مازال اليمن الذي كان يوما “سعيدا” يواجه أتعس سنواته منذ اندلاع الحرب الاهلية ما بين مجاعة تهدد الملايين وأوضاع صحية مزرية
sss
ومروعة تأخذ من أعمار اليمنيين دون حساب أو حصر، في الوقت الذي تواجه المساعدات دولية الاعيب السياسة الداخلية التي تسعى لمنعها وتسخيرها كورقة في يد أمراء الحرب.
في هذا السياق المقبض يواجه عدد من العسكريين في التحالف الدولي لدعم الشرعية في اليمن، الذي تقوده السعودية، تهما تتعلق بانتهاك القانون الإنساني الدولي. إذ أشار خبراء الأمم المتحدة إلى أن التحالف قد يكون مسؤولا عن جرائم حرب، معربين عن قلقهم بشأن استقلالية الوحدة التي شكلها التحالف لمراجعة الانتهاكات المزعومة.
من جانبه وفي محاولة لاحتواء هذه الانتقادات المتكررة بدأ التحالف محاكمة عدد من أفراده بسبب ثلاث غارات جوية، الأولى في 2016 على مستشفى عبس الريفي أسفرت عن مقتل 19 شخصا، وكانت الغارتان الأخريتان في 2018، إحدهما في إبريل استهدفت حفل زفاف وخلفت 20 قتيلا، والأخرى في أغسطس الماضي على حافلة أسفرت عن مقتل 29 طفلا، بحسب ما ذكرته صحيفة “الجارديان” البريطانية.
التحالف.. جرائم حرب
في سبتمبر الماضي، قال فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، إن لديه أسبابا معقولة للاعتقاد بأن الأفراد في التحالف الذي تقوده السعودية والقوات اليمنية الموالية للحكومة قاموا بأعمال قد ترقى إلى جرائم حرب، بما في ذلك، الهجمات التي تستخدم أسلحة غير مباشرة بنيران الأسلحة الصغيرة في انتهاك لمبدأ التمييز، بالإضافة إلى ضربات جوية تنتهك مبادئ التمييز والتناسب والاحتياطات.
كما يواجه أفراد التحالف تهم القتل والتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية والاغتصاب والاعتداء على الكرامة الشخصية والحرمان من محاكمة عادلة وتجنيد الأطفال دون سن 15 أو استخدامهم للمشاركة بنشاط في الأعمال العدائية، بحسب الفريق.
الحوثيون.. هجمات عشوائية
على الجانب الآخر من الصراع، اتهم التقرير المتمردين الحوثيين بالقيام بأعمال قد تصل إلى حد جرائم الحرب، بما في ذلك الهجمات المباشرة ضد المدنيين والهجمات العشوائية، فضلا عن القتل والتعذيب وأخذ الرهائن وتجنيد الأطفال.
وتعرض اليمن لدمار هائل بسبب النزاع الذي تصاعد في مارس 2015، بعدما سيطرت حركة الحوثيين المتمردة على جزء كبير من غرب البلاد وأجبرت الرئيس عبدربه منصور هادي على الفرار إلى الخارج.
وبدأت السعودية والإمارات بالإضافة لسبع دول عربية أخرى، حملة عسكرية ضد الحركة المدعومة من إيران، تهدف إلى استعادة حكومة هادي، ما أسفر عن مقتل أكثر من 90 ألف شخص، بما في ذلك الآلاف من المدنيين.
مع مرور نحو 5 سنوات على بدء التحالف حملته في اليمن، لا يزال اليمنيون يواجهون أسوأ أزمة إنسانية في العالم حيث يحتاج حوالي 80% من السكان إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية، وتقول الأمم المتحدة إن 10 ملايين شخص على بعد خطوة من المجاعة، و7 ملايين شخص يعانون من سوء التغذية.
الصحة متدهورة
واستمرارا لتأزم الوضع في اليمن، ذكر مكتب المنسق الإنساني في اليمن ليز جراندي، في بيان لها، أن مستشفيي الجفرة والسعودي في منطقة مجزر شمال مأرب، تضررا خلال المصادمات.
ليز جراندي: الهجوم على المنشآت الصحية انتهاك غير مقبول للقانون الدولي الإنساني
جراندي قالت إن “هذا انتهاك غير مقبول تماما للقانون الدولي الإنساني”، مضيفة “أنه لأمر فظيع أن المنشآت التي يعتمد عليها الآلاف من الناس للبقاء على قيد الحياة تضررت بشدة”.
منظمة الصحة العالمية من جانبها ذكرت أن أكثر من نصف المستشفيات في اليمن لا تعمل، وأن العديد من المستشفيات تكاد تعمل بأقل الإمكانيات بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية.
وتسبب تدهور المنشآت الصحية في اليمن في انتشار العديد من الأمراض بعد أن أعلنت وزارة الصحة التابعة للحوثيين، انتشار مرض إنفلونزا الخنازير “H1N1″، وذلك بعد تفشي الكوليرا وحمى الضنك في الآونة الأخيرة.
حيث كشفت إحصاءات وزارة الصحة، أن عدد المصابين بإنفلونزا الخنازير وصل إلى 6600 حالة خلال عام 2019، وأسفر الفيروس عن وفاة 270 شخصا على الأقل في الأشهر الأربعة الماضية.
الكوليرا كانت أكثر فتكا باليمنيين حيث شهد عام 2019 إصابة نحو 696.5 ألف بالكوليرا، وإصابة 913 آخرين، ومثّل الأطفال دون سن الخامسة 25.5٪ من إجمالي عدد الحالات المشتبه فيها.
كما شهد العام نفسه، الإبلاغ عما يزيد عن 20 ألف حالة إصابة بحمى الضنك، أسفرت عن وفاة 97 حالة، وكانت أعلى نسبة من الحالات المصابة في المناطق التي من الصعب الوصول إليها بسبب الوضع الأمني، بحسب منظمة الصحة العالمية.
عرقلة المساعدات
وفي محاولة لإنقاذ الموقف في اليمن، استقبلت اليمن مساعدات دولية تقدر بنحو 4 مليارات دولار في 2019، إلا أن الأمم المتحدة أشارت إلى أن المساعدات تواجه عرقلة غير مسبوقة وغير مقبولة من جانب السلطات الحوثية التي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال اليمن، مشيرة في إحاطة إعلامية أمام مجلس الأمن، أن عرقلة المساعدات أثرت على 6.7 ملايين يمني كانوا بحاجة إلى المساعدة.
وفشلت أشهر من الاجتماعات، وعدد من المبعوثين تم إرسالهم إلى العاصمة صنعاء، وسلسلة من البيانات أمام مجلس الأمن، في حل قائمة من الشكاوى تتراوح بين التأخير في التصاريح إلى مضايقة واحتجاز الموظفين.
وتصاعدت حدة المشاكل بعد أن قرر المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي أنشأه الحوثيون في نوفمبر 2019 السيطرة على المساعدات، وفرض ضريبة على كل وكالة إغاثة، تقدر بنحو 2٪ من الميزانيات التشغيلية.
مانع العسل: ليس هناك خطأ في توفير الأموال التي تمكننا من تنسيق المساعدات
مانع العسل الذي ترأس المجلس قال إنه “ليس هناك خطأ في توفير الأموال التي تمكننا من تنسيق المساعدات عندما نعاني من الحصار”، مضيفا أن الضريبة لا تزال مجرد اقتراح.
وتشعر العديد من الجهات المانحة الرئيسية بعدم الارتياح إزاء ما تتعرض له المساعدات من عقبات قبل الوصول إلى مستحقيها، حيث قالت الولايات المتحدة وبريطانيا، إنه يجب اتخاذ إجراء “حاسم” لوقف عمليات الاحتيال والمعوقات التي تواجه الملايين في الحصول على المساعدات الذين يحتاجونها.