من سوريا إلى بنجلاديش وصولا إلى أوغندا وحتى أمريكا اللاتينية ، يواجه الفارّون بحياتهم من ويلات الحروب والاضطهاد مخاطر شديدة ، جراء تفشي فيروس كورونا القاتل ، والذي يهدد بـما هو أشبه ب”المجزرة ” التي تنال من اللاجئين في جميع أنحاء العالم.
لاجئون يعشيون ظروفاً صعبة وأوضاعا ً مضطربة يفتقرون إلى المياه النظيفة، ويعيشون في تداعت أنظمتها الخاصة بالرعاية الصحية والطبية .
ووتوصي الجهات المعنية، باتباع أسلوبين رئيسيين لوقف انتشار الفيروس ، وهما غسل اليدين و التباعد الاجتماعي ، ولكن يستحيل أحيانا تطبيقهما بالنسبة لللاجئين الذين يقيمون في مخيمات مكتظة بالزحام .
وأصبح الحل الوحيد أمام اللاجئين لتجنب الكارثة هو اتخاذ تحرك دولي عاجل، حسبما أكدت منظمات حقوقية إنسانية لشبكة إن بي سي الأمريكية الإخبارية، وقالت المنظمات “إن عشر حالات فقط بين اللاجئين والنازحين تبين إصابتها يوم الثلاثاء الماضي، وكلهم كانوا مرضى في المانيا ، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأصدرت مفوضية شؤون اللاجئين مناشدة مبدئية للحكومات تطالب فيها بمبلغ 33 مليون دولار للمساعدة في توفير أدوات صحية، ووقائية وتطهير المياه و التدريب للعاملين في مجال الصحة على حماية اللاجئين من فيروس كورونا .
بينما حذر أمين عام المجلس النرويجي للاجئين جان إجلاند ، من أن الفيروس قد يتسبب في عواقب مدمرة في مخيمات اللاجئين المزدحمة و في الدول التي تعاني من تدهور أنظمة الرعاية الصحية ، قائلا في بيان له :” ملايين الأشخاص من متضرري الحروب يعيشون في مواقع لاجئين ونازحين مزدحمة ذات مرافق صحية ضعيفة على نحو ميؤوس منه .”
وقال أستاذ الهندسة البيولوجية بجامعة بوسطن الأمريكية للشبكة” إننا بحاجة إلى معرفة مدة حدة المشكلة قبل أن نقرر التدخل، استنادا إلى طبيعة الحركة السريعة للوباء، وما إذا كان امتد بالفعل للاجئين، فهي مسألة وقت “
في حين قال مسؤولو مساعدات إنسانية، إنه وبخلاف العواقب المأساوية المحتملة أمام اللاجئين، فإن الفشل في مواجهة انتشار الفيروس بين مجتمعات اللاجئين الكبيرة بالقرب من حدود أوروبا أو أي مكان آخر، أمر من شأنه أن يحد من أي نجاح في احتواء تفشي الوباء ويمكنه من الانتشار إلى مدى أبعد.
اللاجئون يفرون من ويلات الحروب والاضطهاد ليواجهوا أوضاعا خطيرة تعرضهم للإصابة بوباء كورونا
وقال المتحدث باسم المفوض السامي لشئون اللاجئين اندريج ماهيسك” أوضحت الخبرة مع فيروس إيبولا وغيره من الأوبئة المتفشية أن الحكومات تحتاج إلى إدراج اللاجئين والنازحين في خططها لمجابهة الأوبئة و ضمان حصول اللاجئين على العلاج الطبي، مؤكدا لـ” إن بي سي ” أنه إذا “حافظنا على سلامتهم ، فنحن نحافظ على سلامتنا جميعا”.
وأضاف :” سوف تقع مجزرة عندما يصل الفيروس إلى أجزاء من سوريا واليمن و فنزويلا ، حيث هدمت المستشفيات و انهارت الأنظمة الصحية “
وأعرب مدافعون عن حقوق اللاجئين عن مخاوفهم وبشكل خاص حيال تعض نحو مليون سوري لاذوا بالفرار من الهجوم الذي شنته روسيا و نظام بشار الأسد في الأسابيع الأخيرة، وكثير منهم ينامون في مباني طالها القصف و الخيام أو في العراء.
“أطباء بلا حدود : يجب اخلاء المخيمات “القذرة ” من اللاجئين في لسبوس اليونانية والسلطات ليست مستعدة لـكوفيد-19
ونقل تقرير شبكة إن بي سي عن نائب رئيس البرامج والسياسة بمنظمة اللاجئين الدولية قوله:” بما أن حالات الإصابة بفيروس كرونا والوفيات ترتفع في إيران و لعراق ولبنان، فإن السوريين يفرون صوب الحدود التركية ومن ثم هم عرضة للخطر على نحو خاص، فظروف الزحام من شأنها أن تحول المخيمات المؤقتة إلى مرتع لانتشار المرض”.
في حين قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية هدين هلدورسون إن المنظمة تستعد لمواجهة عدوى الوباء عبر سوريا ، وأنها أرسلت أدوات فحص وغيرها من المعدات إلى شمال غرب سوريا والتي يتعرض سكانها للخطورة بشكل خاص نظرا لانتشار الوباء في الدول المجاورة و الحدود غير المحكمة الإغلاق و تداعي نظام الرعاية الصحية و تفشي وباء انفلونزا الخنازير مؤخرا ، والذي من شأنه أن يقوض تشخيص كوفيد-19 و يضع عبئا مضافا على المعامل .”
وأصدرت منظمة أطباء بلا حدود الأسبوع الماضي نداء عاجلا لإخلاء المخيمات “القذرة ” من آلاف اللاجئين في جزيرة لسبوس اليونانية، مؤكدة أن السلطات ليست مستعدة هناك للتعامل مع انتشار محتمل لكوفيد-19.
بينما قال ريان كوتايش بمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان إن النظام الطبي انهار باليمن جراء خمس سنوات من الحرب، فضلا عن قصف المستشفيات والبنية الأساسية على أيدي الائتلاف الذي تقوده السعودية أو المتمردين الحوثيين.
وأضاف بانه بالنظر إلى أن تهديد كوفيد -19 ينتشر في الوقت الراهن عبر الشرق الأوسط ، فإن الوضع في اليمن يفوق القلق، و شارك كوتايش في كتابة تقرير يوثق 120 هجوما على المنشآت الطبية و العاملين في مجال الصحة من جانب الائتلاف الذي تقوده السعودية أو المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران على مدار الخمس سنوات الماضية .
في حين أكد المسؤول بلجنة الإنقاذ الدولية إلينور رايكس، على أن القرارات التي اتخذتها الحكومات أخيرا، لإغلاق الحدود الوطنية تهدد أيضا بحرمان الأشخاص من الهروب من العنف والاضطهاد وتمنعهم من العلاج الطبي أو تأمين الغذاء .
“النرويجي لللاجئين “: كورونا لا يمارس تمييزا، ولا يلعب سياسة، وينبغي أن يفعل العالم الشيء ذاته لمساعدة المعرضين للخطر
كما أعربت منظمات للمساعدات الإنسانية عن قلقها من أن يزود فيروس كورونا المناهضين للمهاجرين و الأصوات السياسية المعادية لللاجئين بـ”الذخيرة ” التي يستخدمونها لإغلاق الباب في وجه الأشخاص الذين يفرون من الحرب والاضطهاد، وطالبي اللجوء حتى لو لم يكن هناك علاقة بين فيروس كورونا واللاجئين.
ونبه تقرير “إن بي سي” إلى أن منظمات المساعدات الدولية تواجه قرارات صعبة، مع تزايد تقييد السفر عالميا و انتشار الفيروس، وذلك فيما يتعلق بعدد العاملين على الأرض، مشيرا إلى أن موظفي هذه المنظمات عادة ما يعملون بالتناوب في الداخل والخارج، ولكن إرسال موظفين بالداخل في الوقت الراهن من دول غربية ، تجذر فيها الوباء ، أمر يحمل خطورة انتشار المرض لمجتمعات اللاجئين .
وقال المجلس النرويجي للاجئين إن فيروس كورونا لا يمارس تمييزا ، ولا يلعب سياسة ، وينبغي أن يفعل العالم الشيء ذاته فيما يتعلق بمساعدة الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالمرض ، مضيفا :” يجب علينا أن نبقى وننقذهم ، وألا ندير ظهورنا لمن يعيشون في بلاد تحتاج معظم الدعم خلال هذه الأوقات التي تشكل تحديات استثنائية “