توصف أول حكومة لجو بايدن الرئيس الجديد الفائز بانتخابات الولايات المتحدة بأنها الأكثر تنوعًا على الإطلاق. إذ يخوض بايدن تحد خاص تحت اسم “كسر الحواجز” في اختيار مجموعة من أدارته تعبر عن طبيعة المجتمع الأمريكي.

ذهب البعض إلى توصيف اختيارات بايدن بالانتحارية. إذ اعتمد على النساء والملونين والمثيين جنسيًا. وهو ما يعد خطوة جريئة تحسب للرئيس الديمقراطي.

وحسبما ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، فإن حوالي ثلث الموظفين الذين وصفتهم بالدائمين في فريق الحملة، ينتمون لفئة غير البيض. وذلك مع تواجد حوالي 53% من النساء ضمن أعضاء الفريق. وهو ما يعد الفريق الأول من نوعه داخل البيت الأبيض.

بايدن يختار ريما

ريما دودين
ريما دودين

تحت عنوان “جو بايدن يختار شابة من أصول فلسطينية وأردنية في فريقه الرئاسي“، خرجت العديد من الصحف والمواقع الإخبارية تزف بشرى لدول العالم الثالث. قرر بايدن اختيار شابة أمريكية ذات أصول فلسطينية – أردنية تُدعى “ريما دودين” مديرًا لمكتب الشؤون التشريعية في البيت الأبيض. وقد عملت سابقًا كمساعدة ومستشارة للسيناتور الديمقراطي “ديك دروبين”. ليس هذا فقط بل عملت أيضًا كمديرة أبحاث ومساعدة للسيناتور الديمقراطي باللجنة القضائية الفرعية لحقوق الإنسان.

في الوقت نفسه وفي نهاية نوفمبر الماضي بالتزامن مع فوز بايدن في الانتخابات التي بدأت مطلع الشهر ذاته، خرجت نائبة بايدن “كامالا هاريس” الأولى في هذا المنصب من أصل أفريقي، لتصف فريق الرئيس الذي سيتولى مقاليد الحكم من البيت الأبيض في العشرين من يناير المقبل، بأنه الفريق الوطني الذي يمتلك الخبرة والحكم السليم. وأضافت في تغريدة عبر “تويتر”: “لقد تعرفت خلال الأشهر الماضية على الحكم السليم والخبرة والشخصية المتميزة لمرشحي الأمن القومي والسياسة الخارجية”. وتابعت: “إنهم وطنيون وموظفون حكوميون في جوهرهم، ونيابة عن الشعب الأمريكي اتطلع إلى العمل مع هذا الفريق واتحمس لذلك”.

بايدن نفسه أكد في أكثر من محفل على أن التنوع والتعدد أهم ما يميز فريق إدارته. ووصف ذلك بالنموذج المصغر للولايات المتحدة الأمريكية. كما قال في أحد تصريحاته الأولى: “سيكون فريق إدارتي معبرًا عن الولايات المتحدة، ليس فريقي الرئاسي ولكن إدارتي، سيعبر عن التعددية والتنوع الذي يشكل أصل المجتمع الأمريكي.. هذا بكل تأكيد”. 

اقرأ أيضًا: مسبحة الرئيس.. هل انتصر بايدن بخطاب كاثوليكي وكيف ينظر لحرية الإجهاض المخالفة لمعتقده؟

بايدن يثق في أوستن

لويد أوستن
لويد أوستن

أما فيما يتعلق بمنصب رئيس البنتاجون، فقد أعلن الرئيس جون بايدن -في قت سابق وبصورة رسمية- أنه ينوي ترشيح العسكري المتقاعد “لويد أوستن”  ليتولى منصب وزير الدفاع في الحكومة، التي ينوي تشكيلها فور دخوله البيت الأبيض. وهذا أيضًا وفقًا لما نقلته فضائية “سي إن إن”.  

اختيار أوستن لم يكن من فراغ، ففي تصريح سابق وصفه بايدن بأنه الأكثر تأهيلاً لمواجهة كافة التحديات التي تقف أمام الولايات المتحدة في الفترة الراهنة. وقال: “أتطلع للعمل معه مرة أخرى عن كثب، كشريك نثق به لقيادة الجيش وإعادة الحيوية مرة أخرى للتحالفات الأمريكية – الدولية”.

وعليه فإن أوستن سينتظر فقط موافقة “الكونجرس” الأمريكي من أجل تولي هذا المنصب. وبذلك يكون أول رجل أسود يتولى منصب وزير الدفاع في أمريكا. وقد جاء اختياره من قِبل عدد من منظمات الحقوق المدنية داخل الولايات المتحدة. وكذلك بترشيح بعض تكتلات الحزب الديمقراطي ذات الأصول الآسيوية واللاتينية والأفريقية أيضًا.

وتأتي هذه الخطوة كإثبات من بايدن على عزمه اختيار أشخاصًا من الأقليات المتواجدة في الولايات المتحدة والنساء أيضًا. 

في الفترة بين عامي 2013 و 2016، عمل أوستن كرئيس للقيادة المركزية الأمريكية. وتتركز مسؤولياتها  على منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. وكذلك أجزاء من جنوب آسيا. كما سبق له أن عمل نائبًا لرئيس أركان الجيش الأمريكي. وذلك بالتزامن مع توليه منصب القائد الأخير للقوات الأمريكية التي كانت متواجدة في العراق منذ العام 2003. وخلال تولي بايدن منصب مساعد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، عمل معه أوستن عن قرب في إنجاز العديد من المهام الدولية. 

أول امرأة من السكان الأصليين

ديب هالاند
ديب هالاند

لم يقف الأمر عند أوستن فحسب. فقد كشف بايدن عن أن اختياره الفريق البيئي سيعكس مدى إيمانه بالتعددية داخل فريقه الإداري والرئاسي. لهذا اختار النائبة التي تنحدر من أصول سكان الولايات المتحدة الأمريكية “ديب هالاند” لتولي حقيبة الداخلية. وهي المسؤولة عن ملفات الموارد الطبيعية داخل الولايات. كما أنه اختار “جينيفر غرانهولم” الحاكمة السابقة لولاية ميتشجان كوزيرة للطاقة.

وتتولى هالاند المتحدرة من قبيلة “لاغونا بويبلو” التي تقع أراضيها في ولاية نيو مكسيكو إدارة ملف الموارد الطبيعية للأراضي الفيدرالية داخل الولايات. وهو ملف هائل يضم المتنزّهات الوطنية والمحميات الطبيعية الهندية. وإذا اختارها مجلس الشيوخ أو صادق على اختيارها تكون بذلك أول سيدة من الهنود الأمريكيين أو السكان الأصليين الذين يتولون منصبًا رفيعًا لهذه الدرجة.

أما منصب الوكالة الأمريكية لحماية البيئة، فقد اختاره بايدن لـ”مايكل ريجان” الذي يرأس الآن إدارة البيئة في الولاية الشمالية كارولينا منذ العام 2017. وينحدر هذا الرجل من أصول  أفريقية. كما أنه ولفترة طويلة ظل مسؤولاً عن عدد من القضايا التي تتعلق بالهواء ومجالات حماية البيئة. وذلك في فترة امتدت لتشمل عهدي كلينتون وجورج بوش الابن.

هذه الخيارات لم تكن عشوائية، وإنما ترجمة فعلية ملموسة لترسيخ دعائم التعددية التي يأتي الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية مُحملاً بها. لذلك نرى بايدن يقول في هذا الشأن: “هذا الفريق الرائع والمختبر والرائد سيكون جاهزًا في اليوم الأول لكي يواجه التهديد الوجودي، الذي يشكله التغير المناخي، من خلال الاستجابة الوطنية الموحدة” .

اقرأ أيضًا: بعد إعلانه الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة.. محطات بايدن نحو البيت الأبيض

بيت بوتيجيج
بيت بوتيجيج

الأسبوع الماضي، أعلن فريق بايدن الانتقالي، عن ترشيح العمدة السابق لمدينة ساوث بيند “بيت بوتيجيج” لمنصب وزير النقل في حكومة بايدن المقبلة. وبذلك فإن الحقائب الوزارية الأمريكية سيحمل إحداها وللمرة الأولى في التاريخ الأمريكي واحد من مثلي الجنس.

“بوتيجيج” (38 عامًا) أحد أهم أعضاء الحزب الديمقراطي النشطين منذ انضمامه إليه. وقد شغل منصب عمدة ساوث بيند منذ العام 2012 حتى مطلع العام الحالي. وسبق أن أعلن في عام 2015 مثليته الجنسية. وأعيد انتخابه مرة أخرى ليتولى المنصب نفسه بعدما حصل على نسبة تعدت الـ 80%، ليستمر في المنصب حتى العام الحالي.

سبق أن نافس بوتيجيج على الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام الحالي. لكنه فاجأ الجميع بانسحابه في مطلع شهر مارس. لذلك فإن اختيار بايدن له يأتي تأكيدًا على السياسة القائمة على التعدد وضم كافة طوائف المجتمع الأمريكي في غرفة صناعة القرار بالبيت الأبيض.

أول إمرأة تدير المخابرات

أفريل هاينز
أفريل هاينز

في سابقة من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الضارب بجذوره إلى عام 1783 بالتزامن مع نهاية حرب الاستقلال، تم اختيار سيدة لمنصب إدارة جهاز المخابرات الوطنية. وهي “أفريل هاينز“.

أفريل هاينز محامية أمريكية ولدت في العام 1969 بولاية نيويرك. تولت عدة مناصب حكومية من بينها منصب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. وأصبحت الآن تتولى أكثر المناصب حساسية في الداخل الأمريكي. هذا لأنها ستلعب الدور المحوري في أمن الولايات المتحدة القومي في فترة انتقال جون بايدن. وقد تم تكليفها بالإشراف على عملية إحاطة الاستخبارات الرئاسية.