أعادت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة لعامين متصلين منذ السابع من أكتوبر 2023 مشروع «إسرائيل الكبرى» من النيـل إلـى الفرات إلى الواجهة الإقليمية، لكن تلك العـودة لـم تـكـن هذه المرة بالمنطق التوراتي التقليدي المزعوم الذي يستند إليه المشروع في التوسع الجغرافي على حساب ثماني دول عربية، إنما يكتسب سمات وأدوات جديدة، تتعلق بممارسات الهيمنة الإقليمية، وإحياء خطط تهجير الفلسطينيين، وثالثا بتوسيع مجال التطبيع مع دول المنطقة.
تستدعي تلك السمات تجديدا للإدراك المصري، حول ما يطرحه مشروع إسرائيل الكبرى من مخاطر وتهديدات إقليمية، مباشرة وغير مباشرة، باعتبار أن مصر من أكثر الدول العربية تأثـرا بمخاطر هذا المشروع الإسرائيلي، ليس فقط بسبب جوارها الجغرافي، وكونها القوة العسكرية الأكبر عربيا والباقية في المنطقة بعدما تفككت جيوش ودول في المنطقة، إنما أيضا لأن إسرائيل لا تزال تمثل المهدد والعدو في آن لدى مؤسسات الدولة، وفي مُخيلة وثقافة المجتمع المصري، حتى مع وجود سلام علني بارد.
ذلك أن التهديد الإسرائيلي الذي توحش إقليميا، لـم يعد قاصرا علـى حدود مصر الشرقية، إنما يشتبك ويؤثر في تهديدات أخرى للدولة المصريـة مـن جهـة الجنـوب مع السودان الذي يعاني صراعات أهلية وتدخلات خارجية)، وإثيوبيا (حيث يواجه الأمن المائي المصري خطرا شديدا، بعدما سيطرت أديس أبابا فنيا وجيو سياسيا عليه عبر اكتمال مراحل بناء «سد النهضة»، أو من جهة الغرب مع ليبيا (التي تواجه جمودا في تسوية الصراع، بعدما انقسمت مناطقيا بفعل تعثر توافق فرقاء الداخل والتدخلات الخارجية أيضا).
من هنا، يستهدف هذا الملف، الذي يضم عشرة تحليلات ومقالات رأي، نشرت في الآونة الأخيرة على منصة «مصر 360»، فهـم التغيرات التي طرأت على مشروع إسرائيل الكبرى في سياق تداعيات حرب غزة، وما بعدها في مجالات الهيمنة والتهجير والتطبيع.
ففي مجال الهيمنة، استطاعت إسرائيل، على مدى العامين الماضيين، كسر محور المناوئة بقيادة إيران وحلفائها في المنطقة مع إضعاف حركة حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، وكذلك عبر التوغل في سوريا مع سقوط نظام الأسد، فضلا عن الحرب الإقليمية المباشرة التي استمرت 12 يوما، وأنهكت إيران في يونيو الماضي، وبذلك غيرت إسرائيل توازنات القوى لصالحها في المنطقة، وفرضت من ثم قواعد لعبة جديدة مدعومة في ذلك بالولايات المتحدة.
لقراءة الورقة:






