أثار غياب زعيم كوريا الشمالية، كيم يونغ، عن الإعلام، في الآونة الاخيرة، الكثير من التكهنات بشأن حالته الصحية، تزامنًا مع حديث تقارير عن خضوعه لعملية جراحية في القلب جعلته في حالة صحية حرجة، بينما تداولت تقارير أخرى أنباء عن وفاته واحتمالية ترشيح شقيقته خلفًا له.. ما السيناريوهات المتوقعة بشأن مصير كورويا الشمالية حال صحة هذه الأنباء؟، وهل العالم بصدد أزمة دولية كبرى؟.

sss

صحيفة “نيويورك بوست” تحدثت اليوم السبت، بأن رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون غادر عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ، إلى مكان مجهول وذلك بعد تداول أخبار عن تدهور حالته الصحية، كما نقلت الصحيفة فيديو للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وهو يشكك في الادعاءات التي تقول إنه (كيم) في حالة صحية حرجة، حيث قال “أتمنى أنه بخير، وأعتقد بأنه تقرير مزيف”.

على الرغم من الضجة والبلبلة حول صحة زعيم كوريا الشمالية خلال الـ 24 ساعة الماضية، لجأت بلاده إلى الصمت المطبق حيالها.

فريق صيني

في السياق ذاته، كشفت وكالة “رويترز”، اليوم، أن الصين أرسلت فريقا لكوريا الشمالية يضم خبراء طبيين لتقديم المشورة بشأن الزعيم الكوري الشمالي، حسبما قال ثلاثة أشخاص مطلعون على الوضع، ولم يتسن تحديد بعد ما الذي تمثله رحلة الفريق الصيني فيما يتعلق بصحة كيم.

وقال اثنان من الأشخاص الثلاثة إن وفدا برئاسة عضو كبير في إدارة الاتصال الدولي بالحزب الشيوعي الصيني غادر بكين إلى كوريا الشمالية يوم الخميس، وهذه الإدارة هي الهيئة الصينية الرئيسية التي تتعامل مع كوريا الشمالية المجاورة، فيما امتنعت المصادر عن كشف هويتها نظراً لحساسية الموضوع.

وشكك مسؤولو الحكومة الكورية الجنوبية ومسؤول صيني في إدارة الاتصال في تقارير تالية أشارت إلى أن كيم في حالة صحية خطيرة، وقال المسؤولون الكوريون الجنوبيون إنهم لم يرصدوا أي نشاط غير عادي في كوريا الشمالية.

 اقرأ ايضًا: لماذا يقع المثقفون بمصر في فخ “الوباء المعلوماتي”؟

عملية جراحية

بينما أفادت صحيفة “إن كي دايلي” التي يديرها كوريون شماليون منشقون، خلال اليومين الماضيين، بأن “كيم” خضع لجراحة في أبريل جراء مشاكل في شرايين القلب، وأنه يتعافى في فيلا في مقاطعة فيون غان، وأكدت الصحيفة نقلا عن مصدر كوري شمالي لم تحدد هويته أن “سبب العلاج الطارئ في الأوعية القلبية الذي خضع له كيم هو استهلاكه المكثف للتبغ وبدانته والإرهاق”.

وذكرت قناة “سي إن إن” الأميركية من جهتها نقلا عن مسؤول أمريكي قوله إن واشنطن “تقوم بدراسة معلومات” تفيد بأن كيم جونغ أون “بخطر شديد بعد عملية جراحية”.

وكانت كوريا الشمالية قد احتفلت بالذكرى السنوية لعيد ميلاد والد كيم وجده، في 15 أبريل، لكن كيم لم يكن موجودا بين الحضور، اذا أكد أحد المصادر لصحيفة “إن كي دايلي” أن كيم كان يعاني من مشاكل في القلب والأوعية منذ أغسطس الماضي، لكن أوضاعه الصحية تدهورت بعد زياراته المتكررة لجبل “بايكتو” المقدس.

وأشار التقرير إلى أن كيم غادر إلى المستشفى بعد أن ترأس اجتماع المكتب السياسي لحزب العمال الحاكم في 11 أبريل، حيث شوهد حينها آخر مرة علانية.

يذكر أن بيونغ يانغ قد أطلقت عدة صواريخ قصيرة المدى الأسبوع الماضي، وقال مسؤولون في سيول إنها جزء من الاحتفال بعيد ميلاد الوالد المؤسس، وعادة ما يشاهد كيم مثل هذه الأحداث العسكرية، ولكن هذه المرة لم يتواجد.

إجراء احترازي

من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية “Newsis”، أمس الجمعة، نقلا عن مصادر المخابرات الوطنية فى سيول، أن الزعيم الكورى الشمالى تم إجلاؤه إلى مدينة ونسان الساحلية بمقاطعة كانجون شرقى البلاد.

ووفقا لوكالة الأنباء الكورية الجنوبية فقد لوحظت حركة لسيارات مخصصة لحركة وتنقل زعيم كوريا الشمالية، وهو ما يشير إلى أنه ربما تم إجلاؤه من بيونغ يانغ، حيث لوحظ أيضا وصول القطار المخصص لاستخدام كيم فى ونسان ، لكن طائرة كيم الخاصة ظلت فى بيونغ يانغ.

في حين، ذكر تقرير صادر عن “يو بي آي” أن كيم يونج أون قد تم إجلاؤه من العاصمة بيونج يانج منذ أسابيع كإجراء احترازي لمنع عدوى فيروس كورونا من الوصول له وربما لجأ إلى منزل آمن على الساحل الشرقي لكوريا الشمالية.

وفى مرحلة سابقة من انتشار وباء كورونا فى أواخر فبراير الماضى، بقى كيم فى منطقة ونسان بينما كان يوجه المناورات العسكرية بنفسه، وربما يكون كيم قد عاد إلى ونسان بعد أن تم عزل أعضاء حزب العمال الكورى بسبب الاشتباه فى إصابتهم بفيروس كورونا.

 اقرأ ايضًا: “كورونا يحكم”.. “الفيروس يتلاعب بطموحات “بوتين”

تشابه الأحداث

ولعل أكثر ما يتضح من الأزمة الصحية المحتملة لـ”كيم” هو صعوبة الحصول على معلومات دقيقة حول ما يجري في كوريا الشمالية، فقد يكون كيم مريضًا بشكل خطير، الأمر الذي يفسر فترة غيابه أو اختفائه بأدق تعبير، لكن المسؤولين الكوريين الشماليين رفيعي المستوى، اختفوا عن الرأي العام فقط ليظهروا لاحقًا.

في عام 2014، أخفى كيم يونغ أون نفسه لمدة شهر ونصف ليعاود الظهور، مع عدم تقديم أي توضيح على الإطلاق عن الحالة التي عانى منها، حيث اعتقد بعض الخبراء أنه ربما عانى من هجمات النقرس المكثفة، على الرغم من أن المخابرات الكورية الجنوبية نسبت هذا إلى كيس دهني في قدمه.

ويعيد مرض “كيم” ما حدث وقت وفاة الزعيم الكوري الشمالي السابق والد الزعيم الحالي والذي كان مريضًا بشكل خطير وتم إخفاء خبر مرضه سرًا بينما استمرت الخارجية والحكومة والمجتمع الكوري الشمالي بشكل طبيعي، فقد أصيب والد كيم يونج أون بسكتة دماغية شديدة في أغسطس 2008 تم إخفاؤها عن بقية العالم لعدة أشهر.

سيناريوهات متوقعة

وبالحديث عن بلد ككوريا الشمالية، يسيطر الغموض والعزلة على سياستها، فمن الصعب تحديد تكهنات حول السيناريوهات المطروحة بعد اختفاء “كيم” أو وفاته، لاسيما أنه لا يوجد وريث واضح في الأفق، سوى شقيقته الصغرى وأقرب مستشاريه، فابنته الوحيدة، كيم جو إيه، تبلغ من العمر 7 سنوات فقط.

ويعتقد بول ر.غريغوري، الباحث في معهد هوفر، وهو أحد الأكاديميين الذين فكروا علنًا فيما سيحدث في كوريا الشمالية بعد كيم، أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو نوع من القيادة تشترك فيها قيادة حزب العمال من كوريا، ربما برئاسة “الأبرز من بين أقرانه”، على غرار الجارة الصين.

يكتب غريغوري في مجلة فوربس: “تُظهر أوجه التشابه التاريخية مع اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية والصين، إلى أن كيم سيخلُفُه شكل أخف من الحكومة الجماعية، ويُظهر سلوك الدوائر المحيطة بالسلطة السوفيتية والصينية بعد وفاة ستالين وماو، أن تغيير النظام في كوريا الشمالية لن يمكّن زعيمًا أسوأ، ولكنه سيشرع في التحرك نحو قيادة جماعية أقل عداءً”.

 اقرأ ايضًا: صدق أولا تصدق.. “ترامب” يريد حقن مصابي كورونا بالكلور

سيكون الفراغ في السلطة سيناريو خطير للغاية بالنسبة لكوريا الشمالية، لذلك فإن النتيجة الأكثر احتمالية هي أن كبار المسؤولين في النظام يحاولون التصرف بسرعة لتولي زمام الأمور.

وأشارت “فوربس” إلى أن احتمال استيعاب كوريا الشمالية من قبل كوريا الجنوبية ونشر القوات الأمريكية على الحدود الشمالية الشرقية للصين هي أمور تثير قلقًا كبيرًا (لبكين)، حيث ساعدت نفس المخاوف في إثارة دخول الصين إلى الحرب الكورية، وتشارك موسكو بالتأكيد مخاوف بكين، لكن روسيا تبدو أقل استعدادًا للتدخل إذا تدهور الأوضع”، وستُسبب هذه الأوضاع في هذه الحالة أزمة دولية كبيرة.