أعادت استراتيجية إسرائيل الأمنية المتطورة، وخاصة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشكيل علاقاتها الإقليمية وجهودها الدبلوماسية بشكل كبير، وانتقلت من نهج “الوضع الراهن” إلى نهج “القوة التعديلية”. يعطي هذا التحول الأولوية للقوة العسكرية وتحقيق “النصر الكامل” على المشاركة الدبلوماسية، مما يؤدي إلى نتائج معقدة ومتناقضة في كثير من الأحيان، فيما يتعلق بمكانتها في المنطقة والعالم.

بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، تخلى صناع القرار في إسرائيل عن نماذج الأمن القديمة، وخلصوا إلى أن احتواء جماعات مثل، حماس أمر مستحيل دون المساس بالأمن القومي. وتتضمن الاستراتيجية الجديدة استخدامًا أكثر استباقية للقوة العسكرية لتشكيل نظام إقليمي جديد، يحمي مصالح إسرائيل.

وبحسب مائير بن شبات (مستشار الأمن القومي الإسرائيلي من ٢٠١٧ – ٢٠٢١)، وآشر فريدمان (منسق الشؤون الدولية الأول في وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية من عام ٢٠١١ إلى عام ٢٠١٩)، فإن استراتيجية الأمن الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر، والتي تحرك الآن الإجراءات الإسرائيلية، تمثل تحولاً كبيراً عن النهج السابق. لقد أبرزت أحداث السابع من أكتوبر 2023 للقادة والمواطنين الإسرائيليين، أن الدولة يجب أن تغير استراتيجيتها للأمن القومي بشكل جذري لضمان بقائها.

وتتضمن الجوانب الرئيسية لهذه الاستراتيجية الأمنية الجديدة- وفق ما ورد في مقالهما الذي نشر أمس في الفورين أفيرز، ما يلي:

١- هزيمة الخصوم وليس مجرد إضعافهم: على عكس الاستراتيجيات السابقة، حيث سعت إسرائيل إلى تقليل التدخلات لإزالة التهديدات المباشرة واستعادة الهدوء من خلال إضعاف الخصوم فقط، فإنها تهدف الآن إلى هزيمتهم.

٢- تشكيل استباقي لنظام جديد: القادة الإسرائيليون أكثر استعدادًا لاستخدام القوة العسكرية بشكل استباقي لتشكيل نظام إقليمي جديد، يحمي المصالح الوطنية لإسرائيل. يتضمن ذلك الدفاع عن أصولها وحلفائها، والحفاظ على الحدود وتعديلها، عندما يكون ذلك ضروريًا استراتيجيًا، وتشكيل تحالفات متنوعة قائمة على المصالح المشتركة، ومنع أي عدو محتمل من تطوير قدرات، تهدد وجودها أو أمنها.

٣- التخلي عن “الخطوط الحمراء” التقليدية: لم تعد إسرائيل ملتزمة بـ”الخطوط الحمراء” التي اعتقد جيرانها، أنها لن تتجاوزها أبدًا. ولن تمنح حصانة لقادة الجماعات المعادية المتورطة في أنشطة إرهابية، بغض النظر عن مواقفهم السياسية أو مواقعهم، وتحتضن هذه الأعمال علنًا، بدلًا من إخفاء دورها.

٤- أهداف حرب طموحة: إسرائيل مستعدة لتحقيق أهداف حرب أكثر طموحًا من الماضي، حتى لو كان تحقيقها مكلفًا، ويتطلب عملًا عسكريًا مستمرًا أو متعدد الجبهات.

٥- إعطاء الأولوية للأمن على الدبلوماسية: تفترض الاستراتيجية، أن على إسرائيل تتجنب التنازلات الأمنية القائمة على رؤى سلام، تتجاهل كراهية إسرائيل والآراء المتطرفة. ولا ينبغي لها مقايضة انتصارات ملموسة وجوهرية على الأرض بوعود دبلوماسية مشكوك فيها مع شركاء غير موثوق بهم. يجب أن تنطلق أي مفاوضات سلام من فهم المخاوف الأمنية لإسرائيل والاستعداد لتوفير الترتيبات اللازمة لمعالجتها.

٦- القوة كأصل دبلوماسي: يعتقد القادة الإسرائيليون، أن جاذبية إسرائيل كشريك وحليف دبلوماسي، تنبع من قوتها. ويُنظر إلى التنازلات في المصالح الأساسية، على أنها تُضعف قيمة إسرائيل كحليف إقليمي.

٧- الالتزام بالقضاء على حماس في غزة: تُعتبر حرب غزة الاختبار النهائي لهذه الاستراتيجية. فالقضاء على حماس أمرٌ حاسم لمستقبل إسرائيل، وتُعطي إسرائيل الأولوية لأهداف حربها حتى في مواجهة الانتقادات الخارجية. ويُعتبر السماح لحماس بالبقاء القوة العسكرية والحكومية المهيمنة في غزة أمرًا غير مقبول. إن نزع السلاح الكامل من غزة، والذي يتطلب استخدام القوة العسكرية، هو السبيل الوحيد لتأمين إسرائيل حقًا.

٨- السيطرة الإقليمية في غزة: لهزيمة حماس، إسرائيل مستعدة للسيطرة على الأراضي في غزة، وخاصة في الشمال وعلى طول حدودها، لتحييد المقاتلين المتبقين، وتدمير الأنفاق والأسلحة، ومنع حماس من إعادة البناء. كما تهدف أيضًا إلى التحكم في توزيع المساعدات لضمان وصولها إلى المدنيين، وليس إلى حماس.

٩- تشجيع الهجرة الطوعية من غزة: يرى العديد من صناع القرار الإسرائيليين، أن تشجيع الهجرة الطوعية من غزة هو وسيلة للسماح للمدنيين بمغادرة مناطق الحرب وتسهيل تدمير البنية التحتية المتبقية لحماس، وهو أمر ضروري لإعادة الإعمار. وتعتقد إسرائيل، أنه ينبغي تهيئة الظروف لهذه الهجرة الطوعية، بما في ذلك المرور الآمن والحر إلى دول ثالثة.

١٠- مكافحة الفكر المتطرف: تُقرّ الاستراتيجية الجديدة بالدور المحوري للأيديولوجيا في تحفيز الأعداء. وتخطط إسرائيل لبرنامج طويل الأمد لمكافحة التطرف، يشمل مناهج تعليمية جديدة، ومنع الشخصيات الدينية أو الإعلامية من الترويج للإرهاب، وتمكين القادة الذين يشجعون التعايش.

١١- تكثيف العمليات في الضفة الغربية: يدعو النهج الأمني الجديد أيضًا إلى تكثيف العمليات العسكرية في عمق الضفة الغربية لمنع الجماعات المعادية من العمل، وتفكيك البنية التحتية للإرهاب، والحفاظ على وجود عسكري طويل الأمد في المناطق التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية.

١٢- إضفاء الطابع الرسمي على السيطرة على وادي الأردن: تعتزم إسرائيل تطبيق قوانينها المحلية رسميًا على وادي الأردن، نظرًا لأهميته الحاسمة للأمن، وهو ما من شأنه، أن يوضح نيتها الاحتفاظ بهذه المنطقة في أي اتفاق سياسي مستقبلي.

١٣- الاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة: مع إدراك إسرائيل، أن الولايات المتحدة هي أهم حليف لها، فإنها تسعى إلى إعادة تقييم جوانب علاقتها مع واشنطن لتعزيز استقلاليتها الاستراتيجية. ويشمل ذلك توسيع الإنتاج العسكري المحلي، وتنويع الشراكات العسكرية، وتعزيز سلاسل التوريد، مما يُمكّن إسرائيل من العمل بمفردها عند الضرورة.

١٤- التركيز على التدخل الاستباقي: تؤكد الاستراتيجية على التدخل الاستباقي، بدلاً من ضبط النفس، بهدف تعزيز إسرائيل من خلال تأمين حدودها، والقضاء على التحديات الوجودية، وتعميق الشراكات الإقليمية. إنها تعترف بضرورة الاستمرار في العمل العسكري ضد التهديدات الإقليمية حتى في الوقت الذي تسعى فيه إلى تحقيق السلام.

في جوهرها، فإن استراتيجية إسرائيل لما بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول أكثر حزما وأقل تقيدا بـ”الخطوط الحمراء” الدبلوماسية السابقة، وملتزمة بشدة بتحقيق انتصارات عسكرية حاسمة لإعادة تشكيل البيئة الإقليمية، بما يتماشى مع المصالح الأمنية الإسرائيلية، حتى لو أدى ذلك إلى انتقادات خارجية ومشاركة عسكرية مستمرة.

لكن هل تضمن هذه الاستراتيجية الهيمنة لإسرائيل في المنطقة، خاصة بعد ضرب قطر؟

تواجه الهيمنة الإقليمية لإسرائيل على المدى الطويل تحديات كبيرة نابعة من الديناميكيات الجيوسياسية الخارجية والخيارات السياسية والاستراتيجية الداخلية. وفي حين تمتلك إسرائيل قوة عسكرية متفوقة، تشير عدة عوامل، إلى أنها لن توفر لها هيمنة إقليمية حقيقية، وقد يؤدي مسارها الحالي إلى زيادة العزلة وعدم الاستقرار، بدلاً من الهيمنة المستدامة.

أولا: العوامل الخارجية

1. الاعتماد الحاسم والمستمر على الولايات المتحدة: تعتمد قدرة إسرائيل على تأكيد التفوق العسكري والحفاظ عليه بشكل حاسم على تحالفها مع الولايات المتحدة. تقدم الولايات المتحدة دعمًا واسع النطاق وغير مشروط إلى حد كبير، بما في ذلك معظم الطائرات والقنابل والصواريخ اللازمة للعمليات العسكرية، إلى جانب الحماية الدبلوماسية المستمرة. بدون مساعدة الولايات المتحدة، فإن احتمالات سيطرة إسرائيل على المنطقة ستكون ضئيلة. يتناقض هذا الاعتماد مع الهيمنة الإقليمية الحقيقية التي لا تحتاج إلى الاعتماد على الآخرين للسيطرة على جوارها. إن العلاقة نفسها تظهر علامات التوتر، وقد تصبح أكثر صعوبة في الحفاظ عليها مع تراجع مكانة الولايات المتحدة العالمية.

2. وجود قوى إقليمية أخرى مهمة: على الرغم من قوتها العسكرية، لا تستطيع إسرائيل تجاهل الدول الأكبر مثل، تركيا وإيران ومصر، والتي تمتلك جميعها قوات عسكرية كبيرة وسكانًا أكبر بكثير قادرين على شن دفاع قوي في حرب شاملة. وهذا يعني أن إسرائيل لا تستطيع ببساطة، أن تتجاهلهم أو تفترض أنهم سيخضعون لهيمنتها.

3. المقاومة المستمرة والتهديدات المتطورة من الخصوم: حتى مع الجهود المبذولة لإضعاف جماعات مثل، حزب الله وحماس، فإن قدرة المنطقة على توليد مقاومة جديدة تظل وتستمر في تشكيل تهديد وجودي لإسرائيل. ويشمل ذلك التدخل العسكري المستمر في غزة، والتهديدات من جانب الحوثيين، والقوة العسكرية لحزب الله، والتي يمكن إعادة استخدامها. حماس وجماعات المقاومة المتحالفة معها، يقودها كوادر مصممة تنشد النصر أو الشهادة، ولا يمكن التأثير عليها بسهولة بالضغوط الخارجية.

4. عزم إيران وطموحاتها النووية: إن عزم إيران وقدراتها النووية المحتملة تشكل تحديًا أساسيًا. إن إيران دولة أكثر تطوراً وثراءً من العراق أو سوريا، ومن غير المرجح، أن تستسلم ببساطة. حتى لو سقط النظام الإيراني الحالي، فإن الحكومة التي ستخلفه قد تكون بنفس القدر أو أكثر تصميماً على السعي إلى امتلاك القدرة النووية. إن رد فعل إيران على الهجمات الأخيرة، على الرغم من أنه كان أقل من المتوقع، لكنه كان مؤلما.

5. عدم القبول من الجيران وتضرر الثقة الإقليمية تتطلب الهيمنة الإقليمية المستدامة من الدول المجاورة قبول وضع القوة المهيمنة، وفي بعض الأحيان الترحيب به. ومع ذلك، فإن تصرفات إسرائيل، مثل ضربة الدوحة، أدت إلى غضب واسع النطاق، وإدانة شديدة من قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وغيرها من الجهات الفاعلة العربية والدولية، بما في ذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهذا يتناقض بشكل مباشر مع متطلبات القبول الإقليمي. الرأي العام في العالم العربي يرفض التطبيع بشكل متزايد؛ بسبب العدوان الإسرائيلي، مما يحد من رغبة القادة العرب في التعامل مع إسرائيل.

6. تآكل الدعم الدولي والصورة العالمية: لقد ألحقت أفعال إسرائيل، بما في ذلك الخسائر الكبيرة في صفوف الفلسطينيين، واتهامات الإبادة الجماعية، أضرارًا بالغة بصورتها العالمية وتآكل الدعم حتى بين حلفائها القدامى. وهذا يجعل من الصعب على إسرائيل تعزيز موقفها من خلال الدبلوماسية أو القبول الإقليمي الأوسع. ساهم ضرب الدوحة في مزيد من عزلة إسرائيل الدبلوماسية.

7. تقويض اتفاقيات إبراهام وجهود التطبيع: تُعتبر الإجراءات العدوانية، مثل ضربة الدوحة، بمثابة ضربة قوية للإطار الهش لاتفاقيات وجهود التطبيع الأوسع مع الدول العربية. وتوضح هذه الإجراءات، أن اتفاقيات التطبيع قد لا تحد من السلوك العدواني، مما يجعل مثل هذه الشراكات غير جذابة للحلفاء المحتملين. لقد هددت الضربة بشكل مباشر بتقويض هذه الترتيبات، التي كانت تهدف إلى دمج إسرائيل في إطار أمني إقليمي جديد.

8. التشكيك في الضمانات الأمنية الأمريكية من قبل دول الخليج: أدت الضربة التي تعرضت لها قطر، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، والتي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، إلى دفع دول الخليج إلى التشكيك في موثوقية الضمانات الأمنية الأمريكية.

قد يدفع هذا دول الخليج إلى إعادة تقييم اعتمادها الأمني على الولايات المتحدة، وربما السعي إلى تحالفات عسكرية أكثر تنوعًا، ربما مع قوى مثل تركيا وباكستان، أو تعزيز العلاقات مع القوى المتوسطة العالمية، وأعضاء مجلس الأمن الدائمين مثل الصين وروسيا.

9. تعطيل القنوات الدبلوماسية وزيادة عدم الاستقرار: أوقفت ضربة الدوحة بشكل واضح جهود الوساطة الحثيثة التي تبذلها قطر من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة، مما أدى إلى القضاء على قناة دبلوماسية حيوية، وزاد من تعقيد الجهود الرامية إلى إنهاء الصراع.

إن إعطاء الأولوية للعمل العسكري على الحلول الدبلوماسية يزيد من عزلة إسرائيل. ويُنظر إلى الهجوم، على أنه تصعيد خطير من شأنه زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.

10. تصعيد الفوضى الإقليمية كقوة تعديلية: لقد حولت استراتيجية إسرائيل الحالية، وخاصة في عهد نتنياهو، إسرائيل إلى “قوة تعديلية”، تسعى بنشاط إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط بأكمله وإعادة تشكيله من خلال القوة العسكرية. هذا النهج، الذي يتسم بـ”استراتيجية مراجعة كبرى”، ينطوي على صراعات مطولة ومتعددة الجبهات لتحقيق “نصر كامل”، بدلًا من احتواء المنافسين. ومع ذلك، من المرجح، أن تؤدي هذه الاستراتيجية إلى عزل الدول الإقليمية التي تخشى انتشار الفوضى، مما يجعل النجاح على المدى الطويل بعيد المنال، وقد يؤدي إلى “شرق أوسط جديد”، يشبه الشرق الأوسط القديم في عدم استقراره.

ثانيا: العوامل الداخلية الأساسية التي تتحدى هيمنة إسرائيل الإقليمية على المدى الطويل:

1. القضية الفلسطينية غير المحلولة: لم تحل الانتصارات العسكرية الأخيرة القضية الفلسطينية الأساسية، والتي تظل سبباً مركزياً لعدم الاستقرار في المنطقة. يشكل الفلسطينيون ما يقرب من نصف السكان في الأراضي المحتلة والخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، والأمن يعتمد في نهاية المطاف على تحقيق تسوية سياسية دائمة مع جيرانها، بما في ذلك الفلسطينيين، بدلاً من الاعتماد فقط على القوة.

2. تأثير المتطرفين اليمينيين والدينيين: إن التأثير المتزايد للمتطرفين اليمينيين والدينيين داخل إسرائيل، يجعل من غير المرجح أن تتعامل الدولة مع جيرانها بالتسامح، وهو شرط أساسي للهيمنة الإقليمية المستدامة من خلال القبول. هذه الديناميكية السياسية الداخلية تغذي موقفًا عدوانيًا، يعيق التكامل الدبلوماسي.

3. غياب “الأمن الحر”: على عكس القوى المهيمنة الإقليمية الحقيقية مثل، الولايات المتحدة، لا تتمتع إسرائيل بـ”الأمن الحر”. ينظر قادتها باستمرار إلى الأمن كمعضلة وجودية، مما يستلزم اتخاذ إجراءات استباقية ضد التهديدات المُتصوَّرة، مثل البرنامج النووي الإيراني.

هذا النقص الأساسي في الأمن المتأصل يمنع إسرائيل من تحقيق الاستقرار الذي يميز قوةً مهيمنةً حقيقية، ويزداد الأمر تعقيدًا؛ بسبب التنافس على المصالح مع مصر وتركيا.

4. الأجندة السياسية لنتنياهو وإعطاء الأولوية للقوة العسكرية على الدبلوماسية: يُنظر إلى قرارات رئيس الوزراء نتنياهو، مثل ضربة الدوحة، على أنها تخدم المصالح السياسية المحلية من خلال إظهار القوة والعزيمة وسط انتقادات لإدارته للحرب ودعوات لوقف إطلاق النار. إن استراتيجيته المتمثلة في السعي لتحقيق “النصر الكامل” بالوسائل العسكرية، بغض النظر عن التكاليف الدبلوماسية، غالبًا ما تنطوي على عرقلة محاولات وقف إطلاق النار وإعطاء الأولوية للأهداف العسكرية على التسويات التفاوضية. ومع ذلك، فإن هذا النهج يخاطر بـ”المزيد من الألم على المدى الطويل”.

5. الخلاف الداخلي داخل المؤسسة الأمنية أعطى كبار قادة الدفاع الإسرائيلي، بمن فيهم رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، ورئيس قسم الجنود المفقودين والأسرى، اللواء (احتياط) نيتسان ألون، الأولوية لتأمين صفقة الرهائن على المزيد من العمل العسكري، وجادلوا بضرورة استنفاد مسار التفاوض قبل شن عمليات برية واسعة النطاق، من شأنها أن تعرض الرهائن للخطر. ويشير هذا، بالإضافة إلى ما توارد من معلومات حول رفض قادة المؤسسات الأمنىة لضربة قطر، إلى وجود تباين في الأولويات الاستراتيجية داخل جهاز الأمن الإسرائيلي نفسه، مما يشكل تحديًا للسعي الموحد للهيمنة العسكرية.

وفي الختام، فإن طموح إسرائيل في الهيمنة الإقليمية على المدى الطويل يعوقه بشكل كبير اعتمادها على القوى الخارجية، والمقاومة الدائمة من جانب شعوب المنطقة، والافتقار إلى القبول الإقليمي لأفعالها العدوانية، والقوى السياسية الداخلية التي تعطي الأولوية للحلول العسكرية على التكامل الدبلوماسي والاستقرار على المدى الطويل.