أعلنت، أمس الثلاثاء، كندا وبريطانيا عن معارضتهما لعودة روسيا إلى عضوية مجموعة الدول السبع (G7)، وذلك بعد الدعوة التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنظيره الروسي فلاديمير بوتين لحضور اجتماع القمة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كان من المقرر عقدها في شهر يونيو الجاري، إلا أنه نظرا لظروف جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، صرح “ترامب” بأنه ربما تعقد القمة في شهر سبتمبر المقبل.

sss

وكان البيت الأبيض قد صرح بأن الرئيسين ناقشا مجموعة من المواضيع في مكالمة هاتفية، من بينها الجهود المبذولة لعقد قمة الدول السبع بمشاركة روسية.

هذه الدعوة أثارت حفظية بريطانيا وكندا، الأمر الذي دفع زعيما الدولتين، إلى التصريح، يوم الأحد الماضي، بأنهما لن تؤيدا عودة روسيا إلى المجموعة، التي تضم في عضويتها الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، بريطانيا، اليابان، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، وهي الدول التي تعرف بأنها أكبر 7 اقتصادات متقدمة في العالم، وتجتمع دوريًا كل عام لمناقشة قضايا عالمية مثل تغير المناخ، والاقتصاد، والأمن.

لماذا خرجت روسيا؟

في شهر يونيو من العام 2014، كان من المفترض أن تستضيف روسيا قمة مجموعة الثمانية (G8) -حسبما كانت تسمى وقتها- وذلك للمرة الثانية، لكن ما حدث أنه في يوم 25 مارس من نفس العام أعلن قادة المجموعة أنهم لن يذهبوا إلى مدينة سوتشي حيث كان مقررا عقد القمة، كما قرروا تعليق رئاسة موسكو للمجموعة، وذلك لما وصفوه بالانتهاك الصارخ لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها من قبل روسيا.

 

وكان ذلك رد فعل على ما قامت به روسيا في أوائل العام، حين ضمت شبه جزيرة القرم بعاصمتها سيفروبول إلى أراضيها، وتدخلت عسكريًا فيها بعد الثورة الأوكرانية 2014 التي أطاحت بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش، حيث كانت شبه الجزيرة جزءًا من أوكرانيا منذ عام 1954 ضمن الاتحاد السوفيتي.

اقرأ أيضًا:

“الشيطان يسكن تمثال الحرية”.. تاريخ طويل من اضطهاد الأمريكيين الأفارقة

وفي البداية زعم “بوتين” التدخل بحجة تخليص “يانوكوفيتش”، الذي كان مواليا له، حيث عقد اجتماعا لمدة يومين 22 و23 فبراير 2014، مع رؤساء الأجهزة الأمنية لمناقشة هذا الأمر، لكنه في نهاية الاجتماع أعلن أن على موسكو العمل على إعادة شبه جزيرة القرم، وخرجت المظاهرات في مدينة سيفاستوبول لتأييد روسيا، واستولت القوات الروسية التي لم ترتدي ما يدل على هويتها على برلمان القرم يوم 27 فبراير، ومواقع أخرى إستراتيجية، وهي الخطوة التي تم إدانتها دوليًا باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي.

ونتيجة لذلك فإنه في شهر مارس 2014، بادر الرئيس الأمريكي باراك أوباما -آنذاك- بعقد اجتماع في مدينة لاهاي حضره زعماء المجموعة والمجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية، بدون روسيا، مقررين مقاطعتها، وهو الأمر الذي رد عليه “بوتين” وقتها بأن روسيا مستعدة لاستضافة القمة إذا كان الزعماء على استعداد للمجئ، أما إذا لم يريدوا فلا داعي لذلك، وبالفعل لم يذهب أحد إلى سوتشي وتوجهوا إلى مدينة بروكسل، وكان موضوع القمة الرئيسي هو الأزمة السياسية في أوكرانيا وتوسيع العقوبات ضد موسكو.

رفض العودة

استمرار ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، بالمخالفة للقانون الدولي والاتفاقات الموقعة مع أوكرانيا بشأن المحافظة على السلامة الإقليمية لكييف، دفعت دول مجموعة “السبع” للإصرار على موقفها الرافض لعودة عضوية روسيا، لحين تسوية الأزمة السياسية مع أوكرانيا، وهذا ما أكد عليه جاستين ترودو رئيس وزراء كندا، في مؤتمر صحفي، أمس، حين قال إن انتهاكات موسكو المستمرة للقوانين والأعراف الدولية هي سبب مواصلة استبعادها من المجموعة وستبقى مستبعدة.

 

تصريح “ترودو” جاء تأكيدا على ما صرح به ناطق باسم رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، في وقت سابق أمس، والذي شدد على أن “جونسون” سيعارض أي مقترح يسمح لروسيا بالانضمام إلى المجموعة مرة أخرى، موضحًا أن شرط إعادة عضوية موسكو هو تخليها عما وصفه بنشاطاتها العدوانية والمزعزعة للاستقرار.

وذكر: “استبعدت روسيا من مجموعة السبع عقب ضمها لشبه جزيرة القرم في عام 2014، ولم نر إلى الآن أي أدلة تشير إلى أن موسكو تغير سلوكها بشكل يبرر إعادتها إلى صفوف المجموعة”.

الخطوة التي اتخذتها كندا وبريطانيا، أمس، برفض عودة روسيا للمجموعة ليست بجديدة، ففي قمة كيبك بكندا، يونيو 2018، والتي كان مقررا أن تناقش القضايا التجارية المشتركة بين دول المجموعة في ظل عدم وجود توافق بين أعضائها وانقسامهم بشدة، أثار الرئيس الأمريكي قضية عودة روسيا للمجموعة، مصرحا بأن موسكو ينبغى أن تحضر اجتماع المجموعة، كما يجب أن تعود إليها، وإلى مائدة التفاوض.

وردا على تصريحات “ترامب” أعلن قصر الإليزيه، أن الدول الأوربية الأربع المشاركة في القمة تتفق على رفض عودة روسيا، وبمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تم عقد اجتماع قبل بدء قمة كندا حضره المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، ورئيس الوزراء البريطانية -وقتها- تيريزا ماي، وتم التأكيد فيه على الموقف الأوروبي الرافض لعودة روسيا وأنه يجب توخي الحذر تجاهها، لافتين إلى إمكانية إقامة حوار.

اقرأ أيضًا:

احتجاجات أمريكا.. تضامن بعواصم أوروبا وتهديدات بالقوة العسكرية في الولايات

ورغم هذه المبادرة الفرنسية، إلا أنه في عام 2019، اقترح ماكرون دعوة روسيا للمشاركة في قمة مجموعة السبع في الولايات المتحدة 2020، وهو الأمر الذي وافق عليه ترامب، ورد بوتين على ذلك قائلا إن روسيا تعتبر كل الاتصالات مع بلدان مجموعة (G7) مفيدة، ولا تستبعد استئناف عمل مجموعة (G8)، لكن ميركل ربطت مسألة استئناف عمل (G8) بتحقيق تقدم في التسوية الأوكرانية.

وفي 25 أغسطس من نفس العام، ناقش زعماء مجموعة السبع في قمة مدينة بياريتس الفرنسية، مسألة عودة (G8) بمشاركة روسيا، ولكن بحسب ما نقلته وسائل الإعلام وقتها عن مصادر فإن محتوى الحوار لا يمكن كشفه.

الصدام مع ترامب

بالرغم من أن المعارضة الكندية البريطانية لعودة روسيا، والتي تم إعلانها أمس، لن تمنع بوتين من حضور قمة الولايات المتحدة، إلا أن محللين يرون أن حضوره سيكون مثيرا للجدل رغم أن ممثلين عن دول من خارج المجموعة حضروا قمما سابقة، وذلك بسبب موقف الأعضاء من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.

أيضا هذه المعارضة الكندية البريطانية، يرى محللون أنها خطوة تؤدي إلى تعميق خلافات مجموعة السبع مع ترامب، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يتم معارضة طلبه بعودة روسيا، إذ أنه في ظل هذه المعارضة، دأب ترامب على التعبير عن تأييده لعودة روسيا إلى صفوفها.

 

ويرى “ترامب” أن مجموعة السبع يجب أن تتوسع وتنضم إليها دول أخرى بما فيها روسيا، وأستراليا، والهند، وكوريا الجنوبية، ففي قمة كندا 2018، قال ترامب: “أعتقد أن عودة روسيا ستكون في صالح المجموعة، وأنه لا يشعر بأن المجموعة بشكلها الحالي تمثل بشكل صحيح ما يجري في العالم”، مقترحا دعوة روسيا وكوريا الجنوبية وأستراليا والهند إلى الانضمام إليها.