في خطوة ربطها كثيرون بتحركات مصر تجاه أزمة سد النهضة، أعلنت أوغندا توقيع بروتوكول تعاون لتبادل المعلومات العسكرية والاستخباراتية مع المخابرات المصرية.

وحسب البيان الصادر عن قوات الدفاع الشعبية الأوغندية، أبرمت اتفاقية التعاون بين الجهازين “المخابرات المصرية والمخابرات العسكرية التابعة لقوات الدفاع الأوغندية، في إطار التعاون المشترك بين البلدين في العديد من الملفات المختلفة”.

ونقل البيان الأوغندي عن اللواء أركان حرب سامح صابر الدجوي، الذي ترأس الوفد المصري في كمبالا قوله “حقيقة أن أوغندا ومصر تتقاسمان النيل تجعل التعاون بين البلدين أمراً حتمياً، لأن ما يؤثر على الأوغنديين يؤثر بشكل أو بآخر على مصر”.

جولة كينشاسا والبعد الأوغندي

وفي أغسطس 2014، افتتحت مصر مكتبًا عسكريًا في أوغندا بهدف تعزيز العلاقات العسكرية مع أوغندا ودول شرق أفريقيا. يذكر أن أوغندا كانت مقر توقيع اتفاقية عنتيي التي تسعى إثيوبيا من خلالها لعزل دول المصب واتخاذ قرارات بإجماع دول المنبع.

وفشلت آخر جولة مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان في عاصمة الكونغو كينشاسا. وكانت القاهرة قد وصفتها بـ”الفرصة الأخيرة”، لكن الاجتماع انتهى بتبادل الاتهامات بين الأطراف الثلاثة.

سد النهضة وتلويح السيسي

تأتي هذه الخطوة بعد أيام من فشل جولة كينشاسا التي رعاها الاتحاد الأفريقي لعودة المفاوضات بين دول حوض النيل، وسط تعنت إثيوبي للعودة إلى المسار التفاوضي وإصرارها على الملء الثاني في يوليو المقبل.

وبعد الإعلان عن الاتفاق الاستخباراتي بدأت التكهنات حول دوافع الجانب المصري في التحرك في العمق الأفريقي في ظل الأزمة الراهنة بين مع أثيوبيا.

وتحدث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بلهجة تهديد في أعقاب الإعلان عن وصول المفاوضات الثلاثية (مصر والسودان وإثيوبيا) إلى طريق مسدود. حينها قال السيسي: “حصة مصر من مياه النيل خط أحمر، نحن لا نهدد أحداً ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر، وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد”.

وأضاف: “لا يتصور أحد أنه بعيد عن قدرتنا، مياه مصر لا مساس بها والمساس بها خط أحمر وسيكون رد فعلنا حال المساس بها أمر سيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل”.

التواجد المصري في القارة السمراء

لفترات طويلة غابت مصر عن دورها الأفريقي، لكن خلال السنوات الماضية بدأت تعود إلى مسارها الطبيعي في التواصل بشكل قوي مع الدول الأفريقية.

بدأ الدور الأفريقي لمصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، عندما كان التواجد المصري قويًا وواضحًا في كافة الدول الأفريقية. وكانت تصل مساعدات على كافة المستويات، ومن ثم مرت مصر بمرحلة توصف بالتواجد الخافت، خاصة في ظل عهد الرئيس محمد حسني مبارك، والذي تأثر بمحاولة الاغتيال التي تعرض لها في أديس أبابا.

واستطاعت مصر استرداد عضويتها في الاتحاد الأفريقي في يونيو 2014، فضلا عن حصولها علي عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي لمدة 3 سنوات.

كما ترأست القاهرة لجنة المناخ في الاتحاد الأفريقي لعامين، إلى جانب حصولها على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وكذا استضافتها وكالة الفضاء الأفريقية، والمركز الإقليمي لإعادة الاعمار بعد النزاعات.

وأعادت رواندا فتح سفارتها في مصر بعد إغلاق دام أكثر من 15عامًا، في إشارة إلى التقدم المصري في الملف الأفريقي ومدى جديتها في التعاون المشترك مع دول القارة السمراء.

دعم حوض النيل لمصر

من جانبه يرى الخبير العسكري جمال المظلوم أن الحديث عن توقيع بروتوكول تعاون مع الجانب الأوغندي على المستوى العسكري لا يمكن فصله عن أزمة سد النهضة بأي حال من الاحوال. ولفت إلى أن تحركات مصر في إفريقيا للحصول على الدعم أمر حتمي في ظل المرحلة الحالية من أزمة تهدد أمن ومستقبل مصر، خاصة في ظل ممارسات الطرف الإثيوبي ورفضه كافة الحلول التي طرحت من أجل تسوية الأزمة.

وقال المظلوم في تصريح خاصة لـ”مصر 360″ إن الاتفاق الاستخباراتي مع أوغندا يصب في ميزان دعم دول حوض النيل للجانب المصري في أزمة سد النهضة وتبعاتها على الشعب المصري والأمن القومي للبلاد.

وأضاف أن التعاون سيكون في المجالات العسكرية والاستخباراتية. ونوه بأن مصر بدأت مؤخرا تحركات في أفريقيا مع وصول المفاوضات مع الجانب الإثيوبي إلى طريق مسدود.

توسيع دائرة الشركاء

واستطرد: “هناك تحركات جدية لربط مصر بإفريقيا، وخلال الأيام القليلة الماضية تم عقد لقاء واجتماعات مع ممثلي دول حوض النيل منهم (توجو، برواندي، والكونغو، السودان وجنوب السودان).

وتابع: “اليوم أضيف إلى القائمة أوغندا، وهو ما يعزز خطوات مصر في إفريقيا والحصول على دعم ما يقرب من نصف دول حوض النيل، وهي خطوة كبيرة من أجل الحفاظ على الدور التاريخي لمصر في أفريقيا”.

وتابع: “يجب ألا ننسى أن التعامل والتعاون مع دول أفريقيا في المجال العسكري ليس جديدا لكن خلال عقود تم إهمال الملف بشكل كبير. ومع بداية الفترة الحالية ومع زيادة الضغوط بشان سد النهضة، بدا جليا التحرك المصري للحصول على الدعم الأفريقي في مواجهة التعنت الإثيوبي”.