أجرت هيئة التنمية الصناعية تعديلات على رخصة إنتاج السجائر، التي طرحتها في مارس الماضي. بعدما أثارت تحفظات المستثمرين الأجانب والمحليين قبل أشهر. إذ رفضوا الشروط الحمائية الكثيرة لشركة “الشرقية للدخان” محتكر إنتاج الدخان في مصر.
تتدارك الشروط الجديدة التي تم طرحها جميع التحفظات التي تمت إثارته قبل شهرين. كما يأتي في مقدمتها عدم طرح أي رخص جديدة خلال 10 سنوات لتصبح دون سقف زمني. كما تنازلت عن الشرط الخاص بإنتاج 15 مليار سيجارة كحد أدنى ليبلغ مليار سيجارة فقط. لكنها وضعت حدًا أقصى للإنتاج بـ50 مليار سيجارة.
تبرر الهيئة التعديلات الجديدة بهدفها لتعزيز المنافسة بالسوق، وتحفيز الشركات العاملة على رفع كفاءة الإنتاج وعمليات التشغيل للاستمرار في المنافسة. ورفع جودة المنتجات المعروضة في السوق المحلية. ما يخدم المستهلك النهائي والصحة العامة للمدخنين ويتيح التنافس على الإنتاج. بمعايير جودة عالمية مطابقة للاشتراطات الصحية العالمية.
منحت التعديلات الجديدة الفائز حق إنتاج جميع السجائر ومن بينها التبغ المسخن والسجائر الإلكترونية الذي كان أمرًا حصريًا في لصالح الشرقية. كما تنازلت عن الشرط المتعلق بوجود خبرات سابقة في إنتاج السجائر ما يفتح المجال أمام أي شركة تريد العمل.
كذلك تنازلت هيئة التنمية الصناعية عن شرطها أن ترفع الشركة التي تفوز بالمناقصة سعر أقل منتج لها بنحو النصف عن أعلى سعر للشرقية. كما منحت الفائز بالرخصة الجديدة حق الإنتاج في الفئة المتوسطة.
تخلي عن الشركة الشرقية
تضمنت الشروط الجديدة قدرًا من التخلي عن احتكار شركة الشرقية للدخان لإنتاج السجائر الشعبية. بعدما تنازلت هيئة التنمية الصناعية عن شرطها السابق بأن تزيد الشركة التي تفوز بالمناقصة سعر أقل منتج تطرح بنحو النصف. عن أعلى سعر للشرقية للدخان. كذلك منحت الفائز بالرخصة الجديدة حق الإنتاج في الفئة المتوسطة وليس الشعبية. لكن دون تحديد نسبة زيادة معينة على أسعار منتجاتها.
لم يتحدد حتى الآن قيمة الرخصة، لكن إبراهيم إمبابي، رئيس شعبة الدخان والسجائر باتحاد الصناعات يطالب بألا تقل بداية الممارسة عن مليار دولار.
يقول إمبابي إن الرخصة تتضمن حماية للشرقية للدخان بمنحها حق المساهمة بنسبة 24% من رأسمال الشركة الجديدة التي يؤسسها الفائز. لكن الرخصة الجديدة تشمل 3 رخص في واحدة إذ تتضمن إنتاج السجائر التقليدية والإلكترونية، والتبغ المسخن. كذلك شدد على المكاسب الكبيرة من إنتاج الأخير، الذي لا يوجد بالشرق الأوسط كله مصنعًا واحدًا لإنتاجه ما يعني السوق مفتوحة أمام منتحيه ليس محليًا فقط ولكن إقليميًا أيضًا.
تأتي الرخصة بعدما جددت التنمية الصناعية السجلات الصناعية لنحو 15 مصنعًا للمعسل. بينما تنتظر نحو 22 أخرى بعدما تعرضت للإغلاق بسبب عدم تجديد السجلات الخاصة بها. أو عدم استطاعتهم الحصول على المواد الخام المستوردة من الجمارك. في ظل انتهاء مهلة توفيق أوضاعهم والتي منحتهم الهيئة لمدة عامين. كما تنص المادة 22 بقانون 15 لسنة 2000.
تقليل المبيعات
من المتوقع أن تؤدي الرخصة الجديدة إلى تقليل مبيعات الشرقية للدخان التي تدفع ضرائب وجمارك للموازنة العامة للدولة لا تقل عن 60 مليار جنيه. فمهما كانت الفائز في المناقصة فستفقد الشركة جزءً من إنتاجها لصالحه. خاصة إذا كانت الشركة الجديدة هي فيليب موريس. إذ تنتج الشركة الشرقية لصالحها 15 مليار سيجارة تمثل 95% من حصة الشركات الأجنبية البالغة 20 مليار سيجارة.
باتت إنتاج السجائر الإلكترونية أو “الدخن المُسخن” هو الوسيلة الأولى التي يمكن عبرها الشرقية للدخان تعويض الجزء الذي خسرته في إنتاجها. بجانب معسل النكهات الذي يمثل أحد موارد الشركة. علاوة على خطة لإدارة الأصول غير المستغلة، وتحويلها إلى إيرادات. بإضافة نشاط مستشفى خاص وتحويل بعض المخازن غير المستغلة لأغراض تجارية.
كذلك ارتفعت أرباح الشرقية للدخان في الربع الثالث من عامها المالي (الفترة من يناير حتى مارس) بنسبة 48% على أساس سنوي لتصل إلى 1.35 مليار جنيه. بينما ارتفعت أرباح الشركة في فترة 9 أشهر من عامها المالي بنسبة 24% على أساس سنوي لتصل إلى 3.9 مليار جنيه.
من ينافس في الصفقة؟
ومن المتوقع أن ينافس على النسخة الجديدة كيانات مثل “بريتش أمريكان توباكو” وهي شركة متعددة الجنسيات. تصنع وتبيع السجائر والتبغ ومنتجات النيكوتين الأخرى. وتأسست عام 1902 ويقع المقر الرئيسي لها في لندن. وأصبحت أكبر شركة لتصنيع السجائر في العالم بناءً على صافي المبيعات في 2019 الماضي.
كما تدرس شركة “جابانيز توباكو انترناشيونال”، اليابانية، التي تعتبر شركة حديثة نسبيًا بتأسيسها عام 1999. لكنها استحوذت على العمليات غير الأمريكية لشركة R.J.Reynolds. الأمريكية التي تأسست عام 1890. وكانت أول شركة تطرح نكهات للتبغ تحت ماركة “الجمل” التي باع منها 425 مليون علبة منها.
يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن إنهاء احتكار الشركة الشرقية للدخان، وطرح رخصة جديدة لصناعة السجائر يعمل على تعزيز المنافسة. وطرح منتجات بجودة أعلى بما يصب في صالح المستهلك في المقام الأول. فـ”الشرقية” يفترض أن تبدأ خطة لتطوير منتجاتها حتى تظل قادرة على الحفاظ على حصتها بالسوق مع دخول منتج جديد.
كما أضاف أن الاقتصاد المحلي سيستفيد أيضًا عبر إدخال موارد دولارية جديدة للاحتياط النقدي. موضحًا أن الشروط الجديدة تضمن للشركة الشرقية قدرًا من الحماية الوطنية بالاحتفاظ بنسبة رأسمال في الشركة الجديد تقترب من الربع. واحتفاظها بجمهور السجائر الشعبية الذي يمثل 70% من إجمالي إنتاج الشركة.