حالة من الجدل شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي، عقب إعلان الدكتورة عُلا عادل مديرة المركز القومي للترجمة، تقديم آليات جديدة للعمل بالمكتب الفني، وذلك في إطار الخطط الجديدة لتطوير أداء المركز.

تلافي العيوب والمشكلات

الآليات الجديدة، وصفتها مديرة المركز القومي للترجمة، بأنها تعمل على تلافي العيوب والمُشكلات، التي تواجه كلًا من القراء والمُترجمين، ومن بين تلك الآليات أن يكون الكتاب حديثًا، وأن يتراوح حجمه بين 60 إلى 500 صفحة، وألا يتعارض الكتاب مع الأديان والقيم الاجتماعية والأخلاق والأعراف، وهي الشروط التي سيراجعها مكتب فني تابع للمركز، بحسب البيان المنشور أمس، والصادر عن المركز القومي للترجمة.

وأثير الجدل، عقب نشر تلك الشروط، حيث سأل عدد من المتابعين للأمر، عن القيم الاجتماعية، فكيف ستُحدد ومن سيعمل على تحديدها، ومنهم من رأى أن التعبير يُعد تعبيرًا واسعًا، ومن الممكن أن يصل ليصبح المركز جهة رقابية، أو حجر على المطبوعات، بزعم تطبيق تلك القيم.

مديرة المركز القومي للترجمة، قالت إن تحديد مواعيد قبول المُقترحات أمر معمول به في كثير من المؤسسات حتى يتسنى وضع خطة بما لا يتضمن تكرار بعض العناوين المُقترحة، موضحة أن القرار لا يُعد جديدًا، والمكتب الفني المشار له ليس جديدًا أيضًا، لكن الجديد هو نشر تلك البنود والآليات.

وأكدت “عادل”، أن جميع دور النشر لها سياساتها الخاصة، ولا تُعد تلك السياسات مُعارضة لحرية الفكر أو الإبداع، وحول القيم الاجتماعية أو الإساءة للأديان، أوضحت أن اللجنة هي التي ستحدد تلك الآليات ما يجوز وما لا يجوز، مشيرة إلى أن نشر تلك الآليات جاء لإعلاء مبدأ الشفافيه مع المترجمين الذين يغضبون عند رفض مقترحاتهم.

“الأعمال المُقدمة كان منها ما يروج للمثلية والشذوذ والإلحاد وهو ما لا نقبل وضع اسم المركز عليه”.. المركز القومي للترجمة

ترويج للمثلية والإلحاد

القومي للترجمةالأوساط الثقافية، شهدت جدلًا وتحفظًا على البيان، ومنهم من اعتبر الأمر بمثابة فرض رقابة على الإصدرات، مما دفع المركز لنشر توضيحًا للأمر، في بيان منفصل، جاء به أنه لم يتراجع عن دوره التنويري، ولكن وضع شرط عدم التعارض مع الأديان أو الأعراف والمُثل، وجاء بعد أن ورد إلى المركز مقترحات بكتب تتضمن التطاول على رموز ومؤسسات دينية دون أن يكون هناك فكر حقيقى مطروح.

وتابع البيان: “الأعمال كان منها ما يروج للمثلية والشذوذ والإلحاد وهو ما لا نقبل وضع اسم المركز عليه، إلا أن الأفكار التي لا تتماشى مع قناعاتنا ولكنها لا تتضمن إساءة أو تطاول لا نفرض عليها حجرًا بل نطرحها في إصدارتنا التي تهدف إلى التنوير والتعريف بثقافة الآخر وفكره، بل ونأمل كذلك أن يقرأها المفكرون وتحثهم على الرد على الأفكار المغلوطة في كتاباتهم”.

وأوضح البيان، أن تحديد مدة خمس سنوات على صدور الكتاب جاء رغبة في طرح ما هو جديد، وحث مقدمي المقترحات على متابعة المشهد الثقافي، وانتقاء الأعمال القيمة، علمًا بأن الدورة المستندية التي يمر بها الكتاب منذ عملية الاقتراح حتى الحصول على حقوق الترجمة تستغرق وقتًا طويلًا، مما يُعني تقادم موضوع الكتاب، إن كان من الموضوعات الآنية، ولكن هذا لا يعني رفض مقترح لكتاب يتناول موضوعًا حيويًّا ومهمًّا حتى وإن مرت عليه فترة أطول.

“مسألة القيم الاجتماعية نسبية لا يمكن حصرها في آليات محددة”.. الروائي إبراهيم عبد المجيد

رقابة على النشر

الروائي إبراهيم عبد المجيد

القرار، والآليات، رفضها قطاع كبير من المثقفين، ومنهم الروائي إبراهيم عبد المجيد، الذي يرى أن تلك البنود ما هي إلا رقابة على النشر، كما أن مسألة القيم نسبية لا يمكن حصرها في آليات محددة، لافتًا إلى أنه في تلك الحالة نحتاج لقراءة الكتب الأصلية قبل ترجمتها وتحديد توافقها مع الآليات الجديدة أم لا، وهو أمر صعب تنفيذه، كما أن بند عدم ترجمة الكتب بعد مرور 5 سنوات، يعني أن هناك أعمال كلاسيكية لن تترجم بسبب فوات عشر أو عشرون عامًا عليها، ويرى أن نتيجة هذا القرار هو قلة الأعمال في الفترة المُقبلة، وعزوف المترجمين عن العمل، بينما ترى “عادل”، أن هذا القرار سيكون تصديًا للأفكار التي تخالف القيم، وتروج للشذوذ والتطاول على الأديان.

الكاتب عصام الزهيري، يقول إن الآليات الموضوعة، ومنها ألا يتعارض الكتاب مع الأديان أو القيم المجتمعية، شروط كارثية، وهنا لا يمكن نشر بحث علمي عن الأديان مثلًا، أو نقد الكتب المقدسة وغيرها، كما أن الكتب التراثية التي تتعدى عدد صفحاتها  الـ500 صفحة لن تترجم مع الآليات الجديدة.

علا عادل رئيس المركز القومي للترجمة

ترجموا كتب ميكي ماوس

تصدر الأمر مواقع التواصل الاجتماعي، وعلق العديد من المستخدمين بتعليقات رافضة وساخرة من الآليات الجديدة، ومنها “الشروط دي نترجم بيها ديزني ولا ميكي ماوس ولا نبطل قراءة أحسن”، والتي اعتبرت الضوابط التي تم الإعلان عنها ونشرها قيودًا جديدة على حرية الإبداع.

المركز القومي للترجمة، أوضح أن مقترحات المترجمين لا تشكل إلا جزءً من إنتاج المركز بأكمله، الأمر الذي لا ينفي وجود سلاسل ثابتة وراسخة مثل “ميراث الترجمة” والمشروعات المقدمة من مؤسسات وأفراد، وسلسلة “تبسيط العلوم”، إلى جانب التخصصات الأخرى التي يتناولها المركز، وهي أعمال صدرت وتصدر وفق هذه البنود دون رقابة أو حظر.

الدكتور أنور إبراهيم، أستاذ الأدب الروسى، ورئيس سلسلة آفاق عالمية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، أوضح أن المترجمين فى حاجة إلى استراتيجية واضحة تصدر عن المركز القومى للترجمة، حتى يكون جموع المترجمين على علم بالأهداف والخطط التى يستهدفها المركز، مشيرًا إلى أن هناك لجنة من كبار المترجمين لوضع هذه الاستراتيجية، لكن اللجنة لم تجتمع منذ ما يقرب 5 سنوات، ولا تطلع على أي قرارات أو خطط تصدر عن المركز.

على الجانب الآخر، أوضحت مصادر، أن رئيس المركز القومي للترجمة ستغادر منصبها الأسبوع الجاري، وتتولى منصب الملحق الثقافي لمصر في النمسا، وهذا القرار متقف عليه منذ عدة أشهر، ولا علاقة له بالأزمة الحالية.