الأيام القليلة الماضية، شهدت تفشي فيروس “كورونا” الجديد، في جميع أنحاء العالم، خاصة في أوروبا وبعض دول الشرق الأوسط، بعد أن أصاب أكثر من 82 ألف شخص، وتسبب في مقتل 2808 آخرين.
فبعد أن ركز العالم انتباهه على الصين، حيث ظهر الفيروس لأول مرة، الآن تحول الانتباه إلى دول أخرى، قد يكون انتشار الفيروس فيها أكثر خطورة.
ركزت الأسواق المالية والقادة السياسيون على الأنباء المتعلقة بتفشي الفيروس في دول أوروبا والولايات المتحدة مؤخرا، إلا أن عدد من المراقبين يرون أن الخطر الأكبر يكمن في انتشار “كورونا” في الشرق الأوسط.
الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مايكل نايتس يرى أن ما يحدث في إيران، حجر الزاوية الجغرافي الذي يربط بين آسيا وأوراسيا وشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، يجب أن يكون بنفس القدر من القلق.
تفشي الفيروس مؤخرا في إيران، الشريك التجاري المهم للصين، والتي يتولى مقاليد الحكم بها نظام استبدادي وخداعي بنفس القدر الموجود في بكين.
تحديات مكافحة انتشار الفيروس في بلد معروف بعدم شفافيته، وهو ما كان واضحا للغاية بعدما أظهر نائب وزير الصحة الإيراني علامات الإصابة في مؤتمر صحفي.
قبل ساعات قليلة، وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني تفشي الفيروس بأنه “مؤامرة من قبل أعداء” إيران، في الوقت نفسه حتى بعد إقراره في وقت لاحق بأنه أثبتت إصابته بالفيروس، قلل وزير الصحة الإيراني من حجم الأزمة، وأصر على أن ما أشيع أن عدد الوفيات في مدينة “قم” وصل إلى 50 حالة، قد تم تضخيمه وأنه ليست هناك حاجة إلى الحجر الصحي.
حتى الآن أصيب نحو 141 شخصا بفيروس كورونا في إيران، متسببا في وفاة 22 شخصا آخرين، بمعدل وفيات 15%، في الوقت الذي وصل فيه معدل الوفيات العالمي إلى 3% فقط.
مايكل نايتس: ما يحدث في إيران مثير للقلق
نايتس قال في مقال نشرته مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، إن التقليل من خطورة انتشار الأوبئة لا يقتصر على مسؤولي الحكومة الإيرانية فقط، لكنها “ظاهرة واسعة الانتشار بين خبراء الشرق الأوسط الذين يميلون إلى التركيز أكثر على مخاطر الحرب والإرهاب.
ويضيف أن انتشار فيروس كورونا إلى مقر العديد من أقدم وأكبر الحضارات في العالم هو تطور دراماتيكي له عواقب طويلة الأجل على المنطقة والعالم.
بالإضافة إلى الارتباط الوثيق بالعديد من الأماكن حول العالم، وكونه مركز حركة الطيران وصناعة الطاقة والشحن العالمي، فإن الشرق الأوسط ضعيف بسبب الحروب والفساد والخدمات الصحية الفاشلة والأنظمة التي قد تحاول تغطية مدى انتشار الأوبئة، كما تحاول الحكومة الإيرانية فعلها اليوم.
في الوقت نفسه، تعتبر مخيمات النازحين مثل مخيم الزعتري للاجئين في الأردن الذي يستضيف أكثر من 80 ألف لاجئ سوري، معرضة للخطر بشكل خاص، حيث لا تتوفر المنشآت الصحية المجهزة للتعامل مع الفيروس.
يعد اللاجئون والمهاجرون الآخرون الذين يتدفقون إلى أوروبا من عوامل الخطر الأخرى لانتشار الأوبئة عبر الشرق الأوسط، وهو ما حاول وزير الداخلية الإيطالي الأسبق ماتيو سالفيني، الإشارة إليه.
بيتر بيوت: الشرق الأوسط يمتلك “وصفة سحرية لتفشي الفيروس”
السياسي اليميني المتطرف حاول تسييس تفشي فيروس “كورونا” في إيطاليا، بعد أن هاجم الحكومة الإيطالية بعد رسو سفينة الإنقاذ “أوشن فايكنج” غير الحكومية في ميناء بوزالو الصقلي، على متنها 276 مهاجرا أفريقيا على متن السفينة.
وعلى الرغم من اتهامات سالفيني لم يتم ربط أي من الحالات في إيطاليا، حتى الآن، بالمهاجرين الأفارقة.
خبراء آخرين أكدوا الفرضية القائلة بأن الشرق الأوسط من نواح كثيرة هو المكان المثالي لتحول الفيروس إلى وباء عالمي، مشيرين إلى حركة الحجاج المسلمين والعمال الذين يسافرون في جميع أنحاء العالم حاملين الفيروس.
كانت السعودية قد فرضت، حظرا مؤقتا على الزيارات الدينية إلى البلاد وسط مخاوف من انتشار فيروس “كورونا” في المنطقة وحرصا على سلامة الحجاج والمعتمرين بحسب وزارة الشؤون الخارجية السعودية، التي قالت إنها ستعلق مؤقتا الدخول إلى المملكة للقيام بزيارات إلى المواقع الدينية بما في ذلك مكة والمدينة.
الحروب الأهلية والسنوات المستمرة من الاضطرابات أدت إلى تحطيم النظم الصحية في العديد من دول المنطقة، مثل سوريا والعراق وأفغانستان واليمن.
يمتلك الشرق الأوسط “وصفة سحرية لتفشي الفيروس” بحسب مدير كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، بيتر بيوت، والمدير التنفيذي المؤسس السابق لبرنامج الأمم المتحدة المشترك حول فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز.