في مشهد خلت منه مشاعر الرحمة والإنسانية، وانعدم فيه الضمير، حيث طغى الظلم على قلب رجل، من المفترض أنه رجل عدالة في دولة قانون، كان الجدير به حماية المواطنين، إلا أنه تعمد إهانة طفل بتعريته وإحراجه بأسئلة مُهينة أمام الجميع في شوارع العراق.
إهانة الطفل العراقي
تداول نُشطاء التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو، ظهر به طفلًا عاريًا يجلس على الأرض داخل دائرة من رجال يرتدون الزي العسكري، في حين يقص له رجل شعره بأداة حادة بطريقة عشوائية، ويبدو الطفل خائفًا، ويصوره آخرون بهواتفهم المحمولة.
الفيديو، يخرج منه صوت رجل يسأل الطفل عن أمه ولون بشرتها ومن يعيش معها، وإن كان والده على قيد الحياة، ثم يسأله أسئلة عن جسد أمه، واضطر الطفل للإجابة على أسئلة الرجل المهينة، للهرب من وصلة الرعب التي وضع بها.
إقالة قائد قوات حفظ القانون
الرجل الذي ظهر في الفيديو، هو اللواء سعد خلف، قائد قوات حفظ القانون، مما أثار ضجة في الشارع العراقي، حيث أعرب عراقيون عن صدمتهم وغضبهم من الفيديو، مطالبين بعدم إظهار وجه الطفل حفاظًا على كرامته، مؤكدين على ضرورة معاقبة المعتدين.
وزارة الداخلية العراقية، أعلنت إبعاد قائد قوات حفظ القانون، اللواء سعد خلف من منصبه، لافتة إلى أنه سيعاد النظر بالقوة العسكرية التي يتولاها، على خلفية جريمة الاعتداء على طفل عراقي في بغداد.
وأكدت الداخلية العراقية، أن قواتها اعتقلت المتهمين بارتكاب الجريمة، معقبة: “نظرًا لثبوت وجود تقصير في القيادة والسيطرة من قبل قائد قوات حفظ القانون، وجه رئيس الورزاء، مصطفى الكاظمي بإحالة قائد قوات حفظ القانون إلى الأمرة وإعادة النظر بهذا التشكيل”.
وأضافت الوزارة، أن تشكيل قوات حفظ القانون، استحدث لتعزيز سيادة القانون وحفظ الكرامة الإنسانية، ومحاربة المظاهر غير القانونية، وليكون مظلة يحتمي بها أبناء الشعب العراقي، من خلال اختيار العناصر القادرين على تنفيذ هذه الأهداف، لا أن يكون هو نفسه أداة خرق للقانون والاعتداء على المواطنين.
وأشارت الداخلية، إلى أن الطفل المعتدى عليه كان موقوفًا لدى مديرية مكافحة إجرام بغداد منذ 18 مايو لسرقته دراجة نارية، وواقعة الاعتداء حدثت قبل حوالي عشرين يومًا من تاريخ توقيفه.
فيديوهات أخرى وتظاهرات عدة
نشطاء السوشيال ميديا، تداولوا فيديو آخر للطفل يظهر فيه مستلقيا على سرير، وشخص يصور جروحه في الرأس والظهر، ويسأله عما حدث له، فيقول الطفل: “جاؤوا ثلاثة.. خذوني.. رجعوني سحل بالشارع”.
كما ظهر الفتى في فيديو آخر وجراح ظهره مضمدة، والفراغات في رأسه بسبب قطع خصلات شعره واضحة، وكان يحكي تفاصيل الحادث مرة أخرى.
الفيديوهات، تسببت في تظاهر العديد من المواطنين في كربلاء، حاملين لافتات على إحداها صورة المعتدى عليه، وكتب على ثانية “يستنكر متظاهرو ساحة الأحرار في كربلاء المقدسة العمل المنحط اللا أخلاقي الذي قامت به شرذمة من قوات حفظ القانون بحق أحد متظاهري ساحة التحرير”، وعلى ثالثة: “يجب محاسبة قتلة المتظاهرين وإلا..”
رئيس الوزراء العراقي
رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، أكد أن القيادة بصدد إعادة تقييم لأداء قوات حفظ القانون لأن الأصل من تشكيلها هو حماية المواطنين وليس إهانتهم، وذلك خلال استقباله الطفل حامد سعيد الذي تعرض للعنف والإهانة من قبل عناصر بقوات حفظ القانون.
وتابع الكاظمي:”أشعر بالألم والحزن لما حدث، وإن ثقافة استمرار الإعتداء على المواطن من قبل بعض ممن يستغل موقعه، أمر يتوجب المعالجة الحازمة، وماحدث يمثل مشهدًا للاعتداء على كرامة المواطن، وينتمي إلى كل ماحاربناه خلال كل السنوات الماضية، وسنحاربه لنمنع تكراره”.
وشدد رئيس الوزراء العراقي، على أن من يستغل وجوده داخل القوات الأمنية لغرض الاعتداء فلن يواجه سوى العقوبة والملاحقة القانونية ، داعيًا إلى تنفيذ حملة تثقيف بمبادىء حقوق الإنسان، سلوكاً وتطبيقاً داخل وزارة الداخلية وفي أجهزتها وبين منتسبيها.
وتعهد الكاظمي، أن يأخذ القانون مجراه، وأن من اعتدوا على الطفل سينالون عقابهم، تطبيقاً للقانون، وحفظًا لكرامة المواطنين، وسمعة القوات المسلحة وأجهزتها الأمنية؟
إعادة هيكلة قوات حفظ القانون
مدير دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية العراقية، اللواء سعد معن، كشف عن وجود دراسة موضوعية سريعة تتعلق بإعادة هيكلة قوات حفظ القانون بناء على توجيه القائد العام ومتابعة شخصية من قبل وزير الداخلية.
وأضاف معن، أن إعادة النظر بتشكيل قوات حفظ القانون تُعني أن هناك عددا من الإجراءات ستتخذ بهذا الموضوع.
وتابع معن: “الفاعلين الرئيسيين الذين ظهروا في مقطع فيديو، أثناء تعذيب أحد المواطنين قد اعتقلوا، ولا تزال الجهود مستمرة للقبض على المتورطين الآخرينـ، وستتم محاسبتهم، وفقًا لقوانين النافذ”.