“لاحاجة لاتخاذ العالم تدابير تتعارض دون داع مع السفر والتجارة الدولية”، أول تصريحات مدير منظمة الصحة العالمية ” تيدروس أدهانوم” الإثيوبي الجنسية، عقب ظهور وباء كورونا في الصين؛ ما وضع العالم كله في مواجهة عدو خفي، دون اتخاذ تتدابير احترازية حقيقة، ووضع رئيس المنظمة في دائرة الاتهام وعدم تحمل المسئولية.

sss

يواجه “تيدروس” انتقادات شديدة، واتهامات بالتسبب في إغراق العالم في جائحة كورونا، بسبب بطء الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها منظمة الصحة العالمية، التي يرأسها. 

أثار تأخر رئيس المنظمة في التنبه للفيروس، موجة شديدة الغضب ضده، و اجتاح الوباء العالم بأكمله، وعلي موقع ” Change.org“، ظهرت عريضة وقع عليها أكثر من 628,000 شخص حتى الآن طالبوا باستقالة رئيس المنظمة من منصبه.

أقرأ أيضًا:”الصفقة الحرام”..إسرائيل تتسلل لمنابع النيل من الأبواب الخلفية

تأخر البلاغ

أدت سياسات رئيس المنظمة الحالي، في مواجهة الفيروس، وتأخره في إبلاغ العالم بالمعلومات اللازمة، في انتقاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمنظمة الصحة العالمية، وتهديده بتعليق مساهمات أمريكا المالية، متهمًا المنظمة بأن تركيزها منصب علي الصين، ومصالحها فقط علي حساب العالم.

لم يكتف الرئيس الأمريكي بإعلانه ذلك خلال مؤتمر صحفي، بل أنه كتب في تغريدة قائلًا:” إن إدارته ستلقي نظرة فاحصة علي مساهماتها، وشكك في النصائح التي قدمتها المنظمة للولايات المتحدة، مشيرًا إلي أنه لحسن الحظ رفضت نصيحتهم بشأن إبقاء حدودنا مفتوحة أمام الصين في وقت مبكر، متسائلًأ لماذا قدموا لنا هذه النصيحة الخاطئة”.

جهود المنظمة لمواجهة جائحة كورونا، جعل العالم كله يوجه أصابع الاتهام، لمديرها “تيدروس أدهانوم” بسبب بطء الإجراءات التي اتخذتها المنظمة، وحجب معلومات شديدة الأهمية عن حجم وخطورة فيروس كورونا، الذي أدى لإصابة ما يزيد عن مليون ونصف المليون، شخص حول العالم، ووفاة حوالي 60 ألفا على الأقل. 

أقرأ أيضًا: رمال مسكونة بالموت .. حقول اللغم تحصد أرواح المصريين

التستر علي إثيوبيا

 انتقادات وفضائح أخرى طاردت”تيدروس”،  قبل تولي منصبه، عندما تداولت أنباء خلال خوضه الانتخابات على منصب مدير منظمة الصحة العالمية، عن تستره علي 3 موجات من الأوبئة محتملة في إثيوبيا، في أعوام 2006 و 2009 و 2011.

وهي الفترة التي تولى فيها “تيدروس” منصب وزير الصحة في إثيوبيا، بداية من 2005 وحتى 2012، قبل أن يتولى منصب وزير الخارجية.

وبحسب تقرير مطول، نشر في صحيفة “نيورك تايمز”، على لسان “لاري جوستين”، أستاذ القانون الأمريكي،  وصفت وزارة الصحة الإثيوبية، أعراض وباء الكوليرا، الذي اجتاح البلاد خلال هذه الفترة، بأنه إسهال مائي حاد.

الوضع الصحي في إثيوبيا ضعيف حيث يعاني السكان من عبء ضخم من الأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل فيروس نقص المناعة المكتسبة والملاريا والسل

 وعلق مسئول بالأمم المتحدة في هذا التقرير، بأنه كان من الممكن إرسال مساعدات ولقاحات إلي إثيوبيا، إذا ما صارحتنا به وزارة الصحة الإثيوبية، فيما وصف “تيدروس” التقرير بأنه حملة للتشويه، لاسيما أنه كان يتولى منصب وزير الصحة في إثيوبيا خلال هذه الفترة.

ورفض “تيدروس” الانتقادات الموجهة إليه، والتقليل من إنجازاته وسيرته الذاتية، أثناء ترشحه لمنصب رئاسة منظمة الصحة العالمية، والتي وصفت الوضع الصحي في إثيوبيا في تقرير بأنه ضعيف.

 وجاء في التقرير نصًا: “الوضع الصحي في إثيوبيا ضعيف، حيث يعاني السكان من عبء ضخم من الأمراض، التي يمكن الوقاية منها، مثل فيروس نقص المناعة المكتسبة، والملاريا، والسل، والطفيليات المعوية، والتهابات الجهاز التنفسي الحادة، وأمراض الإسهال”.

بالرغم من كل هذه الانتقادات والرفض العالمي، إلا أن “تيدروس” تمكن من الفوز بمنصب رئاسة منظمة الصحة العالمية، بفارق كبير عن منافسه البريطاني، بفضل مساندة الاتحاد الإفريقي له.

أقرأ أيضًا:”النفايات السامة” تجارة إفريقيا الرائجة على حساب الإنسانية

اتهامات بعدم الحياد  

عندما تولى “تيدروس” منصبه واجه اتهامات بعدم الحياد، واتخاذ قرارات مثيرة للجدل، أهمها اختيار رئيس زيمبابوي “روبرت موغاب” لمنصب سفير النوايا الحسنة لمنظمة الصحة العالمية، للمساعدة في التصدي للأمراض غير السارية بإفريقيا.

وتسبب هذا الاختيار بموجة من لانتقادات الشديدة، بعد أن أكد أعضاء منظمة الصحة العالمية، إن نظام الصحة في زيمبابوي، تراجع بشدة في ظل نظام “روبرت موغابي”، بالإضافة للانتهاكات التي يمارسها نظامه ضد حقوق الإنسان، كما أن “موغاب” نفسه لا يستخدم النظام الصحي في بلاده، ويسافر إلي سنغافورة لتلقي العلاج.

نظام الصحة في زيمبابوي تراجع بشدة في ظل نظام “روبرت موغابي” بالإضافة للانتهاكات التي يمارسها نظامه ضد حقوق الإنسان

وقال مراقبون إن “تيدروس” كان يرد الجميل لرئيس الزيمبابوي، الذي أقر ترشحه بمفرده عن الاتحاد الإفريقي، لرئاسة منظمة الصحة العالمية، في عملية وُصفت بأنها غير حيادية، لم تأخذ في الاعتبار بدائل مؤهلة، للترشح عن القارة الإفريقية، مثل “ميشيل سيديبي” من مالي، وأوا “ماري كول” من السنغال.

ووصف رئيس تحرير تحرير مجلة “لانسيت” المجلة الطبية الشهيرة، “تيدروس” بأنه “الدكتاتور العام”، وبعد حملة انتقادات واسعة علي مواقع التواصل الاجتماعي، واتهامات بالمحاباة لمصالح شخصة، أجبر “تيدروس” علي إلغاء قراره بتعين الرئيس الزيمبابوي “موغابي” سفيرًا للنوايا الحسنة.

أقرأ أيضًا:”جونسون”: أبرز مسئول يقود “حرب كورونا” من العناية المركزة

عدم دراسة الطب

ولد “تيدروس أدهانوم” في عام 1965 في أسمرة، وتعود أصول أسرته إلى إنديرتا أوراجا بإقليم تيكرينيا، يقول عن معاناته الصحية هو طفل:” أدرك تمامًا المعاناة والوفيات التي تسببها الملاريا”.

لم يدرس “تيدروس أدهانوم” البالغ من العمر 55 عامًا الطب، ولكنه حاصل علي بكالوريوس وماجستير في العلوم، ودكتوراه في الفلسفة، ولكنه تخصص بعد ذلك أكاديميًا في علم الأحياء والمناعة وصحة المجتمع.

تولى منصبه كمديرًا عامًا لمنظمة الصحة العالمية في 2017، ويعد أول إفريقي يشغل هذا المنصب، ولكنه شغل قبل رئاسته للمنظمة عدة مناصب، منها وزيرًا للصحة خلال الفترة 2005 إلي 2012، ووزيرًا للخارجية من 2012 إلي 2016 في الحكومة الإثيوبية، وتولى منصب رئيس مجلس إدارة الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل، ومنصب رئيس مجلس إدارة شراكة دحر الملاريا.

التحق تيدورس بوزارة الصحة في إثيوبيا عام 1986، بعد تخرجه من جامعة أسمرة وحصوله علي بكالوريوس العلوم، وتقلده عدة وظائف، حتى عين وزيرًا للصحة بإثيوبيا عام 2005، بصفته باحثًا معترف به دوليًا في الملاريا.

لم يدرس “تيدروس أدهانوم” البالغ من العمر 55 عامًا الطب ولكنه حاصل علي بكالوريوس وماجستير في العلوم ودكتوراه في الفلسفة

وتمكن خلال توليه منصب وزير الصحة بإثيوبيا، من إجراء إصلاحات كبيرة في النظام الصحي، وتدريب ما يقرب من 40.000 عاملة في إرشاد الخدمات الصحية، وهو ما أدى لخفض معدلات وفيات الرضع.

وفي يوليو 2009 انتخب رئيسًا لمجلس إدارة الصندوق العالمي لمحكافحة الإيدز والسل والملاريا لمدة عامين.

وبحسب التوجيهات الوطنية لمكافحة الملاريا، التي أعدتها وزارة الصحة الإثيوبية في عام 2012، قبل ترك ” أدهانوم” لمنصب وزير الصحة، فإن 52 مليون شخص يمثلون 68% من سكان إثيوبيا، يعيشون في مناطق معرضة لخطر الإصابة بالملاريا.

وتدعي الوثائق المنشورة على موقع ” malariaconsortium.org”، وجود إخفاقات سياسية خطيرة لإدارة أدهانوم” الذي كان وزيرًا للصحة حتى 2013.

وتؤكد الوثائق المنشورة، إن إثيوبيا تواجه العديد من التحديات المتعلقة بالموارد البشرية، العاملة في مجال الرعاي الصحية، ونقص في العمالة المهرة، بالإضافة لانتشار الملاريا والإيدز والسل بالبلاد.

أقرأ أيضًا:عنصرية صينية.. طرد الأفارقة من منازلهم بـ”تهمة الإصابة بالفيروس”

وزير للخارجية

شغل “تيدروس” مصب وزير الخارجية الإثيوبية، بداية من نوفمبر 2012 وحتى عام 2016، في تعديل وزاري أجراه رئيس الوزراء ” هايلي ماريام ديسالين”.

وشهدت هذه الفترة بداية التوتر في العلاقات، بين إثيوبيا ودول مصب نهر النيل، بسبب سد النهضة، كما شهدت هذه الفترة انتشار وباء إيبولا في غرب إفريقيا.

وانتخب مديرًا عامًا لمنظمة الصحة العالمية، في 23 مايو 2017، لمدة خمس سنوات.

ويواجه ” تيدورس” أصعب اختبار له وللبشرية ويتهم بإنه تجاهل محاولات الحكومة الصينية المبكرة لقمع المعلومات وحجبها عن العالم

ويواجه ” تيدورس” أصعب اختبار له وللبشرية، بعد انتشار جائحة كورونا، التى نشأت في ووهان بالصين، ويتهم بإنه تجاهل محاولات الحكومة الصينية المبكرة لقمع المعلومات، وحجبها عن العالم.

وهو ما تسبب في عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة الوباء، الذي خرج للعالم من الصين، وتسبب في جائحة أصابت ما يزيد عن مليون شخص، وأدت لوفاة 60 ألف شخص، وشلل اقتصاد العالم.