أكثر من 50 ألف فتوى يصدرها التيار السلفي وشيوخه في عالمهم الموازي، الذي صنعوه ليطوعوا الدين وفقا لأهوائهم.. في هذا العالم، تحتل المرأة نصيب الأسد، بما يعادل 75% من تلك الفتاوى، الأمر الذي يمكن رصده بسهولة، عند زيارة موقع الدعوة السلفية «أنا السلفي» والذي أصدر 4021 فتوى، منها 2500 فتوى خاصة بالنساء، بخلاف موقع صوت السلف، وموقع الحويني التابع للشيخ السلفي أبي اسحاق الحويني وغيرها من المواقع، بالإضافة إلى الصفحات والحسابات الرسمية لقادة هذا التيار على مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج التي يقدمونها.

وتكشف تلك النسبة الاهتمام الغامض من أباطرة هذا التيار بأدق التفاصيل الخاصة بالنساء، الأمر الذي كان يظهر بقوة في الدروس الدينية للسلفيين، والتي كانت تشهد عددا كبيرا من الحضور الرجالي في حالة وجود نساء أو يتم مناقشة أمر يخصهم، خاصة التي تعقد في المراكز الدينية بدلا عن المساجد، ليمثل الأمر علامات استفهام نحاول البحث عن اجابتها في سطورنا التالية.

المرأة في دفتر فتاوى السلفيين

تبحث فتاوى السلفيين عن حياة المرأة من كافة الجوانب، منذ نعومة أظافرها وزوجها عند سن التاسعة مرورا بمراحل بلوغها، وحتى غرف نومها وتفاصيلها، فلا مجلس إلا وذكرت فيه المرأة، ولا حديث إلا وكانت جزءا أصيلا من نقاطه، ولا برنامج إلا وكانت أبرز فقراته.

وذكرت المرأة في دفتر فتاوى السلفيين بطرق متعددة، ومتطرفة، منها فتوى الشيخ ابي اسحاق الحويني الذي قال فيها أن وجه المرأة كفرجها، مستخدما هذا التشبيه الذي أثار جدلا واستياء كبيرا، في إثبات أهمية النقاب وضرورته.

نفس الشيخ المعروف عنه شدته في التعامل مع المرأة واعتبارها أيقونة الجحيم، وصف المرأة بالجهل، وأنها لا تملك العلم، وأن العلم للرجال، وذلك في تبرير رفضه لعمل المرأة في الإعلام، وظهورها على الشاشة، كما استنكر المخالطة في الجامعات، ورفض خروج المرأة كونها تخالط رجال في طريقها وأثناء استخدامها للمواصلات وأثناء حضور المحاضرات، وحرم الجامعات المختلطة.

الأمر توارثه نجل الحوينى، حاتم الحوينى، الذي ناقش وضع المرأة في العديد من المرات، حتى حملها نتيجة التحرش الذي تتعرض له، نتيجة لما وصفه بالملابس المبتذلة، كما أباح ختان الإناث ووصف تحريمه بالجهل بالدين.

من الفتاوى الصادمة أيضا، ما قاله الشيخ السلفي أسامة القوصي، والذي أباح نظر الرجل للمرأة أثناء استحمامها، إذا انتوى الزواج منها، الأمر الذي استنكره كثيرون ليس لاعتبارات دينية فقط ولكن لاعتبارات أخلاقية ومجتمعية أيضا.

عبد الكريم الخضير، واحد من أبناء التيار السلفي، حرم على المرأة ممارسة الرياضة، وقال إن المرأة مكانها في البيت وتربية الأولاد، ولا يجوز ممارستها للرياضة حتى لو أمام نساء فقط، بخلاف الشيخ الألباني الذي أجاز إرضاع المرأة للكبير لكي تحرمها عليه، وهي الفتوى التي اعتبرها كثيرون أمر شاذ، الدين بريء منه.

أما جماعة سلفي إسكندرية، فقد كان لهم نصيب الأسد في الفتاوى الخاصة بالنساء، وتناولوا النساء في الكثير من أحاديثهم، وجاء على لسان القيادي السلفي سامح عبد الحميد، تحريما صريحا لعمل المرأة في المناصب القيادية، رافضا توليها منصب وزيرة.

الشيخ ياسر برهامى، عراب الدعوة السلفية بالإسكندرية، كان له العديد من الفتاوى المثيرة الخاصة بالنساء، منها اباحته لمعاشرة الرجل للمرأة خلال فترة الاستحاضة، وتحريم ارتداء الجذاء الصيفي المفتوح كونه يمثل فتنة، وفتواه بإيجاز ترك المرأة للمغتصب في حال وجود تهديد على حياة زوجها، وتحريم ارتداء المرأة لحلى على شكل حيوانات لأن بها روح، كما حرم ارتداء المرأة للبادى حتى أمام أخواتها وحصره على زوجها فقط، بخلاف تحريمه لتصوير الأفراح فيديو في القاعات المخصصة للنساء، خوفا أن يراها أحد، مبررا فتواه أن النساء يكن في زينتهم كاملة في تلك المناسبات، كما حرم على المرأة ارتداء الحلي وهى في فترة العدة.

سر اهتمام السلفيين بالمرأة

على مدار عقود، مثلت المرأة تحديا كبيرا لأصحاب الفكر المتشدد من السلفيين، فهي الفتنة أينما حلت والخطيئة متى نطقت، والجائزة المنتظرة في نهاية الطريق.

التشدد

ولأن الفكر السلفي لا يرى إلا الجمود والتشدد والانغلاق، جعل المرأة دائما علامة استفهام يبحث السلفي عن إجابتها، فقد حرم رؤية وجهها، فصار يتساءل عن تفاصيل هذا الوجه، وكلما زادت الأسئلة زاد من حدة التشدد ضدها.

ولعبت «المخيلات» دورا كبيرا في اهتمام السلفيين بالمرأة، خاصة أنه أحد الأبواب التي يتلاعب بها شيوخ السلفية في جذبهم للشباب، ودائما يكون الحديث عن الحور العين والنعيم المنتظر معهم، ما يجعل الشباب يحومون حول أقرب ما يقربهم من تلك الجائزة وهي نساء الأرض، الأمر الذي يثير التفكير فيهن أكثر.

الضعف

تعتبر المرأة في أدبيات الفكر المتشدد، كائن ضعيف، وتابع، خلق من ضلع الرجل وبذلك صار أقل منه مكانة واكثر خضوعا، وينشأ السلفيون على اعتبار المرأة، مخلوق ضعيف يسهل السيطرة عليه، ولأنهم تربوا على أن الأفضلية للأقوى، وأن التشدد والعنف هو الطريق للسيادة، فكانت السيطرة على النساء من أهم أسباب اهتمام الرجل المتشدد بالمرأة، كونها الكائن القادر على ارضاء غروره، وتحقيق غايته في التسيد. لذا ظهر شغفهم بالزواج من الصغيرات، لإمكانية فرض السيطرة عليهن بخلاف إنهن الأقرب للحور العين في وصف السلفية لهم، كما يظهر استغلالهم لأكذوبة ضعف النساء، في محاولة الرجال إذلال نساءهم في البيوت، فهم ممنوعون من الحركة أو اتخاذ القرار أو الحصول على حريتهم إلا بموافقة رجالهم، كما يتم تنشئة النساء على أنهن حرائر دورهن الخضوع للرجل، ما يجعل رجال السلفية يشبعون شهوة السيطرة والتسيد.

مفتاح الألغاز

المرأة هي مفتاح الحياة للسلفيين، فهي الإجابة لكل لغز والرد على كل سؤال، وهو الأمر الذي أكده الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، ياسر فراويلة، الذى قال، أن السلفيين مرضى بالنساء، نتيجة للتربية المنغلقة التي يعيشها هؤلاء الأشخاص، بجانب نظرتهم الاستغلالية للمرأة ففي حالة استقطاب رجال جدد تكون من خلال اللعب على الشهوات والتي لا يستخدم فيها سوى النساء، وعند السيطرة على قواعد نسائية جديدة لابد من الاستعانة بنساء، وعند الدخول للبيوت وكشف أسرارها يكون من خلال النساء، وعند الرغبة في الحصول على المتعة والهروب من قيود التشدد يكون من خلال النساء.

تابع «فراويلة»، أن فقه المرأة لدى السلفيين يجعلها مقتصرة على كونها المتعة والمشبعة للشهوات فقط، ولأن تلك الرغبات محاصرة بالتشدد، فيولد معها الاهتمام المبالغ فيه، لضمان عدم خروجهن عن السيطرة أو البحث عن حقوق، وبالتالي حرمان المتشددون من الشيء الوحيد الذى يجعلهم يشعرون بوجودهم وينتظرون الخروج به من عالم التشدد والتطرف، مضيفا أن السلفيون أسرى لشهواتهم ويعملون دائما على إرضائها، وهذا نتاج لتربيتهم ونشأتهم والتعليمات التي يلزمون بها أنفسهم والتي لا علاقة للدين بها، والتي جعلت أفكارهم تجاه المرأة غير سوية وتتميز بالشذوذ، فنجد الشيخ الكبير يبحث عن ارضاء شهواته عبر طفلة صغيرة، ونجد فتاوى تطالب بمنع ظهور حتى تماثيل للمرأة، وأخرى تحرم تعطرها، وواحدة تمنع عنها الألوان في اللبس، ومطالبات مستمرة بمنع خروجها من المنزل، وجميعها دليل على الفكر المريض، الذى جعل الشهوة المحرومون منها محركا لهم دون وعى.