بينما تصارع دول قارة أفريقيا مخاطر تفشي جائحة كورونا، أعلنت منظمة الصحة العالمية، ، أن خبراءها وصلوا إلى بؤرة جديدة لتفشي فيروس إيبولا، فى الكونغو الديمقراطية، ليزيد من أعباء دولة تفشي فيها كورونا بتسجيل 3195 إصابة بينها 2896 في كينشاسا و72 وفاة، وفق آخر حصيلة رسمية نُشرت الاثنين.
وكتب المدير العام للمنظمة ، تيدروس غيبريسوس على صفحته في “تويتر”، الاثنين: “تم الكشف عن حالة تفشي جديدة لإيبولا غربي جمهورية الكونغو الديمقراطية، قرب مدينة مبانداكا. لقد أكدت وزارة الصحة في الجمهورية ست حالات إصابة، منها أربع وفيات، مضيفا “يعيش هذا البلد المرحلة النهائية لمواجهة إيبولا في الشرق ومحاربة فيروس كورونا، وكبرى حالات تفشي الحصبة في العالم. لقد وصل ممثلو منظمة الصحة العالمية إلى مبانداكا”، في إشارة إلى عاصمة مقاطعة الإكواتور في الكونغو الديمقراطية، حيث سجلت إصابات جديدة بالمرض.
وأشار المدير العام إلى أن خبراء المنظمة يساعدون السلطات المحلية لمواجهة هذا المرض الخطير، مضيفا أن التفشي الجديد لإيبولا “يذكّرنا بأن التهديدات على صحة الناس لا تنحصر في كوفيد-19”. وأضاف أن المنظمة “تستمر في متابعة التحديات العديدة في مجال الصحة ومواجهتها”.
وقال غيبريسوس إن الوكالة الأممية ستساعد جمهورية الكونغو الديمقراطية في مواجهتها لتفشي وباء إيبولا مجددا في الشمال الغربي من البلاد، في خضم انتشار كوفيد-19 وتحديات أخرى.
لا يتوفر لقاح للفيروس
وحتى الوقت الحاضر، لا يتوفر لقاح لفيروس الإيبولا، غير أن هناك لقاحين لا يزالان قيد الاختبار ولم تتم الموافقة عليهما بعد، إلا أن نتائجهما مبشرة ويتم استعمالهما في التفشي الحالي للتحصين ضد الإيبولا.
ويأتي الإعلان، في الوقت الذي تواصل فيه جمهورية الكونغو الديمقراطية محاربة تفشي فيروس إيبولا في الجزء الشرقي من البلاد. وكانت السلطات الصحية هناك على وشك الإعلان عن القضاء على المرض، لكن تلك الآمال تبددت الشهر الماضي، مع تجدد ظهور المرض مرة أخرى.
وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية فإنه تم اكتشاف هذا المرض المميت لأول مرة في البلاد عام 1976 وقد أصبح الآن مرضا متوطنا، كما شهدت المدينة انتشارا قصيرا في الفترة من مايو إلى يوليو 2018 حيث توفي 33 شخصا.
بيمنا أفادت منظمة اليونيسف، أن ضحايا إيبولا الخمس، بمن فيهم فتاة تبلغ من العمر 15 عاما، توفوا بين 18 – 30 مايو الماضي، وقد تأكد، يوم الأحد الماضي، سبب وفاتهما بالإيبولا.
ويتلقى العلاج حاليا أربعة أشخاص أصيبوا بالفيروس – وكان جميعهم على اتصال بالمتوفى.
وينتشر الإيبولا من خلال انتقال العدوى من إنسان إلى آخر عبر الملامسة المباشرة لدم الفرد المصاب بالفيروس “عن طريق الجروح أو الأغشية المخاطية” ، أو إفرازات الفرد أو أعضائه أو سوائل جسمه الأخرى، وبملامسة السطوح والمواد الأخرى الملوثة بتلك السوائل كالمفروشات والملابس.
وقال إدوارد بيغبيدر ممثل اليونيسف إن الوكالة الأممية “تعمل جنبا إلى جنب مع حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وجميع الشركاء في الاستجابة لوباء إيبولا من خلال توفير المعدات الأساسية، وتوفير خدمات المياه والصرف الصحي، ودعم الأيتام وغيرهم من الأطفال المتضررين”.
وأضاف أن عدد الأطفال، ممن يتأثرون بهذه الفاشية المستمرة، أكبر من أي تفش سابق للإيبولا، لذلك يجب علينا التأكد من أن الوقاية من العدوى بين الأطفال أمر أساسي للاستجابة في إكواتور”.
توقع حدوث “فاشيات” جديدة
أوضحت منظمة الصحة العالمية أنه من المتوقع ظهور فاشيات جديدة للإيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية بالنظر إلى أن الحيوانات الحاملة للفيروس موجودة في أجزاء كثيرة من البلاد.
وذكرت الوكالة الأممية أنها تتواجد بالفعل على الأرض في مبانداكا لدعم الاستجابة، بينما تجري عملية تعقب الاتصال، ومن المتوقع وصول 25 موظفا إضافيا اليوم الثلاثاء.
وقالت الدكتورة ماتشيديسو مويتي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا إنه وعلى الرغم من أن التفشي الجديد يمثل تحديا، فإن منظمة الصحة العالمية وشركاءها على قدر ذلك التحدي.
وأضافت “على مدى العامين الماضيين، عملت الوكالات الأممية على تعزيز القدرات الوطنية للتصدي لفيروس إيبولا، لتعزيز القيادة المحلية، مستطردة، أن منظمة الصحة العالمية تخطط لإرسال فريق لدعم توسيع نطاق الاستجابة، داعية إلى التحرك الفوري نظرا لقرب هذا التفشي الجديد من طرق النقل المزدحمة والدول المجاورة المعرضة للخطر.
عد تنازلي في شرق البلاد
وفي الوقت نفسه، فقد أفادت منظمة الصحة العالمية أن تفشي فيروس إيبولا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية في مراحله النهائية. ففي 14 مايو الماضي، بدأت السلطات عدا تنازليا لمدة 42 يوما لإعلان نهايتها.
وقد بدأ تفشي المرض في أغسطس 2018 وأدى إلى وفاة أكثر من 2000 شخص، فيما نجا أكثر من 1000 شخص من المرض.
وكان من المتوقع أن تعلن الكونغو الديمقراطية، في 13 أبريل، الانتصار النهائي على مرض إيبولا، لكن حالة الإصابة الجديدة بهذا الفيروس التي سجلت في 10 أبريل حالت دون ذلك، بعد مرور 52 يوما على تماثل المريض الأخير للشفاء، وذلك في منطقة تبعد أكثر من ألف كيلومتر عن البؤرة السابقة للمرض شرق البلاد.
وأعلن وزير الصحة في جمهورية الكونغو الديموقراطية إيتيني لونغوندو، الاثنين، عن “تفش جديد لوباء إيبولا” في شمال غرب البلاد.
وحتى 19 أبريل الماضي، سجلت وزارة الصحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية 3316 حالة مؤكدة، من بينها 2279 حالة وفاة بالمرض، بحسب منظمة أطباء بلا حدود.
وبحسب المنظمة، انخفض عدد الحالات المسجلة أسبوعيا في جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل كبير خلال الأشهر الأولى من عام 2020، وخاصة في شهري يناير وفبراير، ولكن في 10 أبريل من هذا العام أي قبل 3 أيام من إعلان انتهاء التفشي، أعلنت مقاطعة بيني عن تسجيل حالة إصابة جديدة بالإيبولا.
خفافيش الفاكهة
ينتقل فيروس إيبولا إلى الإنسان من الحيوانات البرية وينتشر بين صفوف التجمعات البشرية عن طريق سريانه من إنسان إلى آخر.
ويعتقد أن خفافيش الفاكهة من الفصيلة “بتيروبوديداي” هي المضيف الطبيعي لفيروس الإيبولا، وفقا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية.
وينتقل الفيروس إلى تجمعات السكان البشرية عن طريق ملامسة دم الحيوانات المصابة بالمرض أو إفرازاتها أو أعضائها أو السوائل الأخرى من أجسامها، مثل قردة الشمبانزي والغوريلا وخفافيش الفاكهة والنسانيس وظباء الغابة وحيوانات النيص التي يعثر عليها معتلة أو نافقة في الغابات الماطرة.
وتتراوح فترة حضانة المرض، أي تلك الممتدة من لحظة الإصابة بعدواه إلى بداية ظهور أعراضه، بين يومين اثنين و21 يوما، وفقا للصحة العالمية.
ولا ينقل الإنسان عدوى المرض حتى تظهر أعراضه، التي تتمثل أولاها في الإصابة فجأة بحمى وآلام في العضلات وصداع والتهاب في الحلق، يتبعها تقيؤ وإسهال وظهور طفح جلدي واختلال في وظائف الكلى والكبد، والإصابة في بعض الحالات بنزيف داخلي وخارجي على حد سواء مثل نزيف الدم من اللثة وخروج الدم في البراز.
ويبلغ معدل الوفيات في حالات الإصابة بمرض فيروس الإيبولا نسبة 50 في المئة تقريبا في المتوسط، ولكن هذا المعدل تراوح بين نسبتي 25 و90 في المئة في الفاشيات التي اندلعت في الماضي، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
ويصعب تشخيص مرض فيروس الإيبولا مقارنة بسائر الأمراض المعدية، كالملاريا وحمى التيفوئيد، لكن يتم أخذ عينات من الدم لفحصها فيما إذا كانت تحتوي على الفيروس.
في ديسمبر 2013، سجلت أول وفاة لطفل صغير يدعى إميل أومونو في قرية ميليانو، في غينيا، واكتسبت وفاته أهمية أكبر بكثير عندما تم تسمية إميل على أنه المريض الأول لما عرف لاحقا بأسوأ انتشار للإيبولا منذ ظهوره.
وتفشى فيروس أيبولا، القاتل شديد العدوى، بسرعة عبر غينيا، إلى ليبيريا وسيراليون المجاورتين، ليعرف بعدها باسم فاشية “فيروس إيبولا في غرب أفريقيا”، الأمر الذي كاد يتسبب بانهيار اقتصادات البلدان الثلاثة، علما أنه خلال ذلك العام، توفي حوالي 6000 شخص جرّاء الإصابة بالفيروس.
وخلال السنوات الأربعين الماضية، أعلنت الكونغو الديمقراطية أكثر من 10 مرات عن تفش وباء إيبولا، وكان التفشي الذي تم الإعلان عنه في الكونغو الديمقراطية في أغسطس 2018 أكبر تفش للإيبولا في تاريخ البلاد، إذ تجاوز عدد الحالات 3000 إصابة، كما أنه أصبح ثاني أكبر تفش للإيبولا في العالم، بعد تفشيه بين عامي 2014 و2015 في غرب أفريقيا.
مساعدات مصرية عاجلة
بالتزامن مع إعلان الكونغو تفشي وباء إيبولا ، أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة أوامرها بإقلاع طائرة نقل عسكرية من طراز “إليوشن” من قاعدة شرق القاهرة الجوية، محملة بكميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية والمطهرات والبدل الواقية مقدمة من جمهورية مصر العربية، إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية زامبيا لمساعدتهما في التغلب على فيروس كورونا، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وقالت الوكالة في تقرير لها، إن ذلك يأتي استمراراً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، في إطار جهود مصر الهادفة لمساعدة الدول الإفريقية الشقيقة على تجاوز أزمة كورونا والحد من تداعياتها على شعوب القارة.
وكان في استقبال طائرة المساعدات السفير المصري بالكونغو ، وريموند تشديا باتي نائب وزير الخارجية الكونغولي وعدد من المسئولين من جمهورية الكونغو الذين أعربوا عن امتنانهم لدعم مصر الدائم للكونغو لتجاوز أزمة “كورونا “، وأشادوا بقوة العلاقات التي تربط بين البلدين في مختلف المجالات.
وعلى الجانب الآخر، كان في استقبال طائرة المساعدات المتجة إلى زامبيا السفير المصري وإينونيا وينا نائب رئيس جمهورية زامبيا وعدد من المسئولين من الجانب الزامبي الذين أعربوا عن بالغ شكرهم الدائم لمصر قيادة وشعباً على وقوفهم بجوار الشعب الزامبي لتجاوز أزمة كورونا.