على مدار عقد ونصف، تراجعت صادرات الأثاث المصري بنسبة 57.5% رغم تدشين مدينة دمياط للأثاث، وتراجع سعر صرف الجنيه الذي يعني نظريا زيادة تنافسية الصادرات المصرية في الأسواق الخارجية.

سجلت صادرات الأثاث 292 مليون دولار في 2024، و274 مليون دولار عام 2023، مقابل نحو 460 مليون دولار عام 2010، رغم تراجع سعر صرف الجنيه في الفترة ذاتها (2010-2024) من مستوى 5.80 جنيهات الى 51 جنيها.

جاء ذلك رغم افتتاح مصر مدينة دمياط للأثاث، في 2019، كأكبر منطقة صناعية متخصصة بصناعة الأثاث والصناعات المُكملة لها بالشرق الأوسط لتنمية قطاع الأثاث على مساحة 331 فدانا، وبتكلفة إنشاءات وصلت إلى 207 مليارات جنيه، فضلاً عن 925 مليون جنيه للمرافق.

هل يمكن العودة لأرقام 2010؟

عبد الحليم عبد السلام، عضو غرفة صناعة الأثاث والأخشاب باتحاد الصناعات المصرية، قال إن صادرات الأثاث عام 2010 بلغت نحو 460 مليون دولار، مضيفًا أن تلك الأرقام يمكن تحقيقها مجددًا، بشرط تقديم الدعم الحكومي.

تشكو صناعة الأثاث من غياب الدعم للمشاركة بالمعارض الدولية، والذي كان يصل في فترات سابقة إلى 85%، والتداعيات السلبية لتوقف المساندة التصديرية لصناعة الأثاث منذ عام 2012.

وسجلت أسعار الأخشاب زيادات بنسبة 50% العام الماضي، ما رفع الأعباء على المصنعين، خاصة أن متوسط نسبة المكون المحلى في الأثاث حوالي 40% فقط، ويتم الاعتماد على الاستيراد من الخارج.

 وقال عبد السلام إن قطاع الأثاث رغم التحديات يحتل ما بين 5% و10% من الناتج القومي الإجمالي، متوقعًا زيادة هذه النسبة من خلال تحسين الإنتاج، وتعزيز التصدير.

تواجه مصر منافسة شرسة من تركيا التي سجلت قفزات بصناعة الأثاث، رغم بداياتها المتواضعة، إذ كانت صادراتها لا تتعدى 192 مليون دولار عام 2001.

وارتفعت الصادرات التركية إلى مليارين و65 مليون دولار عام 2018، و3 مليارات عام 2019، و5.5 مليارات عام 2020، و6.9 مليارات عام 2021، و7.4 مليارات في 2022، وفقا لرئيس اتحاد صناعات الأخشاب في تركيا حسين تاقلاجي.

مصنعو الأثاث يطلبون الدعم الحكومي

ناقشت الحكومة أكثر من مرة فرص مشاركة قطاع الأثاث الدمياطي بالمعارض المحلية والدولية وتقديم حزمة من التيسيرات اللازمة للصناع؛ لإتاحة مشاركته بتلك المعارض، وكذلك سُبل تعزيز الفرص التصديرية للمنتج الدمياطي وتنمية التعليم والتدريب بمجالات التصميم والتصنيع.

طالب المهندس علاء نصر الدين، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأخشاب والأثاث، بإعادة النظر في ضريبة القيمة المضافة المطبقة حاليًا على الصناعات المختلفة، مؤكدًا أنه يطالب الحكومة، أن ترفع ضريبة القيمة المضافة عن جميع خامات التصنيع.

بحسب دراسة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فإن الضرائب تعتبر أهم التحديات التي تواجه الشركات الصناعية المصدرة للأثاث، إذ تشكل عبئًا كبيرًا على المنتج الصناعي، وعادة ما تؤدي إلى ارتفاع سعر المنتج، وتحد من تنافسيته، كما تؤدي إلى صعوبة دمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي.

نصر الدين طالب الدولة بالتوسع في إقامة المعارض ودعم المنتجين والمصنعين المصريين للمشاركة بها لاستمرارية عرض منتجاتهم بجميع المعارض الداخلية والخارجية، بتخفيض سعر متر العرض، وتسهيل مشاركة المصنعين في المعارض الخارجية لعرض منتجاتهم والترويج لها دوليًا، ما يساهم في فتح المزيد من الأسواق وزيادة الصادرات، ويعمل على دعم المصنعين.

وفق دراسة مركز المعلومات، فإن صناعة الأثاث تعاني في مصر من ارتفاع تكلفة الخدمات التمويلية المقدمة؛ نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وكثرة النفقات والعمولات وطول الفترة اللازمة للحصول على التسهيلات الممنوحة من البنوك، وإحجام البنوك التجارية عن تمويل الصادرات، وخاصة الصادرات غير التقليدية؛ بسبب ارتفاع درجة المخاطرة المرتبطة بها.

سعر الصرف يزيد التكلفة

أثر سعر الصرف المرتفع على سعر الخامات المستوردة، ما يزيد من تكلفة المنتج النهائي لصناعة الأثاث المصرية، على عكس صناعة الأثاث المنزلي التركي التي تعتمد على الموارد المحلية بنسبة 93%، ما يجنيها التحديات الكبيرة لسعر الصرف التي عانت منها مصر.

يستهدف المجلس التصديري للأثاث تحقيق زيادة في الصادرات، لا تقل عن 25% بنهاية العام الجاري؛ ليصل إلى نحو 365 مليون دولار، بدعم من زيادة البعثات التجارية لدول الخليج وأوروبا والمشاركة في المعارض الجديدة المقرر إقامتها خلال العام.

لكن تحقيق تلك المستهدفات مرهون بتغير طريقة تفكير الجهاز المصرفي الذي يفضل التمويل قصير الأجل لتمويل عمليات الاستيراد والاستثمار العقاري أكثر من تقديم التمويل طويل الأجل للمشروعات الصناعية، خاصة الموجهة إلى التصدير.

بحسب آخر الإحصائيات الرسمية، بلغت واردات الأخشاب ومصنعاتها في خلال شهري يناير وفبراير 2024 نحو 171.435 مليون دولار مقابل 262.911 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، ما يعطي مؤشرات على تراجع حجم الإنتاج المحلي.

ودعا المجلس التصديري الحكومة إلى ضرورة دعم المعارض بشكل أكبر، والتي تمكن الشركات من زيادة صادراتها، فضلًا عن التعرف على أحدث الاتجاهات في الصناعة مع التركيز على دخول الأسواق الأمريكية التي تعد سوقا ضخما ومناسبا للأثاث المصري.