قالت كانديس روندو، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير بشأن فتح تحقيق في جرائم الحرب في أفغانستان.

sss

وتناولت،  “روندو”، الأستاذة بمركز دراسات حرب المستقبل، المشترك بين مركز الدراسات والأبحاث New America وجامعة أريزونا،   خلال مقال تحليلي، قرار المحكمة الجنائية الدولية الصادر في الخامس من مارس الجاري بالموافقة على فتح تحقيق كامل في دعاوى ارتكاب قوات الولايات المتحدة، وطالبان والحكومة الأفغانية انتهاكات ممنهجة ترقى إلى جرائم حرب خلال القتال الذي امتد على مدى ما يقرب من عشرين عاما

وقالت في مقالها المنشور على موقع World politics review بعنوان: تحقيق الجنائية الدولية في جرائم الحرب ضروري لضمان السلام في أفغانستان، إنه بالنسبة لأفغانسان، قرار المحكمة الجنائية الدولية الصادر عن دائرتها التمهيدية، يخالف قرار آخر للمحكمة صدر في أبريل الماضي برفض طلب المدعية العامة للجنائية الدولية، “فاتو بنسودة”، لفتح تحقيق في دعاوى جرائم الحرب.

ترى “روندو”،  أن القرار هو الخطوة الأقوى لأجل استرجاع المصداقية الهشة للمحكمة الدولية،  و أنه بعد سنوات من الاتهامات بالفشل البيروقراطي والتحيز السياسي، المحكمة لديها الآن المساحة التي تحتاجها لأجل مواجهة القوة الأكبر في العالم، من حيث المبدأ على الأقل.

وتقول إن قرار المحكمة جاء في خضم أسبوع مشحون في أفغانستان، والذي شهد أداء رئيسان وليس رئيس واحد للقسم وهما أشرف غني ومنافسه عبد الله عبد الله.

وعقب أداء الرئيسان القسم مرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قرارا يشيد باتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان والبدء في محادثات أفغانية داخلية.

وتوضح الكاتبة أن الاتفاق بين  الولايات المتحدة ،وطالبان، والحكومة الأفغانية، سيقود إلى تسوية سياسية مستدامة هو أمر لم يتبين بعد،و تشير  إلى أن الحكم التاريخي للمحكمة الدولية لا ينطوي على مثل هذا الغموض، موضحة أن القرار سيكون ذو تأثير واضح ودائم محتمل على أي مخاصمة سياسية في أفغانستان وعلى مسار الانخراط الأمريكي هناك في السنوات المقبلة.

وتقول إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بالبدء في التحقيق يفتح الباب أمام احتمالية أن مواجهة مسئولين من الولايات المتحدة، وأفغانستان وأوروبا اتهامات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يوما ما، إلا أن القرار لم يجذب كثيرا من الانتباه الإعلامي، إضافة إلى رد الفعل الصامت من الكونجرس.

هذا قد يكون مفهوما، والكلام للكاتبة، بالنظر إلى أنه عام مشغول بالانتخابات ومسائل الأمن القومي الأخرى الملحة، أبرزها تفاقم انتشار فيروس كورونا، كما أن ردة الفعل المذكورة تعد من الإشارات الكبيرة على تقليد واشنطن الدائم بتغذية التضارب المعرفي حول الأمن في أفغانستان وزعم استثنائية أمريكية في الوضع هناك.

وأشارت الكاتبة إلى أن النواب في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ  اتخذوا خطوات أولى في عرض سرد كامل لكيفية قيام “السي آي إيه”،  وأفراد من الجيش الأمريكي بتعذيب عملاء القاعدة وطالبان المشتبه بهم.

 كما تشير إلى ما وصفته بالحقيقة المثبتة والمعروفة من قيام الزعماء في أفغانستان وباكستان بالمساعدة والمشاركة في تسليم السي آي إيه،  أفراد قاعدة مزعومين إلى مواقع سوداء (سجون سرية) تدار من قبل شركاء الولايات المتحدة في الناتو، في بولندا، وليتوانيا ورومانيا.

وتلفت الكاتبة إلى أن الإدارات الأمريكية تصر على أن نظام قضاء الولايات المتحدة أظهر، على حد وصف المسؤولين الأمريكيين،  إرادة وقدرة للقضاء الأمريكي على إجراء تحقيقاته القانونية الخاصة في دعاوى الانتهاك في أفغانستان.

 ولكن لأجل العديد من الأسباب، وخاصة ما وصفته أنه غطرسة الأمريكية، ترفض واشنطن مسألة وضع أن للمحكمة الجنائية الدولية سلطة قضائية عالمية على جرائم الحرب،

وتقول الكاتبة إن هناك إنكار شديد لدى الولايات المتحدة بشأن تداعيات الأمن القومي بسبب حرمان الضحايا من العدالة؛ الضحايا الذين يعتقد أنهم نقلوا إلى حيازة الاستخبارات الأمريكية وتم تعذيبهم على أراض أفغانية وأوروبية.

وتضيف أن الحكومة الأمريكية  استخدمت لسنوات أموال دافعي الضرائب لتمويل ودعم دفع راتب أخطر مشتبه به في تحقيق الجنائية الدولية، وهو وزير الدفاع الأفغاني أسد الله خالد، والذي توضح أنه كان موضعا للعديد من التحقيقات في دعاوى انتهاكات لحقوق الإنسان.

وتقول أيضا إن تقرير مفصل من لجنة في البرلمان الكندي تناول تورط خالد المزعوم في تدبير تفجير أودى بحياة 5 من موظفي الأمم المتحدة جنوبي محافظة قندهار في 2007، عندما كان محافظا لها في ذلك الحين، إضافة إلى تعذيب محتجزين في زنزانة خاصة في قبو مقر إقامة المحافظ.

 وأردفت أنه بحسب مسئولين من الحكومة الأمريكية تحدثت معهم، ظل خالد مقيما في ضاحية شمالي فيرجينيا لبعض الوقت في تلك الأثناء.

وتابعت،” الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، عين  “خالد”، محافظا لقندهار في 2005 بعد أن عمل خالد لفترة وجيزة محافظا لغزنة. أما قبل ذلك، كان خالد يعمل كضابط للاستخبارات في المديرية الوطنية للأمن وأرفع جهاز أمن قومي أفغاني. ولاحقا، في سبتمبر 2012، تم تعيين خالد مديرا للمديرية الوطنية للأمن.

كما أشارت  إلى أن الولايات المتحدة ليست عضوا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما أن وزارة الخارجية الأمريكية، ألغت تأشيرة بنسودة المدعية العامة بالجنائية الدولية العام الماضي.

 وفي خطوة تصفها الكاتبة بالمفارقة ولكن ليست بالمفاجأة، غضب وزير الخارجية مايك بومبيو،  من قرار المحكمة الدولية بالتصريح بفتح تحقيق في جرائم الحرب، واصفا القرار أنه “خطوة مدهشة من قبل كيان سياسي غير مسئول يصور نفسه كيانا قانونيا”، مضيفا أن الولايات المتحدة “سوف تتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية مواطنيها”.

وتختم بقولها إنه على الرغم من كل ذلك فهي لا ترى سببا قانونيا يمنع المواطنين الأمريكيين أو مواطني أي دول أخرى، لدعم تحقيق المحكمة الجنائية الدولية من أن يقدموا للمحكمة المعلومات المتعلقة عن دور خالد في التعذيب والانتهاكات التي وقعت، مؤكدة على أن أي مهتم بالتوصل إلى سلام وأمن طويل المدى في أفغانستان عليه واجب أخلاق أن يفعل ذلك.