ليس من قبيل المبالغة القول إن الديمقراطية الأمريكية تواجه عدة أزمات تؤدي إلى تهديدها، منها إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل انتشار فيروس كورونا.

ويمثل هذا الأمر، من ناحية التصويت وفرز الأصوات تحديًا غير عادي، خاصة أن التصويت سيتم عبر البريد على نطاق غير مسبوق، تزامنًا مع زيادة الأزمات الوظيفية في خدمة البريد، كل هذا يحدث في واحدة من أسوأ مناخات الاستقطاب الحزبي وانعدام الثقة في التاريخ الأمريكي.

معاناة المستثمرين

ومن جهة أخرى يعاني المستثمرون في الولايات المتحدة، من تضاؤل وركود في الأسهم، حيث يعتقد العديد منهم أن نتيجة الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر ستؤثر على الأسواق.

سوق الأسهم الأمريكية

بدورها، أوضحت شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية في تقرير لها عن الأسهم الامريكية وتأثير الانتخابات عليها، أن الارتفاعات والانخفاضات الأخيرة في سوق الأسهم جعلت المستثمرين يستعدون بالفعل لحالة عدم يقين أخرى تلوح في الأفق بشأن نتخابات نوفمبر.

وتعتقد الغالبية العظمى من المستثمرين، والتي تقدر بنسبة 93%، أن السباق الرئاسي سيؤثر على سوق الأسهم، وفقًا لمسح حديث أجرته شركة هارتفورد فاندز، موضحة أن 84٪ يتوقعون أن يؤثر ذلك على عاداتهم الاستثمارية.

في حين قال 45٪ من المستثمرين الذين شملهم الاستطلاع إنهم يخططون لإجراء تغييرات قبل الانتخابات.

وأشار 62٪ إلى أنهم من المحتمل أن يجروا تغييرات في الـ 12 شهرًا بعد 3 نوفمبر.

مخاوف عدم وضوح النتائج

ويخشى المستثمرون من أن الانتخابات لن تحسم لأسابيع عقب موعدها المحدد وحتى عبر مطلع العام المقبل.

وفي الآونة الأخيرة، يحاول المستثمرون معرفة ما ينتظرهم في سوق الأسهم والتي سيعتمد جزء كبير منها على الرئيس المنتخب، إلا أن ذلك قد يستغرق أسابيع أو أشهر قبل أن يتنازل أحد المرشحين للآخر.

وذكرت شبكة “سي إن بي سي”، أن زيادة المخاوف بشأن عدم وضوح نتائج الانتخابات لبعض الوقت، قد تؤدي إلى مزيد من التقلبات في بورصة وول ستريت، واصفة السباق الرئاسي لعام 2020 بأنه يبدو كلعبة الأطفال ويتم النزاع عليها.

ويعتقد العديد من المحللين، الذين يتمتعون بسجلات إنجازات جيدة للتنبؤات بالأحداث العالمية، أن هناك احتمالًا بنسبة 16% فقط حول احتمالية تنازل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئاسة للمرشح الديمقراطي المنافس جو بايدن.

وتوقع الفريق أن فرصة ألا يكون هناك فائز رسمي حتى عيد الشكر تصل إلى نسبة 43%.

وتعتقد الأسواق العالمية والجهات الاقتصادية أنَّ هناك احتمالًا بنسبة 37% بأن إعلان النتيجة النهائية سيعلن بين أواخر نوفمبر ويوم التنصيب في 20 يناير 2021.

ويقول وارن هاتش الرئيس التنفيذي بمؤسسة “جود جادجمنت”، إنه باحتمالية 65٪ لن يكون هناك تقدم في التحفيز المالي الجديد حتى ما بعد العام الجديد.

قلق وذعر

وطمأن خبراء الاقتصاد في الولايات المتحدة إلى حد ما المستثمرين من نتائج الانتخابات، مشيرين إلى أنه لا داعي للذعر.

ووفقًا لبيانات بريان ليفيت، محلل السوق العالمي في شركة إنفيسكو الأمريكية المستقلة لإدارة الاستثمار، فإن المستثمرين الذين ظلوا مستثمرين بالكامل في السوق بعد الانتخابات منذ عام 1980 حققوا نتائج أفضل بكثير من أولئك الذين خرجوا من الأسهم خلال أول 100 يوم من فترة الرئاسة منذ انتخابات 2016 الماضية.

ووجد “ليفيت” أن استثمارًا بقيمة 10000 دولار أدى إلى عائد قدره 324000 دولار على مدار الأربعين عامًا الماضية، مقابل عائد 169000 دولار فقط إذا باع المستثمرون الأسهم.

عالم ما بعد 2016

أدت انتخابات عام 2016 إلى قلب العلاقة الطبيعية بين بورصة وول ستريت وواشنطن تمامًا، حيث افترض العديد من المستثمرين أن هيلاري كلينتون ستفوز.

وبمجرد فوز “ترامب”، كان هناك ذعر من تداول العقود الآجلة، أعقبه تحرك قوى إلى الأعلى وارتفاع الأسهم.

وقال مارك تشالكين، مؤسس شركة تشالكين في تقرير: “هناك إجماع متزايد على أن أمريكا ستكون في حالة اضطراب مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، أو في حالة فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن”.

واستشهد بالانتخابات في عام 2016، حينما فاز “ترامب” في الانتخابات فكانت الاضطرابات والذعر متزايدًا، إلا أن حدث العكس بالانتعاشة القوية.

ويقول “تشالكين”: “هذا لا يعني أن السياسة لا تهم المستثمرين على الإطلاق، الا أن الفارق الكبير بين عامي 2020 و2016 هو أن الاقتصاد يمر الآن بحالة ركود يغذيها وباء كورونا، أما قبل أربع سنوات فقد كان الاقتصاد في خضم توسع وإن كان بطيئًا”.

وتقول جوليا كارلسون، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “فاينانشال فريديم جروب”، في نيوبورت بولاية أوريجون، في تصريحات صحفية: “إننا نشهد بالتأكيد مشاعر متصاعدة وشغفًا كبيرًا من هذه الانتخابات”.

وحثت “كارلسون” جميع العملاء من المستثمرين بفصل عواطفهم التي يسيطر عليها القلق والذعر عن قراراتهم الاستثمارية، بغض النظر عن الطريقة التي ستسير بها هذه الانتخابات.

ومن جهته، يقول بريان كراوس، رئيس الاستشارات الاستثمارية في هارتفورد فاندز، إن هناك تصور سائد بأن الانتماءات الحزبية للرؤساء ستؤثر على عوائد سوق الأوراق المالية .

وفي غصون ذلك، فقد يشعر معظم خبراء السوق والاقتصاديين أنه من الضروري أن يتوصل الكونجرس و”ترامب” بسرعة إلى اتفاق بشأن المزيد من المساعدات المالية لمساعدة المستهلكين والشركات المتعثرة.

فقد يحتاج الاقتصاد الأمريكي خلال هذه الفترة إلى المساعدة لمواجهة الركود الحالي، والتخلي عن الخلافات السياسية.

سيناريوهان

وكشفت الشبكة الأمريكية تفاصيل سيناريو الوضع والطريقة التي تؤثر بها الانتخابات على الأسواق، مشيرة إلى أنه من المرجح أن تتغير بناء سيناريوهين.

الأول هو الوضع الراهن، حيث يُعاد انتخاب “ترامب” ويظل الكونجرس منقسمًا بين القيادة الجمهورية والديمقراطية، وهي الطريقة الأفضل لانتعاش السوق.

ويشير التقرير إلى أن العديد من الشركات الصغيرة سترتفع على الأرجح في حين سماع فوز “ترامب” بالولاية الثانية، في حين أن القطاعات الأخرى بما في ذلك الطاقة التقليدية والمالية والتكنولوجيا ستكون على استعداد للقيام بعمل جيد في ذلك الوقت.

أما الثاني، فهو إذا فاز المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن، وكان هناك اكتساح ديمقراطي للكونجرس، فمن المحتمل أن يبيع السوق بما بنسبة 2% إلى 4 %، بسبب المقترحات الضريبية.