منذ حوالي شهر، اشتعلت الساحة الداخلية لدى إثيوبيا بالمظاهرات والاحتجاجات الشعبية من قبائل الأورومو بعد مقتل المطرب “هالوشا هونديسا”، أدت إلى أعمال عنف واسعة النطاق وصدامات مع الشرطة خلفت نحو100 قتيل، بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى، فضلا عن اعتقال العشرات من السياسيين والصحفيين.
وأعلنت هيئة الإذاعة الإثيوبية أن المتهم الرئيسي في قضية اغتيال المطرب والناشط البارز المنتمي لقومية الأورومو، هاشالو هونديسا، أقر أمام القضاء بصحة اعترافاته أمام الشرطة حول ارتكاب الجريمة، كاشفًا عن تعرض عائلته لتهديدات من قبل محرضيه على اغتيال هاشالو.
“هالوشا هونديسا” سُجن 5 سنوات، عندما كان عمره 17 عامًا لمشاركته في احتجاجات، وبعد خروجه من السجن ظل في إثيوبيا، رغم فرار الكثيرون مثله إلى المنفى خوفًا من الاضطهاد.
وصفت أغاني “هونديسا” بالمقاومة المضادة للحكومة التي بدأت في عام 2015 مع احتجاجات الشوارع في منطقة أوروميا، والتي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء في ذلك الوقت، هايلي ديسالين.
وبمجرد مقتل “هونديسا”، اندلعت الاحتجاجات في إثيوبيا، وسقط عدد من المحتجين برصاص قوات الأمن، وشنت الحكومة الإثيوبية حملة اعتقالات واسعة طالت عدد من أبرز رموز المعارضة.
وطالب المحتجون بإسقاط رئيس الوزراء “آبي أحمد”، لعدم الاستجابة السريعة للقبض على الجناة لكونه من قبيلة “الاورومو”.
واستغل “جوهر محمد” المعارض الأكبر لسياسيات آبي أحمد، تلك التظاهرات، وبدأ في تأسيس جماعة جديدة مناهضة لسياسيات “آبي أحمد”، في الأول من يوليو الماضي تحت شعار “لا لسياسيات آبي أحمد بإثيوبيا”، لكن قامت السلطات الإثيوبية بالقبض عليه، لإخماد وتيرة الاحتجاجات.
وكان “جوهر” البالغ من العمر 34 عاما، قد حذر في وقت سابق من تحوّل آبي أحمد إلى حاكم غير شرعي. ويواجه الآن اتهامًا بأنه على صلة بمقتل شرطيّ أثناء أعمال العنف الذي اندلعت.
أنصار “جوهر” ينفون أيّ صلة تربطه بمقتل الشرطي، زاعمين أن رئيس الوزراء آبي أحمد أمر باعتقاله بهدف التخلص منه.
ورغم انتمائهما لعرقية واحدة هي أغلبية الأورومو، اختلف جوهر وآبي أحمد بشكل حاد حول مستقبل توجُّه إثيوبيا منذ تولّي الأخير السلطة في 2018 وتعهّده بإرساء مبادئ الديمقراطية، وتوحيد البلاد التي قسّمتها الانتماءات العرقية بعد عقود من الحكم الاستبدادي.
شعرت جماعة الأورومو بغضب أكبر، وبدأت بالاعتصام أمام مبنى مجلس الوزراء في العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا”، وقامت السلطات بالقبض على عدد كبير منهم ومحاولة تفريقهم لمدة 3 أيام على التوالي حتى هدأت وتيرة تلك الاحتجاجات.
ولكن استمرت كافة وسائل الإعلام الخاصة بالأورومو بنشر أخبار تدعو للاستمرار في التظاهر، حتى قامت الشرطة الإثيوبية باقتحام شبكة الأورومو، واعتقلت جميع الصحافيين العاملين فيها ولم تفرج عنهم إلا بعد احتجاجات شعبية جديدة استمرت حتى منتصف يوليو الماضي.
حقيقة مقتل مطرب الثورة الإثيوبي
أعلنت جوديتو هورا، والدة المغني السياسي بعد وفاة ابنها، لوكالة الأورومو أن السلطات الإثيوبية هي من قتلت أبنها بسبب أغانيه التي اعتبرتها السلطة محرضة على الوضع الحالي والتهميش السياسي والاقتصادي لجماعة الاورومو.
فيما نقلت الوكالة الإثيوبية الرسمية، خبر بعنوان جيش تحرير الأورومو يعترف بمقتل هاشالو، بعد مقتله بحوالي أسبوع، ورصد الخبر أن مقتل “هاشالو” جاء من قبيلته بهدف إثارة مشاعر الغضب العام ضد رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد”.
ومنذ أيام أقر المدعي العام الإثيوبي، أدانيش أبيبي، بصحة ما نشرته الوكالة الإثيوبية، حيث ورد بالتحقيقات الخاصة بمقتله، إن المهتم بقتله اعترف بصدور توجيهات من قبل جيش تحرير الاورومو، بقتله، لإحداث توترات بين أكبر جماعتين عرقيتين “الأورومو والأمهرة”.
كيف يتعامل الأورومو حاليا مع مقتل مغني الثورة؟
أعلن مكتب شؤون اتصالات حكومة إقليم أوروميا في منتصف يوليو الماضي، أن 100 شخصا على الأقل قتلوا في منطقة أوروميا الإثيوبية خلال احتجاجاتهم على مقتل مغني الثورة ، وأن هناك عدد من العناصر المجهولة التي تدخلت وأضرمت النيران في بعض الشركات داخل مقاطعة أورومو.
وقد أطلق الأورومو أسم “هونديشا”، على أحد أهم الشوارع الرئيسية لهم وفاءًا للمطرب الذي تغنى بلغتهم، وكانت أغانيه تركز في أغلب الأحيان على حقوق “عرقية الأورومو” في البلاد وتحولت إلى أناشيد تصدح بها الحناجر في موجة من الاحتجاجات التي قادت إلى سقوط رئيس الوزراء السابق في 2018.
وفى سياق ذاته، دعت منظمة العفو الدولية السلطات الإثيوبية إلى الكشف عن مكان احتجاز عشرات السياسيين والصحفيين الذين كانوا من بين آلاف الأشخاص الذين جرى اعتقالهم في أعقاب موجة العنف والاحتجاجات الأخيرة. ودعت السلطات الإثيوبية إلى “مقاومة رغبتها في العودة إلى طريق الاضطهاد المألوف”.
ولم يتضح بعد مكان احتجاز الكثيرين ممن اعتقلوا بعد العنف العرقي الأخير والذين يبلغ عددهم خمسة آلاف.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إنه يتعين منح جميع المحتجزين الحق بمقابلة عائلاتهم ومحاميهم، أما منظمة العفو الدولية فتقول إنه “من غير الواضح مكان احتجاز العديد من الأعضاء البارزين في حزب جبهة تحرير أورومو المعارض”.