نظّم مركز التنمية والدعم والإعلام (DAM) بالتعاون مع منصة مصر 360، مائدة مستديرة لمناقشة قانون العمل رقم 14 لسنة 2025، بحضور عدد من الخبراء القانونيين والاستشاريين وممثلي منظمات المجتمع المدني.

ويأتي هذا النقاش بعد إقرار القانون ودخوله مجال التنفيذ، ضمن التشريعات المنظمة لعلاقات العمل في مصر، والتي تهدف إلى تحديث البنية القانونية، حسب تطورات سوق العمل، وبما يتوافق مع الدستور المصري ومعايير العمل الدولية.

ولم ينته الجدل حول بعض مواد القانون، وتأثيرها على سوق العمل، وهو ما انعكس في النقاشات التي تناولها المشاركون خلال الورشة، حيث عرضوا ملاحظاتهم، واقترحوا توصيات لتعزيز حقوق العاملين.

أهداف الورشة


تركزت أهداف المائدة المستديرة على تحليل فلسفة المشرّع في صياغة القانون الجديد، ودراسة انعكاساته على علاقات العمل التقليدية والحديثة. كما تم تقييم مدى التزام القانون بالمعايير والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وطرح التحديات التطبيقية والعملية، والخروج بتوصيات إصلاحية وتشريعية ومجتمعية لضمان عمل لائق للجميع.

محاور الجلسات والمتحدثون:

 تضمنت الورشة جلستين رئيسيتين، الأول، تناولت فلسفة القانون وشكل علاقات العمل في ظل القانون الجديد، وناقشت الخلفية التشريعية والسياسية لصدور القانون، وفلسفة المشرّع في تحقيق التوازن بين العمال وأصحاب الأعمال، بالإضافة إلى التغيرات الرئيسية مقارنة بالقانون السابق، وانعكاسات هذه التغيرات على مواد القانون، مع التركيز على أنماط العمل الجديدة مثل العمل الجزئي، والعمل عن بُعد، والعمل المنزلي، والتحديات المتوقعة في التطبيق.

تحدث في الجلسة، الخبير استشاري منظمة العمل الدولية، المحامي صابر بركات، والمحامي محمد عبد العاطي.

بينما ركزت الجلسة الثانية، على مدى التزام القانون بمعايير ومبادئ منظمة العمل الدولية، وتناولت مدى انسجام القانون مع معايير العمل اللائق، وقضايا عمالة النساء، بما في ذلك المساواة وإجازات الوضع والتحرش والتمييز، وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل، وحماية العمالة غير المنتظمة، ومكافحة عمل الأطفال، وضمانات الصحة والسلامة المهنية إلى جانب طرح مقترحات إصلاحية.

تحدث في الجلسة، إبراهيم شعبان– خبير عمل الأطفال، وعادل فهمي– خبير الصحة والسلامة المهنية، ونسمة عبد الوهاب المحامية. 

أبرز النقاشات والمخرجات


أشاد المشاركون بالتحسينات النوعية التي تضمنها القانون مقارنة بالقانون السابق لعام 2003، مثل اعتماد تعريفات حديثة للتحرش والتنمر والعنف، والاعتراف بأشكال العمل الجديدة، وإنشاء فصل كامل للعمالة غير المنتظمة وصندوق طوارئ لها، ورفع إجازة الوضع إلى أربعة أشهر، وإلغاء الاستثناءات عن قطاع الزراعة البحتة، وإدراج آليات للإبلاغ الإلكتروني عن مخالفات الصحة والسلامة المهنية، والنص على حقوق العمال الأجانب في حالات الوفاة.

في المقابل، أشار المشاركون إلى عدد من التحديات، مثل تخفيض العلاوة الدورية وفرض رسوم إضافية على العمال، وربط إجازة الوضع بالأجر التأميني فقط، وما تضمنته النصوص من شروط صارمة لإجازة رعاية الصغير والحضانة، ومنح الأب يومًا واحدًا فقط كإجازة أبوة.

هذا مع استمرار استثناء العمالة المنزلية من القانون، وغياب نصوص تُجرّم أسوأ أشكال عمل الأطفال كجرائم الإتجار بالبشر، وإلغاء عقوبة الحبس على أصحاب الأعمال في بعض المخالفات الجسيمة، مع قصور في معالجة الصحة والسلامة لأنماط العمل الجديدة.

التوصيات

اعتمدت الورشة عدة توصيات لتعزيز حقوق العمال:

  • تشريعية: تعديل نصوص إجازات الوضع والرعاية والحضانة؛ لتكون أكثر شمولًا، وزيادة مدة إجازة الأبوة، وإزالة الأعباء المالية غير المبررة على العمال، وإدماج العمالة المنزلية تحت مظلة القانون، واعتبار أسوأ أشكال عمل الأطفال جرائم الإتجار بالبشر، ومراجعة إلغاء عقوبة الحبس على أصحاب الأعمال في بعض الانتهاكات.
  • مؤسسية: تفعيل دور المجلس الأعلى للأجور وضمان استقلاليته، وتطوير نظام التفتيش العمالي لمواكبة قضايا العمالة غير المنتظمة وعمالة الأطفال، وتفعيل صندوق الطوارئ للعمالة غير المنتظمة بشفافية، ووضع آليات عملية لتطبيق حق الانسحاب من العمل في حالات الخطر.
  • مجتمعية: تعزيز مشاركة النقابات ومنظمات المجتمع المدني في صياغة اللوائح التنفيذية، وإطلاق حملات توعية بالحقوق المستحدثة في القانون، وتدريب أصحاب الأعمال على معايير الصحة والسلامة والتحرش والتنمر وفق اتفاقية 190.

 بنهاية الورشة، أكد المشاركون، أن القانون رقم 14 لسنة 2025 يمثل خطوة مهمة نحو تحديث التشريع العمالي في مصر، لكنه يظل بحاجة إلى تعديلات ولوائح تنفيذية لضمان التطبيق العادل والشامل، خاصة للفئات الأكثر هشاشة مثل النساء والأطفال والعمالة غير المنتظمة والعمالة المنزلية.

كما أشاروا، إلى أن نجاح القانون يعتمد على توسيع المشاركة المجتمعية، والرقابة المستقلة، واستعداد الدولة لتبني الإصلاحات المقترحة، بما يحقق معايير العمل اللائق.