حذر ماركوس كرايتماير، قائد القوات الخاصة الألمانية، في رسالة وجهها إلى ضباطه وجنوده، من أن “القوات الخاصة باتت تعاني بشدة من الميول اليمينية المتطرفة لبعض منسوبيها، ولذلك فهي تمر بواحدة من أصعب مراحلها في التاريخ المعاصر”.

وأضاف “كرايتماير” في الرسالة التي نشرتها وكالة الصحافة الألمانية، الأربعاء، أنه “كان وما زال هناك أشخاص بيننا يمكن أن نحسبهم على اليمين المتطرف، ومن حقنا أن نتساءل عما إذا كان هذا الأمر سببه ضعف الولاء للدستور، أو قربهم من حركة (مواطني الرايخ)، أو كونهم يحملون مشاعر ويدعمون أيديولوجيات يمينية متطرفة، فإنهم جميعاً تسببوا بضرر كبير لسمعة القوات الخاصة والجيش الألماني بشكل عام”.

من جهة ثانية، كشف تقرير سنوي للجيش الألماني، صدر قبل أيام، عن ارتفاع كبير في أعداد الجنود والضباط المنتمين لجماعات “النازيين الجدد”، ما اعتبرته السلطات مؤشرا خطيرا على تغلغل الأيديولوجيات اليمينية المتطرفة في أوساط العسكريين الألمان، الأمر الذي ربطه التقرير بصعود اليمين الأوروبي بشكل عام، وظهور الكثير من الجماعات العنصرية في القارة على خلفية أزمة المهاجرين، فضلا عن تنامي العنف المرتبط بالأفراد والتنظيمات اليمينية المتشددة.

 

وقبل نحو أسبوعين، تم اكتشاف مجموعة كبيرة من الأسلحة والمتفجرات مخبأة في منزل أحد عناصر “القوات الخاصة” في ولاية ساكسونيا. ونفذت الشرطة المحلية المداهمة بعد أن تلقت معلومات من المخابرات العسكرية، التي كانت تراقب الجندي للاشتباه بتورطه مع اليمين المتطرف.

تقرير استخباراتي: اكتشاف 14 متطرفًا داخل “القوات الخاصة” من بينهم، 8 ينتمون لليمين المتطرف، و4 أصوليين متشددين، واثنان ينتميان لـ«مواطني الرايخ»

وكشف تقرير آخر صادر عن هيئة حماية الدستور (الاستخبارات) أنه تم اكتشاف 14 متطرفًا داخل “القوات الخاصة”. ومن بين هؤلاء المتطرفين، 8 ينتمون لليمين المتطرف، و4 أصوليين متشددين، واثنان ينتميان لـ«مواطني الرايخ». والأخيرة مجموعة لا تؤمن بالمؤسسات الألمانية، والمنتمون لها يرفضون دفع الضرائب، وحمل جواز سفر ألماني.

التقرير ذكر أيضا أنه في الحالات التي تتصدر فيها الاستخبارات العسكرية المشهد وترصد انتماء عناصر بالجيش لليمين المتطرف وتسريحهم، لا تخبر هيئة حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية” بهوية المسرحين، رغم أن الهيئة هي المسؤولة عن رصد ومراقبة اليمين المتطرف في الحياة المدنية.

“تطهير” الجيش

واجه الجيش الألماني مرارًا اتهامات بارتباط بعض عناصره المحرج بماضي البلاد العسكري. وفي العام الماضي، أمرت وزيرة الدفاع حينها أورسولا فون دير لايين، الجيش، بـ “تطهير نفسه” من جميع الروابط مع الجيش النازي، بعدما علمت بأن خوذاً وتذكارات لجيش الحقبة النازية وضعت علناً في إحدى الثكنات العسكرية.

 

واتهم تحقيق برلماني، أُجري في يوليو الماضي، الجيش الألماني بإهمال ملف تصاعد “اليمين المتطرف” بين صفوفه، حيث خلصت لجنة الرقابة البرلمانية في “البوندستاج” بعد تحقيق مدقق، إلى اتهام الجيش بالإهمال الكبير والممنهج في ملف التطرف اليميني.

تحقيق برلماني، يتهم الجيش الألماني بإهمال ملف تصاعد “اليمين المتطرف” بين صفوفه

في 4 مارس الماضي، أعلنت الاستخبارات الحربية الألمانية “إم إيه دي” تقريرها عن التطرف في أروقة الجيش خلال 2019. ووفق التقرير الذي نشرته وكالة الأنباء الألمانية، في حينه، فإن “المخابرات الحربية طردت 14 متطرفا من الجيش بعد التأكد بشكل نهائي من ميولهم”. ومن بين الـ 14 متطرفا، 8 يمينيين متطرفين، و2 من “مواطني الرايخ”.

وقال كريستوف غرام رئيس الاستخبارات العسكرية لصحيفة “فيلت أم زونتاغ” الألمانية الأسبوعية في 26 يناير الماضي، إنه في عام 2019 وحده أُضيفت 360 حالة اشتباه جديدة، لافتا إلى أنه تمت إدانة 14 متطرفا، منهم 8 متطرفين يمينيين.

ورفض غرام الانطباع بأن هناك “جيش ظل” داخل الجيش الألماني، وقال إنه تم التعامل مع إشارات بذلك على محمل الجد تماما، وتم فحصها بشكل مكثف، وقال: “أدركنا خلال ذلك وجود متطرفين وأشخاص ليس لديهم ولاء دستوري يعرفون أحيانا بعضهم البعض جزئيا أيضا. ولكن ما لم يتم التحقق منه هو وجود مجموعة لديها هدف محدد، وربما تقوم بنشر العنف وتسعى للقضاء على دولتنا”.