين له في العاصمة الليبية طرابلس كـ “فزّاعة” لترهيب دول الجوار الليبي، والغرب، والمجتمع الدولي برمته.

الكاتب جنكيز أكتار: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستخدم المسلحين المتطرفين الموالين له في العاصمة الليبية طرابلس كـ “فزّاعة” لترهيب دول الجوار الليبي، والغرب، والمجتمع الدولي برمته

وأضاف “أكتار” في مقال بصحيفة “أحوال” التركية “إن دول جوار ليبيا لن تقبل تحول طرابلس لمفرخه للإرهابيين والمتطرفين”، مؤكدا أن أنقرة تجلب الآلاف من المرتزقة والدواعش في طرابلس ومصراتة لقتال “الجيش الوطني” الليبي.

وأضاف الكاتب أن “الأموال القطرية تسمن الإرهابيين في ليبيا، ولكن أنقرة هي التي تدير عملية نقلهم”، حسب قوله، مشيرا إلى أن “السياسة التركية في ليبيا لن تثمر سوى المزيد من الخسائر للشعب التركي، كما أن أنقرة تخسر دوليا فالمجتمع الدولي صار رافضا لتواجد أردوغان في ليبيا”.

وأكد الكاتب أن “دول جوار ليبيا ترفض الوجود التركي، حيث رفضت الجزائر وتونس وتشاد والنيجر ومالي والسودان ومصر تسليح حكومة السراج، فأنقرة ليست جارة ولا يحق لها التدخل في الشأن الليبي. وإن سياسية أردوغان التي أفسدت سوريا لن تثمر عن شيء في ليبيا، لا سيما أن الجيش الوطني يحظى بتأييد شعبي كبير في داخل البلاد”.

من جانبه، قال المحلل العسكري الليبي محمد الترهوني إن “الجيش قضى على جزء كبير من الإرهاب الذي كان يستوطن المناطق الشرقية والجنوبية والوسطى، واجتث أكبر قوة إرهابية متمثلة في عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي و”أنصار الشريعة”، وكسر شوكتهم في المنطقة الشرقية.

وأكد الترهوني أن قوات “الجيش الوطني” تحاصر الجماعات الإرهابية في مصراتة وطرابلس، وأن الجيش بات قاب قوسين أو أدنى من التخلص من الإرهاب نهائياً في المدينتين، بالإضافة إلى إنهاء التكتل الكبير للجماعات المتطرفة بمدينتي الزاوية وزوارة، مثل “جماعة أبو عبيدة الزاوي” الموالية لتنظيم “القاعدة”، وإحكام الخناق على هذه الجماعات لطردها من الأراضي الليبية.