في شقة متداعية ومشتركة مع عائلات أخرى. حيث “لا ماء ساخن ولا حمام ومرحاض نتن ومشاحنات مستمرة”، قضى الطفل فلاديمير بوتين معظم وقته في مطاردة الفئران بعصا في بئر السلم. هناك، على هذا الدرج شن حربه الأولى.
“كانت هناك جحافل من الفئران في المدخل الأمامي. كنت أنا وأصدقائي نطاردهم بالعصي. بمجرد أن رصدت فأرًا ضخمًا وطاردته في القاعة حتى دفعته في الزاوية. لم يكن لديه مكان للجري. وفجأة ألقى بنفسه نحوي. تفاجأت وخفت. الآن أصبح الجرذ يطاردني. قفزت الدرج هبوطًا. ولحسن الحظ، كنت أسرع قليلًا وتمكنت من إغلاق الباب في أنفه”.. حينها “تلقيت درسًا سريعًا ودائمًا في معنى أن تُحاصر في ركن“.
قد تكون الحكاية جزءًا من روايته المنسقة بعناية. لكنها تعطينا لمحة عن الرجل الذي أجبر العالم الآن على حبس أنفاسه. تلك الكلمات مصدرها فلاديمير بوتين. ولكنه لم يعد الطفل الصغير بل الرئيس الذي يحكم روسيا لأكثر من 22 عامًا ويشن حربًا على أوكرانيا لنفس الدافع: شعوره أنه محاصر في ركن.
يُمكن لتتبع مراحل مسيرة بوتين أن يجيب عن الكثير من الأسئلة المتعلقة بشخصيته وطريقة تفكيره، والرؤية التي كوّنها عن روسيا وعن الغرب وفيها مشاعر الخطر والمظلومية والتحدي هي محرّكه الأول.
في دراسة من 19 صفحة لمعهد “بروكنجز” تتبع سيرة بوتين وتفحصها، تشير إلى أنه لطالما سعى لخلق صورة عن نفسه لا يمكن معرفتها ولا يمكن التنبؤ بها؛ لتعزيز سلطاته. وبالتالي فهي “لعبة سياسية لإبقاء الجميع في حيرة من أمرهم، وفي بعض الحالات الخوف، والتساؤل كيف قد يكون رد فعله“.
بوتين.. الطفولة القاسية
عانى بوتين من طفولة قاسية وفقيرة، وكان طبيعيًا فيها أن يرتمي في أحضان الشارع. حيث الإجرام حاضر بشكل ملحوظ. وهناك تعلّم الكثير من مبادئه وتصرفاته للدفاع عن النفس و”توجيه اللكمة الأولى”.
بعد 7 سنوات من الحصار الدامي لمدينة لينينجراد -سان بطرسبرج الآن- أتى الطفل فلاديمير إلى الدنيا، وكان بمثابة “معجزة” لوالديه. إذ سبقه طفلان آخران لكنهما توفيا سريعًا. كان والداه ناجيان بحق؛ فأمه كادت تموت من الجوع خلال حصار المدينة في الحرب العالمية الثانية، ووالده كان واحدًا من أربعة فقط في وحدته بسلاح البحرية عادوا إلى منازلهم. ولد فلاديمير في جو من الجوع والعجز والحزن العميق. وعقلية النجاة جعلته دائمًا يستعد للأسوأ ويفكر فيه.
يحكي بوتين في سيرته الذاتية المنشورة عام 2000: “ذات مرة أغمي على والدتي من الجوع. ظن الناس أنها ماتت، ووضعوها مع الجثث. لحسن الحظ، استيقظت في الوقت المناسب وبدأت تئن.. ببعض المعجزة، عاشت”.
وفي موضع آخر يتحدث عن نجاة والده. يقول: “لم يكن لدى كتيبته أي فرصة للبقاء على قيد الحياة. حاصرهم الألمان من جميع الجهات، ولم يتمكن سوى عدد قليل من الناس، بمن فيهم والدي، من الهرب. ثم بدأت المطاردة (..) قفز والدي في مستنقع وتنفس من خلال قصبة جوفاء حتى مرت الكلاب. هكذا نجا”. ولكن الأب عاد بإصابات كثيرة تسببت في عرجه.
تشير مجلة The Cipher Brief -المعنية بالشؤون الأمنية- إلى أن المحادثات على مائدة العشاء مع والديه المصابين بصدمات نفسية والمرهقين من الحرب كانت “قليلة ومتباعدة”. ويذكر بوتين أنهما لم يحبا التحدث عن أنفسهما.
وتوضح لنا ماشا جيسن، مؤلفة كتاب “الرجل بلا وجه: الصعود غير المحتمل لفلاديمير بوتين”: “كان والدا بوتين يعملان إلى حد كبير على مدار الساعة. عملت والدته في وظائف بسيطة شاقة، وعمل والده في مصنع. لقد تُرك لمكائده الخاصة وكان يتسكع في الشارع مع الأولاد الآخرين. حيث البلطجية المخمورين والمعارك بالأيدي والشتائم”.
“لا يسمح بإذلاله”
ترسم جيسن صورة قاتمة لمجمع لينينجراد الذي عاشت فيه أسرته. وهو نموذج للمدينة خلال فترة ما بعد الحرب: سلالم متهالكة، وساحات تتناثر فيها القمامة، غرف ضيقة وقذرة ومزدحمة. تتكدس العائلات الواحدة فوق الأخرى، وتتشارك وتتشاجر على مطبخ مشترك في الردهة.. كانت لينينجراد بعد الحصار “مكانًا وضيعًا جائعًا وفقيرًا يولد أطفالًا لئيمين جائعين شرسين”.
ونظرًا لعمر والديه المتقدم (بلغ كلاهما 41 عامًا في عام ولادته) كانت هناك شائعة مستمرة ولكن غير مثبتة بأن بوتين قد تم تبنيه في سن 9 أو 10 سنوات. ذلك وفقًا لما تذكره صحيفة “ذي أتلانتك”. وبحسب تعبير الصحيفة “من شبه المؤكد أن طفولة بوتين اتسمت بالصدمة على أي حال”.
في الشارع ولصغر جسمه وسنه تعرض للتنمر. “كثيرًا ما كان يتعرض للاعتداء والتخويف حتى بدأ في ممارسة السامبو”. وهو نسخة من فنون الدفاع عن النفس، قبل أن يتحول لاحقًا إلى الجودو.
بوتين استعاد تلك الذكريات عام 2015 وأراد أن يمنحنا أيضًا لمحة عن طريقة تفكيره. “قبل 50 عامًا، علمني شارع لينينجراد قاعدة: إذا كان القتال أمرًا لا مفر منه، فعليك توجيه اللكمة الأولى“.
ويتذكر أحد أصدقاء الطفولة أنه إذا تجرأ أي شخص على إهانة بوتين “كان يقفز على الفور على الرجل ويخدشه ويعضه ويمزق شعره. كان يفعل أي شيء لعدم السماح لأي شخص بإذلاله بأي طريقة”.
“والدا بوتين غذيا جشعه”
تعتبر جيسن أن والدي بوتين غذيا جشعه. “كان لديه ساعة يد في سن المراهقة وهو شيء لم يكن لدى والده. وعندما ربحوا سيارة، ورد أنهم أعطوها لابنهم الطالب”. ومن خلال معاملته له على أنه “ملكهم” أعطاه والداه إحساسًا بالاستحقاق. وتعتقد المؤلفة أن هناك الكثير من الأدلة على شعوره بأنه “الشخص المُختار”.
وعلى الرغم من أن تاريخه يوحي بإمكانية أن تترسخ النرجسية في شخصيته. إلا أنه من المستحيل في الواقع تشخيص الرجل عن بعد -بحسب “ذي أتلانتيك”. ولكن في حين أن “سفاح الشارع” قد يثير الخوف، فإن فكرة المتنمر النرجسي بجيش كبير وترسانة من الأسلحة النووية أمر مرعب.
“بوتين لديه نفسية قنفذ الشارع، نشأ في الأفنية الخلفية لمدينة بطرسبورج. إنه يعلم: تغلب على الضعيف. الآن عندما خسر أوكرانيا، لم يكن يريد أن يُنظر إليه على أنه ضعيف، كان عليه أن يتصرف بطريقة ما” يوضح العالم السياسي الروسي ديمتري أوريشكين.
“تتناسب حكاية عائلته المروعة مع الرواية التاريخية الوطنية التي تكافح فيها روسيا باستمرار من أجل البقاء ضد عالم خارجي معاد“. يشير تحليل لمجلة “فورين بوليسي”. وهو يرصد كيف ساهمت النشأة في نظرته للعالم الخارجي.
بوتين.. ضابط المخابرات المتلوّن
بعد الانتهاء من دراسته الجامعية في القانون قرر بوتين الانضمام إلى جهاز الاستخبارات السوفييتية (KGB) الذي أدعى أنه كان حلم طفولته حتى أنه تطوع للعمل في الجهاز بعمر 16 عامًا قبل انتهاء دراسته. وعمله كضابط حالة علّمه كيفية تجنيد العملاء وجمع المعلومات وتوليفها وتوظيفها.
وتظن “فورين بوليسي” أنه كان “دخيلًا” على جهاز الكي جي بي. تم تجنيده في المؤسسة في السبعينيات كجزء من جهد مديره يوري أندروبوف لجلب جيل جديد من النشطاء من خارج القنوات العادية. لكن بوتين لم يرتق بسرعة في صفوف الجهاز، ولم يؤمن مناصب جيدة.
هنا، تعلم بوتين كيفية التلاعب بالآخرين والتقرب منهم لخدمة طموحاته حتى وإن سمح لهم بالتقليل من شأنه. وفقًا لما ترويه دراسة “بروكنجز”، فقد انتبه بوتين إلى الأفراد الذين قد يعززون مسيرته المهنية. درسهم، عزز علاقاته الشخصية والمهنية معهم، وتلاعب بهم. “لقد سمح -بل وشجع – الناس على التقليل من شأنه حتى عندما كان يصل إلى مناصب مؤثرة ويراكم بهدوء قوة حقيقية”.
خلال فترة الإصلاح الحاسمة “البيريسترويكا“، أرسل جهاز المخابرات السوفيتية (KGB) بوتين إلى مدينة دريسدن في ألمانيا الشرقية ليعمل في قسم مكافحة التجسس. حيث بقي حتى ما بعد سقوط جدار برلين وتفاوض مع المحتجين -مُدعيًا أنه مُترجم- لمنع اقتحام المبنى.
“لم يكن دائمًا بهذا الذكاء”
أثناء وجوده في الجولاج (المديرية الرئيسية للمخيمات، الاسم الذي كان يطلق على معسكرات الاعتقال السوفييتية)، تعرف الطبيب النفسي الأوكراني وناشط حقوق الإنسان سيميون جلوزمان على ثلاثة ضباط سابقين في المخابرات السوفيتية، تم حبسهم بسبب جرائم سياسية. وكذلك درس نفسية سجناء الكي جي بي وحراسها لعشر سنوات، وهي مدة اعتقاله.
وعندما أُطلق سراحه وعاد إلى كييف، تعرف أيضًا على ضباط مخابرات سابقين. كل هذا الوقت الذي قضاه رفقة ضباط الاستخبارات دفعه إلى استنتاج أن الضباط المختلفين، مثل أي شخص آخر، لهم شخصيات مختلفة. “لكن بوتين فريد من نوعه”.
ورغم ذلك يبدو بحسب ما يوضح سيميون، في مقابلة مع مجلة “نيولاينز”، أن بوتين لم يكن دائمًا بهذا الذكاء. ويستدعي موقفًا حدث حينما عاد بوتين من دريسدن إلى بطرسبرج وقتما كان الاتحاد السوفييتي على مشارف الانهيار. “كان لدي صديقة حاول بوتين تجنيدها كمخبر في KGB. كان أسلوبه متعجرفًا وغير حاذق ومثير للدهشة، لدرجة أن المرأة انتهى بها الأمر بازدرائه. ليس فقط لأنه كان ضابط مخابرات، ولكن لأنه ضابط مخابرات أخرق للغاية”.
الإداري الحاذق
في 1990-1991، انتقل فلاديمير إلى “الاحتياطي النشط” لجهاز المخابرات. أي العمل بشكل سري تحت غطاء وظائف مدنية. عمل هناك كنائب لنائب رئيس الجامعة. ثم أصبح مستشارًا لأحد أساتذته السابقين في القانون، أناتولي سوبتشاك. وقد غادر الأخير الجامعة ليصبح عمدة مدينة بطرسبرج كأول رئيس بلدية منتخب ديمقراطيًا آنذاك. عندها أصبح بوتين نائب عمدة سان بطرسبرج ومسؤولًا عن لجنة المدينة للشؤون الخارجية. فاستقال رسميًا من المخابرات في أغسطس 1991.
يرى ستانيسلاف بيلكوفسكي مدير معهد الاستراتيجية الوطنية في موسكو، أن تجربة بوتين كنائب رئيس بلدية “علمته كل الحيل من الوسط الإجرامي“. لأنه كان مسؤولًا عن اتصالاته بإدارة المدينة. وقد كانت تلك الفترة التي اجتمع فيها رجال الأعمال الروس -الأوليغارشية- لتقسيم كعكة ما بعد الاتحاد السوفييتي.
بينما تخبرنا “فورين بوليسي” أن فهم بوتين للرأسمالية كان محدودًا. إذ “لم تكن الممارسات التجارية التي تعرض لها خلال فترته كنائب عمدة تركز بشكل أساسي على ريادة الأعمال أو الإنتاج أو الإدارة أو التسويق. في التسعينيات، كانت الرأسمالية في سان بطرسبرج تدور حول العلاقات الشخصية مع حكومة المدينة أكثر من العلاقات مع العمال والعملاء”.
على هذا النحو، وطبقًا للتحليل، يبدو أن بوتين خرج من تجربته في سان بطرسبرج مع الرأي القائل بأن الفائزين في نظام السوق هم أولئك الذين هم أفضل قدرة على استغلال نقاط ضعف الآخرين. وليس بالضرورة أولئك الذين يقدمون أفضل السلع والخدمات بأفضل الأسعار. وضعه هذا المنظور لاستغلال نقاط ضعف الآخرين. بما في ذلك رجال الأعمال الروس، للتلاعب بهم والتأكد من اتباعهم لتوجيهاته.
“يعرف بوتين أن اقتصاد السوق الحر أفضل من اقتصاد مخطط مركزيًا. لكنه لا يفهم تمامًا كيف يتخطى عقد الصفقات والمحسوبية والتوجه نحو التحرير الكامل للسوق”.
الحاكم المطلق
في عام 1996، بعد أن خسر العمدة سوبتشاك محاولته لإعادة انتخاب انتقل بوتين إلى موسكو ليعمل في الكرملين في قسم إدارة الممتلكات الرئاسية. في مارس 1997، تمت ترقيته إلى نائب رئيس ديوان الرئاسة. ذلك قبل تعيينه رئيسًا لجهاز الأمن الفيدرالي (خليفة KGB) في 1998. وبعد عام واحد أصبح من بين أول نواب رئيس الوزراء ثم رئيس الوزراء خلال عهد بوريس يلتسين. وأخيرًا رئيسًا بالإنابة بعد استقالة الأخير.
الآن، أصبح في الحكم لأكثر من 22 عامًا. وهو ينافس جوزيف ستالين على أطول فترة حكم للرؤساء الروس. تقول دراسة “بروكنجز” إنه منذ أن أصبح رئيسًا كانت أهداف بوتين هي إعادة روسيا إلى دورها التاريخي كقوة كبرى وسياستها التاريخية المتمثلة في إنشاء حاجز من الدول الخاضعة على أطراف روسيا.
ويعتقد بوتين بقوة أن سياسات الإصلاح المتخبطة التي اتبعها الزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف ولدت فوضى تامة أدت إلى إضفاء الشرعية على النزعة الانفصالية الجامحة في دول البلطيق. وفي نهاية المطاف، في قلب الأراضي السلافية في روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا.
المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية ووزير الدفاع الأمريكي، روبرت جيتس، يظن أن كل ما يفعله بوتين تقريبًا في الداخل والخارج هذه الأيام متجذر في انهيار الاتحاد السوفيتي. وهو ما يمثل بالنسبة له انهيار الإمبراطورية الروسية القديمة وموقع روسيا كقوة عظمى. ويشير جيتس إلى أن تصرفات بوتين الحالية “مهما كانت مؤسفة، فهي مفهومة”.
الآن، أصبح في الحكم لأكثر من 22 عامًا. وهو ينافس جوزيف ستالين على أطول فترة حكم للرؤساء الروس
“بوتين يزدري كل ما يراه ضعيفًا”
الرئيس القوي تغيّرت شخصيته كثيرًا. فمعظم الناس لا يمتلكون سلطة كاملة على أمة شاسعة. بينما يسمعون فقط ردود الفعل الإيجابية وكلمات الثناء من حولهم، بحسب ما تقول مجلة “National Review”.
ومن هذا المنطلق يفقد تعاطفه مع الآخرين ويراهم كأشياء ويزدري كل ما يراه ضعيفًا. وقد تجسد ذلك في موقفه مع رئيس مخابراته سيرجي ناريشكين عندما أحرجه على الهواء مباشرة. قال بنظرة حادة: “تدعم القرار أم أنك ستدعم القرار (الاعتراف باستقلال لوهانسك ودونيتسك)؟”.
حتى أن المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل نصحته ذات مرة ألا يعامل وزراءه بهذا الازدراء البالغ. “كما يتضح من إذلاله العلني لرئيس المخابرات الخارجية الروسية، يبدو أنه يشكّل ويتخذ قراراته بمفرده على نحو متزايد” تعلّق شبكة “سكاي نيوز”.
يؤمن بوتين بنظرية غريبة قدمها المؤرخ وعالم الإثنوغرافيا، ليف جوميليف. تقول إن كل شخص يمتلك قوة حياة مميزة: طاقة داخلية “كونية بيولوجية” يسميها “العاطفة”. وفي فبراير/شباط من العام الماضي قال بوتين: “أؤمن بنظرية العاطفة. في الطبيعة كما في المجتمع هناك تطور وذروة وانحدار. لم تصل روسيا بعد إلى أعلى نقطة لها. نحن على الطريق”.
“بدوني روسيا محكوم عليها بالفشل”
بالإضافة إلى جوميليف أُعجب فلاديمير بأفكار مفكر آخر يُدعى إيفان إيلين (توفي 1954)، والذي يدين “الجيران الإمبرياليين للبلاد” و”الشعوب الغربية التي لا تفهم ولا تقبل الأصالة الروسية”. وتنبأ بأنهم سيحاولون في المستقبل الاستيلاء على دول البلطيق والقوقاز وآسيا الوسطى.
يقول ميشيل إلتشانينوف، مؤلف كتاب “داخل عقل بوتين”، إنه على مدى عقود طور بوتين رؤية للعالم مذعورة ولكن متماسكة. ووفقا لهذه الرؤية كانت روسيا على مدى قرون ضحية لمحاولات احتوائها وتقطيع أوصالها.
ويُفسر عالم النفس إيان روبرتسون تصرفات بوتين. يقول “هناك القليل من الشك في أن عقله تغير جسديًا وعصبيًا لدرجة أنه يعتقد اعتقادًا راسخًا وصادقًا أنه بدونه، فإن روسيا محكوم عليها بالفشل. القوة المطلقة لفترات طويلة تجعلك أعمى عن المخاطر، وأناني للغاية، وخالي تمامًا من الوعي الذاتي. كما أنها تجعلك ترى الآخرين كأشياء والنتيجة العاطفية المعرفية لكل هذا هي الازدراء”.
دائمًا ما يردد بوتين مثل روسي شهير: بالنسبة للروس “حتى الموت جميل“. ولذلك فإن نظرته للعالم مهدها طريق التطرف. “وقد لا يكون هنا حدود للسعي للانتقام من إذلال روسيا المتصور“، بتعبير إلتشانينوف.